hit counter script
شريط الأحداث

ندوة "الوضع السوري بعد المبادرة العربية" في مركز عصام فارس

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 13:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

حضرت الأزمة في سوريا وامتداداتها العربية والدولية في ندوة نظمها مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية عن "الوضع السوري بعد المبادرة العربية"، والتي جمعت منسق اللجان والروابط الشعبية معن بشور والدكتور توفيق هندي والكاتب في صحيفة "السفير" سامي كليب، وحضرها الوزير السابق بهيج طبارة وحشد من المهتمين اللبنانيين والسوريين.

بداية كانت كلمة لمدير المركز السفير عبدالله بوحبيب الذي قال إنَّ المبادرة العربية كان يُؤمَل منها أن تأخذ الوقت اللازم لتطبيقها وتسهمَ في إيجاد مخارج لحالِ عدمِ الإستقرار السياسي والأمني، لكن الخطوات التي أعقبت المبادرة وتعليق عضوية سوريا في الجامعة بدت وكأنها تعكسُ سعياً من المجتمع العربي والدولي لإسقاط النظام السوري بأيّ ثمن، في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات لتدخلٍ عسكريٍّ دوليٍ.

الكاتب في صحيفة "السفير" سامي كليب أكد أن ما يحصل في سوريا هو أبعد من المطالبة بالإصلاح والحرية بل يتشابك مع مصالح خارجية واضحة، مشيراً إلى أن سوريا ليست مصر أو ليبيا أو تونس لأنها منخرطة في محور يبدأ في إيران والعراق ويمتد إلى لبنان. ورأى أن هناك احتمالات ثلاثة بالنسبة للوضع السوري، أولها إطالة الأزمة مع ما يستتبع ذلك من ارتفاع حدة العمليات الأمنية وازدياد الضغط الإقتصادي على النظام، وثانيها نشوب حرب إقليمية لكنها مستبعدة بسبب عدم القدرة على شن حرب طويلة قاسية، وثالثها الصفقة الإقليمية التي اعتبر كليب أن أوانها لم يحن بعد في المنطقة.
وقال إن النظام لا يمكن أن يستمر كما كان وهو سيتغير حتماً إما بالقوة وإما بإصلاحه داخلياً وبتسوية بين السلطة والمعارضة، مؤكداً أنه بعد ازدياد حدة الأزمة في سوريا من الصعب تصور إيجاد حل ما لا يشارك فيه الخارج. وأضاف أن على السلطة أن تقوم بمبادرة وطنية كبيرة كاشفاً أن هناك اتجاهاً لدى السلطة في سوريا للبدء في تغييرات سياسية كبيرة وعقد مؤتمرٍ جدي للحوار الوطني. ولفت إلى ان النظام السوري يعرف أن المبادرة العربية وُضعت ليتم إفشالها، وقد قبل بها النظام ليقول للروس أنه يقبل بمبادرات المصالحة.
وقال كليب إنه يجزم بأن هناك إرهابيين وعناصر من تنظيم "القاعدة" تشارك في العمليات المسلحة، لأن عمليات الذبح والفظائع التي حصلت لا يمكن يقوم بها إلا من كان له سوابق في ذلك، لافتاً إلى حدوث اقتتال مذهبي في حمص وريفها وعمليات ذبح على الهوية. وعن البعد الخارجي في الأزمة قال إنه ممنوع عربياً على النظام السوري أن يتنفس خاصةً بعد أن سيطر على الوضع الامني باستثناء حمص، ولذلك ستستمر محاولات توحيد المعارضة والتدخل الدولي الذي أطل بقوة بعد سقوط معمر القذافي، مما يدفع الأمور في اتجاه التأزم. وأضاف أن الأزمة السورية ترتبط بعداء بعض الانظمة العربية لإيران وبالمحاولات الدولية لمنعها من الحصول على السلاح النووي، مستشهداً بمقال لصحيفة "الغارديان" البريطانية ينقل عن الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز قوله إن لا بد من إسقاط نظام الأسد لهز النظام الإيراني. واشار إلى أحاديث عن أن امير قطر قال لمسؤول لبناني "إننا فعلنا المستحيل لتطويق إيران لكننا لم نستطع". واعتبر أنه من المضحك أن تطالب أنظمة سلطوية سوريا بتطبيق الديموقراطية وعدم التعرض للمتظاهرين.

وعن تشابك الأسباب الداخلية والخارجية للأزمة السورية لفت كليب إلى تنامي مشاعر النقمة لدى المهمشين في الأرياف وإلى فشل الإصلاح الإقتصادي وما أدى إليه من مصاعب، مضيفاً أن الشعور بالتهميش لدى قسم كبير من السوريين وجد متنفساً له في الثورات والإنتفاضات العربية وتلقفته القوى الخارجية. وأشار إلى أن الأزمة السورية تزامنت مع أزمة اقتصادية كبيرة يمرُّ بها الغرب في ظلِّ تصاعد قوة الصين والإقتصاديات الناشئة، فضلاً عن قرب موعد الإنسحاب الأميركي من العراق والعلاقات المضطربة بين الولايات المتحدة وباكستان وافغانستان ومحاولات واشنطن تعويم حركة طالبان لضبط الوضع في ذلك البلد.

من جهته، توقّع الدكتور توفيق هندي أن يفتح قرار جامعة الدول العربية الأخير الباب أمام زيادة الضغط العربي والتركي والدولي على سوريا، وسيترافق مع تصعيد الثورة السورية على النظام، مما سيؤدي في غضون أشهر قليلة، إلى تصدع بنى النظام وإلى إنهياره المحتم. ورأى هندي أن النظام السوري يشتري الوقت ويحلم بحدوث تطورات أو صفقات غير منظورة تخرجه من ورطته، مستبعداً إمكانية حدوث هكذا أمر ومعتبراً أن الوقت قد فات وأن سقوطه محتَّم. والسؤال هو كيف ومتى؟
وتحدّث هندي عن خطة عربية – تركية - دولية موضوعة لمعالجة الوضع السوري عبر سلسلة خطوات كان أولها المبادرة العربية وما تبعها من قرارات، وثانيها البدء بعقوبات إقتصادية وعزلة سياسية عربية وتركية وغربية للنظام، وثالثها إقامة منطقة عازلة، وصولاً إلى اتخاذ قرارات في مجلس الامن، مما سيؤدي إلى انهيار مفاجئ للنظام. واعتبر أن هذه الضغوط ستواكب تنظيم وتوحيد المعارضة السورية ووضع البرامج والخطط للمرحلة الإنتقالية بعد سقوط النظام، لتجنب الفوضى.
واعتبر هندي أن أكبر خطأ يرتكبه البطاركة المسيحيون في سوريا واشار إلى زيارة بطريرك روسيا ومواقف البطريرك الماروني يف لبنان، وذلك بدفعهم الطوائف المسيحية الى الالتصاق بنظام متهاوٍ مما يمكن أن يؤدي الى مصاعب في وجه المسيحيين اذا استمروا في مواجهة الغالبية السُّنية، مشيراً إلى ان الاسلاميين ليسوا حزباً واحداً وهناك تنوع في صفوفهم. وابدى عدم خوفه على لبنان في حال سقط النظام معتبراً أن حزب الله سيتصرف بعقلانية ويتكيّف مع الوضع الجديد
وقال إنه لا يرى حلاً عسكريّاً في الأفق أو حرباً طائفيّة، بل إمكانية مناوشات عسكرية وبعض الأحداث الطائفية الهامشية كما يحصل اليوم، لافتاً إلى أن الكلام عن حرب طائفية يدخل ضمن إطار الحرب النفسية التي يمارسها النظام بهدف الإمساك بالأقليات. واستبعد أيضاً إمكان تقسيم سوريا، معيداً السبب إلى أن ليس للطائفة العلوية الرغبة والقدرة على السير بهكذا مشروع ولا يقبل به أيضاً المجتمع الدولي أو العربي أو تركيا.

ورأى هندي أن تمادي النظام السوري بالقمع أفقده المصداقية والمشروعية لقيادة عملية التغيير الديموقراطي بنفسه، قائلاً إنه ليس أمامه سوى التحاور مع المعارضة من أجل برمجة تسليم السلطة، وقال إن أي عاقل يدرك أن هذا الخيار لا يمكن أن يقبل به النظام لأنه مناقض لطبيعته. وأشار إلى أن النظام يستدرج أكثر فأكثر كل أنواع "التدخلات الخارجية، ذاكراً أن مأزقه نابع من طبيعته السلطوية التي تحتم عليه الحل الأمني الذي لا نتيجة له سوى تصعيد وتيرة الثورة، وهو يدرك أنه في اللحظة التي يتخلى بها عن هذا الحل، سوف تعم المسيرات المليونية كافة مناطق ومدن سوريا. وأضاف أنه في المقابل، تدرك المعارضة أنه في اللحظة التي توقف بها تحركها، يعلن النظام إمساكه بالوضع ويدعو الخارج إلى التعامل معه على أساس أنه ممسك تماماً بسوريا وأن حركة التمرد قد إنتهت.

منسق اللجان والروابط الشعبية معن بشور رأى أنَّ الحراك الرسمي العربي جاء محمولاً على ذراعي التحريض الغربي – الأميركي ليقطف ثمار الإنزلاقات التي دُفع اليها الحراك الشعبي، مما جعل المعارضات الداخلية تتراجع أمام المعارضات الخارجية. وقال إن المبادرة العربية التي انطلقت اساساً من مجلس التعاون الخليجي هي تعبير عن هذا الحراك الرسمي الذي يتم تشجيعه وتحريضه من قبل جهات إقليمية ودولية، وذلك كما برز في التصريحات والمواقف الأميركية. وأكد أن المبادرة العربية التي توسم فيها الكثيرون حلاً عربياً ستتحول إلى مأزق جديد، مشيراً إلى ان الدول التي تقف وراء هذه المبادرة قدمت نفسها كوسيط متوازن لكنها باتت طرفاً جديداً في الأزمة. ورأى ان الحراك الرسمي العربي سيتحول مع محركيه الى صراع اقليمي ودولي شرس بين خطين أحدهما منهك كما هو حال تل ابيب وواشنطن والإتحاد الأوروبي، والآخر صاعد تمثله موسكو وبكين وطهران، مضيفاً ان المواقف الرسمية العربية قد تتحول الى اطار للتهيئة لخوض حرب بديلة عن تلك التي تعدها اسرائيل ضد ايران. وذكّر بأن موقف الولايات المتحدة من النظام السوري يعود الى عام 2003 حين رفض بشار الاسد مطالب وزير الخارجية الاميركي في حينه كولن باول بوقف الدعم لحركات المقاومة ضد اسرائيل من جهة والحركات التي تقاتل الجيش الاميركي في العراق. ولفت إلى التركيز على الوضع السوري وتجاهل وضع بلدان اخرى تشهد حراكاً، وسأل: إذا كانت الغاية من المبادرة وقف حمام الدم فعلاً فلماذا تجاهل القائمون عليها وضع آليات لتنفيذها خاصة بعد موافقة دمشق في اجتماع الدوحة والقاهرة عليها؟

وأكَّد بشور رفض تصوير الحراك الشعبي العربي على أنه نتاج مؤامرة "أميركية – صهيونية" تسعى الى تفتيت العالم العربي، معتبراً أن هذا الحراك هو رد طبيعي على الإستبداد والفساد والتبعية. واشار الى انه يرفض في المقابل تجاهل خصوصيات كل بلد عربي والتدخلات الأجنبية. وقال إن الإدارة السورية انزلقت في تعاملها مع الإحتجاجات إلى تغليب الطابع الأمني على الطابع السياسي وتجاهلت البعد الداخلي للأزمة، لكنه لفت إلى أن إدارة الحراك الشعبي انزلقت أيضاً إلى "العسكرة" وما تجره من مخاطر على الوحدة المجتمعية، وإلى التدخل الخارجي الذي كانت سيناريوهاته الاقليمية والدولية تتراجع بحسب مقتضيات الصراع داخل سوريا.
ودعا بشور القيادة السورية الى اتخاذ مبادرات اصلاحية سياسية سريعة للحيلولة ضد الإحتمالات الكارثية، وإجراء مشاورات مفتوحة لتشكيل حكومة اتحاد وطني تهيء لانتخابات حرة لجمعية تأسيسية سورية. وقال إنْ على المعارضة الوطنية السورية الإقدام على خطوات شجاعة تسهم في وقف انزلاق حركة الإحتجاجات السلمية الى العنف والعسكرة والتحريض الطائفي وترفض التدخل الأجنبي، لافتاً إلى ان ظواهر شهدناها في الحرب اللبنانية تحصل اليوم في سوريا. وشدد على أهمية أن تبادر الدول العربية ذات الثقل الحقيقي لا الطارئ الى انتهاج مواقف مستقلة عن التوجه الرسمي الحالي.


مداخلات لمواطنين سوريين
وكانت مداخلة لمواطنة سورية مسيحية لفتت فيها إلى أن السفارات الغربية تحاول إقناع المسيحيين في سوريا بتهجيرهم وتقديم تأشيرات سفر لهم في حال ارادوا الهجرة، وشددت على أن تخوف المسيحيين السوريين ليس تعلقاً بالنظام بل خوفاً من البديل وقالت إن المسيحيات في حمص يضعن الحجاب تخوفاً من الإعتداءات. وذكرت أن محاولات كانت تجري لإقناع قيادات كنسيّة سورية بالإنضمام إلى المعارضة، فكان الجواب الدعوة إلى إلغاء البند الدستوري الذي يقول إن دين رئيس الدولة هو الإسلام، فردّ الوفد الذي كان يحاور القيادات الدينية بلهجة حازمة: "قفوا عند حدكم"!
كذلك كانت مداخلة لمواطن سوري من حمص قال فيها إنه اقرب الى المعارضة وإن السلطة تتحمل مسؤوليات كبيرة، لكن المسلحين سرقوا الحراك الشعبي، مشدداً على وجود عناصر إرهابية غير سورية قامت بعمليات الذبح والفظائع لأن هذه الممارسات دخيلة على المجتمع السوري، مما جعل القضية متعلقة بمصير دولة وشعب لا فقط بنظام خاصة في ظل احتمالات التدخل الخارجي.

  • شارك الخبر