hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل "التغيير والاصلاح"

الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 20:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي في الرابية، وبعد اللقاء تحدث العماد عون الى الصحفيين عن أبرز المواضيع التي بُحثت والمتعلقة بغالبيتها بالجلسة التشريعية التي ستعقد يوم الاربعاء والتي ستبحث عدداً من القوانين المقدمة من قبل التكتل.

وفي معرض ردّه على رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة أكد العماد عون أنه لا يطلق التهم عشوائياً وجزافاً وأن الاخير ليس متهماً بل هو مدان وبالوثائق، وفي موضوع العميد كرم، انتقد تطاول السنيورة على القضاء، ومحاولة خلق جوٍّ ضاغط على القضاء من خلال الإعلام.

وإذ أثنى عون على إنجاز قانون سحب الجنسية تمنى أن يتابع هذا الامر ولا يكون العدد الذي قدم هو جائزة ترضية.

وفيما يلي النص الكامل للحديث:

أهلاً بكم،

في اجتماعنا اليوم بحثنا عدة مواضيع فهناك غداً جلسة تشريعيّة تتضمّن الكثير من القوانين التي قدّمناها، "عصروها" حتّى النّهاية ولكن نرجو أن تمرّ جميعها، وهي تتضمّن قانوناً لتصحيح سلسلة الرّتب والرّواتب، وقانوناً يتعلّق بالضّمان وبصندوق الأطبّاء، وقانوناً يتعلّق بتعويضات المعتقلين تعسّفاً وسياسيّاً في سوريا، وقانوناً يتعلّق بالعفو عن العائلات التي هاجرت إلى إسرائيل بعد الأحداث، وغيرها من القوانين. كلّ هذه القوانين هي مهمّة بالنسبة لنا ولقسمٍ كبيرٍ من اللّبنانيّين.

بحثنا أيضاً ببعض التّصاريح التي تدّعي البراءة وتتّهمنا بالتّعليق على سلوك البعض وسمعتهم، ومنها التّصريح الذي صدر عن الرئيس السّنيورة الذي تناول موضوعين متجاوزاً بهما الأصول بدرجات كبيرة. أوّلاً لم يتّهمه أحد من دون مستندات، وقد أجاد النّائب ابراهيم كنعان بالرّد عليه اليوم بالتّفصيل وبالأرقام، ونحن نقول له إنّه ليس متّهماً، ونحن لا نكيل بحقّه الإتّهامات جزافاً، إنّما هو مُدان، والوثائق تثبت هذه الإدانة. نحن لسنا عشوائيّين ولا نشبه بخطابنا صحيفة المستقبل أو مجلّة الشّراع أو كلّ هؤلاء الكتّاب الذين يتقاضون اجراً لكي يشتموا النّاس. لسنا شتّامين، ورصيدنا هو صراحتنا وصدقنا وصدقيّتنا وهو ما لا يعجب كثيرون. نحن نسمّي الأشياء بأسمائها وهذا شيء مزعج لأنّ الحقيقة تجرج، وخصوصاً في لبنان. في غضون ستّة أيّام تكلّمت خمس مرّات، وكلّ ذلك لأنّنا نقوم بحملة توعية للشّعب اللّبناني، ونريده أن يفهم أنّه إن لم يتحرّك ويتّحد سيعيش حالة الذّلّ والعوز، ولن يمكنه الا البكاء في زاوية المنزل مشتكياً من الوضع. نحن نقول له أن يتّحد ويشتكي من الوضع بصوت واحد إن كان يريد الشكوى. خلال خدمتي العسكريّة، كنت ورفاقي على الحدود قرب بركة مياه، وكنّا في كلّ مرّة يصحو فيها الطّقس، لا نقوى على النّوم بسبب نقيق الضّفادع. كان النّقيق يصدر عن كلّ الضّفادع وليس عن ضفدعٍ واحد فقط وإلاّ لما كنّا صحونا على نقيقه. على الشّعب أن يتمثل بالضّفادع ويشتكي من الوضع مجتمِعاً وليس كلّ بمفرده، فهذا يؤدّي إلى يقظة في العالم. مواطنونا ليسوا بضفادع، ولكنّنا نطلب أن يكون لديهم الجرأة في التّكلّم عن واقعهم.

الموضوع الثّاني الذي تناوله الرئيس السّنيورة هو قضيّة العميد فايز كرم. إتُهم العميد فايز كرم فانتظرنا التّحقيق، ورغم الشّواذات التي تكلّمنا عنها في حينه، ومنها تجاوز القوانين خلال التّحقيق، قبلنا الإدّعاءات وتوجّه إلى المحكمة وحُكم عليه. تكلّمنا عن الثغرات التي حصلت في التّحقيق، قالوا إنّه اتّهم على أساس اعتراف مباشر وبقرائن لا تُدحض. قالوا إنّ العميد كرم اعترف. تبيّن لنا بعد ذلك أنّ القرائن ليست موجودة، كما أنّه لا يوجد أيّ وثائق أو دلائل تدينه. قالوا في البداية إنّه اعترف بالصّوت والصّورة، ثمّ بعدها انكروا ذلك، ليقولوا إنّ التّسجيلات تُمحى بعد مرور خمسة عشر يوماً. ثمّ نسمع خبراً البارحة يواكبه تصريح للرئيس السّنيورة في النّهار، نرى من خلاله أنّه يلاحق العميد كرم حتّى في التّمييز!! فليبعد القضاة الذين يتولّون القضيّة ويعيّن من يشاء بدلاً منهم وليصدر الحكم الذي يريد!!! أيريد أن يوقف مجرى العدالة؟ لمَ لم يقل لمحكمة التّمييز كيف عليها أن تصدر حكمها، وعلى من، ووفقاً لأيّ أسس. قلنا في المرّات السّابقة أنّ للقضاء نهجه الخاص الذي يعتمده كلّ العالم. ما صدر عن السّنيورة هو تطاولٌ على القضاء، وهو الوجه الحقيقي للفساد. هم يحاولون خلق جوٍّ ضاغط على القضاء من خلال الإعلام تماماً كما فعلوا أثناء توقيف العميد كرم. يجب على السّنيورة، كمسؤول سابق وكرئيس تكتّل نيابي، أن يُدان على ما يفعله. نحن نلتزم الصّمت وأنتم تعلمون أن لا نترك شيئاً يمرّ مرور الكرام، ولكن عندما تصبح الأمور بيد القضاء، لا يحقّ لأيّ أحد أن يضرب الصّفاء عند القاضي، وخصوصاً عندما يكون القضاء كالقضاء اللّبناني الذي تطغى عليه السّياسة، ومنها السّياسة المنتقمة في أغلب الأحيان، فتكون النّتيجة، الوصول بداعي الخوف إلى إحجام عن إحقاق الحقّ والعدالة.

في مرسوم سحب الجنسيّة الذي أنجزه رئيس الحكومة وقدّمه لرئيس الدّولة، وإن كان العدد ضئيلاً، نرى بداية لإحترام أحكام مجلس الشّورى، ونأمل أن يتابع هذا الموضوع لأنّنا نعرف الأعداد، وألاّ يكون المئة وخمسة وثمانون شخصاً جائزة ترضية، أي أنّهم يرضوننا بهذا العدد. نرجو أن يحترموا المرسوم لنهنّئ بعد ذلك من قاموا بواجباتهم واحترموا القانون أكثر من الذين حصلوا على حقوقهم من خلال القانون.

وفي موضوع آخر، لدينا إحتفال يوم عند السّاعة السّادسة من مساء يوم الخميس المقبل لـ "8 Oranges"، وهي شركة يشترك فيها من يريدون مساعدة التّيّار. قلت في العام 1992 أنّني لا أريد أن يدفع لبنانيّ واحد مبلغ مليون دولار، إنّما أريد أن يدفع مليون لبناني دولاراً واحداً كل شخص، لأنّ من سيدفع لنا مليون دولار سيصبح قادراً على المتاجرة بالقضيّة، إذ يكون له نفوذ كبير. لذلك أتمنّى على اللّبنانيّين أن يشتركوا بأكبر عدد ممكن إن كانوا يريدون المساعدة، وهذا لن يرتّب عليهم مصاريف زائدة، لأنّ كلّ من يشترك سيحمل بطاقةً يشتري بواسطتها من محالٍ معيّنة، ستدرج ضمن لوائح وتُوزّع على المشتركين، لنعود بعد ذلك ونحصل على قسمٍ من أرباح المحال. هذا مبدأ شركة "8 Oranges". ليس من يشتري هو من يدفع ويتبرّع، إنّما التّاجر الذي يقدّم قسماً من الأرباح.

 

ثمّ أجاب عن أسئلة الصّحافيّين:

س: كان لافتاً السّجال بين النّائب نبيل نقولا ووزير الدّاخلية مروان شربل، ولقد وصلَ كلامياً لحدّ النّيابة العامة التّمييزية ومحاكمة الرّؤساء والوزراء. كيف تقرأ هذا السّجال، وهل هذا يعبّر عن علاقة التّيار الوطني الحر بالوزير شربل؟

ج: الحادث هو فرديّ، ولكن إذا حصل تراكم فسيؤثّر. كل شيء كهذا له تأثير. ماذا قال النّائب نبيل نقولا حتى صارت هناك متابعة غير منظورة للحديث وأتبعت بالوصول إلى النّيابة العامة؟ أنا لن أتحدّث عن الجزء غير المنظور من الحادث، ولكن ماذا قال النائب نقولا؟ بم هو مُلام؟ عن أي كلام أو تعبير؟

 

س: ميليشيا. إذ لقد قالَ النّائب نقولا عن فرع المعلومات إنّه ميليشيا.

ج: ميليشيا؟! كلا، ف"الميليشيا" هي أمرٌ مرتّب جدّاً، فعندما تتكون ميليشيا يكون لها هدف ويُعتَرَف بها، وتلتزم بقوانين القتال. ولكن إذا أصبحت قوات مسلّحة مجتمعة خلافاً للقانون كما هي حالة فرع المعلومات، فستتعامل كعصابة مسلّحة، وليس كميليشيا.. الميليشيا لها أهداف وطنية أحياناً لمجابهة العدو المحتل، لا تأخذوا الأمر وكأنّ الميليشيا هي اهانة. ولكن في لبنان تطوّرَت عاداتٌ سيئة رُبطت بالميليشيا. في الواقع، كل حركات التّحرير في العالم يُسَمّونها ميليشيا، فهي جيشٌ مقاتل لتحرير وطنِه يتكون عندما تترك الدّولة أرضَها وتصبح تحت سيطرة الإحتلال.

 

س: قالَ النّائب أكرم شهيب في تصريحٍ له إنّ هناك فريقاً يريد أن يمسك الإدارة ويأخذَ كلّ التّعيينات ويقرَّ قانوناً انتخابياً على مقاسِه. ما هو ردّك على هذا الأمر؟

ج: بإمكانه أن يتخيّل ما يريد، فما هي التّعيينات الّتي أخذناها؟ هذه حرب وقائية، "فَشَر" أن يقومَ بها علينا، هو أو غيرُه! لدينا حقوق ونريدها. فلا يحاول أحد القيام بحربٍ وقائيةٍ علينا. هل يأخذُ غيري حصّتَه ويبدأ "بالتّفلسف" علينا؟! فَليتفضّل أصحاب الحقوق الّذين يعتبرون أنفسَهم أصحاب حق بما نطالبُ به، فَليتفضّلوا ويطالبونا بحقهم ويواجهونا بما اعتدينا عليهم.

 

س: لقد قلتَ عندما كنتَ في الكورة إنّ آخر مهلة لإنقاذ البلاد هي في العام 2013 أو سيحصل إنهيار...

ج: لن يتحمل البلد 4 أعوام أخرى بعد العام 2013.

 

س: ماذا تقصد بكلمة "إنهيار"؟ هل فعلاً ترى لبنان على شفيرِ الإنهيار؟

ج: أنتم لا تدركون تراكمَ الدَّين وإهمالَ القطاعات المنتِجة، ولا ترَون تطورَ الحاجات في الكهرباء والمياه، وكلُّ واحدٍ "يتفلسف" علينا ويضع العراقيل.. أنتم لا ترَون الخسارة الّتي تحصل في الخزينة. ولكن نحن نرى كلَّ هذا، فنحن مسؤولون! وأنا أنبّهُكم من أجل خياراتِكم في المستقبل. أنا لا يمكنني أن أعرف هذه الأمور من دونَ أن أنبّهَكم عليها، فيبقى ضميري مرتاحاً. في العام 2013 ستكون لحظةَ الخيار. أنا أنبّهُ اللّبنانيين وأقولُ لهم: إذهبوا وعبّروا عن رأيِكم. إن كانوا معي أو ضدّي، لا يهم. إذا قلتُم لي "شبعنا منك جنرال وعُد إلى بيتِك" فسأشكرُكم لأنّ العبءَ الّذي نحملُه ليس سهلاً. ونخوضُ مواجهةً مع الكل، إما بسبب بساطة التفكير أو بسبب المصلحة.. هم يواجهوننا في هذا الموضوع. ومن لديهم أولويات أخرى لا يمكنني أن أحملَهم إلى خطأ قد يصل بنا إلى المهوار، أو بالأحرى سيصل بنا إلى المهوار، لأنّ "قد" هي إحتمالية، ولكن أنا أؤكّد. فمن غير المعقول هذه الطّريقة الّتي يتعاملون معنا بها! لا قيمة لديهم للوقت، لا قيمة للمال، لا قيمة للإقتصاد، لا قيمة للعدالة بتوزيع الضّرائب... أبداً! لا قيمة لشيء عندهم، ولكن فقط هناك مال يكسبونه. وأفضل مثال على الأمر هو قانون الكهرباء، كم سبب خسارة؟ وذلك كلُّه لأنّهم أدخلوا عناصر تأخيرية على بدء البرنامج، وأنا أكرّر وأكرّر حتى يعرفَ الجميع أنّ كلّ دقيقة تكلّف 12 ألف دولار. كل دقيقة، وليس كل يوم! كل شهر يكلّف 17 مليون دولار، والعام 6 مليار دولار. 4 مليارات دولار عليكم، ومليارَين على الخزينة.

فعندما يريد أن يردّ عليّ شهيّب أو غيرُه، فليرُدّ على الأرقام! لأنّها تُقاس ويتبيّن من يكذب ومن يقول الحقيقة. ولكن أن يقوم بحرب نوايا، ويقول إننا نريد كذا ونريد أن نفعل كذا وكذا فهذا مرفوض..!! نحن مع النّسبية مثل أغلبية اللّبنانيين، هو ضدّ النّسبية. بسيطة جدّاً، هناك أكثرية في مجلس النّواب، إما أن يأخذَها هذا القانون وإما لا يأخذُها. ألا يختار على ذَوقِه هو أصلاً؟! هو وغيرُه..

 

س: هل أنتم مع إعادة تفعيل الحوار كما دعا يوم أمس الرّئيس نبيه برّي في صحيفة "السّفير"؟ وهو قالَ إنّكم وحزب الله والرّئيس ميقاتي موافقون، وإنّ هناك جهة وحيدة معارضة هي تيار المستقبل.

ج: أنا مع الحوار، ولكن شرط أن يُحَدَّد الموضوع. في المرّة السّابقة، حدّدنا الموضوع، فخرجنا عن التّحديد الخاص به. نحن بدل أن ندرسَ الاستراتيجية الدّفاعية، أصبحنا ندرس كيفية نزع سلاح حزب الله! مرّت أعوام ونحن نبحث في هذا الموضوع، وهو ليس الموضوع الحقيقي.

إذا أرادوا أن يبحثوا في الاستراتيجية الدّفاعية، فَليتفضّلوا، أنا قد قدّمتُ أوّل نسخة وأنا متمسّكٌ بها، فليقوموا بنقدِها، وبتصحيحها إذا أمكنَ ذلك. ولكن ليس أن نختلق بين حين وآخر دراسات ومبادىء وأسباب.. فَليأتوا ويرَوا الأوضاع العملية للمجتمع اللّبناني، لقدرتِه الإقتصادية وحجمِه الدّيمغرافي، ويحدّدوا الاستراتيجية الدّفاعية. وعندها فلنرَ بأي طريقة يريدون أن يدافعوا عن لبنان. ولكن أن ننطلق من المبدأ الأول بطريقة خاطئة ونقول إن "لحزب الله قرار السّلم والحرب"، فهذا غير صحيح، وآخر شخص في لبنان وفي العالم يعرف أنّ قرارَ السّلم والحرب هو بيدِ أميركا وإسرائيل. ومن لا يصدّق ذلك فَليدرس التّاريخ منذ تأسيس إسرائيل حتى اليوم.

من جهةٍ أخرى، لبنان هو دولة مساندة وليس دولة مواجهة. ليس لبنان من هجمَ على إسرائيل بل العكس تماماً. لقد دخلَ الإسرائيليون أرضَنا وبيوتَنا، ماذا نفعل؟ لا ندافع وندعو الآخرين لمساعدتنا والدفاع بدلاً منا؟! كيف بالإمكان تحرير الأرض إذا احتلت؟ يتحدّثون عن سلاح المقاومة ويصفونه بغير القانوني وغير الدستوري، ولكن هل سلاح المقاومة هو للأرض الحرة والّتي فيها دولة، أم للأرض المحتلة والّتي انسحبَت منها الدّولة؟! ثلاثة مفاهيم خاطئة أدخلوها إلى العقل اللّبناني، وأصبحنا نسمعها في الصّالونات: "كيف نعطي قرارَ الحرب أو السّلم لحزب الله؟".. "لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة"، و"سلاح حزب الله ليس شرعياً".. أين يحتاج سلاح المقاومة إلى ترخيص؟! في أي بلد؟ أيأخذُ ترخيصاً من الدّولة المحتلة، وسببُ حملِه إباه هو الإحتلال؟!

من وضع شرعة الأمم المتحدة قضاةٌ يعرفون بالقانون، وهم من قال إنّه من حق الشّعب تحرير أرضِه بأي وسيلة من الوسائل المتوفرة لديه.. إذاً، إذا أرادوا أن يحدّدوا استراتيجيةً دفاعية، فيوجد لها أصول ومبادىء، ويُبحَث بها علمياً. لو توقف الامر علي لكان بإمكاني أن أنفّذها خلال أسبوع. حتى لو كان هناك نظرية ثانية، فنناقشُها، ونختار الأفضل. ولكن أصبحَ كل واحد يبحث كيف سيهدّمُ الآخر. بينما الحوار الحقيقي ليس كذلك. أساس الحوار هو الإقرار بوجود مشكلة، ثم الإتفاق على حلِّها سويّاً، ثم أن يقدّمَ كلُّ واحدٍ ما هو الأفضل برأيه حتى يجمعوا ما بين الآراء لحلّ المشكلة، إذ يجب أن يصلوا إلى حلٍّ ما في النّهاية. وحصيلة الحل الّذي سيصدر لا يملكها أحد، فإذا ساهمَ بها أحدُهم 5% والآخر 95%، فالحل هو للإثنين، ولكل من شارك بصنعِه. الحل لا يُقَسَّم. لا يمكن لفكرةٍ فيه أن تنتصرَ على أخرى. فمجرّد أن يصدرَ هذا الحل عن المجموعة بعدما وافقت عليه، فهو لجميع النّاس. هذه أصول الحوار.

أما من يريدُ أن يدافع في محكمة ليربحَ الدّعوى، فهذا موضوعٌ آخر. يُسَمّوه حواراً وحبّذا لو يصبح نقاشاً! بل يصبح مدّعي ومدّعى عليه، ودفاع وقاضٍ.. ولكن عندما نريد أن نستعمل كلمة "حوار" يجب أن نعرف معناها ونعرف كيف تطبّق عملياً. هل هي نقاش، هل هي تبادل آراء، هل هي مفاوضات..؟ هذا نوعٌ من العلاقة والمناقشة على طاولة الحوار، ولكن للحوار معنى محدد وكذلك للنقاش، فليبحثوا عنها في القاموس الفرنسي لأنه يحدد الفرق بينها بدقة.

 

س: ما رأيك بالدّعوة إلى حياد لبنان الّتي أطلقَها غبطة البطريرك الرّاعي في أميركا؟

ج: حياد ولكن ليس بالمطلق. هو لم يتحدّث عن حياد بالمطلق، بل سيظلّ حاملاً القضايا العادلة الّتي تتعلّق بالعرب وبغيرهم، أي أنّه ليس حياداً انعزالياً.

عقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي في الرابية، وبعد اللقاء تحدث العماد عون الى الصحفيين عن أبرز المواضيع التي بُحثت والمتعلقة بغالبيتها بالجلسة التشريعية التي ستعقد يوم الاربعاء والتي ستبحث عدداً من القوانين المقدمة من قبل التكتل.

وفي معرض ردّه على رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة أكد العماد عون أنه لا يطلق التهم عشوائياً وجزافاً وأن الاخير ليس متهماً بل هو مدان وبالوثائق، وفي موضوع العميد كرم، انتقد تطاول السنيورة على القضاء، ومحاولة خلق جوٍّ ضاغط على القضاء من خلال الإعلام.

وإذ أثنى عون على إنجاز قانون سحب الجنسية تمنى أن يتابع هذا الامر ولا يكون العدد الذي قدم هو جائزة ترضية.

وفيما يلي النص الكامل للحديث:

أهلاً بكم،

في اجتماعنا اليوم بحثنا عدة مواضيع فهناك غداً جلسة تشريعيّة تتضمّن الكثير من القوانين التي قدّمناها، "عصروها" حتّى النّهاية ولكن نرجو أن تمرّ جميعها، وهي تتضمّن قانوناً لتصحيح سلسلة الرّتب والرّواتب، وقانوناً يتعلّق بالضّمان وبصندوق الأطبّاء، وقانوناً يتعلّق بتعويضات المعتقلين تعسّفاً وسياسيّاً في سوريا، وقانوناً يتعلّق بالعفو عن العائلات التي هاجرت إلى إسرائيل بعد الأحداث، وغيرها من القوانين. كلّ هذه القوانين هي مهمّة بالنسبة لنا ولقسمٍ كبيرٍ من اللّبنانيّين.

بحثنا أيضاً ببعض التّصاريح التي تدّعي البراءة وتتّهمنا بالتّعليق على سلوك البعض وسمعتهم، ومنها التّصريح الذي صدر عن الرئيس السّنيورة الذي تناول موضوعين متجاوزاً بهما الأصول بدرجات كبيرة. أوّلاً لم يتّهمه أحد من دون مستندات، وقد أجاد النّائب ابراهيم كنعان بالرّد عليه اليوم بالتّفصيل وبالأرقام، ونحن نقول له إنّه ليس متّهماً، ونحن لا نكيل بحقّه الإتّهامات جزافاً، إنّما هو مُدان، والوثائق تثبت هذه الإدانة. نحن لسنا عشوائيّين ولا نشبه بخطابنا صحيفة المستقبل أو مجلّة الشّراع أو كلّ هؤلاء الكتّاب الذين يتقاضون اجراً لكي يشتموا النّاس. لسنا شتّامين، ورصيدنا هو صراحتنا وصدقنا وصدقيّتنا وهو ما لا يعجب كثيرون. نحن نسمّي الأشياء بأسمائها وهذا شيء مزعج لأنّ الحقيقة تجرج، وخصوصاً في لبنان. في غضون ستّة أيّام تكلّمت خمس مرّات، وكلّ ذلك لأنّنا نقوم بحملة توعية للشّعب اللّبناني، ونريده أن يفهم أنّه إن لم يتحرّك ويتّحد سيعيش حالة الذّلّ والعوز، ولن يمكنه الا البكاء في زاوية المنزل مشتكياً من الوضع. نحن نقول له أن يتّحد ويشتكي من الوضع بصوت واحد إن كان يريد الشكوى. خلال خدمتي العسكريّة، كنت ورفاقي على الحدود قرب بركة مياه، وكنّا في كلّ مرّة يصحو فيها الطّقس، لا نقوى على النّوم بسبب نقيق الضّفادع. كان النّقيق يصدر عن كلّ الضّفادع وليس عن ضفدعٍ واحد فقط وإلاّ لما كنّا صحونا على نقيقه. على الشّعب أن يتمثل بالضّفادع ويشتكي من الوضع مجتمِعاً وليس كلّ بمفرده، فهذا يؤدّي إلى يقظة في العالم. مواطنونا ليسوا بضفادع، ولكنّنا نطلب أن يكون لديهم الجرأة في التّكلّم عن واقعهم.

الموضوع الثّاني الذي تناوله الرئيس السّنيورة هو قضيّة العميد فايز كرم. إتُهم العميد فايز كرم فانتظرنا التّحقيق، ورغم الشّواذات التي تكلّمنا عنها في حينه، ومنها تجاوز القوانين خلال التّحقيق، قبلنا الإدّعاءات وتوجّه إلى المحكمة وحُكم عليه. تكلّمنا عن الثغرات التي حصلت في التّحقيق، قالوا إنّه اتّهم على أساس اعتراف مباشر وبقرائن لا تُدحض. قالوا إنّ العميد كرم اعترف. تبيّن لنا بعد ذلك أنّ القرائن ليست موجودة، كما أنّه لا يوجد أيّ وثائق أو دلائل تدينه. قالوا في البداية إنّه اعترف بالصّوت والصّورة، ثمّ بعدها انكروا ذلك، ليقولوا إنّ التّسجيلات تُمحى بعد مرور خمسة عشر يوماً. ثمّ نسمع خبراً البارحة يواكبه تصريح للرئيس السّنيورة في النّهار، نرى من خلاله أنّه يلاحق العميد كرم حتّى في التّمييز!! فليبعد القضاة الذين يتولّون القضيّة ويعيّن من يشاء بدلاً منهم وليصدر الحكم الذي يريد!!! أيريد أن يوقف مجرى العدالة؟ لمَ لم يقل لمحكمة التّمييز كيف عليها أن تصدر حكمها، وعلى من، ووفقاً لأيّ أسس. قلنا في المرّات السّابقة أنّ للقضاء نهجه الخاص الذي يعتمده كلّ العالم. ما صدر عن السّنيورة هو تطاولٌ على القضاء، وهو الوجه الحقيقي للفساد. هم يحاولون خلق جوٍّ ضاغط على القضاء من خلال الإعلام تماماً كما فعلوا أثناء توقيف العميد كرم. يجب على السّنيورة، كمسؤول سابق وكرئيس تكتّل نيابي، أن يُدان على ما يفعله. نحن نلتزم الصّمت وأنتم تعلمون أن لا نترك شيئاً يمرّ مرور الكرام، ولكن عندما تصبح الأمور بيد القضاء، لا يحقّ لأيّ أحد أن يضرب الصّفاء عند القاضي، وخصوصاً عندما يكون القضاء كالقضاء اللّبناني الذي تطغى عليه السّياسة، ومنها السّياسة المنتقمة في أغلب الأحيان، فتكون النّتيجة، الوصول بداعي الخوف إلى إحجام عن إحقاق الحقّ والعدالة.

في مرسوم سحب الجنسيّة الذي أنجزه رئيس الحكومة وقدّمه لرئيس الدّولة، وإن كان العدد ضئيلاً، نرى بداية لإحترام أحكام مجلس الشّورى، ونأمل أن يتابع هذا الموضوع لأنّنا نعرف الأعداد، وألاّ يكون المئة وخمسة وثمانون شخصاً جائزة ترضية، أي أنّهم يرضوننا بهذا العدد. نرجو أن يحترموا المرسوم لنهنّئ بعد ذلك من قاموا بواجباتهم واحترموا القانون أكثر من الذين حصلوا على حقوقهم من خلال القانون.

وفي موضوع آخر، لدينا إحتفال يوم عند السّاعة السّادسة من مساء يوم الخميس المقبل لـ "8 Oranges"، وهي شركة يشترك فيها من يريدون مساعدة التّيّار. قلت في العام 1992 أنّني لا أريد أن يدفع لبنانيّ واحد مبلغ مليون دولار، إنّما أريد أن يدفع مليون لبناني دولاراً واحداً كل شخص، لأنّ من سيدفع لنا مليون دولار سيصبح قادراً على المتاجرة بالقضيّة، إذ يكون له نفوذ كبير. لذلك أتمنّى على اللّبنانيّين أن يشتركوا بأكبر عدد ممكن إن كانوا يريدون المساعدة، وهذا لن يرتّب عليهم مصاريف زائدة، لأنّ كلّ من يشترك سيحمل بطاقةً يشتري بواسطتها من محالٍ معيّنة، ستدرج ضمن لوائح وتُوزّع على المشتركين، لنعود بعد ذلك ونحصل على قسمٍ من أرباح المحال. هذا مبدأ شركة "8 Oranges". ليس من يشتري هو من يدفع ويتبرّع، إنّما التّاجر الذي يقدّم قسماً من الأرباح.

 

ثمّ أجاب عن أسئلة الصّحافيّين:

س: كان لافتاً السّجال بين النّائب نبيل نقولا ووزير الدّاخلية مروان شربل، ولقد وصلَ كلامياً لحدّ النّيابة العامة التّمييزية ومحاكمة الرّؤساء والوزراء. كيف تقرأ هذا السّجال، وهل هذا يعبّر عن علاقة التّيار الوطني الحر بالوزير شربل؟

ج: الحادث هو فرديّ، ولكن إذا حصل تراكم فسيؤثّر. كل شيء كهذا له تأثير. ماذا قال النّائب نبيل نقولا حتى صارت هناك متابعة غير منظورة للحديث وأتبعت بالوصول إلى النّيابة العامة؟ أنا لن أتحدّث عن الجزء غير المنظور من الحادث، ولكن ماذا قال النائب نقولا؟ بم هو مُلام؟ عن أي كلام أو تعبير؟

 

س: ميليشيا. إذ لقد قالَ النّائب نقولا عن فرع المعلومات إنّه ميليشيا.

ج: ميليشيا؟! كلا، ف"الميليشيا" هي أمرٌ مرتّب جدّاً، فعندما تتكون ميليشيا يكون لها هدف ويُعتَرَف بها، وتلتزم بقوانين القتال. ولكن إذا أصبحت قوات مسلّحة مجتمعة خلافاً للقانون كما هي حالة فرع المعلومات، فستتعامل كعصابة مسلّحة، وليس كميليشيا.. الميليشيا لها أهداف وطنية أحياناً لمجابهة العدو المحتل، لا تأخذوا الأمر وكأنّ الميليشيا هي اهانة. ولكن في لبنان تطوّرَت عاداتٌ سيئة رُبطت بالميليشيا. في الواقع، كل حركات التّحرير في العالم يُسَمّونها ميليشيا، فهي جيشٌ مقاتل لتحرير وطنِه يتكون عندما تترك الدّولة أرضَها وتصبح تحت سيطرة الإحتلال.

 

س: قالَ النّائب أكرم شهيب في تصريحٍ له إنّ هناك فريقاً يريد أن يمسك الإدارة ويأخذَ كلّ التّعيينات ويقرَّ قانوناً انتخابياً على مقاسِه. ما هو ردّك على هذا الأمر؟

ج: بإمكانه أن يتخيّل ما يريد، فما هي التّعيينات الّتي أخذناها؟ هذه حرب وقائية، "فَشَر" أن يقومَ بها علينا، هو أو غيرُه! لدينا حقوق ونريدها. فلا يحاول أحد القيام بحربٍ وقائيةٍ علينا. هل يأخذُ غيري حصّتَه ويبدأ "بالتّفلسف" علينا؟! فَليتفضّل أصحاب الحقوق الّذين يعتبرون أنفسَهم أصحاب حق بما نطالبُ به، فَليتفضّلوا ويطالبونا بحقهم ويواجهونا بما اعتدينا عليهم.

 

س: لقد قلتَ عندما كنتَ في الكورة إنّ آخر مهلة لإنقاذ البلاد هي في العام 2013 أو سيحصل إنهيار...

ج: لن يتحمل البلد 4 أعوام أخرى بعد العام 2013.

 

س: ماذا تقصد بكلمة "إنهيار"؟ هل فعلاً ترى لبنان على شفيرِ الإنهيار؟

ج: أنتم لا تدركون تراكمَ الدَّين وإهمالَ القطاعات المنتِجة، ولا ترَون تطورَ الحاجات في الكهرباء والمياه، وكلُّ واحدٍ "يتفلسف" علينا ويضع العراقيل.. أنتم لا ترَون الخسارة الّتي تحصل في الخزينة. ولكن نحن نرى كلَّ هذا، فنحن مسؤولون! وأنا أنبّهُكم من أجل خياراتِكم في المستقبل. أنا لا يمكنني أن أعرف هذه الأمور من دونَ أن أنبّهَكم عليها، فيبقى ضميري مرتاحاً. في العام 2013 ستكون لحظةَ الخيار. أنا أنبّهُ اللّبنانيين وأقولُ لهم: إذهبوا وعبّروا عن رأيِكم. إن كانوا معي أو ضدّي، لا يهم. إذا قلتُم لي "شبعنا منك جنرال وعُد إلى بيتِك" فسأشكرُكم لأنّ العبءَ الّذي نحملُه ليس سهلاً. ونخوضُ مواجهةً مع الكل، إما بسبب بساطة التفكير أو بسبب المصلحة.. هم يواجهوننا في هذا الموضوع. ومن لديهم أولويات أخرى لا يمكنني أن أحملَهم إلى خطأ قد يصل بنا إلى المهوار، أو بالأحرى سيصل بنا إلى المهوار، لأنّ "قد" هي إحتمالية، ولكن أنا أؤكّد. فمن غير المعقول هذه الطّريقة الّتي يتعاملون معنا بها! لا قيمة لديهم للوقت، لا قيمة للمال، لا قيمة للإقتصاد، لا قيمة للعدالة بتوزيع الضّرائب... أبداً! لا قيمة لشيء عندهم، ولكن فقط هناك مال يكسبونه. وأفضل مثال على الأمر هو قانون الكهرباء، كم سبب خسارة؟ وذلك كلُّه لأنّهم أدخلوا عناصر تأخيرية على بدء البرنامج، وأنا أكرّر وأكرّر حتى يعرفَ الجميع أنّ كلّ دقيقة تكلّف 12 ألف دولار. كل دقيقة، وليس كل يوم! كل شهر يكلّف 17 مليون دولار، والعام 6 مليار دولار. 4 مليارات دولار عليكم، ومليارَين على الخزينة.

فعندما يريد أن يردّ عليّ شهيّب أو غيرُه، فليرُدّ على الأرقام! لأنّها تُقاس ويتبيّن من يكذب ومن يقول الحقيقة. ولكن أن يقوم بحرب نوايا، ويقول إننا نريد كذا ونريد أن نفعل كذا وكذا فهذا مرفوض..!! نحن مع النّسبية مثل أغلبية اللّبنانيين، هو ضدّ النّسبية. بسيطة جدّاً، هناك أكثرية في مجلس النّواب، إما أن يأخذَها هذا القانون وإما لا يأخذُها. ألا يختار على ذَوقِه هو أصلاً؟! هو وغيرُه..

 

س: هل أنتم مع إعادة تفعيل الحوار كما دعا يوم أمس الرّئيس نبيه برّي في صحيفة "السّفير"؟ وهو قالَ إنّكم وحزب الله والرّئيس ميقاتي موافقون، وإنّ هناك جهة وحيدة معارضة هي تيار المستقبل.

ج: أنا مع الحوار، ولكن شرط أن يُحَدَّد الموضوع. في المرّة السّابقة، حدّدنا الموضوع، فخرجنا عن التّحديد الخاص به. نحن بدل أن ندرسَ الاستراتيجية الدّفاعية، أصبحنا ندرس كيفية نزع سلاح حزب الله! مرّت أعوام ونحن نبحث في هذا الموضوع، وهو ليس الموضوع الحقيقي.

إذا أرادوا أن يبحثوا في الاستراتيجية الدّفاعية، فَليتفضّلوا، أنا قد قدّمتُ أوّل نسخة وأنا متمسّكٌ بها، فليقوموا بنقدِها، وبتصحيحها إذا أمكنَ ذلك. ولكن ليس أن نختلق بين حين وآخر دراسات ومبادىء وأسباب.. فَليأتوا ويرَوا الأوضاع العملية للمجتمع اللّبناني، لقدرتِه الإقتصادية وحجمِه الدّيمغرافي، ويحدّدوا الاستراتيجية الدّفاعية. وعندها فلنرَ بأي طريقة يريدون أن يدافعوا عن لبنان. ولكن أن ننطلق من المبدأ الأول بطريقة خاطئة ونقول إن "لحزب الله قرار السّلم والحرب"، فهذا غير صحيح، وآخر شخص في لبنان وفي العالم يعرف أنّ قرارَ السّلم والحرب هو بيدِ أميركا وإسرائيل. ومن لا يصدّق ذلك فَليدرس التّاريخ منذ تأسيس إسرائيل حتى اليوم.

من جهةٍ أخرى، لبنان هو دولة مساندة وليس دولة مواجهة. ليس لبنان من هجمَ على إسرائيل بل العكس تماماً. لقد دخلَ الإسرائيليون أرضَنا وبيوتَنا، ماذا نفعل؟ لا ندافع وندعو الآخرين لمساعدتنا والدفاع بدلاً منا؟! كيف بالإمكان تحرير الأرض إذا احتلت؟ يتحدّثون عن سلاح المقاومة ويصفونه بغير القانوني وغير الدستوري، ولكن هل سلاح المقاومة هو للأرض الحرة والّتي فيها دولة، أم للأرض المحتلة والّتي انسحبَت منها الدّولة؟! ثلاثة مفاهيم خاطئة أدخلوها إلى العقل اللّبناني، وأصبحنا نسمعها في الصّالونات: "كيف نعطي قرارَ الحرب أو السّلم لحزب الله؟".. "لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة"، و"سلاح حزب الله ليس شرعياً".. أين يحتاج سلاح المقاومة إلى ترخيص؟! في أي بلد؟ أيأخذُ ترخيصاً من الدّولة المحتلة، وسببُ حملِه إباه هو الإحتلال؟!

من وضع شرعة الأمم المتحدة قضاةٌ يعرفون بالقانون، وهم من قال إنّه من حق الشّعب تحرير أرضِه بأي وسيلة من الوسائل المتوفرة لديه.. إذاً، إذا أرادوا أن يحدّدوا استراتيجيةً دفاعية، فيوجد لها أصول ومبادىء، ويُبحَث بها علمياً. لو توقف الامر علي لكان بإمكاني أن أنفّذها خلال أسبوع. حتى لو كان هناك نظرية ثانية، فنناقشُها، ونختار الأفضل. ولكن أصبحَ كل واحد يبحث كيف سيهدّمُ الآخر. بينما الحوار الحقيقي ليس كذلك. أساس الحوار هو الإقرار بوجود مشكلة، ثم الإتفاق على حلِّها سويّاً، ثم أن يقدّمَ كلُّ واحدٍ ما هو الأفضل برأيه حتى يجمعوا ما بين الآراء لحلّ المشكلة، إذ يجب أن يصلوا إلى حلٍّ ما في النّهاية. وحصيلة الحل الّذي سيصدر لا يملكها أحد، فإذا ساهمَ بها أحدُهم 5% والآخر 95%، فالحل هو للإثنين، ولكل من شارك بصنعِه. الحل لا يُقَسَّم. لا يمكن لفكرةٍ فيه أن تنتصرَ على أخرى. فمجرّد أن يصدرَ هذا الحل عن المجموعة بعدما وافقت عليه، فهو لجميع النّاس. هذه أصول الحوار.

أما من يريدُ أن يدافع في محكمة ليربحَ الدّعوى، فهذا موضوعٌ آخر. يُسَمّوه حواراً وحبّذا لو يصبح نقاشاً! بل يصبح مدّعي ومدّعى عليه، ودفاع وقاضٍ.. ولكن عندما نريد أن نستعمل كلمة "حوار" يجب أن نعرف معناها ونعرف كيف تطبّق عملياً. هل هي نقاش، هل هي تبادل آراء، هل هي مفاوضات..؟ هذا نوعٌ من العلاقة والمناقشة على طاولة الحوار، ولكن للحوار معنى محدد وكذلك للنقاش، فليبحثوا عنها في القاموس الفرنسي لأنه يحدد الفرق بينها بدقة.
عقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي في الرابية، وبعد اللقاء تحدث العماد عون الى الصحفيين عن أبرز المواضيع التي بُحثت والمتعلقة بغالبيتها بالجلسة التشريعية التي ستعقد يوم الاربعاء والتي ستبحث عدداً من القوانين المقدمة من قبل التكتل.

وفي معرض ردّه على رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة أكد العماد عون أنه لا يطلق التهم عشوائياً وجزافاً وأن الاخير ليس متهماً بل هو مدان وبالوثائق، وفي موضوع العميد كرم، انتقد تطاول السنيورة على القضاء، ومحاولة خلق جوٍّ ضاغط على القضاء من خلال الإعلام.

وإذ أثنى عون على إنجاز قانون سحب الجنسية تمنى أن يتابع هذا الامر ولا يكون العدد الذي قدم هو جائزة ترضية.

وفيما يلي النص الكامل للحديث:

أهلاً بكم،

في اجتماعنا اليوم بحثنا عدة مواضيع فهناك غداً جلسة تشريعيّة تتضمّن الكثير من القوانين التي قدّمناها، "عصروها" حتّى النّهاية ولكن نرجو أن تمرّ جميعها، وهي تتضمّن قانوناً لتصحيح سلسلة الرّتب والرّواتب، وقانوناً يتعلّق بالضّمان وبصندوق الأطبّاء، وقانوناً يتعلّق بتعويضات المعتقلين تعسّفاً وسياسيّاً في سوريا، وقانوناً يتعلّق بالعفو عن العائلات التي هاجرت إلى إسرائيل بعد الأحداث، وغيرها من القوانين. كلّ هذه القوانين هي مهمّة بالنسبة لنا ولقسمٍ كبيرٍ من اللّبنانيّين.

بحثنا أيضاً ببعض التّصاريح التي تدّعي البراءة وتتّهمنا بالتّعليق على سلوك البعض وسمعتهم، ومنها التّصريح الذي صدر عن الرئيس السّنيورة الذي تناول موضوعين متجاوزاً بهما الأصول بدرجات كبيرة. أوّلاً لم يتّهمه أحد من دون مستندات، وقد أجاد النّائب ابراهيم كنعان بالرّد عليه اليوم بالتّفصيل وبالأرقام، ونحن نقول له إنّه ليس متّهماً، ونحن لا نكيل بحقّه الإتّهامات جزافاً، إنّما هو مُدان، والوثائق تثبت هذه الإدانة. نحن لسنا عشوائيّين ولا نشبه بخطابنا صحيفة المستقبل أو مجلّة الشّراع أو كلّ هؤلاء الكتّاب الذين يتقاضون اجراً لكي يشتموا النّاس. لسنا شتّامين، ورصيدنا هو صراحتنا وصدقنا وصدقيّتنا وهو ما لا يعجب كثيرون. نحن نسمّي الأشياء بأسمائها وهذا شيء مزعج لأنّ الحقيقة تجرج، وخصوصاً في لبنان. في غضون ستّة أيّام تكلّمت خمس مرّات، وكلّ ذلك لأنّنا نقوم بحملة توعية للشّعب اللّبناني، ونريده أن يفهم أنّه إن لم يتحرّك ويتّحد سيعيش حالة الذّلّ والعوز، ولن يمكنه الا البكاء في زاوية المنزل مشتكياً من الوضع. نحن نقول له أن يتّحد ويشتكي من الوضع بصوت واحد إن كان يريد الشكوى. خلال خدمتي العسكريّة، كنت ورفاقي على الحدود قرب بركة مياه، وكنّا في كلّ مرّة يصحو فيها الطّقس، لا نقوى على النّوم بسبب نقيق الضّفادع. كان النّقيق يصدر عن كلّ الضّفادع وليس عن ضفدعٍ واحد فقط وإلاّ لما كنّا صحونا على نقيقه. على الشّعب أن يتمثل بالضّفادع ويشتكي من الوضع مجتمِعاً وليس كلّ بمفرده، فهذا يؤدّي إلى يقظة في العالم. مواطنونا ليسوا بضفادع، ولكنّنا نطلب أن يكون لديهم الجرأة في التّكلّم عن واقعهم.

الموضوع الثّاني الذي تناوله الرئيس السّنيورة هو قضيّة العميد فايز كرم. إتُهم العميد فايز كرم فانتظرنا التّحقيق، ورغم الشّواذات التي تكلّمنا عنها في حينه، ومنها تجاوز القوانين خلال التّحقيق، قبلنا الإدّعاءات وتوجّه إلى المحكمة وحُكم عليه. تكلّمنا عن الثغرات التي حصلت في التّحقيق، قالوا إنّه اتّهم على أساس اعتراف مباشر وبقرائن لا تُدحض. قالوا إنّ العميد كرم اعترف. تبيّن لنا بعد ذلك أنّ القرائن ليست موجودة، كما أنّه لا يوجد أيّ وثائق أو دلائل تدينه. قالوا في البداية إنّه اعترف بالصّوت والصّورة، ثمّ بعدها انكروا ذلك، ليقولوا إنّ التّسجيلات تُمحى بعد مرور خمسة عشر يوماً. ثمّ نسمع خبراً البارحة يواكبه تصريح للرئيس السّنيورة في النّهار، نرى من خلاله أنّه يلاحق العميد كرم حتّى في التّمييز!! فليبعد القضاة الذين يتولّون القضيّة ويعيّن من يشاء بدلاً منهم وليصدر الحكم الذي يريد!!! أيريد أن يوقف مجرى العدالة؟ لمَ لم يقل لمحكمة التّمييز كيف عليها أن تصدر حكمها، وعلى من، ووفقاً لأيّ أسس. قلنا في المرّات السّابقة أنّ للقضاء نهجه الخاص الذي يعتمده كلّ العالم. ما صدر عن السّنيورة هو تطاولٌ على القضاء، وهو الوجه الحقيقي للفساد. هم يحاولون خلق جوٍّ ضاغط على القضاء من خلال الإعلام تماماً كما فعلوا أثناء توقيف العميد كرم. يجب على السّنيورة، كمسؤول سابق وكرئيس تكتّل نيابي، أن يُدان على ما يفعله. نحن نلتزم الصّمت وأنتم تعلمون أن لا نترك شيئاً يمرّ مرور الكرام، ولكن عندما تصبح الأمور بيد القضاء، لا يحقّ لأيّ أحد أن يضرب الصّفاء عند القاضي، وخصوصاً عندما يكون القضاء كالقضاء اللّبناني الذي تطغى عليه السّياسة، ومنها السّياسة المنتقمة في أغلب الأحيان، فتكون النّتيجة، الوصول بداعي الخوف إلى إحجام عن إحقاق الحقّ والعدالة.

في مرسوم سحب الجنسيّة الذي أنجزه رئيس الحكومة وقدّمه لرئيس الدّولة، وإن كان العدد ضئيلاً، نرى بداية لإحترام أحكام مجلس الشّورى، ونأمل أن يتابع هذا الموضوع لأنّنا نعرف الأعداد، وألاّ يكون المئة وخمسة وثمانون شخصاً جائزة ترضية، أي أنّهم يرضوننا بهذا العدد. نرجو أن يحترموا المرسوم لنهنّئ بعد ذلك من قاموا بواجباتهم واحترموا القانون أكثر من الذين حصلوا على حقوقهم من خلال القانون.

وفي موضوع آخر، لدينا إحتفال يوم عند السّاعة السّادسة من مساء يوم الخميس المقبل لـ "8 Oranges"، وهي شركة يشترك فيها من يريدون مساعدة التّيّار. قلت في العام 1992 أنّني لا أريد أن يدفع لبنانيّ واحد مبلغ مليون دولار، إنّما أريد أن يدفع مليون لبناني دولاراً واحداً كل شخص، لأنّ من سيدفع لنا مليون دولار سيصبح قادراً على المتاجرة بالقضيّة، إذ يكون له نفوذ كبير. لذلك أتمنّى على اللّبنانيّين أن يشتركوا بأكبر عدد ممكن إن كانوا يريدون المساعدة، وهذا لن يرتّب عليهم مصاريف زائدة، لأنّ كلّ من يشترك سيحمل بطاقةً يشتري بواسطتها من محالٍ معيّنة، ستدرج ضمن لوائح وتُوزّع على المشتركين، لنعود بعد ذلك ونحصل على قسمٍ من أرباح المحال. هذا مبدأ شركة "8 Oranges". ليس من يشتري هو من يدفع ويتبرّع، إنّما التّاجر الذي يقدّم قسماً من الأرباح.

 

ثمّ أجاب عن أسئلة الصّحافيّين:

س: كان لافتاً السّجال بين النّائب نبيل نقولا ووزير الدّاخلية مروان شربل، ولقد وصلَ كلامياً لحدّ النّيابة العامة التّمييزية ومحاكمة الرّؤساء والوزراء. كيف تقرأ هذا السّجال، وهل هذا يعبّر عن علاقة التّيار الوطني الحر بالوزير شربل؟

ج: الحادث هو فرديّ، ولكن إذا حصل تراكم فسيؤثّر. كل شيء كهذا له تأثير. ماذا قال النّائب نبيل نقولا حتى صارت هناك متابعة غير منظورة للحديث وأتبعت بالوصول إلى النّيابة العامة؟ أنا لن أتحدّث عن الجزء غير المنظور من الحادث، ولكن ماذا قال النائب نقولا؟ بم هو مُلام؟ عن أي كلام أو تعبير؟

 

س: ميليشيا. إذ لقد قالَ النّائب نقولا عن فرع المعلومات إنّه ميليشيا.

ج: ميليشيا؟! كلا، ف"الميليشيا" هي أمرٌ مرتّب جدّاً، فعندما تتكون ميليشيا يكون لها هدف ويُعتَرَف بها، وتلتزم بقوانين القتال. ولكن إذا أصبحت قوات مسلّحة مجتمعة خلافاً للقانون كما هي حالة فرع المعلومات، فستتعامل كعصابة مسلّحة، وليس كميليشيا.. الميليشيا لها أهداف وطنية أحياناً لمجابهة العدو المحتل، لا تأخذوا الأمر وكأنّ الميليشيا هي اهانة. ولكن في لبنان تطوّرَت عاداتٌ سيئة رُبطت بالميليشيا. في الواقع، كل حركات التّحرير في العالم يُسَمّونها ميليشيا، فهي جيشٌ مقاتل لتحرير وطنِه يتكون عندما تترك الدّولة أرضَها وتصبح تحت سيطرة الإحتلال.

 

س: قالَ النّائب أكرم شهيب في تصريحٍ له إنّ هناك فريقاً يريد أن يمسك الإدارة ويأخذَ كلّ التّعيينات ويقرَّ قانوناً انتخابياً على مقاسِه. ما هو ردّك على هذا الأمر؟

ج: بإمكانه أن يتخيّل ما يريد، فما هي التّعيينات الّتي أخذناها؟ هذه حرب وقائية، "فَشَر" أن يقومَ بها علينا، هو أو غيرُه! لدينا حقوق ونريدها. فلا يحاول أحد القيام بحربٍ وقائيةٍ علينا. هل يأخذُ غيري حصّتَه ويبدأ "بالتّفلسف" علينا؟! فَليتفضّل أصحاب الحقوق الّذين يعتبرون أنفسَهم أصحاب حق بما نطالبُ به، فَليتفضّلوا ويطالبونا بحقهم ويواجهونا بما اعتدينا عليهم.

 

س: لقد قلتَ عندما كنتَ في الكورة إنّ آخر مهلة لإنقاذ البلاد هي في العام 2013 أو سيحصل إنهيار...

ج: لن يتحمل البلد 4 أعوام أخرى بعد العام 2013.

 

س: ماذا تقصد بكلمة "إنهيار"؟ هل فعلاً ترى لبنان على شفيرِ الإنهيار؟

ج: أنتم لا تدركون تراكمَ الدَّين وإهمالَ القطاعات المنتِجة، ولا ترَون تطورَ الحاجات في الكهرباء والمياه، وكلُّ واحدٍ "يتفلسف" علينا ويضع العراقيل.. أنتم لا ترَون الخسارة الّتي تحصل في الخزينة. ولكن نحن نرى كلَّ هذا، فنحن مسؤولون! وأنا أنبّهُكم من أجل خياراتِكم في المستقبل. أنا لا يمكنني أن أعرف هذه الأمور من دونَ أن أنبّهَكم عليها، فيبقى ضميري مرتاحاً. في العام 2013 ستكون لحظةَ الخيار. أنا أنبّهُ اللّبنانيين وأقولُ لهم: إذهبوا وعبّروا عن رأيِكم. إن كانوا معي أو ضدّي، لا يهم. إذا قلتُم لي "شبعنا منك جنرال وعُد إلى بيتِك" فسأشكرُكم لأنّ العبءَ الّذي نحملُه ليس سهلاً. ونخوضُ مواجهةً مع الكل، إما بسبب بساطة التفكير أو بسبب المصلحة.. هم يواجهوننا في هذا الموضوع. ومن لديهم أولويات أخرى لا يمكنني أن أحملَهم إلى خطأ قد يصل بنا إلى المهوار، أو بالأحرى سيصل بنا إلى المهوار، لأنّ "قد" هي إحتمالية، ولكن أنا أؤكّد. فمن غير المعقول هذه الطّريقة الّتي يتعاملون معنا بها! لا قيمة لديهم للوقت، لا قيمة للمال، لا قيمة للإقتصاد، لا قيمة للعدالة بتوزيع الضّرائب... أبداً! لا قيمة لشيء عندهم، ولكن فقط هناك مال يكسبونه. وأفضل مثال على الأمر هو قانون الكهرباء، كم سبب خسارة؟ وذلك كلُّه لأنّهم أدخلوا عناصر تأخيرية على بدء البرنامج، وأنا أكرّر وأكرّر حتى يعرفَ الجميع أنّ كلّ دقيقة تكلّف 12 ألف دولار. كل دقيقة، وليس كل يوم! كل شهر يكلّف 17 مليون دولار، والعام 6 مليار دولار. 4 مليارات دولار عليكم، ومليارَين على الخزينة.

فعندما يريد أن يردّ عليّ شهيّب أو غيرُه، فليرُدّ على الأرقام! لأنّها تُقاس ويتبيّن من يكذب ومن يقول الحقيقة. ولكن أن يقوم بحرب نوايا، ويقول إننا نريد كذا ونريد أن نفعل كذا وكذا فهذا مرفوض..!! نحن مع النّسبية مثل أغلبية اللّبنانيين، هو ضدّ النّسبية. بسيطة جدّاً، هناك أكثرية في مجلس النّواب، إما أن يأخذَها هذا القانون وإما لا يأخذُها. ألا يختار على ذَوقِه هو أصلاً؟! هو وغيرُه..

 

س: هل أنتم مع إعادة تفعيل الحوار كما دعا يوم أمس الرّئيس نبيه برّي في صحيفة "السّفير"؟ وهو قالَ إنّكم وحزب الله والرّئيس ميقاتي موافقون، وإنّ هناك جهة وحيدة معارضة هي تيار المستقبل.

ج: أنا مع الحوار، ولكن شرط أن يُحَدَّد الموضوع. في المرّة السّابقة، حدّدنا الموضوع، فخرجنا عن التّحديد الخاص به. نحن بدل أن ندرسَ الاستراتيجية الدّفاعية، أصبحنا ندرس كيفية نزع سلاح حزب الله! مرّت أعوام ونحن نبحث في هذا الموضوع، وهو ليس الموضوع الحقيقي.

إذا أرادوا أن يبحثوا في الاستراتيجية الدّفاعية، فَليتفضّلوا، أنا قد قدّمتُ أوّل نسخة وأنا متمسّكٌ بها، فليقوموا بنقدِها، وبتصحيحها إذا أمكنَ ذلك. ولكن ليس أن نختلق بين حين وآخر دراسات ومبادىء وأسباب.. فَليأتوا ويرَوا الأوضاع العملية للمجتمع اللّبناني، لقدرتِه الإقتصادية وحجمِه الدّيمغرافي، ويحدّدوا الاستراتيجية الدّفاعية. وعندها فلنرَ بأي طريقة يريدون أن يدافعوا عن لبنان. ولكن أن ننطلق من المبدأ الأول بطريقة خاطئة ونقول إن "لحزب الله قرار السّلم والحرب"، فهذا غير صحيح، وآخر شخص في لبنان وفي العالم يعرف أنّ قرارَ السّلم والحرب هو بيدِ أميركا وإسرائيل. ومن لا يصدّق ذلك فَليدرس التّاريخ منذ تأسيس إسرائيل حتى اليوم.

من جهةٍ أخرى، لبنان هو دولة مساندة وليس دولة مواجهة. ليس لبنان من هجمَ على إسرائيل بل العكس تماماً. لقد دخلَ الإسرائيليون أرضَنا وبيوتَنا، ماذا نفعل؟ لا ندافع وندعو الآخرين لمساعدتنا والدفاع بدلاً منا؟! كيف بالإمكان تحرير الأرض إذا احتلت؟ يتحدّثون عن سلاح المقاومة ويصفونه بغير القانوني وغير الدستوري، ولكن هل سلاح المقاومة هو للأرض الحرة والّتي فيها دولة، أم للأرض المحتلة والّتي انسحبَت منها الدّولة؟! ثلاثة مفاهيم خاطئة أدخلوها إلى العقل اللّبناني، وأصبحنا نسمعها في الصّالونات: "كيف نعطي قرارَ الحرب أو السّلم لحزب الله؟".. "لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة"، و"سلاح حزب الله ليس شرعياً".. أين يحتاج سلاح المقاومة إلى ترخيص؟! في أي بلد؟ أيأخذُ ترخيصاً من الدّولة المحتلة، وسببُ حملِه إباه هو الإحتلال؟!

من وضع شرعة الأمم المتحدة قضاةٌ يعرفون بالقانون، وهم من قال إنّه من حق الشّعب تحرير أرضِه بأي وسيلة من الوسائل المتوفرة لديه.. إذاً، إذا أرادوا أن يحدّدوا استراتيجيةً دفاعية، فيوجد لها أصول ومبادىء، ويُبحَث بها علمياً. لو توقف الامر علي لكان بإمكاني أن أنفّذها خلال أسبوع. حتى لو كان هناك نظرية ثانية، فنناقشُها، ونختار الأفضل. ولكن أصبحَ كل واحد يبحث كيف سيهدّمُ الآخر. بينما الحوار الحقيقي ليس كذلك. أساس الحوار هو الإقرار بوجود مشكلة، ثم الإتفاق على حلِّها سويّاً، ثم أن يقدّمَ كلُّ واحدٍ ما هو الأفضل برأيه حتى يجمعوا ما بين الآراء لحلّ المشكلة، إذ يجب أن يصلوا إلى حلٍّ ما في النّهاية. وحصيلة الحل الّذي سيصدر لا يملكها أحد، فإذا ساهمَ بها أحدُهم 5% والآخر 95%، فالحل هو للإثنين، ولكل من شارك بصنعِه. الحل لا يُقَسَّم. لا يمكن لفكرةٍ فيه أن تنتصرَ على أخرى. فمجرّد أن يصدرَ هذا الحل عن المجموعة بعدما وافقت عليه، فهو لجميع النّاس. هذه أصول الحوار.

أما من يريدُ أن يدافع في محكمة ليربحَ الدّعوى، فهذا موضوعٌ آخر. يُسَمّوه حواراً وحبّذا لو يصبح نقاشاً! بل يصبح مدّعي ومدّعى عليه، ودفاع وقاضٍ.. ولكن عندما نريد أن نستعمل كلمة "حوار" يجب أن نعرف معناها ونعرف كيف تطبّق عملياً. هل هي نقاش، هل هي تبادل آراء، هل هي مفاوضات..؟ هذا نوعٌ من العلاقة والمناقشة على طاولة الحوار، ولكن للحوار معنى محدد وكذلك للنقاش، فليبحثوا عنها في القاموس الفرنسي لأنه يحدد الفرق بينها بدقة.

 

س: ما رأيك بالدّعوة إلى حياد لبنان الّتي أطلقَها غبطة البطريرك الرّاعي في أميركا؟

ج: حياد ولكن ليس بالمطلق. هو لم يتحدّث عن حياد بالمطلق، بل سيظلّ حاملاً القضايا العادلة الّتي تتعلّق بالعرب وبغيرهم، أي أنّه ليس حياداً انعزالياً.

 

س: ما رأيك بالدّعوة إلى حياد لبنان الّتي أطلقَها غبطة البطريرك الرّاعي في أميركا؟

ج: حياد ولكن ليس بالمطلق. هو لم يتحدّث عن حياد بالمطلق، بل سيظلّ حاملاً القضايا العادلة الّتي تتعلّق بالعرب وبغيرهم، أي أنّه ليس حياداً انعزالياً.

  • شارك الخبر