hit counter script
شريط الأحداث

"فيلم سينما" لجو قديح: سير في حقل ألغام

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٢ - 10:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

موعد آخر يتجدد مع جو قديح في مسرحية جديدة هذه السنة بعد "حياة الجغل صعبة"، "أشرفية"، و"أنا"، وهذا الموعد قد يكون الأخير! "فيلم سينَما" هو عنوان المسرحية التي سيقدّمها قديح على خشبة مسرح مونو الليلة 13 كانون الثاني ويستمر حتى 29 منه، الثامنة والنصف مساء كل خميس وجمعة وسبت وأحد.

"الدليل" شاهد بعض التمارين النهائية بحضور المسرحي جلال خوري الذي طلب منه جو أن يعطيه رأيه.
هذه المسرحية هي من أكثر المسرحيات التي أتعبت جو قديح خلال كتابتها، على حد ما يقول، لأن موضوعاتها متشعبة ولم يكن سهلاً إيجاد الروابط بينها، فكانت الكتابة الأولى مختلفة عن الثانية، ثمّ بعدما حفظ النص ولدت نسخة ثالثة، وحين نطق النص ظهرت نسخة رابعة، ويؤكّد على أنّه حين سيقدّم العمل على المسرح سيكون النص مختلفاً عن كل النسخ السابقة. "الأفكار والأخبار في المسرحية أتيت بها من ملاحظاتي الخاصة ومن أبحاث قمت بها ومن شهادات سمعتها ومن شخصيات حقيقية التقيتها في الحياة". ويُفصح قديح أنّه كان متردداً قبل الخوض في مسرحية جديدة وكان يفكّر في عدم تقديم عملٍ جديد هذه السنة. لماذا؟ "كنت خائفاً من أن يكون الجمهور قد ملّني، وكنت أفتّش بيني وبين نفسي على المخرج "الدرامي" الذي ينحصر عمله في الكواليس فتكون مسؤوليته في التعامل مع ممثلين آخرين مختلفة تماماً عن تلك التي تقع على عاتقي الآن". ويسارع قديح إلى توضيح أنّه لا يتهرّب من مسؤوليته الحالية كاتباً ومخرجاً وممثلاً، لكن كل ما في الأمر أنّه كمسرحي لا يريد أن يتم حصره في إطار واحد، وهذا ممكن أن يحصل بسهولة حين يقدّم شخص ما النمط نفسه في العمل لفترة طويلة. اللافت أنّ قديح ذكر أمامنا العام الماضي، حين قدّم مسرحية "أنا"، أنّ تلك المسرحية قد تكون الأخيرة، فما السر في أنّه يأخذ قراراً ويعجز عن تنفيذه؟ ولماذا يقع في "التجربة" ويعود سنة بعد سنة للوقوف وحيداً على المسرح؟ يعترف قديح بأنّ اللذة التي يشعر بها تضاهي التعب الكبير الذي يرهقه، "هناك متعة تنتج عن "الأنا" عندي كمسرحي- وليس كإنسان- تفوق أيّ إحساس آخر... إنه شعور لا يوصف فأشعر أحياناً بأني أحلّق على المسرح، وحين ينتهي العرض أشعر بأني لا أزال متعطّشاً للمزيد، ويتحوّل الأمر إلى ما يشبه جرّافة تجرف كل شيء في طريقها". هذا الإحساس هو ما يدفعه إلى أن يخاف نفسه وإلى أن يتّخذ قراراً بأن يترك نفسه متعطّشاً، وكذلك يترك الجمهور بشوقٍ إلى مشاهدته، "أضف إلى أني أيضاً بتّ أشعر بالحاجة إلى فسحة راحة، إلى ساعات أحمل فيها حقيبتي على ظهري وأرحل حيث لا أحد يعرفني، ربما إلى بلد حيث أضيع بين مليار شخص، أو ربما إلى غابة حيث لا أحد".
مسرحية "فيلم سينما" تضيء على أكثر من زاوية في مجتمعنا، كما العادة في مسرحيات قديح الأخيرة، وسيتم التركيز في المقدّمة على بيروت القديمة، قبل أن يبدأ الحديث عن فكرة البطل الخارق في السينما للإنتقال إلى الكلام على الأبطال المخفيين في مجتمعنا. يعتبر قديح أن كل شخص لا بدّ كان معجباً في طفولته ببطلٍ خارق، ويتذكّر أنّ بطله الخارق كان "سوبرمان" الذي لعب دوره آنذاك الممثل كريستوفر ريف، وسخرية القدر التي لفتت نظره أنّ الممثل الذي كان يطير فوق الأبنية ولا يُقهَر وقع عن ظهر الحصان فأصيب بشلل كامل ولم يلبث أن مات "وهذا ما يكشف أنّ الواقع والخيال متعاكسان جداً لدرجةٍ أسأل نفسي أحياناً: هل ندرك نحن الواقع الحقيقي أم نكتفي بأن نقنع أنفسنا بفكرةٍ خيالية نتمنّى أن تكون هي الواقع؟".
المسرحية ستلقي الضوء على بعض أنواع الشخصيات في مجتمعنا لأبطال غير مقدَّرين أو لأشخاص مهمّشين أو أشخاص يختبئون خلف أقنعتهم لسبب أو لآخر، مثل العمّال الأجانب أو المثليين جنسياً أو الأزواج الذين يعيشون تحت سقف واحد لكن كلا منهم يعيش في عالم مختلف وغريب عن الآخر، أو الشباب في المدارس والجامعات... يركّز قديح على فكرة الحرية المفقودة أو الإحترام المفقود تجاه أشخاصٍ قرر المجتمع أن يضعهم في خانةٍ معينة. "المشكلة الأكبر تظهر في العنف الذي نتعرّض له من خلال كل شيء في مجتمعنا، تسير في الشارع فتشعر بأنّك معنّف، بدءاً بالصور والمشاهد التي تراها أو الأصوات التي تسمعها وصولاً إلى الضغوط التي تتعرّض لها كل يوم، فتجد نفسك كَمَن يسير في حقل ألغام". المجتمع اللبناني الذي يحلو لقديح أن يشبّهه بالموزاييك لكثرة فئاته وتنوّعها يعاني مشكلة عدم الثبات، بحسب رأيه، "قطع الموزاييك مش عم تلزّق محلاّ وعم تضل توقع وتترك فراغ وتأثّر على الشكل العام للوحة".
ماذا أضاف قديح في هذه المسرحية على صعيد الأداء والإخراج كي يبتعد عن إمكان الوقوع في التكرار والتشابه مع مسرحياته الأخيرة؟ "بالنسبة الى الأداء أنا أعطي أقصى ما عندي ناسياً كل تعبي وإرهاقي لأنّ العرض يجب أن يستمر بأفضل ما يمكن، أمّا على صعيد الإخراج فقد غيّرت بعض التفاصيل، ليس لأنّ الناس يرغبون في ذلك وليس بغية إخفاء عيوب معينة أو القول إني أقوم بنقلة نوعية، بل لأني شعرت بأن ثمة عناصر يجب استخدامها لأنّها قادرة على خدمة الموضوع". في هذا العرض سيقف قديح وحيداً على المسرح من دون ديكور يُذكَر، لكنّه سيستعين هذه المرة بشاشة يعرض عليها بعض المشاهد التي تخدم المسرحية درامياً وسيستعين ببعض المؤثرات الصوتية كي يخلق جوّ "فيلم سينما".
إلى أي درجة يستعين قديح بوجهات نظر أخرى وإلى أي درجة يأخذ بآراء مَن حوله؟ يفصح أنّه حين يبدأ الكتابة يكون منغلقاً جداً على نفسه، "بشكلٍ مزعجٍ أحياناً"، ثمّ يصل إلى مرحلة يحتاج فيها إلى عينٍ تراه من الخارج لكن بشكلٍ متقطّع وغير منتظم كي لا تضيع نظرته الإخراجية الخاصة.
 

النهار

  • شارك الخبر