hit counter script

- لوسيان عون

أخطاء حكوميّة متكرّرة!

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 06:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ليست المرّة الأولى التي تقع فيها حكومة في أخطاء جسيمة تولّد الأزمات المعيشيّة والسياسيّة والاجتماعيّة عوض أن تحلّها. بالأمس صدر مرسوم زيادة الاجور مبتوراً وخالياً من أيّة دراسة وغير مبنيّ على مؤشر زيادة غلاء المعيشة إسوةً بما يحصل في بلدان العالم المتقدّمة. ولكي ننصف هذه الحكومة ولا نحمّلها من دون سواها تبعات الفوضى وعدم الركون الى الخبرات ودراسة الملفات الاقتصاديّة بشكل تقنيّ وعلميّ معمّق، فإنّ الأخطاء التي توالت خلال العهود الماضية لا تعدّ ولا تحصى، وقد شئنا اليوم أن نعود بالذكر الى تلك التي وقعت فيها إحدى الحكومات المعاصرة التي أصدرت مرسوم زيادة الاجور وهي حكومة الرئيس السنيورة.
إليكم تفاصيل الثغرات والأخطاء التي لم يتنبّه اليها دولة الرؤساء ومعالي الوزراء الثلاثين ومستشاريهم الكرام. في بعبدا، وتحديداً في 14 تشرين الاول 2008، وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وكلّ من الرئيس فؤاد السنيورة ووزير العمل آنذاك محمد فنيش مرسومأً حمل الرقم 500، ونُشر في ما بعد في العدد 42 من الجريدة الرسميّة وقضى بتحديد مبلغ قدره خمسمائة ألف ليرة لبنانيّة كحدّ أدنى للأجور مع زيادة مقطوعة مقدارها مئتي ألف ليرة لبنانية. لكنّ أحداً لم يلفت انتباه السادة الرؤساء والوزراء المعنيّين بأنّ قانون الايجارات الاستثنائي رقم 160/92 قد ربط منذ العام 1992 تاريخ صدوره، البدلات بنسبة خمسين في المئة من أيّ زيادة قد تطرأ على الحدّ الأدنى للأجر. لذا كان من الواجب بعد لغط وهرج ومرج في أوساط القانونيّين والموظفين والقضاة وسائر المعنيّين بشأن تطبيق هذه الزيادة كشف النقاب عن أنّ المرسوم لم يلحظ نسبة الزيادة وفق ما فرضه القانون المذكور، فكان أن اضطرّت الحكومة الى اصدار مرسوم آخر بعد ثلاثة أشهر من "فوضى في تفسير المرسوم" وتباين آراء المواطنين بشأنه حمل الرقم 63 موقع بتاريخ 31 كانون الاول عام 2008. وحمل المرسوم، الذي نُشر في الجريدة الرسمية في العدد 2 من العام 2009، تواقيع السادة المسؤولين أنفسهم، من دون أن يروي مجدّداً عطش المواطنين الى التفسير المرتجى. وبقي التباس في تحديد نسبة زيادة بدلات الإيجار على الرغم من صدور المرسومين المشار إليهما، فما كان من الحكومة إلا واجب إصدار مرسوم ثالث أوردته الجريدة الرسميّة في عددها رقم 16 تاريخ 9/4/2009 وحمل عنوان: "تصحيح خطأ مادي" هدف الى تصويب الأخطاء السابقة وتحديد نسبة زيادة بدلات الإيجار لمرة نهائيّة منعاً لاستفحال الجدل والسجال الذي طال كل القطاعات المرتبطة بتطبيق الزيادات المذكورة.
اليوم، تجد الحكومة نفسها أمام مأزق جديد بعد إصدار مرسوم زيادة الأجور من دون الركون الى مؤشرات غلاء المعيشة وسواها من الأسباب التي علّلها مجلس شورى الدولة الذي أوصى بوقف تنفيذه. ومن بين الأسباب عدم تمتّعه بالمحافظة على العدالة الاجتماعيّة بين طبقات المجتمع والعمال على حدّ سواء، وهذا ما يتسبّب بمزيد من انتقاص هيبة الدولة التي يفترض أن تتمتّع بكافة الخبرات وتستند الى كبار المفكرين والمستشارين الأكفاء، لأنّ من أولى مقوّمات التشريع وشروطه الشفافيّة وإرساء العدالة الاجتماعيّة بين أفراد المجتمع وحرصه على فرض القواعد القانونيّة التي تجمع ولا تفرّق ليجد كلّ الناس أنفسهم سواسية أمام القانون. اليوم، وبعد اعتبار المرسوم كأنّه لم يصدر، تعود الأزمة الاقتصاديّة الى نقطة الصفر، ذلك أنّ ثمّة أخطاء وقعت فيها السلطات المختصّة لإغفالها انجاز دراسة اقتصاديّة تتناول دقائق ومبرّرات وتبعات اصدار المرسوم المطالب به، ربّما لانشغالها بما تراه أهم من هذا الملف الاجتماعي، وإمّا لاستنادها الى مستشارين غير أكفاء غلب على تعيينهم طابع المحسوبيّة والمحاصصة، فكان أن ولد "مرسوماً مسخاً من ذاك الجبل"، فيشعل بركاناً يكاد يطيح بالحكومة برمّتها، على أن "لا حول ولا قوّة" لهذا المواطن المسكين إلا ترداد القول المأثور: "وقمح رح تاكلي يا حنة"...
 

  • شارك الخبر