hit counter script

اختتام ورشة عمل لبنانية عربية عن المحكمة الدولية

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 16:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اختتمت الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي ورشة عمل قانونية حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في فندق البستان - بيت مري، حيث جمعت عددا من القضاة والمحامين وأساتذة القانون لبنانيين وعرب واجانب تقدمهم المستشار السابق للامين العام للامم المتحدة نيقولا ميشال، بحضور النواب: مروان حمادة، نبيل دي فريج، أمين وهبة، والنائب السابق صلاح حنين.

وأصدر المشاركون التوصيات الآتية:
1.ضروة احترام لبنان لالتزاماته الدولية والمحافظة على مكانته وتعزيزها في المجتمع الدولي.
2.عدم الإنجرار إلى اتخاذ مواقف غير مسؤولة تفضي إلى انعزال لبنان عن المجتمع الدولي فضلا عن تصدع يلحق بالمجتمع والدولة.
3.ايلاء الاهتمام لكشف الحقيقة عن قضايا انتهاكات حقوق الانسان.
4.ادانة جميع اشكال العنف والارهاب وانتهاكات حقوق الانسان.
5.ترسيخ ثقافة المساءلة والمحاسبة على انتهاكات حقوق الانسان.
6.مكافحة ظاهرة الافلات من العقاب التي استشرت في عالمنا العربي بشكل متفاقم.
7.اعتماد آليات العدالة كافة لأجل حماية حقوق الانسان والتي يأتي على رأسها اقرار حقوق الضحايا والمتضررين.
8.التأكيد على اهمية المحاسبة والمساءلة بوصفهما سبيلاً فعالاً لحفظ الامن والاستقرار.
9.دعوة لبنان وسائر الدول العربية غير المنضمة للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى الإنضمام إليها والسير في ركب العدالة الجنائية الدولية ومواكبتها.
10.تثمين لموقف المسؤولين الذين أكدوا واجب تقيد لبنان بالتزاماته الدولية في ما يتعلق بالمحكمة.
11.تسليط الضوء على الاستحداثات القانونية التي تميزت بها المحكمة الخاصة بلبنان عن سائر المحاكم الجنائية الدولية الخاصة والمختلطة والدائمة، وعلى وجه الخصوص ريادة وسبق المحكمة في تحديد وتعريف جريمة الإرهاب في القانون الدولي الجنائي، وإنشاء مكتب دفاع مواز لمكتب المدعي العام، فضلاً عن إمكانية المحاكمة الغيابية.

الجلسة الرابعة

وافتتح الجلسة الرابعة من اليوم الثاني أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق في جامعة جنيف ومعهد الدراسات العليا الدولية والتنموية في جنيف نيكولا ميشال الذي تطرق إلى موضوع المحكمة الخاصة بلبنان: مساهمة من لبنان من أجل الحقيقة والعدالة والسلام، وتحدث عن اول مساهمة لدولة عربية في العدالة الجنائية الدولية وبإرادة ورغبة من الحكومة اللبنانية، وذلك مساهمة لبنانية من اجل كشف الحقيقة وإرساء العدالة وحفظ السلم والأمن الدوليين، حيث أشاد ، في البداية، إلى جهود الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي، كما أشاد برجالات لبنان وأحراره والمناضلين لأجل العدالة والسلم والأمن في هذا البلد.
وأشار إلى تكليفه بصياغة النظام الأساسي للمحكمة وتأكيد الامين العام له على ضرورة أن يعكس ذلك النظام الأساسي للمحكمة الاستقلالية والحيادية والنزاهة والبعد عن أية تجاذبات سياسية أو طائفية في السياق اللبناني الداخلي.

وسرد السياق التاريخي لطلب لبنان من الأمم المتحدة إرسال لجنة لتقصي الحقائق حول الحادث الخطير الذي اغتال الشهيد رفيق الحريري ومرافقيه في 14 شباط 2005، وتطورت الأمور والأعمال الإرهابية والتي لم تتوقف حتى انتهى الأمر إلى طلب الحكومة اللبنانية من الأمم المتحدة إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان.
وأشار إلى جلسات الحوار الوطني التي أكدت بكل توجهاتها، على دعم وتأييد إنشاء المحكمة ولم تكن هناك ثمة إشارة أو بادرة للاعتراض على قيام المحكمة.
وأثنى على شجاعة وجسارة القضاة اللبنانيين المشاركين في المحكمة الخاصة بلبنان، وذلك باعتباره كان أحد أعضاء اللجنة الثلاثية التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة لاختيار القضاة اللبنانيين المرشحين من السلطات اللبنانية.
ولفت نيكولا ميشال إلى الطابع الهجين للمحكمة وتماثلها مع نموذج المحكمة الخاصة بسيراليون. وأكد أن المحكمة تحترم سيادة الدولة اللبنانية، موضحا أن السيادة وإن كانت تعني الاستقلال عن الخارج، إلا أنها ليست مطلقة، فالسيادة مقيدة بحكم القانون ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان داخل الدول، فأصبحت هنا السيادة مقيدة لا مطلقة.
إذن، الأسرة الدولية ستتدخل في حال امتناع الدولة عن الوفاء بواجباتها الدولية وانعدام إرادتها في احترام حقوق مواطنيها، وهنا يصبح التدخل الدولي عاكسا لمفهوم الشمولية التضامنية المشتركة.
وتطرق إلى مسألة مهمة، بل خطيرة، وهي أن من يعرف الحقيقة عليه واجب قانوني وهو المساهمة في كشف هذه الحقيقة، وأن الحقيقة تسهم في إرساء العدالة وصبر ضحايا الحادث وغيره من اعتداءات ودوامة العنف، فالعدالة هنا ضرورة لكسر دوامة العنف، جازما بأن العدالة يجب أن تكون مستقلة ، محايدة ونزيهة.

الجلسة الخامسة

أما الجلسة الخامسة فتمحورت عن تمويل المحكمة والنتائج القانونية المترتبة عن التخلف عن التمويل وأدارها نقيب المحامين السابق ميشال ليان.

وتحدث في الجلسة أستاذ القانون الدولي وعميد كلية الحقوق في جامعة الجزائر الدكتور مانع جمال عبد الناصر، فقال: "عقب تولي الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة رئيس الوزراء ميقاتي زمام الأمور في لبنان وانتقال ائتلاف الحكومة الجديدة من موقع المعارضة إلى موقع السلطة، ثار التساؤل المهم ما موقف الحكومة من المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهل سيلتزم لبنان بإجراءات المحكمة وكذلك بتمويلها، من هنا تبرز أهمية هذه الورقة في ظل الإشكالية المطروحة وهي هل يشكل عدم الالتزام بتلك الاستحقاقات عملا قانونيا مقبولا أم يمثل خرقا لاتفاقيات وقعت عليها لبنان، وما أثر ذلك على الوضع اللبناني؟ والتخوف من معاقبة لبنان إن لم يلتزم بتلك الاستحقاقات خاصة في ظل تهديد الدول الكبرى، ومن جهة ثانية موقف القانون الدولي من رفض لبنان الالتزام الدولي الذي وقعه مع الأمم المتحدة، وإلى أي مدى سيؤدي عدم التزام الدولة اللبنانية باستحقاق التمويل بعمل المحكمة وإجراءاتها ككل على لبنان والمحكمة نفسها؟".
أضاف: "لما كانت المحكمة ليست هيئة من هيئات الأمم المتحدة، فلا يحق لها التمتع بالامتيازات والحصانات التي تنص عليها اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها لعام 1946. ولكي تتمتع المحكمة الخاصة، ومبانيها وأموالها، ومحفوظاتها، وجميع أعضاء المحكمة بامتيازات وحصانات مماثلة، يتعين أن ينص الاتفاق المبرم بين الأمم المتحدة وحكومة لبنان، وكذلك اتفاق المقر الذي أُبرم بين الأمم المتحدة وحكومة لبنان والدولة المضيفة، على الامتيازات والحصانات الضرورية (حدد لاحقا مقر المحكمة في لاهاي )".
وأوضح أن الاتفاق بين الأمم المتحدة وحكومة لبنان استند، في معظمه، إلى الاتفاقين الموقعين بين الأمم المتحدة وحكومتي سيراليون وكمبوديا، بيد أن الأحكام المتعلقة بموقع المقر وآلية التمويل هي أحكام محددة للبنان خصيصا.
وعرض المواقف المختلفة للدول والأطراف اللبنانية حول تمويل المحكمة، وذكّر بأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون شدد على "الدعم الثابت" للمحكمة وفصل بين هذا الدعم "كمبدأ" وبين البيانات والمواقف "السياسية" لـ "دول مجاورة" للبنان أو لأطراف لبنانيين ،وتعهد بان كي مون "بالسعي لضمان استمرار" قيام المحكمة بعملها.
وفي ضوء الآراء المختلفة والمتباينة ، أكد أن التزام لبنان بتمويل المحكمة بناء على اتفاق بين حكومة لبنان والأمم المتحدة،التزاما دوليا تجاه لبنان وأن إخلال لبنان بالالتزام بدفع نصيبها يمثل إخلالا دوليا بالاتفاق الموقع وهذا الأمر قد يسيء إلى سمعة لبنان، وقد يرتب مساءلة دولية، خاصة إذا تعلق الأمر برفض المحكمة من خلال رفض التمويل.

واعتبر أن "إخلال لبنان بعدم الالتزام بدفع الاستحقاق المالي المنصوص عليه في الاتفاقية الموقعة بين لبنان والأمم المتحدة لايعني المساس بإجراءات المحكمة ككل ولا يعني إلغاء لها".
وقال: "حسب الاتفاق بين لبنان والأمم المتحدة فانه بالإمكان البحث عن مصدر تمويل آخر يغطي نصيب لبنان من الالتزام بدفع نصيبه في تمويل المحكمة، إذأن الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والأمانة العامة للأمم المتحدة حدد مخرجا لعدم كفاية التمويل هو استكشاف وسائل بديلة للتمويل ولم ينص على فرض عقوبات أوإجراءات أخرى".

واردف عبد الناصر: "يمكن للبنان تقديم طلب إلى الأمم المتحدة بغرض النظر في إمكانية إعفاء لبنان من الدفع المالي بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه لبنان خاصة إذا عرفنا أن ديون لبنان تجاوزت 52 مليار دولار، وأن لبنان يعتمد بشكل أو بآخر على المساعدات المالية الدولية".
وإذ جزم بأن تخلف لبنان عن دفع التزاماته المالية تجاه المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري سيشوه سمعته بوصفه دولة لا تلتزم باتفاقياتها، أكد أن تخلف لبنان قد يرتب عقوبات من مجلس الأمن تجاهه، مضيفا: "إن الظروف الإقليمية الحالية لاسيما ما يحدث في العالم العربي من ثورات وتدخل الدول الكبرى من جهة ثانية قد يفتح مجال لتدخل تلك الدول في لبنان تحت ذريعة رفض لبنان الالتزام بتمويل المحكمة وفقا للاتفاق الذي وقعه".

وأوصى بضرورة قيام لبنان على التأكيد على التزامه بإجراءات المحكمة، والطلب من الأمم المتحدة بإعفاء لبنان من دفع مساهمته في مالية المحكمة نظرا للوضع المالي الصعب الذي يعيشه لبنان.

وشدد على ضرورة السعي إلى تعديل الاتفاق مع الأمم المتحدة خاصة في ما يتعلق بتمويل المحكمة سواء تعلق الأمر بإعفاء لبنان أو تخفيض مساهمته، خاتما بالقول: "إذا لم يتم إعفاء لبنان أو تعديل الاتفاق والبروتوكول الملحق بما يخفض التزامات لبنان في تمويل المحكمة فان على الدولة اللبنانية أن تلتزم بالاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة وتدفع حصتها في تمويل المحكمة تجنبا لأي إجراءات أو عقوبات قد تسلط عليها".

بدوره رأى النائب السابق المحامي صلاح حنين ان المسؤولية في تمويل المحكمة الدولية مترابطة مع نشوء هذه المحكمة. فعندما أقر نشوء المحكمة، أقر بالتلازم تمويلها بشكل لا يقبل الجدل أو النقاش.
وقال: "كان المطلوب ان تنشأ المحكمة الدولية بإرادتين: إرادة دولية وإرادة لبنانية، كما جاء في الكتاب الموجه من رئيس الحكومة اللبناني إلى أمين عام الأمم المتحدة في 13 كانون الأول سنة 2005 . فكانت النية آنذاك ان يبقى للبنان هامش ما للتعاطي بموضوع إنشاء المحكمة، وعلى هذا الأساس تمت المفاوضات بين المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية لفترة تسعة أشهر بغية أن يصدر عن الطرفين مستند يعتمدانه كنص معاهدة".
وتابع: "بعدما توصل الطرفان إلى إعداد نص المعاهدة، وقعته الحكومة اللبنانية في 23 كانون الثاني 2007، وكان من المفترض ان تحيل الحكومة اللبنانية نص المعاهدة المتفق عليه الى المجلس النيابي اللبناني لكي يقر هذا الأخير المعاهدة بموجب قانون".

وذكر بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري اقفل، في ذاك الحين، المجلس النيابي وأصبح من المستحيل إحالة نص المعاهدة الى المجلس النيابي الذي كانت الأكثرية فيه مع التصويت على النص، وبفعله هذا، أخرج الرئيس بري الإرادة اللبنانية عن قرار إنشاء المحكمة الدولية وألغى كليا هامش التعاطي الذي كان من الممكن ان يتوفر للبنان من خلال المعاهدة لو أبصرت النور.
واسترسل: "لتلك الأسباب، أقدم مجلس الأمن على إصدار القرار الدولي رقم 1757 سنة 2007 وذكر فيه الأسباب التي منعت المعاهدة من ان تبصر النور، كما ضم نص المعاهدة التي كان من المفترض ان تنشأ المحكمة الدولية بموجبها الى القرار الدولي 1757، فأصبح هذا النص جزءا لا يتجزأ من القرار الدولي الذي أنشأ المحكمة الدولية".

أضاف: "أما وقد أنشئت المحكمة الدولية بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، فأضحت شرعية وقانونية وفق مقدمة الدستور التي تؤكد ان "لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء. واعتبر ان مبدأ تسلسل القواعد يحتم احترام القرارات الدولية التي تتفوق على غيرها من القواعد".
وجزم بأن "مسؤولية لبنان في تمويل المحكمة الدولية ناجمة عن إلزامية تطبيق القرار الدولي برمته. فهذا القرار، الذي ضم اليه نص المعاهدة التي وقعتها الحكومة اللبنانية والتي لم تبرم في مجلس النواب اللبناني، أكد في البند الخامس فقرة ب من نص المعاهدة المرفق ان لبنان مسؤول عن تمويل 49% من مصاريف المحكمة الدولية".

ولفت إلى ان "القرار الدولي يسمح لامين عام الأمم المتحدة بقبول مساهمات تقدمها بعض الدول للتعويض عن العجز، في حال اعتبر الأمين العام ان مساهمة الحكومة اللبنانية غير كافية لتغطية المصاريف"، مشددا على ان "تقاعس الحكومة عن التمويل لن يوقف عمل المحكمة، بل يعرض المجتمع اللبناني كافة الى النتائج المترتبة عن هذا التقاعس".
وعن النتائج القانونية المترتبة على لبنان اذا تخلف عن مسؤوليته الأكيدة وتقاعس عن التمويل؟ قال : "لمجلس الأمن ان يتخذ الإجراءات اللازمة، غير العسكرية، التي بإمكانها ان تؤدي الى تطبيق قراره، كما لمجلس الأمن ان يطلب من الدول الأعضاء تطبيق تلك الإجراءات التي قد تشمل المقاطعة الجزئية او الكلية للعلاقات الاقتصادية ام قطع المواصلات البرية، البحرية ، الجوية، البريدية، وغيرها من وسائل الاتصال كما قطع العلاقات الدبلوماسية".

ونبه قائلا: "إذا اعتبر مجلس الأمن ان تلك الإجراءات غير كافية او اذا ثبت انها غير ملائمة، بإمكانه ان يتصرف كما يراه مناسبا عبر القوات الجوية، البحرية ام البرية لبعض أعضاء الأمم المتحدة بغية ان يفرض حصارا او يقوم بعمليات أخرى".

وجزم بأن "التخلف عن التمويل لن يعطل عمل المحكمة إنما قد يعطل عمل اللبنانيين، كل اللبنانيين، ويعتبر عبثا بالدستور، وبالتزامات لبنان الدولية، كما بأمن المواطن، واستقرار الوطن، ليس إلا".

وقدم الأستاذ في القانون الدولي في جامعة الأنطونية الدكتور الأب فادي فاضل وأستاذة القانون الدولي في جامعة الأنطونية البروفسورة سينتيا عيد مطالعة قانونية مشتركة تحدثا فيها عن تمويل المحكمة، وخلصا إلى أن تمويل المحاكم الدولية ذات الطابع الدولي شكل إشكالية للدول المساهمة والمجتمع الدولي على السواء. أما المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فتقدم حالة خاصة لما تمثله من كونها محكمة مختلطة تستفيد من المساهمات المادية بنسبة مؤية تتقاسمها الدول المساهمة (51%) والحكومة اللبنانية (49%).
واعتبرا أنه يمكن فهم ميزة هذه المحكمة في إطار طابعها المختلط حيث تجمع ما بين قضاة لبنانيي وأجانب ومدعي عام دولي ونائبه لبناني وتتبع القانون اللبناني إلى جانب القانون الدولي ومبدأ المحاكمات الغيابية بالإضافة إلى ضمانات القانون الدولي الخ، وتاليا: يجب على الحكومة اللبنانية استناداً للقرار الدولي 1757 صرف مساهمتها السنوية من ميزانية المحكمة الدولية البالغ 49%.

وذكرا بأن الفقرة ج من المادة 1 من القرار الدولي تنص على أنه في حال فشلت الحكومة اللبنانية من تقديم مساهمتها طوعيا يدرس الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وسائل بديلة لتوفير التمويل من خلال تبرعات الدول. أما إذا لم تكف مساهمات الدول المانحة، فأجيز للأمين العام وجلس الامن التفتيش عن وسائل بديلة أخرى، مما يعني حصراً في هذه الحالة، على غرار محكمتي كوسوفو وكامبوديا، من المرجح القبول بالمساهمات المالية الخاصة للمحكمة الدولية.

وأبدى الأستاذان في هذا الإطار ثلاث ملاحظات هي:
1.تلحظ الفقرة الخامسة من البروتوكول "حتمية" تعاون السلطات اللبنانية مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتمويلها بصرف النظر عن الغالبية النيابية أو الفريق الحاكم.
2.تلحظ الفقرة 8 من الاتفاق، أنه في حال تعذّر على الحكومة اللبنانية بسبب قوة قاهرة، صرف التزاماتها أمام المحكمة، فإن عدم المساهمة لا تمثل بحد ذاتها خرقاً للالتزامات الدولية ولكن لا بد للحكومة اللبنانية تعليل هذه الظروف القاهرة (على غرار ما حدث في العام 2001 حين أقفل المجلس النيابي ما أعاق المصادقة على اتفاق التعاون مع المحكمة).
3.وفي حال تمنعت الحكومة اللبنانية عن دفع موجباتها عن العام 2011 لأسباب سياسية لا علاقة لها بالظروف القاهرة، يلجأ عندها رئيس المحكمة الخاصة بلبنان وفقاً للفقرة 20 من البروتوكول إلى مجلس الأمن الدولي الذي سيعتمد بدوره مجموعة تدابير قد تصل إلى إدانة الحكومة أو فرض عقوبات على لبنان، مما يضع لبنان في موقف صعب جداً حيث سيضطر للمرة الأولى في تاريخ الديبلوماسية إلى مواجهة تهمة خرق الالتزامات الدولية، ما يضعف موقفه خاصة أنه لا بديل له عن التمسّك بالقانون الدولي في مواجهة نزاعاته مع العدو الإسرائيلي.
علاوة على ذلك، قال الكاتبان: "إن تخلّف لبنان عم دفع مساهمته للمحكمة الدولية سيمهّد الطريق أمام المزيد من "تدويل" للمحكمة الدولية وبالتالي سنشهد تعديلاً في النص التأسيسي للمحكمة وهويتها قد يكون نحو الأسوأ أو نحو الأفضل.
كما ذكّرا بأن الرئيس السابق للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي الراحل أنطونيو كاسيزي انخرط شخصياً في عملية التعبئة من أجل تمويل المحكمة الدولية. وذكر الكاتبان على سبيل المثال الفقرة الخامسة من الصفحة 16 من التقرير السنوي الثاني الذي أعده كاسيزي عن عمل المحكمة "على عكس ما كان متبعاً في المحاكم الدولية الأخرى، قرر رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ودعماً لقرار تمويل المحكمة، استخدام الموارد الناتجة عن نشاطات القضاة والمسؤولين في المحكمة المصرح بها لتوظيف متدربين جدد". إضافة إلى ذلك، قام كاسيزي باتخذا تدابير إضافية من أجل دارة حكيمة للموارد المالية للمحكمة.

وختم الأستاذان مطالعتهما بالقول إنه لا بد أن تكون سيادة القانون وعدم الإفلات من العقاب الهدف الرئيس للبنان، اما الملاحظات والتعليقات حول المحكمة الدولية والتي قد تكون مسوغة، فلا يجب أن تعرقل العدالة الدولية وإلا سيفشل لبنان مرة جديدة في إحقاق الحق والعدالة.

من جهته، رأى المحامي محمد أمين الداعوق ان الحملة المحمومة التي ما زالت تخاض ضد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتدل على أن هذه المحكمة منذ أن أنشئت ومنذ انطلاقها مرحلة بعد مرحلة ، هي مؤسسة جدية من حيث الأسس والانطلاق والقرارات المتخذة من قبلها، أصابت الجهات الفاعلة بمواقعها وأشخاصها ومن هم خلفها وفي صميمها ، بكثير من الإصابات الموجعة والتي باتت قاب قوسين أو أدنى من إكمال مهمتها الصعبة من خلال مرحلة جديدة من مراحلها تتمثل بابتداء مرحلة المحاكمة بحد ذاتها وصولا في ذلك إلى صدور الأحكام النهائية.
وقال: "وصلنا في هذه المسيرة مع تبدل الأوضاع السياسية والحكومية في لبنان إلى مرحلة تطاول استكمال تمويل المحكمة ، وذلك من خلال موقف سلبي تبدو مظاهره خاصة في موقف الامتناع عن سداد المستحقات على الدولة اللبنانية لأسباب سياسية مقصودة المعالم والغايات ،هو في واقع الأمر، موقف مشاغب يحاول قدر ما يستطيع ، إيقاف مسيرتها التي لطالما يتم الشد بها إلى الوراء بشتى الأساليب المعرقلة ، ولكن دون جدوى.
ورد هذا الفشل الذي ما زال يلاحق عمليات الشغب الحاصل إلى المتانة القانونية التي قامت عليها المحكمة وصلابة أسسها ودقة قواعدهـا التي حصنتها ضد أقصى قدر من الاحتمالات السلبية ، مذكراً بأن المنشئين احتاطوا ضد كل تلك الاحتمالات مما يؤدي إلى حمايتها المستمرة والدائمة في كل عمليات اطلاق الرصاص التي تطاولها بهدف القضاء عليها إن أمكن وإلا فتأخير أحكامها النهائية إلى أطول مدى زمني ممكن.
وأوضح أن للمحكمـة الخاصة بلبنان طابعا فريدا ونهجا مختلفا في إنشاء آليته لتمويلها ، فهي صيغة مختلطة تجمع بين التبرعات والاشتراكات المقررة في آن واحد، وتنص هذه الصيغة على مواصلة الاستناد إلى الاشتراكات المقررة في تمويل التحقيقات ( ومن ثم المحكمة ككل ) ، وقد يعتبر ذلك نهجا اكثر سلامة واستدامة من الخيارات الأخرى التي تعتمد كلية على التبرعات.

ولاحظ أن الحكومة الحالية انقسمت حول وضعية التمويل ، فمن أعضائها (أكثرية الوزاء) من رفض القيام بذلك ، ومنهم (11 وزيرا ) من تبنى أن تقوم الحكومة بالاستمرار في التمويل ، وأدلى كل من الفريقين بالأسباب التي تدفعه إلى موقفه.

وأشار إلى أن رئيس الحكومة ذهب إلى التأكيد على وجوب أن يقوم لبنان بالالتزام الدقيق بالمعاهدات والقرارات الدولية التي يوقعها لأن الامتناع عن التسديد سيضع لبنان أمام أخطار سياسية واقتصادية وأمنية فادحة ، كما سيضع لبنان في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي ومع القوى الدولية عامة .
وذهب فريق الأكثرية، بحسب الداعوق ، إلى الطعن بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان طعنا جذريا يدعون فيه إلى إلغائها وإلاّ إلى إجراء تعديلات جذرية في تركيبتها وفي قواعدها الإجرائية وفي اتفاقياتها. كما ذهب إلى أنها حافلة بالمخالفات الدستورية والقانونية ، بل غالى في ذلك إلى حد اعتبارها محكمة صهيونية أميركية تستهدف وجود المقاومة وتؤمن مصالح الغرب واسرائيل.

وقال: "من هذا المنطلق فان معارضته الشديدة لتمويل الحكومة اللبنانية للجزء المالي التي التزمت به تحاه المحكمة، يجيء ليصب في الهدف الأساسي للأكثرية في الحكومة الا وهو إلغاء أو تعطيل أو تعديل أسس المحكمة ، وقد ازدادت حدة هذا الموقف مع صدور القرار الاتهامي الذي اتهم عددا من أركان جزب الله الأمنيين بارتكاب الجريمة ، مع التأكيد بان هناك اتهامات عديدة أخرى قد تطاول قريبا على ما يبدو عددا من المتهمين اللبنانيين والاقليميين الآخرين، أما التيار الوطني الحر الملتصق كليا بحزب الله ، فهو يزايد على الحزب ذاهبا إلى أنه حتى ولو وافق حزب الله على مبدا التمويل ، فان التيار لن يوافق عليه ، مرددا في هذا الصدد ، الأسباب التي يعتمدها الحزب في مواقفه وتصريحاته بهذا الخصوص".

واسترسل: "تذهب الأكثرية النياببة السابقة إلى اتخاذ موقف صلب بخصوص المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يعتبر فيه أنها قد وجدت لتبقى ولتستمر في عملها إحقاقا للعدالة وتبيانا للحقيقة ، حتى اكمال مهامها، وهي لم تكن إطلاقا موضوع نقاش، لأنها كانت أمرا مسلما به من قبل جميع الأطراف المشاركة في الحوار كما كانت معتمدة في جميع البيانات الوزارية في الحكومات السابقة ".
وقال: "من الاطلاع على مجمل أوضاع وأنظمة المحكمة الأساسية والفرعية ، نجد أن طريقها مفتوح على الغارب ، وليس هناك من معيقات قد تقف في هذا الطريق ، بما فيه أعمال الامتناع عن تمويل المحكمة سواء من حكومة لبنان أم من الجهات الدولية الممولة ".
وجزم بأن "المجتمع الدولي متمسك تماما بالمحكمة وجودا وهدفا واستمرارا ، وبالتالي هو متمسك بالتمويل على النحو المعتمد والمقرر ، وما هو بارز أيضا أن هناك ممانعة وتلكؤ وتأجيل ومحاولات سلبية الأهداف ما زالت تحيط حتى الآن بالوضع اللبناني الرسمي بهذا الخصوص ، دون أن يبدو أن التمويل سيتم من قبل الحكومة اللبنانية على النحو المتفائل الذي يعلنه رئيسها ويؤكد على حصوله".
واوضح ان الاتفاق الموقع ما بين لبنان والأمم المتحدة ، والذي اصبح نافذا بموجب القـرار الدولي رقم 1757 عام 2007 ، والمبني على مضامين الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية ، هو اتفاق ملزم للبنان في إطار القانون الدولي المسمى " التعاون العمودي" .
وخلص إلى القول إن "الامتناع عن سداد المتوجب على لبنان من مصاريف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ، ليس بالأمر السهل والذي يمكن ارتجاله بالسهولة التي يتصورها البعض، ذلك أن أية خطوة ناقصة قد تؤخذ في هذا الإطار ، يمكن أن تؤدي الى نتائج دراماتيكية موجعة ، خاصة على ضوء التطورات التي تغلي في المنطقة الأمر الذي يستدعي معالجة سريعة وواعية ، تجنب لبنان مزيدا من الأضرار والمِآسي والويلات".

  • شارك الخبر