hit counter script
شريط الأحداث

"المنبوذون" الفيلم الظاهرة في فرنسا

الأحد ١٥ كانون الثاني ٢٠١٢ - 16:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

شكل فيلم «المنبوذون» للمخرجين إريك توليدانو وأوليفيه نقاش الحدث الوطني على الصعيد الثقافي والفني لعام 2011 في فرنسا، حيث تصدر قائمة الأفلام الفرنسية والأجنبية التي عرضت في قاعات السينما. وجاء في استطلاع نشر في نهاية الأسبوع الماضي أن 52% من الفرنسيين يعتبرون الفيلم الذي عرضته نحو 900 قاعة وشاهده قرابة 15 مليون متفرج على مدار شهر ونصف الشهر تحفة فنية كوميدية من الطراز النادر، وبهذا الرقم يكون قد دخل تاريخ أكثر الأفلام رواجا منذ عام 1945 بعد كل من فيلمي «سوندريو» (إنتاج 1950) ونفق نهركواي (1957).

ويحكي الفيلم المقتبس عن قصة حقيقية -تناولها فيليب بوزو دي بورغو في كتابه «النفس الثاني» الذي نشره عام 2001- قصة ثري أرستقراطي معوق يكسر حياته الرتيبة وعزلته الاجتماعية في قصره الفاخر بفضل إدريس الشاب الأسود الذي ينحدر من عائلة فرنسية أفريقية الأصل ومتواضعة الحال، شأنها في ذلك شأن المهاجرين الأفارقة والمغاربة القاطنين في الضواحي المهمشة. وخلافا للصور النمطية -التي يروجها بعض المثقفين المؤمنين بالصراع الطبقي أو الكافرين به من المثقفين اليمينيين والمحافظين الجدد- يؤكد الفيلم رسالة مفادها أن التهميش الاجتماعي ليس مبررا كافيا لشرح استحالة التواصل بين الفقراء والأغنياء بدعوى تناقض المصالح من منظور ماركسي. والتهميش الاجتماعي بأبعاده المختلفة حقيقة جسدها مخرجا الفيلم من خلال الممثل عمر سي ـ الذي لعب دور الشاب الأسود إدريس ـ وفرنسوا كلوزيه، الذي تقمص دور الأرستقراطي المعوق المشلول الذي تعود على السعادة بفضل خادم بوهيمي وخريج سجون يعيش في حي ينطق بكل أشكال التهميش والقذارة والعوز.

وانطلاقا من روح الدعابة والفكاهة والإنسانية المتجذرة في أعماق إدريس الأفريقي البائس والمجسد لمقولتي «شر البلية ما يضحك» و«الفكاهة أدب اليأس»، فند الفيلم صحة الأفكار التقليدية الرائجة عن المهاجرين السود والعرب المستغلة في الخطاب السياسي الفرنسي والأوروبي بوجه عام كظاهرة تهدد الصفاء العرقي. وتجاوز الفيلم ذلك أيضا من خلال موقف فكري يتعدى حدود التفسير الطبقي للصراعات الاجتماعية، الأمر الذي لم يعجب الصحافة اليسارية التي رأت في الفيلم بعدا مثاليا يخفي المعضلة ذات الجذور الأيديولوجية العميقة، خلافا لصحافة يمينية لم يعجبها الشاب الأسود والهمجي وغير المتحضر الخادم في قصر الثري المعوق وهو يعود حتى بعد أن انتهت فترة عقده وفشل كل الذين خلفوه من البيض في انتزاع رضاه.

  • شارك الخبر