hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - دافيد عيسى- سياسي لبناني

لماذا سعد الحريري مع حكومة تكنوقراط؟

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٩ - 08:47

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

 تعودت على قول الحقيقة وقناعاتي والواقع، مع العلم انه في أحيان كثيرة تكون الحقيقة واضحة كعين الشمس لكن من شدة وضوحها لا نستطيع النظر اليها، من هنا أقول ان سعد الحريري هو الممثل الأقوى للطائفة السنية وقد حاز تأييدها و"مبايعتها" لرئاسة الحكومة وانه الوحيد سنياً القادر على ترؤس حكومة إنقاذ، ربما هذا الكلام سيفرح البعض وربما سيزعج البعض الآخر لكن هذه هي الحقيقة التي يجب ان نراها.
على صعيد ما يحصل في المنطقة مذهبياً سعد الحريري هو الضمانة للاستقرار "السني – الشيعي" في البلد وعدم انفلات الشارع والجنوح نحو الفوضى وقد أثبت في السنوات الماضية عندما ظهر خطر الإرهاب مهدداً أمن لبنان وسلامته وعندما كان الصراع "السني – الشيعي" على أشده في المنطقة، أنه قادر على إقامة حوار مع "حزب الله" تحت سقف عين التينة ليكون الحوار "السني – الشيعي" الوحيد في المنطقة.
وعلى الصعيد الدولي سعد الحريري هو الممر لدخول ووصول الدعم الدولي للبنان وترجمته مساعدات ومشاريع، بحكم ما يتمتع به من شبكة علاقات دولية ورث أكثرها عن والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونسج خيوط بعضها الآخر. وكم كان الرئيس نبيه بري على حق وصواب عندما أبدى على امتداد الأسابيع الماضية تمسكاً بالحريري رئيساً للحكومة، واستعداداً لتسهيل مهمته وأموره لأن الرئيس بري خبير ومتمرس في لعبة التوازنات والتناقضات اللبنانية بأبعادها الوطنية والميثاقية.
كفى انفصالاً عن الواقع كفى تعامياً عن وجع الناس، المطلوب وبأسرع وقت ممكن قيام حكومة جديدة تتمتع بمصداقية وقدرة على تنفيذ المهمة الموكلة اليها وهي مهمة محددة بإنقاذ البلد ووقف حالة الانهيار الاقتصادي والمالي.
لن يكون في مقدور أي طرف فرض الحكومة التي يريدها، وأي حكومة لن تخرج الى النور إذا لم تكن نتاج التوافق بين مختلف القوى والأطراف الأساسية، والتوفيق بين مختلف المطالب والمصالح السياسية.
فأي حكومة، كي تستمر وتكون منتجة وقادرة ومستقرة، يجب أن تحظى بثقة الشعب اللبناني اولاً و"الشارع المنتفض" الذي لم يسقط حكومة للإتيان بحكومة مشابهة وتلقى المصير ذاته، وإنما للإتيان بحكومة جديدة موثوق بها وبقدرتها على مكافحة الفساد وتنقية إدارات الدولة وتحقيق المطالب المحقة، وكما يجب ان نحظى بثقة المجتمع الدولي المستعد لمد يد المساعدة الى لبنان ولكن دعمه ليس مجانياً وعشوائياً وإنما دعم مشروط بحكومة توحي بالثقة والقدرة على تنفيذ الإصلاحات ومنع وقوع المساعدات والأموال الجديدة في "براثن" الفاسدين وأصحاب الصفقات والمافيات.
لا يكفي لأي حكومة جديدة ان تنال ثقة مجلس النواب حتى تستوفي شروط ومقومات الاستمرار والاستقرار، خصوصاً وأن المجلس النيابي المنتخب منذ عام ونصف تقريباً خسر الكثير من رصيده وهيبته بعدما كانت الانتفاضة بمثابة استفتاء شعبي وانتخابات من نوع آخر، فالمطلوب ان تنال الحكومة ايضاً الثقة الشعبية كما الثقة الدولية لتكون لنا حكومة قادرة على الصمود وقيادة سفينة الوطن في مرحلة انتقالية صعبة. من هنا يجب ان تحسم مسألة الحكومة وعلى أساس ان تأخذ بعين الاعتبار الوضع الشعبي الجديد، والموقف الدولي المحدد والواقع السياسي المنبثق عن الانتخابات الأخيرة والذي يظل ساري المفعول الى حين إجراء انتخابات جديدة ومبكرة.
والترجمة العملية لهذه الحكومة شكلاً ومضموناً هي في ان تكون حكومة اختصاصيين وخبراء، اما البرنامج الانتقالي فإنه برنامج اقتصادي إنقاذي لا مكان فيه للملفات والمسائل السياسية التي غالباً ما تؤدي الى خلافات وتوترات، ويتفرغ عندها مجلس النواب الى مساءلة ومحاسبة ومراقبة هذه الحكومة بشكل جدي وفاعل وحقيقي، هذا المجلس الذي يضم مختلف الكتل السياسية والحزبية والتي تمثل اغلبية الأحزاب السياسية اللبنانية.
أما حول ما حكي ويحكى عن إمكانية ان تكون حكومة تكنوقراط حكومة إملاءات خارجية أو تنفيذ اجندات خارجية تهدف الى عزل او استهداف فريق سياسي لبناني معين او الضغط عليه او التآمر عليه فهذا من سابع المستحيلات وكلنا يعلم ان هذا الكلام لا يدخل في عقل انسان عاقل كونه غير ممكن وهو تهويل في غير مكانه.
من هنا إذا أردنا ان ننقذ بلدنا يجب ان نبادر، مسؤولين وسياسيين، الى حكومة مسؤولة وان نصغي الى نصائح ومتطلبات المجتمع الدولي الجاهز لمساعدة لبنان ولكن بشرط تنفيذ خريطة الطريق التي تفضي الى إصلاحات ملحة والتزام سياسة النأي بالنفس عن التوترات والأزمات الإقليمية. ولكن الأهم من كل ذلك ان المطلوب من الذين في يدهم الحل والربط الإنصات الى أنين وصراخ الناس والى القلق والخوف والوجع والقهر لديهم والى الكابوس الذي يعيشونه من جراء الانهيار المالي والاقتصادي وحالات الصرف الجماعي التعسفي للموظفين والعمال والضائقة المالية والنقدية.
لا يبدو حتى الآن ان المسؤولين واعون ومدركون لخطورة الوضع وما زالوا يقاربون الازمة بذهنية المحاصصة والمصلحة الخاصة وكأن شيئاً لم يتغير ولم يحدث منذ شهرين. السلطة في وادٍ والناس في وادٍ آخر. الناس ناقمون خائفون والمسؤولون لاهون غافلون ومنفصلون عن الواقع.
دقت ساعة الحقيقة وحان أوان القرارات الصعبة والحاسمة.   

  • شارك الخبر