الوقائع والمعطيات تؤكِّد أنّ معادلة "الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل داخل الحكومة معاً أو الإثنان خارجها معاً"، وإن تحقَّقت "بالفعل" من جانب الحريري و"بالشكل" من جانب باسيل، لم تؤتِ ثمارها الناضجة كما توقَّع مَن وضعها ومَن رفضها على حدّ سواء.

بمعزل عن الأسباب والدوافع والرغبات والطموحات لكليهما، من الواضح أنّ رفض شروط الرئيس الحريري ومن ثمَّ تمسّكه بقاعدة "ليس أنا، بل أحد آخر" وانتهاءً بإعلانه العزوف عن الترشح لتشكيل الحكومة المقبلة، قد فرضت على القوى الأساسيّة في التحالف الحكومي "الثنائي الشيعي والتيّار الوطني الحر" تأليف حكومة من دون الحريري، برغم ما يمثّله داخليّاً، شخصيّاً وسياسيّاً ونيابيّاً وطائفيّاً وميثاقيّاً، وخارجيّاً.
من الإنصاف القول أنّ عزوف الحريري، وبالتالي خروجه من الحلبة الحكوميّة، لم يعرقل إجراء الاستشارات النيابيّة الملزمة، بل سهَّل الأمر، حتى أنه شارك فيها مثبّتاً القول بالفعل، والتي أفضت إلى تكليف الدكتور حسَّان دياب تشكيل الحكومة العتيدة.
في المقابل، وبرغم أنّ ما لم يُعطَه الحريري أُعطيَ لدياب، إلّا أنّ تشكيلة الرئيس المُكلَّف ما تزال أسيرة شروط باسيل وإصراره على وضع بصمته على الحصّة المسيحيّة في الحكومة لاعتبارات سياسيّة وطائفيّة وحزبيّة ومستقبليّة.
بالمشهود والملموس، خرج الحريري فتمَّ التكليف بينما خرج باسيل فتأخَّر التأليف، وربما في هذه النتيجة ما يستحق التوقف عنده.
بعد اجتماع تكتل "لبنان القوي"، في 3 كانون الأول 2019، قال باسيل: (اللبنانيون يطالبوننا بإنقاذ البلد وإذا خيّرنا بين وجودنا في الحكومة ونجاحها، فنحن نختار النجاح).
ماذا يمكن أنْ يحصل في حال تمسّك الرئيس دياب بقاعدة "أنا أشكِّل الحكومة، وليس أحداً آخر"؟
- هل سيثبت باسيل القول بالفعل، كما فعل الحريري، ويمتنع عن المشاركة في التشكيلة الحكوميّة الجديدة؟
- هل سيخرج حلفاء باسيل معه، كما خرج حزب "القوّات اللبنانيّة" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" مع الحريري؟
والأهم،
- هل سيوقِّع رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون - المضمون توقيعه على حكومة لا تضم الحريري وجنبلاط وجعجع-على تشكيلة حكوميّة لا يتمثّل فيها التيّار الوطني الحر ورئيسه؟
أيّ السؤالين هو الأصح: "لماذا أُعطيَ دياب ما لم يُعطَه الحريري"، أو "لماذا يُعطى باسيل لوحده ما لم يُعطَه الحريري سابقاً ودياب حتى الآن"؟