hit counter script
شريط الأحداث

- داني حداد

بين تشرين وتشرين... عصام

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 08:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بين تشرين وتشرين، صيفٌ ثانٍ. إلا أنّ ذلك اليوم التشرينيّ لم يكن يشبه الصيف أبداً. لا تمرّ "شتوة" تشرين الأولى إلا وأتذكّر ذاك الرجل الذي رحل فجأة، الشاعر عصام زغيب.

كأنّ عصام كان أمس هنا. صوته العالي المرتعش دوماً ما يزال في أذنيّ. كذلك طرائفه وتلاعبه بالكلمات، شعراً وكلاماً، وأسلوبه في التحدّث عبر الهاتف: "معك عصام زغيب من زوق مكايل"، و"زكزكاته" التي لا تنتهي لنينا، الزوجة التي تحمّلت الكثير، قبل الرحيل وبعده، و"غنجه" الممزوج بالقسوة لحسام، الابن الوحيد.

صار حسام شابّاً يا عصام. بل صار شابّاً منذ ذلك اليوم التشرينيّ الأليم، حين حبس ألف دمعة، وكابر كثيراً، تماماً كما كنت تكابر. أورثته بعض الصفات ولم تورثه "لوثة" الشعر ليقول، كما قلت يوماً:

"بيّي وشو عمبتعنّ عا بالي

من وقت ما فلّيت ما تركتني دقيقة أنا وحالي

بسهر بتسهر معي ليالي

بوعا بشوفك قاعد قبالي

والحلم صوبي هاجم مكفّا

شربتو عالمقفّى

الكاس كان صغير ما كفّا

عصرتك خيالي سكبتك بحالي

ت إشربك عم إشرب خيالي".

لم تغب الأحداث الكبيرة عن لبنان، منذ غاب عصام. وعند كلّ حدث، كنت أسأل نفسي: ما كان ليكون موقف عصام؟ أيّ قصيدة كان سيلقي في عدوان تموز، هو القائل: "سكّين والي القدس مسنون عالتفاح، ما في بلح ضدّو، الضدّو بينعدّو".

من ذا الذي سينسى "قفشاتك" يا عصام، و"فتوحاتك" الشعريّة. بلا موعدٍ رحلت، كأنّك أتقنت ارتجال الموت كما أتقنت ارتجال الشعر.

خفيف الظلّ كنت. مشاغبٌ دوماً. لسانك حصان الشعر، تمتطيه كالطفل "المبسوط" بلعبة العيد. أحببتك كما أحببت شعرك الذي يدخل الى منزل العامّة ويحاكي "رؤوس" النخبة في آن. وأحببت إلقاءك لشعرك. تضحك الكلمات على شفاهك، ترفع صوتك، تنغّم الكلمات وتختم جملك مزهوّاً بتصفيق وبلمعة عيون سامعيك.

عصام زغيب "العظيم" كما كان يسمّيك بعض عارفيك. كم كنت هادئاً في رحيلك بعد صخب حياتك. وكم أنّ رحيلك ثقيل الوطأة على من عرفك حقّ المعرفة، فأحبّك.

عصام راح. ولكن، كما كان يقول "بتروح إنتَ وخيالك بيضلّو هون...". وخيالك يا عصام "باقي هون".

  • شارك الخبر