hit counter script

ميقاتي رعى افتتاح أعمال"ملتقى لبنان الاقتصادي

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 16:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "ان الحكومة تواكب الظروف والمتغيرات التي تشهدها المنطقة والتطورات الاقتصادية العالمية، وتسعى لدرء تداعياتها المحتملة على لبنان على الصعد كافة، وهي تكثف جهودها لتثبيت الأمن والاستقرار على الساحة الداخلية". وإذ شدد على "أن الوضع الأمني ممسوك"، رأى "أن اي مجازفة بالاستقرار الأمني ستعيدنا أشواطا إلى الوراء وستصيب شظاياها الجميع من دون استثناء".

موقف ميقاتي جاء في خلال رعايته قبل ظهر اليوم اعمال "ملتقى لبنان الاقتصادي"، الذي تنظمه "مجموعة الاقتصاد والأعمال" بالتعاون مع اتحاد الغرف اللبنانية و"المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان - إيدال" في فندق "كورال بيتش"، في حضور أكثر من 400 مشارك تقدمهم نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، وزير المال محمد الصفدي، وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، وحشد من النواب والديبلوماسيين ورؤساء الهيئات الاقتصادية وقيادات المؤسسات المالية والمصرفية والصناعية والتجارية اللبنانية والعربية.

تنظم الملتقى "مجموعة الاقتصاد والأعمال"، بالتعاون مع اتحاد الغرف اللبنانية، والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال). ويتحدث فيه نحو 38 مسؤولا وخبيرا يناقشون الأحداث في بعض البلدان العربية من زاوية انعكاساتها على الاقتصاد اللبناني بقطاعاته المختلفة. كما يناقش الملتقى التطورات في الأسواق الدولية ولا سيما منها تلك المتعلقة بأزمة الديون الأميركية والأوروبية.

ميقاتي
وقال ميقاتي في كلمته: "يسعدني أن أرحب بكم جميعا وزراء ومسؤولين وقياديين في القطاع الخاص وخبراء ومتابعين لشؤون الأعمال والاستثمار وإعلاميين في هذا الملتقى المهم، وأخص بالترحيب إخواننا العرب الذين يعبرون أصدق تعبير، من خلال قدومهم إلى لبنان ومشاركتهم معنا اليوم، عن مدى ثقتهم المستمرة بلبنان ومحبتهم له.
لا بد لي في البداية من أن أشكر الجهات المنظمة، وفي طليعتها مجموعة الاقتصاد والأعمال، على اتخاذها المبادرة لتنظيم هذا الملتقى في هذه المرحلة بالذات وسط التحولات وحال الاضطراب السائدة في المحيط العربي والتطورات المقلقة في منطقة اليورو، مما يؤشر الى تداعيات حادة على النظام المصرفي العالمي وعلى الاقتصاد العالمي ككل.
أما نحن في لبنان، ومن خلال الاهتمام والمشاركة الواسعة في هذا الملتقى، إنما نثبت مرة أخرى أنه بالرغم مما يحيط لبنان من أوضاع إقليمية غير مستقرة وأجواء اقتصادية عالمية ضاغطة، وبالرغم من كل التحديات الناتجة عن كل ذلك، فإننا على ثقة بأن اقتصادنا، بما يتمتع به من مرونة، قادر على تجاوز كل الصعوبات والمضي في النمو والتطور بسرعة كلما عاد الاستقرار وترسخ. ولعل المناعة التي أظهرها الاقتصاد اللبناني في مواجهة الأزمة المالية العالمية الأخيرة خير دليل على ذلك".

أضاف: "إن الحكومة اللبنانية تواكب الظروف والمتغيرات التي تشهدها المنطقة والتطورات الاقتصادية العالمية، وتسعى الى درء تداعياتها المحتملة على لبنان على الصعد كافة. فهي تكثف جهودها لتثبيت الأمن والاستقرار على الساحة الداخلية، ونحمد الله أن الوضع الأمني ممسوك ونعمل على تعزيز الاستقرار العام. وعلى خط مواز تعمل الحكومة للحفاظ على الثقة العربية والدولية بلبنان ولا سيما في المجالات الاقتصادية والمالية والمصرفية، وقد خطت في هذا المجال خطوات واعدة. وفي هذا المجال، لا بد لي هنا من التشديد على السمعة الجيدة والصدقية التي طالما تمتع بهما القطاع المصرفي اللبناني على النطاقين العربي والعالمي، والتزامه كل معايير الصناعة المصرفية العالمية وكفاءته المشهود لها في تقديم الخدمات المصرفية العصرية، ودوره في تمويل الاقتصاد اللبناني. كذلك فإن الحكومة تعطي الحوار الوطني أولوية مطلقة لتعزيز وحدتنا الداخلية ولمعالجة القضايا الاجتماعية وإعادة تنشيط الحركة الاقتصادية، وسياستها واضحة على هذا النطاق وتتلخص بتحفيز الإنتاج والاستثمار في لبنان. وهي تقوم بخطوات عدة لزيادة فاعلية الاستثمار. وباعتراف الكثير من المستثمرين، فإن لبنان لا يزال البلد الأكثر قدرة على الجاذبية للاستثمار، والأشقاء العرب طالما رغبوا في أن تكون لهم استثمارات عندنا، ونحن نعمل لكي يبقى لبنان واحة مناسبة لهؤلاء المستثمرين".

واعتبر "أن التحدي الاساسي أمام لبنان في هذه المرحلة يتمثل، ليس فقط في تطوير البنية التحتية الأساسية والاجتماعية، بل أيضا في تطوير البيئة المحيطة بالأعمال والاستثمار وبفاعلية الأداء الاقتصادي بمعناه الأوسع. وهذا الأمر يفترض بالدرجة الأولى الاتفاق السياسي ووعي القيادات السياسية كافة دقة المرحلة وحراجتها والتعاون لتجنيب لبنان أي انعكاسات سلبية تهدد أمنه واستقراره. وأي مجازفة بالاستقرار الأمني ستعيدنا أشواطا إلى الوراء وستصيب شظاياها الجميع من دون استثناء".

وتابع: "إن لبنان يراقب عن كثب كل ما يجري في محيطه العربي، ويأمل استقرار العالم العربي وتطوره سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهو سيكون المستفيد الأول من هذا الاستقرار. ولكن علينا أيضا الثبات على دعم القضايا العربية المحقة على كل الصعد الدولية، وباحترام القرارات الدولية، ونحن نؤكد رؤيتنا الثابتة أن السلام العادل والشامل في المنطقة يبقى وحده مفتاح الاستقرار.
وقبل أن أختم كلمتي أقول: لفتني خلال الكلمات حديث عن مشروع قصر المؤتمرات الذي أطلق فكرته الاساسية الرئيس الشهيد رفيق الحريري على أرض في منطقة المنارة. وعندما تسلمنا مهماتنا أخيرا أعدت دراسة المشروع من ناحية الجدوى الاقتصادية، ووجدت أن سعر الارض في منطقة المنارة إرتفع كثيرا وتجاوز بكثير الاقتراح الاساسي لكلفة المشروع، ولذلك كلفنا مهندسين استشاريين مقارنة هذا الموقع مع مواقع أخرى لاتخاذ القرار المناسب، ومن الافضل ربما أن يقام المشروع على قطعة أرض خصصتها له الحكومة السابقة في وسط بيروت.
أما في موضوع الخطة المالية لمواجهة الدين العام، فأقول إن معالي وزير المال أعد مشروع موازنة العام 2012 وبدأنا بمناقشته ضمن المهلة الدستورية، وستكون لنا في موازاة ذلك ورشة عمل حقيقية لكي تعكس الموازنة دقة الاوضاع. من أهم الامور التي نشدد عليها أن يكون الانفاق بمعناه الضيق، أي للرواتب والاجور وتسيير أمور الدولة بحدها الأدنى وخدمة الدين العام وتغطية عجز الكهرباء. إن الإيرادات الجارية يمكنها تغطية هذه البنود، وأي زيادة في الانفاق يجب أن يقابلها توفير إيرادات جديدة. نحن لسنا هواة فرض ضرائب ولكن علينا التزام الحد الادنى من عجز الموازنة لهذا العام. لا انفاق اضافيا من دون واردات، هذا هو موقفي، وانا واثق انه سيكون موقف مجلس الوزراء".

وختم: "أشكركم جميعا على حضوركم معنا اليوم، كما أشكر "مجموعة الاقتصاد والأعمال" على مبادرتها وجهودها في تنظيم هذا الملتقى، وكل الجهات الأخرى التي ساهمت في تنظيمه وإنجاحه.وأتمنى لكم إقامة سعيدة في لبنان".

طربيه
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه: "في غمرة التطورات المذهلة في المحيط العربي الواسع، وفي حمأة الاضطرابات المالية العاتية التي تهتز معها أسواق كبرى ودول متقدمة وتكتلات دولية، يبدو ضروريا، بل واجبا، أن يتلاقى أصحاب الفكر والقرار السياسي والاقتصادي في حلقات متابعة وبحث ونقاش على منوال هذا المؤتمر، وفي بيروت بالذات المؤهلة لاحتضان الدينامية العربية الجديدة، مستفيدة من موقعها الجامع ومن عراقة الديمقراطية والليبرالية اللتين اعتمدهما لبنان منذ استقلاله. فما يحصل غير مسبوق فعلا. ففي غضون أشهر، شكلت الأحداث وتفاعلاتها ونتائجها المحققة والمرتقبة، فاصلا تاريخيا بين سكون عربي طويل أشبه بالسبات، وبين فورات وثورات أشبه ببركان بفوهات متعددة تمتد من مشرق المنطقة إلى مغربها، وسط تداخل وتبدلات جوهرية في تمركز القوى الإقليمية وأدوارها واستقطاباتها".

أضاف: "قد يبدو ظاهريا، أن الاقتصاد وشجونه ليسا في صلب القضايا الساخنة التي تثير الاهتمام في المرحلة الراهنة قياسا بالتحولات الحاصلة في العديد من الدول العربية. لكن النظر في عمق هذه التحولات، أسبابا وحيثيات، يفضي إلى استنتاج منطقي بأن الشأن الاقتصادي، لجهة النمو والتنمية وتوزع الثروات الوطنية والعدالة الاجتماعية، هو من أهم حوافز التحركات، وسيكون حتما في صدارة الاهتمام وإعادة صياغة الاستراتيجيات والنظم الوطنية بعد بلوغ مرحلة الاستقرار".

وتابع: "في ظل هذه المناخات المعقدة، ورغم ما نقاسيه أحيانا من تخبط على المستوى السياسي، فإن لبنان، بأفراده ومؤسساته، الذي يساهم في عمليات البناء الاقتصادي والعمراني في أغلب الدول العربية في مرحلة استقلالها خلال ستينات القرن الماضي، مؤهل للعب دور محوري في نقل تجربة الليبرالية والاقتصاد الحر وتجاربهما إلى الدول المتجددة في دساتيرها وأنظمتها، والمساهمة بفعالية في وضع اقتصاداتها على سكة النهوض. صحيح أن لبنان بلد صغير، لكن معطيات التاريخ والجغرافيا جعلته دوما نقطة محورية في المنطقة، وهو منصة حضارية لتلاقي الناس والأفكار ومركزا متميزا للتبادل بفضل الحرية التي تبقى خاصيته الأساسية ومن أبرز ميزاته التاريخية التي تدفع أبعاده الاقتصادية خارج حدوده الجغرافية الضيقة وموارده الطبيعية المحدودة".

وشدد على "أننا نملك تجربة طويلة جديرة بحفز اهتمام إخواننا لمقاربتها واعتماد خلاصاتها، ولعل من أهم ثوابتها اقتصار تدخل الحكومة في الشأن الاقتصادي على الحدود الدنيا وتشجيع المبادرة الفردية واقتصاد السوق وتأمين حرية انتقال الأشخاص والسلع والرساميل وغياب القيود على الاستثمار الأجنبي في ظل نظام ضريبي معتدل سواء على الدخل أو على أرباح الشركات، وقانون فريد في العالم للسرية المصرفية. كذلك لدى لبنان الكثير من الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاعات السياحة والعقار والمال والمصارف والصناعة والتصنيع الزراعي والصناعات ذات القيمة المضافة. كما نأمل عودة الزخم إلى مقومات النمو من خلال برنامج وطني طموح لإعادة بناء وتحديث البنى التحتية بالشراكة مع القطاع الخاص، وإقرار المراحل الإجرائية والتطبيقية لقانون التنقيب عن النفط والغاز في عمق المياه الإقليمية".

وأكد أن "القطاع المصرفي يشكل أحد أهم مكامن القوة في الاقتصاد الوطني وخط الدفاع الحصين بمواجهة المصاعب والأزمات التي يتعرض لها، وهو العنصر الأهم في دورة الإنتاج والنمو، وفي دعم المستثمر المحلي والوافد بما يزخر به من إمكانات وطاقات متنامية بنيوية ومالية وبشرية. ومكمن هذا الموقع وهذه القوة أن القطاع سليم وكفؤ، ويلتزم، بشكل صارم ودقيق، بأرقى المعايير والمواصفات الدولية الرقابية والمحاسبية. والقطاع المصرفي أيضا هو أحد أهم الجسور للتمدد الاقتصادي الخارجي، على خطوط الرساميل والاستثمارات والائتمان والتمويل والانتشار. فمؤسساتنا المصرفية تعمل في أكثر من 32 بلدا و95 مدينة في العالم ، وتؤمن خدمات شاملة ومتنوعة لشريحة واسعة من العملاء المقيمين وغير المقيمين بحيث بات يدير موجودات تفوق 3 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. والبارز خلال الأزمة المالية الدولية، وخلافا لمعظم الاتجاهات والمؤشرات العالمية، إن القطاع المصرفي اللبناني أظهر مناعة لافتة إزاء الخضات المالية. واليوم ، فيما العالم أجمع لا يزال يعاني ارتدادات ومضاعفات تلك الأزمة البالغة التعقيد والترابط، يشهد القطاع المصرفي في لبنان مزيدا من النمو مسجلا نسبا عالية في السيولة والملاءة والربحية، مما يؤكد مرونة نظامنا المصرفي وقدرته على التكيف مع الأحداث غير المؤاتية، الداخلية منها أو الخارجية".

عيتاني
من جانبه، اعتبر رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "ايدال" نبيل عيتاني أن انعقاد ملتقى لبنان الاقتصادي "ينبثق من الحاجة المتزايدة الى مواكبة التطورات في الدول العربية وجبه التحديات الناتجة منها. فمن الأزمة المالية العالمية التي تنذر بانكماش اقتصادي كبير، إلى انعكاسات الأزمات السياسية المتتالية في المنطقة، تواجه الدول العربية برمتها تحديات كبرى ومتغيرات بدأت انعكاساتها تظهر على المناخ الاستثماري العام. وقد أثارت هذه المتغيرات الكثير من التساؤلات والهواجس. وما المواضيع التي يطرحها هذا المؤتمر من متغيرات عربية وتأثيرها على مناخ الأعمال والاستثمار في المنطقة وآفاق الاقتصاد اللبناني ومناخ الاستثمار في لبنان، إلا خير دليل على الهواجس المطروحة".

وقال: "لا شك في أن لهذا الوضع السائد انعكاساته على اقتصادات دول المنطقة ومنها لبنان. ونتيجة لتأثر لبنان بالأزمات السياسية والتطورات في المنطقة، سجل تراجع لمعظم المؤشرات الاقتصادية. فلبنان لم يكن في منأى عن هذه التطورات الإقليمية التي أصابته بالتباطؤ وضعف النمو، ولكن ليس بالركود الاقتصادي. وتشير معظم التقارير إلى الانكماش في نسبة النمو للعام 2011، والذي من المتوقع أن يكون في حدود 2 في المئة، بعد نمو قوي على مدى 4 سنوات متتالية".

وأضاف: "هذه المؤشرات قابلتها مؤشرات أخرى إيجابية. فلبنان الذي حافظ خلال السنوات الماضية على عوامل الاستقرار، وحقق نموا إيجابيا، حل في المرتبة الرابعة بين 18 دولة عربية في العام 2010، بالنسبة إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إليه. كذلك ارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 7 في المئة منذ مطلع السنة وحتى آب 2011. كما ارتفعت الودائع بالعملة اللبنانية بنسبة 2 في المئة، وبالعملة الأجنبية 16 في المئة".

ولفت عيتاني إلى أن "الحكومات المتعاقبة في لبنان تسعى بشكل متزايد إلى تسهيل تدفق الاستثمارات وتوفير المناخ المناسب للمستثمرين. كما تسعى إلى تعديل العديد من التشريعات التي من شأنها زيادة جاذبية بيئة الأعمال وتقديم برامج ورؤى تعالج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وتواكب التطورات والمتغيرات وتصبو إلى المحافظة على نسب النمو الاقتصادي المحققة. ولا شك في أن العمل الجاري مع اللجنة الوزارية المكلفة تعديل قانون تشجيع الاستثمارات في لبنان يندرج في هذا الإطار. والهدف هو بالطبع تعجيل الخطى نحو التماشي مع متطلبات المرحلة الجديدة وزيادة عوامل الاستقرار وتعزيز جاذبية المناخ الاستثماري في لبنان".

وختم: "إن تحدثنا بلغة الأرقام، فإن المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان وفرت المساندة وقدمت الحوافز والتسهيلات لـ44 مشروعا بلغت قيمتها 1,6 مليار دولار أميركي توزعت على القطاعات المختلفة. ونتج من هذه المشاريع فرص عمل تزيد على ستة آلاف. ولطالما وقفت المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان إلى جانب المستثمرين الشباب ووفرت لهم المساندة في كل الخطوات التي كانوا يقومون بها. وهي تجدد التزامها دعمهم لما يتمتعون به من روح المبادرة والقدرة على الابتكار، وما لذلك من أثر على التنمية الاقتصادية والإنتاجية وزيادة القدرة التنافسية".

شقير
وقال رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير في كلمته: "يختلف اللبنانيون على الكثير من الأمور، لكنهم يلتقون على ضرورة حماية الاقتصاد الوطني وإبعاده عن أجواء التوتر السياسية. ونلتقي اليوم فيما تشهد المنطقة العربية تحولات تاريخية ومفصلية، كما يشهد العالم برمته تحديات اقتصادية واجتماعية ستحدد مسار الدول والمنظمات الدولية والتحالفات الاقتصادية والسياسية ربما طوال القرن الحالي، والدول الصناعية والنامية تقوم بمراجعة شاملة لسياساتها الاقتصادية وتعيد النظر بكل النظم الاقتصادية والمالية التي حكمت العالم لأكثر من قرن".

وتساءل: "أين لبنان من هذه التحولات التاريخية؟ وهل هناك تصور واضح ليس فقط للدولة إنما أيضا للقطاع الخاص يضمن للبنان دورا اقتصاديا في النظام الاقتصادي العالمي الجديد؟ صحيح أن لبنان تجاوز الأزمة المالية العالمية في بدايتها واستطاع أن يحد من سلبيات الركود العالمي، لكن استمرار هذه الأزمة التي تأخذ أوجها مختلفة، يحتم علينا أن ندرس بعمق إمكان أن يكون لها انعكاسات سلبية على اقتصادنا. لقد تجاوز لبنان الصدمة الأولى بسبب وجود دعائم سليمة للاقتصاد أهمها قطاع خاص فعال وحيوي ونظام مصرفي متطور وغير متهور. لكن طول الأزمة، إضافة إلى التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، تستوجب أن نعيد النظر بكثير من النظريات السائدة والمعتمدة وأن نبتكر أساليب جديدة تضمن للبنان مواكبة التطورات والاستفادة منها".

وتابع شقير: "إن الاقتصاد اللبناني يواجه تحديات على جميع المستويات، القريبة والمتوسطة والبعيدة المدى. لم يعد خافيا على أحد أن الاقتصاد يشهد تباطؤا في النمو، وجميع المؤشرات تدل على تراجع النمو هذا العام بعد سنوات من تسجيل معدلات مرتفعة. وهذا دليل واضح على أن لبنان لم يكن بمنأى عن التطورات التي تشهدها المنطقة. وعلى رغم المؤشرات غير المشجعة، هناك إشارات تؤكد أن الوضع الاقتصادي ليس قاتما ويمكن لبنان أن يستكمل مسيرة الازدهار والنمو. إن فترة الأعياد الأخيرة برهنت على قدرة لبنان على اجتذاب السياح العرب، الذين يستغلون وجودهم السياحي في لبنان ليرصدوا فرص الاستثمار".

وأكد أن "القطاعات والدعائم الأساسية للاقتصاد ما زالت صامدة، وتحديدا قطاع المصارف وقطاع الإعمار والعقارات، لكننا بحاجة أكثر من أي وقت الى جذب رؤوس أموال والشروع في الإنفاق الاستثماري من الدولة من أجل توفير فرص عمل جديدة، وهي السبيل الوحيد لتحقيق النمو. إن مشكلة خدمة الدين العام الذي يستمر بالارتفاع هي أم المشاكل الاقتصادية في لبنان، وحتى هذا اليوم لم نشهد أي خطة جدية من الدولة لوضع حد لهذه المشكلة المزمنة. ما زال الدين العام مادة للسجال السياسي ولم ينتقل إلى غرف المناقشة لمعالجته من الاختصاصيين من أجل وضع حد لانتشار هذا المرض الذي يضرب الاقتصاد الوطني منذ عقود".

وختم: "إن التطورات تسير بوتيرة أسرع بكثير من تجاوب لبنان معها، ولا أحد يريد أن ينشأ اقتصاد إقليمي جديد ولبنان فيه مهمش نتيجة تلهيه بجدل عقيم أهدافه سياسية، وأسلوبه كيدي ونتائجه تعطيلية. وأود أن أؤكد مرة جديدة أن الاستقرار الأمني والسياسي يلعبان دورا كبيرا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهذا لا يستلزم استثمارا ماديا ولا إنفاقا من الخزينة ولا زيادة ضرائب، إنما يتطلب تحكيم الضمير الوطني والترفع عن المزايدات والتشنجات السياسية".

أبو زكي
وكان الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبو زكي استهل الاحتفال بالقول: "لا يمكن أن ننظر إلى اقتصاد لبنان إلا في إطاره العربي، بل والدولي، فهو اقتصاد مفتوح ومكشوف على الخارج، يتأثر بكل ما يحصل، ولا سيما في بلدان الخليج والشرق العربي وفي بلدان الاغتراب كافة. وعليه، فإن هذا الملتقى ذو شقين، الأول يتناول شؤون لبنان والثاني الأحداث والمتغيرات العربية وانعكاساتها على البلدان المعنية مباشرة وغير المعنية بصورة غير مباشرة. ويتضمن البرنامج متحدثين من مصر وليبيا والعراق والأردن وبلدان الخليج واليونان. فهو إذا منبر لبناني لاستشراف الوضع العربي والإقليمي في ضوء التطورات، وفي ظل مخاض الربيع العربي مع كل ما يرافق ذلك من صعوبات ومخاطر".

وأضاف: "إن الربيع العربي الذي نشهد مخاض ولادته لا بد أن يؤدي إلى مرحلة جديدة ومناخ جديد قوامه الحرية والديموقراطية والعدالة وسيادة القانون واحترام تطبيقه. هذا ما تسعى إليه شعوب بلدان هذا الربيع وغيرها من الشعوب. وبالتأكيد فإن ذلك سيكون النتيجة النهائية المثلى والمرجوة للتحولات الجارية.
ونعرف جميعا أن الأحداث لم تتم فصولا بعد لا ميدانيا ولا أمنيا ولا سياسيا ولا اقتصاديا بالطبع. وما يزيد الأمور تعقيدا هو أن الأحداث العربية تجري فيما تشهد الأسواق الدولية تطورات دراماتيكية، ولا سيما في بلدان الاتحاد الأوروبي. من هنا أهمية التلاقي العربي على كل المستويات، فالمرحلة العربية-الإقليمية-الدولية دقيقة وحساسة وتحمل الكثير من التحديات والمخاطر، وبالتالي تستوجب الكثير من الحنكة والحكمة واليقظة والتعاون لمواجهتها والإفادة من متغيراتها. فكلنا في قلب العاصفة، ولعل أهم ما هو مطلوب في هذه المرحلة أن يكون لدينا رؤى واضحة وأن نعتمد الأساليب الديموقراطية لتحقيق الأهداف المنشودة. فتجربة لبنان القاسية تؤكد للجميع أن أحدا لا يستطيع أن يلغي أحدا وأن مكونات المجتمع مستمرة، وليس أمامها سوى التفاعل والتناغم في إطار العيش الواحد والمصير الواحد".

وأشار إلى أن "الاقتصاد اللبناني، رغم مناعته المشهودة، لم يكن بمنأى هذه السنة عن سلبيات الأوضاع العربية المضطربة والتي زاد من وقعها التشنجات السياسية الداخلية. فكان التباطؤ النسبي نتيجة لها بعد مرحلة نمو واعدة. لكن المؤشرات الاقتصادية لا تزال مقبولة وتشجع على توقع تحسن تدريجي، وخصوصا بالاعتماد على حيوية القطاع الخاص اللبناني وروح المبادرة القوية لديه. وهناك تطلع أكيد نحو مستقبل نفطي محتمل للبنان، مع ما قد يأتي به من بحبوحة وحلول لوضع المالية العامة ورفاهية اجتماعية في المدى المتوسط. لكن التحديات الآنية كثيرة ولا بد من التصدي لها بشجاعة وبمنطلقات سياسية جامعة".

وأشاد أبو زكي بصناعة المؤتمرات والمعارض في لبنان "والتي يمكن أن تصبح نشاطا أكثر أهمية لولا افتقاد لبنان البنية التحتية"، موجها نداء الى ميقاتي: "نحن في حاجة ماسة إلى مركز عصري للمؤتمرات والمعارض يا دولة الرئيس. وكما تعلم فإن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان أول من استشعر مثل هذه الحاجة وأول من حاول إقامة مشروع متكامل اصطدم بالتجاذبات السياسية، فأصبحت أكلافه أضعافا مضاعفة. ونحن على ثقة بأن دولة الرئيس نجيب ميقاتي الذي عايش تلك المراحل ويدرك أهمية خلق بنية تحتية للمؤتمرات والمعارض، سيبادر إلى عمل شيء في هذا المجال، إذا أتاحت له الظروف والتجاذبات السياسية. كما سيبذل كل ما في استطاعته، وبما لديه من حكمة ودراية، لمواجهة التحديات، وما أكثرها".

وفي الختام أشار أبو زكي إلى أن "مجموعة الاقتصاد والأعمال" ستنظم مؤتمرا في ليبيا أواخر كانون الثاني المقبل بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف الليبية.

تكريم الزعتري
وجريا على عادتها في كل مؤتمراتها، كرمت "مجموعة الاقتصاد والأعمال" الرئيس السابق لغرفة صيدا والجنوب محمد الزعتري الذي أمضي 42 عاما في رئاسة الغرفة حقق خلالها إنجازات إنمائية واقتصادية على مستوى الجنوب ولبنان. وقدم له الجائزة الرئيس ميقاتي

  • شارك الخبر