hit counter script
شريط الأحداث

مؤتمر "الإصلاح والانتقال إلى الديموقراطية" بحضور الامين العام للامم المتحدة والرئيس نجيب ميقاتي

الأحد ١٥ كانون الثاني ٢٠١٢ - 10:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقيم قبل ظهر اليوم، مؤتمر في فندق فينيسيا في بيروت، نظمته "الاسكوا" تحت عنوان "الاصلاح والانتقال الى الديموقراطية"، حضره رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ، وزير الخارجية التركي احمد داوود أوغلو، وزير التربية حسان دياب، رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة والنواب:احمد فتفت، روبير غانم، بهية الحريري، غسان مخيبر، جيلبيرت زوين وفريد الخازن، الوزراء السابقون: طارق متري، زياد بارود، خالد قباني، محمد شطح ونايلة معوض، سفير لبنان في الامم المتحدة نواف سلام، الوزيرة الفلسطينية السابقة حنان عشراوي، الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى، الى جانب حشد من ممثلي الامم المتحدة في لبنان وعدد من السفراء العرب والاجانب وممثلين عن الهيئات والجمعيات الدولية واللجان الاقليمية.

خلف

بعد النشيدين الوطني والامم المتحدة، تحدثت الامينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا الدكتورة ريما خلف، فأشادت ب"الربيع العربي والحراك الشعبي الذي بدأ في سيدي بو زيد في تونس، ليشمل بعد ذلك الملايين من العرب"، معتبرة "ان عبارة "الشعب يريد" تعلن انقضاء مرحلة الافواه المكممة والوعود البالية والآمال المحطمة على صخرة التسلط والفساد، وهي مرحلة استبيحت فيها المنطقة من كل طامع، فكثرت فيها النزاعات والاحتلالات وأطولها الاحتلال الاسرائيلي الذي يستمر بلا رادع منتهكا الحق والقانون" .

ودعت خلف الى عدم التشاؤم من المرحلة المقبلة لان الانتقال من الاستبداد الى الديموقراطية أمر ليس باليسير، فهو يتطلب إصلاحا شاملا لهياكل الدولة ويقتضي بلورة عقد اجتماعي جديد وتأسيس بناء اقتصادي متطور يضمن الرفاه والتقدم ويقوم على الحق والعدالة ويقضي على التهميش والاستبعاد، مشيرة الى ان هذه المهام تصطدم في أكثر من بلد عربي بمصالح قوى اقليمية وعالمية يصعب عليها ان تتخلى عن نفوذ عاشت منه واعتاشت عليه طيلة عقود من الزمن.

ميقاتي

والقى الرئيس ميقاتي كلمة في ما يلي نصها: يسعدني جدا أن أرحب بكم جميعاً وأشكركم على حضوركم إلى لبنان، الذي كان وسيبقى بإذن الله، نموذجا للديموقراطية والحرية والانفتاح والاعتدال والعيش المشترَك وحوار الأديان والثقافات. كما أودّ أن أشكر أيضاً لجنة الاسكوا، ممثلة بالأمينة التنفيذية الدكتورة ريما خلف، على تنظيمها هذا الاجتماع، وعلى ما تبذله من جهود على رأس هذه اللجنة التي يستضيف لبنان مقرها منذ سنوات ويُسعده ان تستمر مع شقيقاتها منظمات الامم المتحدة على ارضه الطيبة المضيافة.

اضاف: يُعقد هذا الاجتماع في مرحلة مصيرية من تاريخ منطقتنا العربية، تكاد تكون الأهم منذ عقود. فهذه المنطقة الغنية بتراثها الإنساني والثقافي العريق، والتي شهدت الكثير من الإنجازات المشرقة وكذلك النكسات الأليمة، تهبّ عليها رياح تغيير يتطلب تحوّلاً في المواقف والذهنيات، في الخطط والبرامج، في الاداء والممارسة، في استخلاص العبر من الماضي واستشراف المستقبل وبنائه. وإجتماعكم اليوم يطرح أسئلة مهمة تتردّد في ذهن كل مواطن عربي، مهما كان موقعه، محورها أي مستقبل لهذه المنطقة وشعوبها؟

وتابع: لقد أطلق "الربيع العربي" تغييرات وصلت ارتداداتها إلى كل أنحاء العالم. وهذه المنطقة، بحكم موقعها الجغرافي، وبما تختزنه من موارد طبيعية وبشرية، تؤدي دوراً استراتيجياً في انتعاش الاقتصاد العالمي وعافيته. ومن هذا المنطلق، فإن انظار العالم تتابع ما يحصل من أحداث متسارعة ومتتالية، فيما شعوبنا تنظر إلى ما سيأتي به هذا الربيع من ثمار ، مع ادراكنا بأن الانتقال إلى الديموقراطية هو عملية دقيقة، مليئة بالفرص والتحديات. أما بناء الدولة والمؤسسات الدستورية وتطوير النظام الديموقراطي والمواطَنة، فهم جزء من مسار محوري، دائم ومستمر، ومن دونهم تبقى السياسات والبرامج الإنمائية والاقتصادية - الاجتماعية قاصرة عن مواكبة متطلّبات الشعوب، ومستلزمات الحياة الكريمة اللائقة، بكل ما يتضمنه هذا المفهوم من أبعاد معيشية وإنمائية وثقافية وانسانية.

اضاف: إن الديموقراطية، أيها السادة، والتي باتت خيار الشعوب الأمثل، لا تتعزّز من دون تغيير الذهنية، وبناء الدولة القوية والقادرة والعادلة، وإصلاح المؤسسات، وتطوير الاقتصاد، ومواكبة متطلّبات العصر، في إطارٍ من المساءلة والمحاسبة والحكم الصالح ومحاربة الفساد ونبذ التطرّف والإرهاب. وفي هذا السياق، فان الحكومة اللبنانية وضعت في سلم أولوياتها موضوع الإصلاح الاداري والحوكمة وتطوير النظام الديموقراطي، من خلال وضع قانون جديد للانتخابات النيابية يضمن التمثيل المتوازن والسليم لكافة مكوّنات المجتمع اللبناني، وهي عازمة على المضي في خطوات اصلاحية رائدة مهما بدت الطريق اليها متعرّجة.

وقال ميقاتي: نجتمع اليوم تحت مظلة الأمم المتحدة ولجانها الإقليمية، ومنها الإسكوا التي للبنان شرف استضافتها في قلب عاصمته بيروت. وهذه المنظمة الدولية كانت وستبقى الملاذ الاول للشعوب التي تنشد السلام والأمن والحرية والديموقراطية والنمو، وملتقى حوار الثقافات والدفاع عن الحقوق ومساندة القضايا العادلة، لاسيما قضايانا العربية المُحقّة التي كان نصيبها كبيرا من الصراعات والنزاعات الداخلية والخارجية، والتي اوقعت الكثير من الضحايا والمآسي وألحقت باقتصاداتنا ومجتمعاتنا ومواردنا خسائر جسيمة قد يستغرق تعويضها زمنا طويلا.

ورأى ان من أبرز عوامل الصراع إستمرار الاحتلال الاسرائيلي للكثير من الاراضي العربية لا سيما منها في فلسطين - القضية المركزية ومفتاح الحل. فاسرائيل التي تدّعي الديموقراطية، تحتل شعباً آخر، وتستوطن أرضه، وتستولي على موارده، وتمارس التمييز العنصري من دون أي رادع، ولا تتردّد في مخالفة القرارات الدولية والأعراف، أو تجاهلها، منتهكة أبسط المبادئ والحقوق الإنسانية على مرأى من الجميع.

واكد اننا نتطلع الى أن تكون الامم المتحدة اكثر عدالة في إصدار القرارات الدولية وفرض تطبيقها، ولنا في التجربة اللبنانية مع الاحتلال الاسرائيلي خير دليل، حيث لا تزال إسرائيل تستبيح سيادتنا اللبنانية في الجو والبر والبحر كل يوم، وتحتل اجزاء من أرضنا العزيزة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، على مرأى من العالم. في المقابل، فان لبنان الذي التزم احترام القرارات الدولية، يتمسك بضرورة تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته من دون تمييز أو انتقائية، مع احتفاظه بحقه المشروع في تحرير ارضه المحتلة بالطرق المتاحة كافة، لاسيّما تلك التي تنص عليها الشرعة الدولية لحقوق الانسان.

واعرب عن ثقته بأن القيادات في العالم العربي، ستتوصل في ظل الوعي الشعبي الذي ظهر جلياً، وبدعم من المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلى إرساء الأسس اللازمة لإطلاق عمليات التغيير والإصلاح والتنمية المستدامة، بما في ذلك تفعيل دور المؤسسات الدستورية وتطويرها والانتقال إلى الديموقراطية التي هي الضمانة لتحصين الدول والمجتمعات والارتقاء بها. وكلما تحقق ذلك بالحوار والتوافق والنقاش الديموقراطي العادل والمتكافىء، بعيدا عن لغة العنف والدم والقتل والتدمير، كلما كان "الربيع العربي" ربيعاً حقيقياً، تغييرياً، تجديدياً، واعداً، يحمل براعم مجتمعات منفتحة على مستقبل مزهر ومشرق لجميع أبنائها، رجالاً ونساءً، على اختلاف طوائفهم وأديانهم، وتنوّع انتماءاتهم السياسية والعقائدية.

وقال: وبما أن الإخفاق في الوصول إلى الحرية والديمقراطية والعدالة والاعتدال والسلام والاستقرار، هو إخفاق للمنطقة بأسرها، والنجاح في ذلك هو نجاح للمنطقة بأسرها، فان تسمية "الربيع العربي"، لا بدّ من أن تكون دعوة جديدة إلى تضافر الجهود وتفعيل العمل العربي المشترك لخير دول المنطقة وشعوبها وقضاياها. آن الأوان كي نباشر بإطلاق مشروع اقتصادي يُسقط الحواجز بين البلدان العربية، ويقرّب بين دولها والمجتمعات. إن التوصل الى ارساء سوق عربية مشتركة تسمح بالتبادل التجاري الحرّ، وبتنقل المواطنين من دون أية عوائق، هو مدخل لبناء مجتمعات عربية سليمة وسلمية تتوق الى الانفتاح والتفاعل والنمو والازدهار. وما هذا اللقاء المهم، ووجود الأمين العام للأمم المتحدة هنا شخصياً، مع الأمناء التنفيذيين للجان الأمم المتحدة الإقليمية، جنباً إلى جنب مع رؤساء جمهوريات وشخصيات مرموقة ومرشحين لتسلم زمام الحكم وقياديين.. إلا تعبير واضح عن الالتزام بتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين، ودعم العمل المشترك في سبيل الديموقراطية والحرية والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان.

وشكر ميقاتي للاسكوا تنظيم هذا الاجتماع. وجدد التزامه باسم الحكومة التي أتشرف برئاستها وباسم الشعب اللبناني، بأن يكون لبنان في مقدمة الداعمين لتحقيق التطلعات المشروعة للشعوب العربية نحو تحقيق امالها في الاصلاح والتجدّد والديمقراطية والنمو. فالتاريخ حافل بالتجارب التي اظهرت وتظهر أن التعدّدية والتنوّع والتنمية في مناخ ديموقراطي متفاعل، هم الضمانة لمستقبل الشعوب وتقدّمهم.
وختم: أشكركم جميعاً على حضوركم، وأتمنى لاجتماعكم كل النجاح والتوفيق، ولسعادة الامين العام والضيوف الكرام طيب الإقامة في بيروت.

بان كي مون

ثم تحدث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون فقال:
"دولة رئيس الوزراء ميقاتي،
معالي الوزراء وسعادة البرلمانيين والخبراء،
السيدة ريما خلف هنيدي، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، سعادة مفوضي الأمم المتحدة الإقليميين،
أشكركم، دولة الرئيس ميقاتي، على حضوركم هذا اللقاء الهام، الذي يعقد برعاية حكومة لبنان.
كما نتقدم بجزيل الشكر إلى ريما خلف، واللجان الإقليمية الأربع على جمعنا معا.
إن الأحداث البارزة التي شهدها العام الماضي قد حولت المنطقة وغيرت العالم.
كانت قصة كتبت بيد الشعب - لكن القصة ما زالت في بدايتها.
والآن، يجب على أولئك الذين يؤمنون بمستقبل تسوده الحرية والكرامة أن يتحدوا ويساعدوا شعوب المنطقة وقادتها على كتابة الفصول المقبلة.
وهذا هو سبب وجودنا هنا اليوم.

اضاف: منذ ستة قرون مضت، أطلق الفيلسوف العربي الشهير، ابن خلدون، تحذيرا واضحا لمن يجلسون على سدة السلطة. وقال إنه لا يمكن للقادة أن يحكموا إلا بإرادة الشعب.
وقال أيضا إن الذين يمارسون السلطة بالقوة أو بالإكراه إنما يعجلون بسقوطهم. فعاجلا أم آجلا، ستتخلى عنهم شعوبهم.
وما هذا إلا خلاصة الوقائع التي شهدها عام 2011.
فمنذ بداية ثورات العام ... من تونس وصولا إلى مصر وخارجها ... ناشدت القادة أن يستمعوا إلى شعوبهم.
بعضهم فعل ... واستفاد. أما الآخرون الذين لم يستمعوا، فهم اليوم يحصدون العاصفة.
اليوم، أقول مرة أخرى للرئيس السوري بشار الأسد: أوقف العنف. توقف عن قتل أبناء شعبك. فطريق القمع طريق مسدود. والدروس المستفادة من العام الماضي بليغة وواضحة:
فرياح التغيير لن تتوقف. والشعلة التي أضيئت في تونس لن تخبو.
ودعونا نتذكر كذلك أن أيا من هذه التغييرات الكبيرة لم يبدأ بالمطالبة بإسقاط النظام.
فما أراده الناس، أولا وقبل كل شيء، هو الكرامة.
الناس يريدون وضع حد للفساد. يريدون أن يكون مستقبلهم في أيديهم. يريدون الوظائف والعدالة ... ونصيبا عادلا من السلطة السياسية. يريدون حقوقهم الإنسانية.
لطالما وقف العرب متفرجين. تفرجوا بينما الشعوب الأخرى تطيح بالطغاة - في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
فسألوا: وماذا عنا؟ لماذا لا يكون لهذا الجزء من العالم، بكل ما لديه من إمكانات بشرية، سوى نزر يسير جدا من الديموقراطية؟
وقد جاء دورهم الآن.

وتابع بان: الطريقة القديمة، والنظام القديم، ينهاران - حكم الرجل الواحد وتوارث السلطة داخل الأسر الحاكمة ... احتكار الثروة والسلطة ... تكميم أفواه وسائل الإعلام ... الحرمان من الحريات الأساسية التي هي حق أصيل لكل امرأة ورجل وطفل على هذا الكوكب.
لهذا كله، يقول الناس: كفى!
هذا سبب للاحتفال ... وأكثر من ذلك بكثير. فالحركات العفوية المحلية والسلمية مفخرة للشعوب العربية.
ولكن الطريق كان شاقا. فالكلفة من حيث المعاناة البشرية والخسائر في الأرواح كانت كبيرة.
وتأتي هذه التغييرات الكبيرة أيضا في زمن يشهد فيه العالم صعوبات اقتصادية جمة؛ وفي الواقع، أدت التغييرات في كثير من الحالات إلى مفاقمة هذه الصعوبات.
وتضرر النشاط التجاري. ومعدلات البطالة تشهد ارتفاعا. وكذلك تكاليف المواد الغذائية والوقود. والأسر في كل مكان تعاني.
وفي الوقت نفسه، لا تزال نخب العهد البائد رابضة في خنادقها، قابضة بأيديها على مفاتيح القهر.
والأمل بالمستقبل البعيد ممزوج بالقلق على المستقبل المنظور. لقد أفقنا على لحظة الحقيقة.

وقال: ليست الديموقراطية بالأمر السهل. فإحلالها يتطلب وقتا وجهدا. وهي لا تتحقق بمجرد إجراء جولة أو اثنتين من الانتخابات. غير أنه لا رجعة عنها على أي حال.
ومن وجهة نظري، ثمة أربعة شروط مسبقة للنجاح، هي:
أولا: يجب أن يكون الإصلاح حقيقيا. ففي الغالب، تكون التغييرات شكلية. فتأخذ بمظاهر الديموقراطية دون جوهرها، أي دون نقل السلطة الحقيقية للشعوب.
والشعوب لا تريد نظاما تسلطيا ذا وجه إنساني. بل تريد تغييرات حقيقية في الخدمات الأمنية والقوات المسلحة. وهذه التغييرات ينبغي أن تفيد الشعب، لا أن تقمعه.
والشعوب تتطلع إلى حلقة مثمرة من الحقوق والفرص في ظل سيادة القانون، ومجتمع مدني نابض بالحياة وقطاع خاص ريادي - كل هذا بدعم من مؤسسات حكومية تتسم بالكفاءة وتخضع للمساءلة.
ثانيا: إن إقامة حوار يشمل جميع الأطراف أمر أساسي.
في التنوع قوة. ويجب أن نقف في وجه من يستغل الاختلافات العرقية أو الاجتماعية من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
يقال أحيانا إن الأنظمة التسلطية، رغم ما يشوبها من عيوب، تضمن على الأقل وأد النزاعات الطائفية. وهذا تضليل مغرض.
غير أنه سيكون من الخطأ كذلك أن نفترض أن جميع الأنظمة الجديدة الناشئة ستحرص بالضرورة على إعلاء المبادئ العالمية لحقوق الإنسان.
يجب أن نعمل معا من أجل تعزيز التعددية وحماية حقوق الأقليات والضعفاء. ويجب على الأنظمة الجديدة ألا تحابي جماعات دينية وعرقية بعينها على حساب الآخرين.
ثالثا: يجب أن تكون المرأة في صلب مستقبل المنطقة.
لقد وقفت النساء في الميادين والشوارع مطالبات بالتغيير. والآن، لديهن الحق في الجلوس إلى طاولة القرار - أي ممارسة تأثير حقيقي في اتخاذ القرار والحكم.
كما أن الحماية من العنف والترهيب والانتهاك تمثل مسألة جوهرية للكرامة الإنسانية والمساواة. وبالإضافة إلى ذلك، فهذه حقوق عالمية؛ وهي ليست، كما يزعم البعض، قيما "مفروضة" من الخارج.
لقد أدى القصور على صعيد تمكين المرأة إلى تأخر المنطقة العربية لوقت طويل. والتغيير ليس مطلبا ضروريا فقط، بل هو مطلب أساسي. ولا يمكن إقامة نظام يستحق أن يسمى ديموقراطيا في غياب المرأة.
رابعا: يجب أن نستمع إلى أصوات الشباب.
يجب أن تؤمن البلدان العربية خمسين مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل لاستيعاب الشباب الذين سيدخلون معترك العمل.
وهذا الضغط الديمغرافي العميق كان حافزا وراء انطلاق شرارة الربيع العربي. فالشباب، إذ وجدوا أنفسهم أمام آفاق مظلمة وحكومات صماء، أخذوا زمام الأمور بأيديهم لاستعادة مستقبلهم. وهم لم ينتهوا من هذه المهمة بعد.

اضاف: دعونا نعترف بأن ما يهدد الكرامة والعدالة ليس الحكم الاستبدادي فقط، وإنما النزاع أيضا.
يجب أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية. وكذلك العنف ضد المدنيين. والمستوطنات، جديدها وقديمها، غير شرعي. فهي تتعارض مع قيام دولة فلسطينية تتوفر لها مقومات البقاء.
لقد طال انتظار حل الدولتين. والوضع الراهن سيفضي لا محالة إلى نشوب نزاع آخر في المستقبل. ويجب أن يقوم كل منا بواجبه من أجل الخروج من حالة الجمود الراهنة وإحلال سلام دائم.

واكد ان الكثير مما يمكن تحقيقه يتوقف على جهودنا. فلا يمكن تحقيق انتعاش اقتصادي وتنمية دون دعم دولي. ولدينا جمعيا الكثير لنقدمه في هذه المرحلة الانتقالية السياسية الحرجة.
لقد حان الآن وقت تبادل أفضل الممارسات والدروس المستفادة خلال الفترات الانتقالية المماثلة التي شهدتها مناطق أخرى. ونتقدم بالشكر إلى قادة بلدان آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية الحاضرين للقيام بذلك. ولجامعة الدول العربية هي الأخرى دور واضح عليها القيام به.

وشدد على انه يجب أيضا أن نتجاوز الافتراضات التي بقيت لأزمنة تحكم العلاقات بين البلدان العربية وشركائها. ومن بينها الفكرة الخطيرة القائلة بأن الأمن يعد، نوعا ما، أهم من حقوق الإنسان. فقد أدت هذه الفكرة إلى إبقاء الأنظمة غير الديموقراطية في السلطة، دون أن تأبه بأمن مواطنيها ورفاههم.
كما تقع على عاتق الأمم المتحدة مسؤولية تحديث نهجها إزاء المنطقة.
فتقاريرنا عن التنمية البشرية في البلدان العربية فتحت أفقا جديدا بتشخيصها بدقة لمشاكل المنطقة، ألا وهي: القصور في الديموقراطية والمعرفة وتمكين المرأة والأمن البشري.
غير أن تلك التقارير لم تؤخذ في الاعتبار تماما في عملنا. فقد كانت المنظمة في بعض الأحيان شديدة القرب من الحكومات، وغير قريبة بما يكفي من المجتمع المدني.
والآن، إذ نستشرف المستقبل، فإننا نعرف أن تسيير الأمور على النحو المعتاد ... تسييرها بالطريقة القديمة ... لم يعد يكفي.
وبينما أبدأ ولايتي الثانية كأمين عام، أريد أن أؤكد على أن الأمم المتحدة ستكون إلى جانبكم. فنحن ملتزمون التزاما راسخا بمساعدة البلدان العربية خلال هذه المرحلة الانتقالية، بكافة السبل الممكنة.
وبعثتنا للمساعدة في ليبيا تدعم السلطات الموقتة في ثلاث أولويات رئيسية هي: الانتخابات، والعدالة الانتقالية، والأمن العام.
وفي تونس، تركز مشاركتنا على المساعدة الانتخابية، وتمكين المجتمع المدني، وحماية حقوق الإنسان.
وكان وسيط من الأمم المتحدة في قلب المفاوضات في اليمن. وأهيب في هذا الصدد مرة أخرى بالرئيس علي عبد الله صالح أن يلتزم بشروط الاتفاق.
وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ناشطة في مصر وتونس.
وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية يساعد على تعزيز المجتمع المدني.
وإدارة الشؤون السياسية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعملان معا من أجل دعم إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وما هذا إلا مثال بسيط عما نقوم به؛ فمنظومة الأمم المتحدة منخرطة تماما في هذه الجهود؛ والأمم المتحدة وموظفوها مكرسون لمستقبلكم.

وتابع: دعوني أختم بالإشارة إلى هذه الذكرى السنوية الهامة: ففي 14 كانون الثاني/يناير، أي قبل عام من اليوم، تنحى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي كان قد نصب نفسه رئيسا مدى الحياة، رضوخا لمطالب الانتفاضة الشعبية ضده.
وبعد بضع أشهر، التقيت بأسرة الرجل الذي أطلق شرارة الثورة، محمد البوعزيزي. وأخبرتني أمه، دامعة، عما كان يشعر به من غضب لعدم قدرته على إعالة أسرته ... ولأنه جرد من قيمته كإنسان. وقالت أيضا: "لن أشعر بالحزن بعد اليوم، بل بالفخر".
ومنذ ذلك الوقت، سافرت إلى أماكن كثيرة أخرى في المنطقة.
وفي مصر، التقيت بقادة الثورة في ميدان التحرير. وفي طرابلس، وقفت في مستودع حيث أعدم معمر القذافي العشرات من خصومه السياسيين. وإذ أقف الآن هنا، ما زلت أتذكر تلك الرائحة.
والتقيت أو تحدثت مع القادة العرب من جميع البلدان - في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وفي مكاتبهم الجديدة في عواصمهم، وفي مؤتمرات القمة حول العالم.
وفي جميع هذا، توصلت إلى استنتاج واحد لا بديل عنه: لا يمكن أن يكون هناك فجوة بين الحاكم والمحكوم. فكلما ازدادت هذه الفجوة اتساعا، كلما ازداد اليقين بانتشار التعاسة الاجتماعية ... بل وحتى بنشوب النزاع. وهذا ينطبق على جميع أنحاء العالم، ليس على المنطقة العربية فحسب.
فلنستمع إلى شعوبنا. فلنحيي في إطار مبدأ الاحترام المتبادل والتسامح إزاء اختلافاتنا، وما أسماه من مبدأ. ولنعمل معا، في هذه اللحظة من التاريخ، على بناء مجتمعات مزدهرة ومنفتحة في جميع أنحاء العالم العربي، مجتمعات تقوم على الإنصاف والعدالة وإتاحة الفرص للجميع.
إن حكمة ابن خلدون ما زالت باقية.
شكرا لكم. 

  • شارك الخبر