hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشابة

بنك "الطاقة" في لبنان

الثلاثاء ١٩ تشرين الثاني ٢٠١٩ - 06:18

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الكهرباء في لبنان تُعدّ من أكبر المآسي التي مرت وتمر على الشعب اللبناني. إنها عقدة لم تفكّها معظم القوى السياسية التي تسلمت حقيبة وزارة الطاقة منذ إنتهاء الحرب الأهلية حتى اليوم. إنها مورد رزق للمئات ومورد إخضاع وتجويع لمعظم الشعب اللبناني.
لنبدأ بنظرة عامة حول واقع الكهرباء اليوم. فإنتاج لبنان من الكهرباء يقدر بنحو 1800 ميغاوات. والمشترات من سوريا وتركيا بنحو 500 ميغاوات، وحاجة لبنان حاليا هي 3500 ميغاوات، أي نحن ينقصنا 1700 ميغاوات.
يوجد نوعان من الهدر للطاقة، فني حيث يبلغ نحو 17 بالمائة بسبب عدم كفاية الطاقة الإنتاجية، واستمرار تشغيل المعامل الغازية على الديزل عوضاً عن الغاز الطبيعي، والتقادم وقلة الصيانة. وهدر غير فني يبلغ نحو 18 بالمائة، بسبب السرقات و التعدي على شبكة الكهرباء.
إن كلفة إنتاج الكيلووات الواحد وفق تقرير وزارة الطاقة، يبلغ 255 ليرة (63% فيول و37% التوليد)، بينما يكلّف توليد الكهرباء في المعامل الحراريّة كمتوسّط عالمي 62 ليرة. هكذا، يكلّف الكيلووات اللبناني 4.1 مرّات من نظيره العالمي، بفعل الهدر المستشري في المؤسسة. أمّا تقرير الوزارة، فيعترف مسبقاً بـ40% كنسبة خسائر تقنيّة وغير تقنيّة وفواتير غير محصّلة.
تبلغ التكلفة السنوية للخسارة في الكهرباء في لبنان قرابة ملياري دولار. وحسب صندوق النقد الدولي إن التكلفة المتراكمة لدعم شركة كهرباء لبنان تعادل نحو 40 بالمائة من إجمالي ديون لبنان، أي نحو 40 مليار دولار. والبنك الدولي يعتبر ان نقص الكهرباء يأتي في المرتبة الثانية بعد عدم الإستقرار السياسي، في عرقلة النشاط التجاري والإقتصادي. هذا ناهيك عن الأضرار البيئية والصحية الناتجة جراء طريقة إنتاج الطاقة في لبنان.
ولكن كل تلك الأرقام والمصائب التي يدفع ثمنها الشعب اللبناني، تُعَد نعمة على بعض المستفيدين من تلك الأزمة، لأنها "بنك الطاقة" لهم. أول مستفيد من تلك الأزمة كارتيل النفط في لبنان الذي تتشارك معه بعض القوى السياسية والنافذة، حيث ان كلفة إستيراد مادة الفيول ملياري دولار سنويا تقريبا. وحسب وزارة الطاقة أن 63% من كلفة الإنتاج هي الفيول، أي كلفة الإنتاج العالية يعود ربحها لهذا الكارتيل. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى مافيا المولدات الخاصة، حيث تسيطر على معظمها أغلبية القوى السياسية وتجني أرباحا هائلة، حيث ان المولدات تستهلك الفيول أيضا. لذلك فإن هذه الأزمة تفتح الباب أمام هذا الكارتيل لأن يستفيد من الدولة ومن مافيا المولدات الكهربائية!
فواقع الكهرباء اليوم هو الأمثل لهذا الكارتيل، بحيث يستفيد من هذا الوضع ويفيد معه بعض المتحاصصين والشركاء والنافذين في الوطن. هذا عدا عن التلاعب بكمية الفيول التي يتم إستهلاكها ويتقاسم ألارباح أفراد بنك "الطاقة". حتى البواخر التي إستوردناها لإنتاج الطاقة تكلف مبلغ 700 مليون دولار سنويا بدل استئجارها، عدا بدلات العمال والصيانة والفيول.
إن حاجة لبنان للطاقة سوف تزداد عاما بعد عام، و بالتالي نسبة الهدر وخسارة الدولة إلى إزدياد إن بقى الوضع على حاله، والحلول موجودة لكنها بحاجة إلى إرادة سياسية.
الحل يجب أن يكون على الصعيد الثلاثي: الإنتاج، النقل والتوزيع. على صعيد الإنتاج أهم الحلول بالتوازي: إنشاء معامل جديدة، حيث تكلفة إنشاء معمل جديد نحو 450 مليون دولار، ونحن نستأجر بواخر لإنتاج 385 ميغاوات فقط، بمبلغ 700 مليون دولار سنويا. وإستبدال مادة الفيول بالغازالطبيعي حيث تكلفته أقل بكثير، إذ يخفض تكلفة الإنتاج التي تعد أكثر بأربع مرات من التسعيرة العالمية.
الإنتاج أيضا يجب أن لا ينحصر بالمعامل التقليدية، إنما نحن بحاجة الى أن نبدأ بالإنتقال إلى الطاقة البديلة التي تعتبر فاتورتها أقل على الصعد المختلفة ماديا وصحيا وبيئيا، فتبلغ تكلفة الميغاوات الواحد من خلال الطاقة الشمسية 8 سنتات. ومن الطاقة الهوائية 12 سنتا. و نحن ندفع اليوم 63 سنتا. فلبنان لا يستفيد إلا بخمسة بالمائة من إنتاجه من الطاقة المائية فقط، بينما53 بالمائة من إجمالي الغازات الدفينة في لبنان عام 2012 كانت بسبب قطاع الطاقة في لبنان.
أما من ناحية النقل، فعلى الدولة إكمال الشبكات وإنشاء جهاز التحكم الوطني للتمكن من تخفيض الهدر، الذي صدر قرار بإنشائه عام 1993 أبان إنشاء و تأهيل قطاع الكهرباء.
ومن ناحية التوزيع نحن بحاجة إلى زيادة حلقات المرونة لضبط الهدر الفني وإيقاف الوصلات غير الشرعية المغطاة سياسيا.
الكهرباء في لبنان قابلة لأن تربح أو على الأقل ان لا تخسر، ولكن ذلك بحاجة إلى قرار وإرادة.
 

  • شارك الخبر