hit counter script

ندوة عن "تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط" في مركز عصام فارس

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٢ - 20:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أكَّد الخبير الأميركي في شؤون مصر والشرق الأوسط غرام بانرمان وجود تراجع في تأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لأسباب عسكرية واقتصادية وسياسية. وقال إن الولايات المتحدة تورطت بحروب ثلاثة في افغانستان والعراق وليبيا وهذا ما أدى إلى خسائر اقتصادية، ولفت إلى تأثير الأزمة الإقتصادية العالمية في العام 2008. وفي الجانب السياسي شدد على أن لا ثقة للشعوب العربية والإسلامية بالولايات المتحدة بسبب صورتها كداعمة لإسرائيل والدولة الوحيدة التي تستطيع أن تمارس تأثيراً جدياً عليها وأن تدفعها إلى المفاوضات السلمية، لكنها تبدو في الوقت الحالي وكأنها فقدت هذه القدرة.
كلام بانرمان أتى في خلال استضافته في افتتاح سلسلة ندوات "منبر الحوار" في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية للعام 2012، في حضور السفير الدانماركي في لبنان يان توب كريستانسن وحشد من الخبراء والمهتمين.

بداية كانت كلمة ترحيبية لمدير المركز السفير عبد الله بوحبيب مذكراً بخبرة بانرمان في شؤون الشرق الأوسط وعمله في فريق التخطيط السياسي في وزارة الخارجية وفي لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ وفي مؤسسات استشارية.

بانرمان لفت إلى أن المقاربة الأميركية إلى العالم والمنطقة تبدو مختلفة في واشنطن عن النظرة الى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وقال إن هناك تغيرات عميقة في العالم العربي أكبر من تلك التي حدثت في الخمسينات والتي تمثلت خصوصاً في صعود القومية العربية، مضيفاً أن واشنطن لم تقرأ التغيرات الحالية في شكلٍ جيد. ولفت إلى أنَّ التعبير عن الإنتماء الى الهوية العربية هو ما ساد في الخمسينات والستينات، لكن بعد حرب العام 1967 بدأ تصاعد التعبير عن الهوية الإسلامية لمعظم شعوب المنطقة.


الوضع في مصر
واعتبر أنَّ مصر تشكل أملاً في الشرق الأوسط لجهة النموذج الذي يمكن أن تقدمه مؤكداً تفاؤله بمستقبلها. ورأى أن الإخوان المسلمين فازوا في الإنتخابات لأنهم قدموا أنفسهم على أساس أنهم معتدلين، مشيراً إلى أن الإخوان أدركوا أنهم إذا كانوا راديكاليين فسيخسرون تأثيرهم وقدرتهم على المشاركة بفعالية في السلطة. وقال إنَّ العسكر في مصر مدركون أن البلاد لا يمكن أن تحكم بفرض وجهة نظر أحادية لأي فريق مصري، مضيفاً أن لا رغبة للجيش بالبقاء في الحكم وأنه ينظر إلى أنه يستلم دفة الحكم لفترة محددة لتسهيل انتقال السلطة، وعلى أن دوره ينحصر في حماية مصر من الفوضى. واعتبر أن هناك مشكلة حقيقية بين الجيش والشعب اليوم، إذ اضطرت القيادة العسكرية للتعاطي مع ثوار لا قيادات لهم للتحدّث معهم من جهة، ومن جهة ثانية لم يعط الشعب القيادة العسكرية الفرصة للحوار أو حتى لسماعهم، لكنهم وجدوا في الإخوان المسلمين قوة منظمة. وشدد على أن كل الأفرقاء المصريين ارتكبوا أخطاء.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة نظرت الى الثورة المصرية بإيجابية وضغطت على المجلس العسكري للتجاوب مع المطالب الشعبية وتأجيل الإنتخابات، كما دعمت المنظمات غير الحكومية التي تعمل على تعزيز الديموقراطية. ولم ينفِ وجود صعوبات في العلاقات مع مصر وقال إن العلاقات بين واشنطن والقاهرة لم تعد كما في السابق وباتت هناك صراحة لدى المصريين في التعبير عن نقاط الإختلاف.

العلاقة مع إسرائيل
وفي شأن العلاقة الأميركية بإسرائيل ذكّر بانرمان بأن هناك أكثرية تدعمها في الولايات المتحدة. وعدد أبرز الأسباب التي تجعل النفوذ الإسرائيلي قوياً، أولها وجود تأثير كبير لمؤسسات التفكير Think Tanks والتي يمتلك الإسرائيليون واليهود نفوذاً كبيراً فيها، وثانيها أن التأثير اليهودي كبير جداً في الإنتخابات التشريعية والرئاسية نظراً لأن نسبة التصويت لديهم مرتفعة وتقارب ال90%. وثالث الأسباب بحسب بانرمان مشاركة اليهود القوية في تمويل الحملات الإنتخابية. وشدد على أنه عندما يتحدث المرشحون إلى الإنتخابات التشريعية والرئاسية في حملاتهم عن إسرائيل وغيرها من الملفات الخارجية يجب إدراك أنهم يكونون يتوجهون إلى جمهورهم ساعين إلى استقطاب الأصوات. وأشار الى ان المرشحين الجمهوريين يصدرون مواقف ايجبية تجاخ اسرائيل بسبب توجههم إلى قسم من الناخبين ذوي الإتجاهات المسيحيية الأصولية.

السياسة الأميركية تجاه إيران
وأشار بانرمان إلى أن السجال الدائر في الولايات المتحدة هو حول كيفية وقف سعي ايران لامتلاك اسلحة نووية وليس حول ما إذا كان يجب وقفها أم لا. وأضاف أن الرئيس أوباما كان قد سحب الحل العسكري عن الطاولة، إلا أن الإدارة تجهد منذ شهرين للتأكيد أن هذا النوع من الحلول لا يزال مطروحاً، لافتاً إلى أن النقاش العلني الدائر هو حول هوية من يمكن أن ينفذ الضربة العسكرية، هل إسرائيل أم الولايات المتحدة. وأكّد وجود ضغوط كبيرة في حملات المرشّحين للتشدّد في المسألة الإيرانية وخصوصاً من قبل المرشّحين الجمهوريين. ورأى أن هناك رؤية شبه عامة في الولايات المتحدة حول أن امتلاك إيران لقنبلة نووية يضرّ كثيراً بالأمن القومي الأميركي بسبب اعتبار واشنطن إيران دولة عدوة وتقديمها الدعم لسوريا وحزب الله وحركة حماس، وهناك خشية من أن تنقل السلاح النووي إذا امتلكته إلى هذه الاطراف.
لكن بانرمان لفت الى إن هناك وجهة نظر أخرى لكنها اضعف تقول بالتحضّر للتعايش مع إيران نووية وخصوصاً في ظل التقويمات الإستخبارية المتشائمة التي تعتبر أنه لا يمكن منع إيران من امتلاك اسلحة نووية بل تأجيل ذلك فحسب لسنتين أو ثلاث، مع كل ما يرافق ذلك من أزمات اقتصادية وارتفاع أسعار نفط وتهديد للإستقرار الإقليمي.
ولفت إلى انه كان عام 1979 في فريق وزارة الخارجية المسؤول عن تقويم السياسة تجاه باكستان، مشيراً إلى أن التوقّعات كانت في حينها أن تمتلك إسلام آباد القنبلة النووية في غضون سنتين، مما حدا بالولايات المتحدة إلى ممارسة الضغط الإقتصادي والديبلوماسي عليها حتى نجحت بتأجيل ذلك إلى سنوات مقبلة. وقال إن طهران تجري الحسابات ذاتها، وهي محاطة بثلاث دول نووية من خارج الدول الخمس الكبرى، وهي الهند وإسرائيل وباكستان، وهي في نطاق صواريخها، لذا تسعى بكل جهدها لامتلاك القنبلة النووية.

سوريا والنموذج الليبي المستبعد
وفي الملف السوري كشف بانرمان أن هناك إجماعاً داخل النخبة السياسية الأميركية على أن النظام السوري سيرحل، لكنه استبعد التدخّل العسكري الغربي معدّداً الفروقات بين الوضعين الليبي والسوري، فقال إن المشكلة الجغرافية بين غرب ليبيا وشرقها وتعزيز القذافي للغرب على حساب الشرق طوال مدّة حكمه سمح بسقوط حكم النظام في الشرق سريعاً مما أدّى إلى قيام منطقة يسهل على العالم الخارجي دعمها، وهذا ليس متوفّراً في سوريا. ولفت الى ان سوريا تتميّز بتعداد سكانها الكبير نسبيّاً، وبوجود الجيش النظامي فيها على عكس الوضع في ليبيا. وأضاف أنه مع كل الوضع المهترئ في ليبيا احتاج الناتو لستة اشهر من القصف الجوي لتغيير موازين القوى على الأرض، سائلاً عمّن هو مستعدّ في الغرب لتكرار الأمر نفسه في سوريا حيث الوضع أصعب، مشيراً إلى أن الوضع الأميركي لا يسمح بحملة عسكرية وخصوصاً في ظل الآلية المعقّدة وموافقة مجلسي النوّاب والشيوخ التي تتطلبها عملية عسكرية والكلفة الكبيرة التي ستترتب عنها.

  • شارك الخبر