hit counter script
شريط الأحداث

حديث العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل "التغيير والاصلاح"

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 18:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ولد قبل الاستقلال الأول بثمانية أعوام. ونفي بعد محاولته لاستقلالٍ ثانٍ، وعاد بعد استقلال 2005 بأيام. كأن حياته كلها مدوزنة على هذا الإيقاع. 76 عاماً، مثل سمفونية موقعة على حركتين: بين احتلال واستقلال.

لكن بين الاثنين، ما من شخص في تاريخ لبنان عرف التناقض في الموقف منه الى هذا الحد. فهو يقسم الناس من حوله قسمة حادة، لا وسطَ فيها ولا وسطية.

بين قسمٍ يخاف عليه، وقسمٍ يخاف منه.

 يقسم الناس، بين قسمٍ يريدُه حتى عبادة شخصه، فيؤذيه من حيث لا يدري... وقسمٍ يرفضه حتى اغتيالِ شخصيته، فيخدمه من حيث لا يريد.

أما هو فشخصٌ آخر. هو في عمقه وسره، شخص لا تكشفه الكاميرا ولا المذياع ولا الحشود ولا الجماهير. ميشال عون الأفضل، هو ذاك الذي يكشف نفسَه وفكرَه لك، في جلسة راس براس.

في 14 أيار 2005، بعد سبعة أيام على عودته، كنا، أُخبره عن آخر مسعاي لجمعه بسمير جعجع في تحالف انتخابي سياسي، يعيد التوازن ويكرس الخلاص. لم يتردد. كشف لي: الاربعاء سأذهب اليه في السجن. سأصافحه وأعانقه، سأتذكر معه حروبَنا، وسأنساها معه... ولم يمشِ الحال

بعد أقل من شهرين، في 9 تموز 2005، ذهب الى سعد الحريري في قريطم. بعد أيام قليلة فقط على معركته الانتخابية الشرسة ضده. صافحه أيضاً، وعانقه. حدّثه عن الاتفاق معه على 95 في المئة من مسائل الدولة، وعن حلمه بتجديد ميثاق الاستقلال معه... ولم يمش الحال أيضاً...

والمشوار نفسه مشاه مع الجميع: مع وليد جنبلاط على أرض الشوف في 20 شباط 2010 ... وقبله مع بشار الأسد في 3 كانون الأول 2008 في دمشق، وقبلهما مع حسن نصرالله في 6 شباط 2006 في حارة حريك...

صافح الكل وصالحهم. من قاتلوه، وحتى من حسبوا أنهم سيقتلونه. وهو حتى اليوم على سبيل المثال، يرفض الكلام عن لقائه الثنائي هنا بالذات، بالشاب الذي حاول اغتياله بإطلاق النار عليه عشية 13 تشرين. جالسه، وحادثه، وعانقه، كما فعل يوحنا بولس مع أقجا. مع أن ذاك البولوني بابا، أما ميشال عون فحتى أبوته لعائلته موضع تجريح... مع أن أسقف روما صار طوباوياً، أما جنرال الرابيه فمتهم بالجنون وهوس الزعامة وأكثر...

من يعرف هذه التناقضات من حوله، يدرك سر عينيه الغارقتين في مائهما، حيناً أو نادراً.

من ينسى غصته وهو يروي أن فرانسوا الحاج قد التحق بالخالدين...

من ينسى حين قالت له تلك الفتاة المسيحية في جامعة دمشق: أنت قلت أنك آت إلينا مرفوع الرأس، أنا أقول لك أنك تأتي إلينا لنرفع نحن رؤوسنا. اختنق لحظتها. راح يجول بعينيه اللتين تزوغان في لحظة كهذه، ليخفي غصة خنقته وخنقتنا...هذه الأيام، لا شك أنه يتذكر تلك الفتاة، ترى ما أحوالها؟ ما حال رأسها المرفوع؟ وما أحوال أهلها ووطنها في أيام الرؤوس المقطوعة؟

 

أحاوره اليوم، لأننا في ذكرى الاستقلال. ولأن كثيرين يعتقدون أننا تحت خطر عدم الاستقلال. ولأنه أولاً وأخيراً ميشال عون.

 

 

س: جنرال ميشال عون مساء الخير في بين السطور في 22 تشرين الثاني ال2011، هل يجعلنا هذا الكلام الذي ورد في تقريرنا عن الاستقلال نستغني عن جزء كبير من الحلقة برأيك؟

ج: أعتقد أننا لا نزال في مكاننا، كسبنا الاستقلال في الشكل وخسرناه في المضمون، واليوم لا نعرف أن نميّز بين الاستقلال الشكلي والاستقلال الحقيقي، ولا أعرف أين يكمن السر في هذا الموضوع.

س: ما الفرق بين الشكلي والحقيقي في مفهوم الاستقلال؟

ج: في الشكل نحن مستقلون وليست عندنا جيوش غريبة على أرضنا وعندنا قوى مقاومة تحافظ على وجودها في منطقة خطرة اجتيحت مرات عدّة أحياناً من الداخل في السبعينات وأحياناً من الخارج من اسرائيل واليوم لا تزال الأخطار هي هي وربما أكثر الآن. لدينا كلّ ما يعزّز سيادتنا من مواطنين وجيش، المقاومة والجيش وطني- وبالمناسبة نريد لجيشنا الوطني أن يكون أقوى وأقوى. التشتت اليوم يأتي من عدم مفهومنا لسيادتنا؛ فحين يقولون لا نريد مقاومة في وقت لا بديل من المقاومة نكون نخسر من جوهر قضيّتنا، الى من نعود لحماية لبنان؟ الى الأمم المتحدة؟ نحن نرى اليوم قرارات الأمم المتحدة وتدخلاتها... رأينا الشعب السوري مستقرّاً وقد بدأ بالنهوض اقتصادياً فماذا فعلوا به؟ سوريا كانت بلداً يحترم الحريات الاجتماعية والدينة، ففي أي بلد عربي تجد نفسك حراً اجتماعياً من ناحية حرية المعتقد وحرية العادات والتقاليد التي تمارسها؟ هذا النوع من الحرية كان موجوداً في المجتمع السوري بالاضافة الى فرص للعمل وفقاً للقوانين السورية غير المتشددة والتي تنحو الى الحرية شيئاً فشيئاً.

 

س: وأتى التدخل الخارجي ليحدّ من استقلال هذه الدول؟

ج: نعم، أتى ليحدّ...

 

س: سنعود الى الشأن السوري في شكل مفصّل

ج: أنا أتكلم عن الأمم المتحدة... 63 سنة والشعب الفلسطيني خارج أرضه لم نسمع صرخة من الأمم المتحدة تقول إن هذا الشعب حرم من أرضه وحرم من هويته، أين حقوق الانسان في فلسطين؟ هل حقوق الانسان فقط في سوريا؟ الشعب المشرّد لا حقوق له؟ ثمّ يلومننا نحن في لبنان ويقولون إننا لا نحترم حقوق الانسان مع الفلسطينيين، ومن ينتقدنا؟ الدول التي تسببت بنكبة الفلسطينيين، والدولة التي كانت لديها الوصاية عليهم!!، تركوا المؤامرة تستمرّ على أرض فلسطين وهبّوا للدفاع عن الفلسطينيين على أرضنا، نشكرهم على هذا الشعور ولكنّ وسائلنا محدودة لتحمّل نسبة سدس الشعب اللبناني من اللاجئين عندنا.

 

س: اذاً تقول جنرال أن النقص في مفهوم السيادة هو نتيجة عوامل خارجية؟

ج: كلا، عندما نقبل نحن أن نعطي حقّاً لأي دولة حتى لتلك التي معها حقّ، على أرضنا، نكون نحتقر سيادتنا، علينا أن نحل مشاكلنا بين بعضنا البعض، اليوم عندنا نقص بالثوابت الوطنية، هذا الاستقلال هو من الثوابت الوطنية، ولا يمكن أن نقبل أن يقرر غيرنا عنّا ويفرض علينا القرار، ولا يمكننا أن نقرر ضدّ دستورنا أو يفرض علينا أمر كهذا، مثل قصّة المحكمة الدولية...

 

س: انك تعطي بالاجابة على الاستقلال أجوبة على المحاور كلّها...

ج: أكيد لأنّ الاستقلال مهان...

 

س: ما كان ملفتاً اليوم هو أنّك نزلت الى عرض الاستقلال، للمرّة الأولى منذ زمن طويل؟

ج: منذ اثنين وعشرين عاماً، آخر عرض أنا قمت به...

 

س: أي عام 1989؟

ج: نعم، ففي العام 1990 لم نصل لتاريخ 22 تشرين الثاني، ذهبنا في 13 تشرين...

 

س: ولكن من العام 2005 حتى اليوم مرّت احتفالات عدة، هل يمكنني أن أسألك لماذا لم تحضر كل تلك العروض أم إنّك تفضل أن أسألك لماذا نزلت اليوم الى العرض؟

ج: نزلت الى العرض...لأن للأمر معنى خاصاً اليوم

 

س: الا وهو؟

ج: يتعلّق بي شخصياً وبشعوري الشخصيّ، عندي حياة طويلة في قيادة الجيش وأحببت أن أرى الشباب الذين كانوا معي، كانوا برتبة ملازم أول وملازم ونقيب، والآن أصبحوا كلهم قياديين في الجيش وأنا أرى اعتناءهم بالجيش وبالتدريب وغيره.

 

س: لذلك ذهبت إلى العرض العسكري ولم تذهب إلى قصر بعبدا؟

ج:عدم ذهابي إلى قصر بعبدا للتهئنة بعيد الاستقلال مرتبطة بشأن آخر.

 

س: هناك شأن آخر، ما هو هذا الشأن؟

ج: عندما تقرأ وثائق ويكيليكس عندها تعرف السبب، والتي كنا نعلم بمحتواها سابقاً.

 

س: هناك كلام يدعو إلى طي صفحة "ويكيليكس"

ج: نحن نعيش كل يوم "ويكيليكس" لأنه عقد بين الأميركيين وحكام لبنان، وقد بدأ عند عودتي من المنفى، عندها حاول بعض الأفرقاء عرقلة هذه العودة، عبر محاولة استصدار قرار دولي بذلك، بذريعة أنها تتهدد السلم الأهلي. "لاني عدت على رأس أسطول".

 

س: هل مشكلتكم اليوم هي مع رئيس الجمهورية ؟

ج: المشكلة ليست محصورةً مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، "بل مع الجميع". اليوم لدينا حكومة في لبنان تجتمع، ولكن آدائها سيىء.

 

س: لكنكم الطرف الأكبر المشارك في هذه الحكومة ونلت حصة الاسد فيها

 ج: لا تزال مشكلتنا كبيرة مع هذه الحكومة، لأنها لم تملأ الشواغر، ولم تحقق المساءلة، فالفساد أضحى جزءاً من بنية الدولة اليوم."الوزير المفسد والفاسد، ستكون إدارته على صورته".

 

س: تتحدثون عن الفساد وليس لديكم بينات

ج: لماذا لم تملأ الشواغر؟ لماذا لم تقدم السلطة التنفيذية على هذه الخطوة؟.

 

 س: هناك خلاف بين الأفرقاء المسيحيين

ج: لا يجب التذرع بالخلاف على حصة المسيحيين، فمن يمثلهم في الحكومة؟

 

س: بشكل اساسي العماد عون

ج: إذاً لماذا لا يمكنه اقتراح أسماء؟ لماذا لا تؤخذ اقتراحاتي الاصلاحية في أنظف الملفات في الجمهورية اللبنانية، وخصوصاً في الوزارات المسندة إلى تكتل التغيير والإصلاح ؟ لماذا لم يوافقوا حتى الساعة على اقتراحات وزير العدل، أحدى أهم الوزارات اليوم؟ انا طرحت هذه المشكلة وأريد جوابا عليها، فهل من مجيب؟

 

س: ما هي العوائق التي تقف في وجه إقرار التعينات؟

ج: إن إتمام أي ملف في الدولة، يتطلب دعماً سياسياً في سبيل ذلك، وهذا الدعم اليوم لا يصب في مصلحة الملفات "النظيفة"، بل في مصلحة الملفات "الوسخة"، و لا أريد أن أجزم بكل شيء.

 

س: يقال إن مرشحك إلى مجلس القضاء الأعلى لا يتمتع بالكفاية والأقدمية المطلوبة؟

ج: هذه إشاعة، على العكس لديه الكفاية المطلوبة، ثمّ هل الأقدمية هي المعيار في عملية التعيين؟ وهل يعيّن قائد الجيش وفقاً لمعيار الاقدمية؟

 

س: لهذا السبب يقدم بعض الضباط على الإستقالة؟

ج: لا ، البعض يستقيل، ولكن هناك عدداً كبير يرضى بالواقع، فالاستقالات ناجمة عن الأغراق في العديد، فهناك كادر كبير من الضباط ليس لهم وظيفة في الجيش، وهذا ما يدفعهم إلى الإستقالة. أنا كنت من أصغر الضباط سناً عندما عينت قائداً للجيش.

 

س: هل تقصد أن هناك عدم نية في الاصلاح؟

ج: طبعاً، فإذا كان أحدهم فاسداً ويجب استبداله ولا يستبدل، وإذا كان هناك مراكز شاغرة ولا يمكنك أن تعيين فيها، ثم يأتي أحدهم ويريد استقلالية ليفرض من يريده وإلا يعرقل!!

 

س: من تريد أن تغير في الادارة؟

ج: لا أريد أن أغير أحداً ولا أريد الان أن أضع جدولاً بالتشكيلات، في الادارة هناك شواغر ويجب أن تُملأ، لنملأها أولاً ثم نبدأ بالمحاسبة. نحن لا نحاسب أحداً على النوايا ولا نحاسب خصومنا السياسيين بكيدية. استلمنا وزارات ومن هم في الادارة فيها ليسوا معنا سياسياً، ولكن السلطة التنفيذية التي مارست، مارست بشكل صحيح وصار الشغل بشكل صحيح. لا نعمل وفق أهواء سياسية. نبحث عن أصحاب الملفات النظيفة وعن أشخاص يمكنهم الوقوف على أرجلهم في مواجهة الموج، أمواج الفساد تطوّق، لذلك يجب تحرير الإدارة من نهج فاسد بأكمله.

 

س: ما هي مشاكلك مع الحكومة الحالية

ج: مشاريع كثيرة متوقفة، مشاريع التنمية وتوظيف الاستثمار، مشاريع الكهرباء، مشاريع المياه، مشاريع النفط..

 

س: أخذتم مشروع الكهرباء

ج: أي كهرباء، "بيشيلو الحجر من طريقك هون وبيحطوه هون.." ولكنه لا يزال على طريقك، ما يقومون به هو لتأجيل الصدام.

 

س: خطة الكهرباء بانتظار الموازنة

ج: لماذا لم تُبحث الموازنة لغاية الان؟ هذا جزء من الأداء السيء، القصة ليست معقدة ولكن هناك نوايا عرقلة، فمن أين تأتي هذه النوايا؟ الموضوع لا يحتاج الى أسرار فلكية وتنجيم، الأهواء السياسية لكل شخص معلومة، والمسألة صارت كمن يتزوج امرأة وهو مرتبط بأخرى. يجلسون في الحكم في لبنان ويرتبطون في الخارج مع حكم آخر، لنقل ذلك بصراحة.

 

س: في الحكومة الحالية؟

ج: الحالية والسابقة، على طول الخط لا يوجد صفاء في التعاطي مع الوطن. ما قلته في العام 88 و 89 لا يزال صالحاً، وإذا بقي النهج في الحكومة على ما هو عليه فسيبقى صالحا.

 

س: هذه الحكومة مشكلة من أكثرية هم حلفاؤك ومن أقلية وسطية تقاطعتم معهم حكومياً، فهل ما تقوله يصح على القسمين؟

ج: لست في معرض التعريب، مجمل النهج القائم ضمن المجموعة هو كذلك

 

س: ما هي الشؤون التنموية التي تُعرقل؟

ج: خذ الكهرباء مثلاً، قدمنا حلاً شاملاً، فبدأوا بالعرقلة، أطلقوا أزلامهم لإثارة أمور جانبية، جئنا بحل شامل فأرادوا إلهاءنا بتقنيات صغيرة. الوزير ليس عاملاً تقنياً، هو يقدّم خطة، توافقون عليها، يحل المشكلة. خطة المياه مرسلة الى الحكومة منذ زمن ولغاية الان لم يصدّق عليها، ولم تناقش، ناقشوها، ضعوا عليها ملاحظات، ارفضوها حتى ولكن لا يجوز ان تموت في الأدراج ويطويها النسيان. مشروع النفط يصير ببطء كالسلحفاة، كل شيء متوقف.

 

س: هل التوقف يحصل أيضاً في المجلس النيابي؟

ج: المشاريع لا تصل الى المجلس حتى تتوقف هناك. اين هي ال 8900 مليار التي يتكلمون عنها في الموازنة؟ فلتثبت الأكثرية أكثريتها قبل اي شيء!! لا يجوز لاعتراض شخص أن يوقف العمل.

 

 س: السنيورة تكلم مع الرئيس بري معتبراً ان ال 8900 مليار مثل ال 11 مليار

ج: اطلاقاً، ليسوا مثل بعضهم، ال 11 مليار صرفوا ولا نعرف أين أو كيف.. بينما ال 8900 لهم شكل الموازنة وسيصرفون من ضمنها وسيكون لهم أوراق ثبوتية، فأين هي الأوراق الثبوتية بالصرف لل 11 مليار منذ 2006 وحتى 2009؟

 

س: لماذا إذاً لا يدرج رئيس المجلس هذا المشروع في جلسة عامة؟

ج: لا أعرف، وجّه له السؤال

 

س: هل لديك بعد ملاحظات على أداء الحكومة؟

ج: طبعاً، الشؤون الاجتماعية والعمالية، هناك حل شامل قدّمه الوزير، فبدأوا بالتعاطي جانبياً مع العمال، تارة يرشونهم ببون بنزين وتارة بمئتي الف زيادة.. الموضوع أكبر ويحتاج الى حل شامل، هناك الضمان الصحي، وهناك نقل الاقتصاد من الريعي الى الاقتصاد المنتج، هذه مشكلة كبيرة وهي التي تساهم بإفلاس البلد وزيادة الديون، كل شيء بحاجة الى درس وإعادة توزيع الضرائب لتحقيق العدالة الاجتماعية.. أذا كان مدخولك الف ليرة وانت تصرف ألفين فكيف ستوقف ديونك وكيف ستسددها؟؟ في النهاية ستبيع أولادك.. اللبناني اليوم "يبيع" أولاده، يعلمهم ويتعب عليهم ثم "يصدّرهم" للخارج.

 

س: ماذا هناك أيضاً؟

ج: الشأن المالي، التحقيقات المالية، هذه من مسؤولية الحكومة، هل يستطيع القضاء أن يوقف عملاً من دون أن يكون لديه مساءلة من الحكومة، من هم أصحاب الحق في الشؤون المالية؟ أنا وأنت وكلنا أصحاب حق في الشؤون المالية، ومن يمثلنا؟ أليس المجلس النيابي؟ ألا يستطيع أن يطال الحكومة؟ نحن مع استقلال القضاء ولكن القضاء يجب أن يحقق العدالة. ديوان المحاسبة يكشف الخطأ ويذهب إلى المدعي العام المالي، والمدعي العام المالي يحتفظ بالملف سنة، سنتين، أو ثلاث، وهذا يرتب عليه مسؤولية سياسية وليس فقط مسؤوليات جزائية وغرامات. يترتب عليه مسؤولية سياسية، فماذا عندما يطالبك المتهم بالاعتذار لأنك قلت إن ماليته ناقصة وغير سليمة؟؟ بدل أن يقدم ورقة الحساب يطالبك بالاعتذار بكل وقاحة.

 

س: هو طلب الاعتذار في قصة الخزنة التي قلتم أنّه فتحها وأخذ موجوداتها، أو على الأقل لم تطرحوا علامة استفهام حول موجوداتها، فأحضر وثائق من مصرف لبنان مع صور تقول وفق قراءته أنّ هذه الخزنة وهذه موجوداتها هذه الجردة الكاملة.

ج: أين الInventaire الذي كان موجوداً فيها، ضمن موجوداتها؟ كان موجوداً وليس بمجرد أنّه اختفى يعني أنّه لم يكن موجوداً. الخزنات كانت ضد الحريق وضد التفجير وإلا ما كانت بقيت، ولكنها بقيت وفُتحت بالطرق الشرعية، أخذوا الcode وأخذوا المفاتيح وكلّ واحدة كان بداخلها inventaire (بيان بمحتوياتها) وبالمناسبة كانتا خزنتين وليس واحدة، فأين الخزنة الثانية؟ أنا بالطبع لم أحملها على ظهري لأنها بحاجة إلى ونش.

 

س: انت حملت فقط وزارة المالية التي على النهر...

ج: أين هي الخزنة الثانية؟ وكيف وصلنا إلى هنا؟ قالوا إن مستندات العامين 91 و92 قد احترقت ولكن تبيّن أنّ المستندات موجودة، ميزانية العامين 91 و92 موجودة، فكيف صفّروا الحسابات؟ كيف صفّروا كما يقولون الصندوق ب 34؟؟. فليقدموا بياناتهم، نوابنا المسؤولون في لجنة المال يبيّنون الأرقام، وتبيّن أن هناك هبات غير مسجلة وهناك سلفات غير مسددة، ومصاريف فاقت الموازنة وهي غير مبررة لا بقرارات وزارية كي نعرف من أعطاها ولا بشيء..

 

س: لكن قسماً كبيراً من هذه الملفات البعض يمكن أن تكون عالقة لسببين، السبب الأول أنّ الرئيس ميقاتي محرج في وضع، والسبب الثاني أنّه أنتم عوضاً عن البحث معه هذه الأمور على طريقة إسداء خدمات لتحصين وضعه الحكومي والشارعي، تتولون القصف السياسي؟

ج: العدالة عدالة والمسؤولية مسؤولية، وإذا تحمّل الرئيس ميقاتي مسؤولياته بجرأة فعندها ترتفع شعبيته. أصحاب هذا القول وكأنهم يتهمّون الطائفة السنية بأنّها تشجع الفساد والسرقات، بينما الواقع إنني أجّل الطائفة السنية من أن تدعم رئيساً يغطّي الموبقات المرتكبة في الحكم.

هناك قصة تروى عن نائب عام في روما، فخلال فترة الانتخابات اتُهم ابن رئيس البلدية maire Le، وهو منتخب وله صلاحيات واسعة، ومن الحزب الديمقراطي المسيحي، اتُهم بجريمة فبدأت التدخلات مع النائب العام الذي ينتمي الى نفس الحزب، وعن الضرر الذي سيلحقه حكم الادانة بسير الانتخابات.. النائب العام لجم الجميع بقوله: "أنا لست هنا لأدافع عن الحزب في روما بل لأدافع عن العدالة في روما"، فالعدالة هي شيء أكبر من الحكم وهي التي تحفظ الحكم وتبعده عن الفساد.

س: جنرال قسم كبير من هذه الملاحظات التي أدليت بها حول أداء الحكومة مرتبط بتأخير مناقشة الموازنة الذي هو أيضاً مرتبط بعدم الاتفاق على تمويل المحكمة الدولية، صحيح هذا الكلام؟ وزير المال أعدّ مشروع الموازنة..

ج: لماذا لم يرسلها؟

 

س: لأنكم غير متفقون على بند محدد بمبلغ 109 مليار ليرة لتغطية نفقات لبنان وحصته من المحكمة الدولية، فتوقفت الموازنة، أليس هذا هو الوضع؟

ج: من أجل ثلاثين مليون نوقف الموازنة كلها؟ أنا لم يبلغني أحد أن الموازنة واقفة.

 

س: ألا يطرح وزراؤك في مجلس الوزراء هذا السؤال ولماذا لا نناقش الموازنة وبكل جلسة تتأجل من مرة إلى مرة أخرى؟.

ج: سمعت مرة تصريحاً يقول إنّها مؤجلة لآذار. إقرار المحكمة مؤجل إلى الأسبوع المقبل وليس الموازنة.

 

س: والموازنة متروكة؟

ج: مسؤولية من؟ مسؤولية الأداء السيئ في الحكومة. أنا لا أعرف لماذا كل شيء يوقّف ويتعطّل.

 

س: هل تتحدث مع كبار المسؤولين في هذا الموضوع؟

ج: لدينا وزراء يقدمون مشاريع، لدينا خطة المياه وخطة الكهرباء؛ نقلوا "الدبشة" من مكان ووضعوها في مكان آخر، ولكنها لا زلت على نفس الطريق، إذا لم يؤخرّوك اليوم يؤخرونك غداً. طريقة التعاطي في الشؤون الاجتماعية والمالية ومع الخطة الشاملة والضمان الصحي والأجور والرواتب وتوزيع الضرائب كلّه متوقّف.

 

س: أنت في هذا الوقت بشبه قطيعة مع كبار المسؤولين؟

ج: ماذا سأقول؟ تكرار الكلام؟؟ أنا لست شحاذاً على بابهم، هذه أمور تتعلق بحقوق الشعب أتحدث مرة وأكثر وفيما بعد أتحدث من بعيد، ليس بالضرورة أن أذهب. أنا أتحدث أولاً بصوت هادئ بعدها أتكلم بلهجة أعلى وبعدها بطلع بالعالي.. فأنا أحترم الناخبين والشعب اللبناني، ألا ترى صيت السياسيين في الشارع، في كل مرة يقومون باستفتاء بالشارع، النتيجة يقولون إن كل الطبقة فاسدة وسارقين وإلى ما هنالك. أليس علينا أن نحسّن صورة السياسي الذي يحترم الناس ولا يكذب عليهم؟. أناضل من أجل تحسين صورتهم أيضاً!.

 

س: قسمٌ كبير ممّا تقول يتعلّق بالموازنة، يُقال إنّ الموازنة متوقّفة بسبب المحكمة الدّوليّة، والمحكمة الدذوليّة متوقّفة بسبب مبلغٍ زهيد جدّاً. لمَ لا توافقون على تمويل المحكمة وتنتهون من كلذ هذه المشكلة؟

ج: قلت في السّابق وأكرّر الآن: أنا لا أوافق على المحكمة الدّوليّة لأنّها غير دستوريّة. فطريقة تهريب مرورها بين حكومة السّنيورة وبان كي مون يجعلها كذلك. هذا التّهريب استهدف قضاءنا ورفع الحصانة عن الشّعب اللّبناني، لأنّ الشّعب اللّبناني هو تحت حصانة القضاء اللّبناني وفقاً للمادّة عشرين من الدّستور. ولكي تتغيّر المادّة عشرين من الدّستور، ولكي يبقى بعض أثر للسّلطة اللّبنانيّة في مراقبة القضاء الخارجي الذي سنوكله المسؤوليّة، يجب أن يكون هناك اتّفاق، وهذا الاتفاق يجب أن يقوم به رئيس الجمهوريّة ليتمّ بعد ذلك تصديقه في مجلس النّوّاب. تمرير المحكمة استهدف أيضاً صلاحيّات رئيس الجمهوريّة من خلال خرق المادّة 52 من الدستور.

 

س: ولكنّ رئيس الجمهوريّة موافق على المحكمة.

ج: الحكم هو استمرار، والرئيس السّابق لم يوافق على إقرار الإتفاق الأساسي لأنّه لم يتمّ احترام المادّة 52، فكيف يمكن للرئيس الحالي الموافقة على اتفاق لم يحترم المادّة 52 من الدستور؟ زد على ذلك أنّهم لم يحترموا مجلس النّوّاب، واستغنوا عنه. السّنيورة وبالإتّفاق مع بان كي مون قفز فوق القضاء اللّبناني وفوق رئيس الجمهوريّة وفوق مجلس النّوّاب، وهذه سابقة لم يشهدها التّاريخ. لا يحاول بان كي مون إقناعي انّ السّلم العالمي مهدّد بسبب لبنان.

 

س: مهدّد بسبب سلسلة من الإغتيالات.

ج: سلسلة من الإغتيالات؟ قل لي كم مليون عراقي قُتلوا على يد الأميريكيّين؟ من المسؤول عن الـ"collateral damage" في العراق؟ هل تريد أن تنقنعني أنّ جلّ اهتمامهم كان الإغتيالات التي حصلت في لبنان؟ من يستطيع أن يحدّد الأهميّة بين قتيلٍ وآخر؟

 

س: لمَ يريد ميشال عون أن يكون ملكاً اكثر من الملكيّين، او رئيساً اكثر من الرّؤساء؟

ج: قلت أكثر من مرّة أنّني ساوافق على المحكمة إن اتّبعت الوسائل الدّستوريّة. ولكنّني أريد أن أعرف ما هي مهمّة هذه المحكمة. لا أعرف مهمّتها، وبالتّالي لا أعرف علامَ يريدون مني أن اوافق.

 

س: آليّة إعادة تمريرها في الأطر الدّستوريّة معقّدة، إذ يجب أن تعود إلى مجلس الأمن وتطلب التّفاوض من جديد على قرار إنشائها، لتعود بعد ذلك وتأتي بالنّظام إلى الحكومة اللّبنانيّة لتقوم الحكومة بدورها بإرساله إلى المجلس النيابي، ليحصل الإتّفاق هناك.

ج: ماذا أستطيع أن أفعل أنا حيال ذلك؟ أين المشكلة لو حصل ذلك؟ مرّ على المحكمة حوالي السّت سنوات، فأين المشكلة اذا اخذت ستّة أشهرٍ إضافيّة؟ لمَ لا يمكن إقرارها بتفاهمٍ سريع مع مجلس الأمن قد يتّخذ بضعة أشهرٍ؟ يستطيعون ان يقوموا بذلك لو أرادوا العمل بطريقة صحيحة، ولكن إن لم يكونوا يريدون أن يعملوا جيّداً، فيستطيعون ان يضيعوا ما يشاؤون من الوقت، يستطيعون اخذ الإجازات السذنويّة، والفلرص المرضيّة وما الى هنالك طالما أنّهم يتقاضون في نهاية الشّهر 25 ألف دولار. لديهم مصلحة في إضاعة الوقت ونحن علينا أن نموّلها لعشر سنوات إضافيّة وفقاً لحساباتهم.

 

س: طالما انّ هذه هي مشكلتك مع المحكمة الدّوليّة، لمَ وافق وزراء تكتّل التّغيير والإصلاح على التّمويل في حكومة العام 2010؟

ج: كان هناك يومها مشروع موازنة وطالبوا سلفة للمحكمة، ولعلّ الوزراء كانوا يحاولون ان يعتقدوا أنّ ذلك شرعيّاً. الحكومة بأكملها التي كانت يومها تتحمّل مسؤوليّة هذه السّلفة، وهي تحتّم محاكمة الوزراء لأنّهم يدفعون أموالاً لا يغطّيها أيّ قانون. اعتقدوا من حيث الشّكل أنّ السّلفة ستذهب إلى مجلس النّوّاب حيث ستناقش ليتمّ التّصديق عليها.

 

س: ولكنّكم أوقفتموها في مجلس النّوّاب.

ج: لم تصل إلى مجلس النّوّاب. تمّ إيقافها في لجنة المال والموازنة.

 

س: أسقطّم حكومة سعد الحريري بسبب المحكمة الدّوليّة...

ج: ليس بسبب المحكمة الدّوليّة إنّما بسبب شهود الزّور، والآن يتمّ تعطيل شهود الزّور لأنّهم لا يعيّنون رئيساً للمحكمة وقد يكون هذا هو جوهر القضيّة. هم لا يعيّنون رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، وفي كلّ مرّة نتوصّل إلى اختيار رئيس يجدون له ألف سبب لعدم تعينيه، وإن وافقنا على من يطرحون كرئيس سيعمل كما يشاؤون ولن نصل لنتيجة.

 

س: ألم يطلب الرئيس نجيب ميقاتي من وزير العدل مطالعة لملف شهود الزور لإحالته غلى مجلس الوزراء؟

ج: وزير العدل أنجز مطالعته وقدّمها.

 

س: ألم يحِلها الرئيس ميقاتي إلى مجلس الوزراء؟ هل أُنجزت مطالعة الوزير شكيب قرطباوي؟

ج: بالطّبع أنجزها.

 

س: أسقطّم حكومة سعد الدّين الحريري بسبب ملفّ متعلّق بالمحكمة الدّوليّة، بعدها جئتم بميقاتي رئيساً للحكومة. ألم تتكلّموا مع ميقاتي في هذا الموضوع قبل ترشيحه لرئاسة الحكومة؟

ج: لست أنا من قام بالمحادثات معه، إنّما حليفي، والمشكلة هنا هي مع هذا الحليف وليست معي. أنا أتكلّم باستقلاليّة وأقول إنّ المحكمة كما هي حالياً تستهدفنا ثلاث مرّات، ويجب ألاّ نوافق عليها.. تستهدفنا أوّلاً برفع الحصانة عن اللّبنانيّين وإرسالهم إلى محكمة دوليّة، وجزءٌ منها يتعلّق بالقضاء اللّبناني لأنّ السّلطات الدّستوريّة التي تغطّيه لم توافق على تغطيته، وتستهدفنا ثانياً في صلاحيات رئيس الجمهوريّة الذي عليه ان يعقد الإتّفاق ليحوّله بعد ذلك الى المجلس النيابي، وثالثاً تستهدف المجلس النيابي برمّته من ناحية الغاء دوره؛ لقد شاءت بعض الدّول أن تقرّر وتخطّط تماماً كما تفعل الآن مع سوريا، فنسمع رئيس تركيا مثلاً يطلب من الرّئيس الأسد التّنحّي. بأيّ صفةٍ يطلب منه ذلك؟ قد يكون يعتقد أنّه وريث الإمبراطوريّة العثمانيّة أي رئيس السّلطنة العثمانيّة. أخاف من أن يعلن نفسه خليفة للمسلمين. (ساخراً).

 

س: في ظلّ هذا الجوّ، يُحكى عن مجموعة في الحكومة تتجه إلى الإستقالة إن لم يمرّ بند تمويل المحكمة الدّوليّة، ولكنها لم تقل ذلك بعد، وفي المقابل انتم لديكم الكثير من الملاحظات على كثيرٍ من الملفّات. فهل بتّم في سباقٍ حول التّنصّل من هذه الحكومة؟ 

  • شارك الخبر