hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

كتابات وهتافات والكلام يوصل...

الأحد ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٩ - 07:17

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"مشّ هيّن تكون لبناني" يا لبناني! و"مشّ هيّن" أن تحلم وتطمح وتتمنى وتأمل. و"مش هيّن" أن تعيش إحباطاً تلو إحباط تلو إحباط... وتظلّ تحلم.

أمس، تظاهر "اللبناني" من جديد وهتف "ثورة ثورة ثورة" وكلّ هذا تحت عيني رياض الصلح الشاهد الأوّل، في ساحتِهِ، على كثير من الوجع، وبعض الفرح، وكثير من المطالب وكثير كثير من اللحظات المجبولة بدموعٍ ساخنة!

بكثير من الدهشة يمشي "المتظاهر" في أرجاء الـ "داون تاون". هو يوم "تظاهرات الواتساب" الثالث. الأرصفة مليئة بالزجاج الذي تحطم للمرة الثالثة أو الرابعة في المكان نفسه. هو مصير هذا المكان منذ "ثورة أرز" غاربة. الشابات يحملن أكياساً ويرفعن نفايات نتجت عن اليومين السابقين. إنهن شابات رائعات يكسرن مشاهد الشباب الذين حطموا الواجهات وانتزعوا المقاعد وحرقوا ونهبوا ودمّروا. مي خليل (رئيسة جمعية بيروت ماراتون) تساعد في لمّ النفايات وفرزها مرددة: "الحرية إلها ثمن".

وجوه ٌ سود كثيرة. مالكو المحال المجاورة اسودّت وجوههم وهم يحصون الأضرار. يا الله. رددها كثيرون مرّوا في الجوار. بنك البحر المتوسط لم يبق منه شيء. شباب "مقاومة مدنية" يساعدون في أعمال التنظيف. والشعارات المزروعة في كل الحنايا تروي قصة الثورة: "في شي إلنا بهالشوارع لازم ناخدو". "كلنا للوطن والوطن للمصارف". "سوليدير إلنا". "حكم الأزعر".

هنا كان محل الأحذية الذي سُلب بالكامل. أحدهم وقف أمامه مردداً "لم يبق فيه شريط صباط". عشرات الأحذية العتيقة جُمعت على رصيف. يبدو أن أصحابها استبدلوها بأزواج جديدة. وكالة بركات للسفريات أخذت إحتياطاتها وعلقت أوراقاً بيضاء وطالبت المتظاهرين بكتابة ما يشاؤون عليها أما هي فكتبت: "وقت تئذونا إنتو عم تئذوا لـ متلكن". الهتافات تعلو وتيرتها: "بيّ الكل وْعا". علمٌ لبناني كبير وصل وحاملوه يرقصون على إيقاعات أغنية "لبنان رح يرجع والحقّ ما بيموت والشمس رح تطلع تزيّن سما بيروت" لجوزف عطيه. وضعوا العلم على الطريق وعبّر المتظاهرون بآرائهم عليه. تدوينة لفتت الكثيرين: "قلوبنا معكم بس ما فينا نعمل شي". التوقيع: عسكري في الجيش اللبناني.

إنقسم المتظاهرون مجموعات. ولكلِ مجموعة أسلوبها في الإعتراض والطلب والرفض. وكلما اقتربنا أكثر من الشريط الفاصل بين المتظاهرين في ساحة رياض الصلح وساحة السراي الحكومي إشتدّ وجود من يعشقون التحدي. هناك، عند الشريط، وقف شبان وشابات نادوا على العسكريين في الضفة المقابلة وراحوا يخاطبونهم. شباب من الضاحية الجنوبية إفترشوا الأرض. بعلبكيون راحوا يغنون: "لا بيبسي ولا ميرندا (...) يا رندا"(في إشارة إلى عقيلة رئيس مجلس النواب السيدة رنده بري). لبنان، بيكون (...) ميشال عون. "فيري وبرسيل (...) يا باسيل". اللبنانيون بارعون في الشعر والنثر والجناس التي تترجم شؤونهم وشجونهم ومشاعرهم. العلمُ اللبناني فوق السراي يرفرف كثيراً مع هواء تشرين. تسلّق الشبان و"عربشوا" على تمثال رياض الصلح ووضعوا بين أصابع رجل الإستقلال الأول العلم اللبناني. مشهدٌ جميل. نتأمل في الشيخ رياض، في قدمه اليمنى التي تتقدم على قدمه اليسرى وفي يده اليمنى التي يضعها على صدره. نتمعن أكثر في وجهه وعينيه وظهره الذي يديره للسراي. يا الله كم مرّ أمام عينَي رجل الإستقلال هذا من ويلات ومحطات وانتصارات وإنكسارات. وكم من خيمة وخيمة رُكزت عند أقدامه آخرها خيمة أهالي العسكريين الذين ضاعوا في الجرد قبل أن يُعلن موتهم على أيدي داعش.

أصواتُ المتظاهرين تعيدنا الى الواقع، الى اللحظة. شبانٌ يهتفون: بعلبكيي وجنوبيي بدنا نسقط الحكومة. العسكر وراء الفاصل الحديدي يعيدون تدعيم حاجز الحماية. أكثر من ألف عسكري والمتظاهرون يصرخون فيهم: عسكر على مين؟. هم يمدون أسلاكاً كهربائية. كلامٌ تكرر بين المتظاهرين. أحد الشبان ذو لهجة بعلبكية بدأ يهز الحاجز الحديدي في شكلٍ هستيري فأتت حجّة وأنبته مرددة: عيب عليك. أترك الحاجز. أجابها: ما خصك... وإذا لم يعجبك إرجعي الى منزلك. المتظاهرون من إنتماءات وطبقات ومناطق وأفكار كثيرة متنوعة.

الشابات اللواتي يرفعن النفايات يتابعن بدينامية. وصل علم لبناني آخر طوله أكثر من عشرين متراً. رُكّز على الحديد الفاصل بين السلطة ومن يطالبون بإسقاط السلطة. يافطة "هنا بوابة فاطمة" رُكّزت قبالة السراي الحكومي. والهتافات التي طالت رموزاً تُعدّ وطنية كثيرة. أذنا الرئيس نبيه بري لا بُدّ أن تكونا قد طنّتا طوال النهار. نتابع طريقنا فنقرأ بين "الشخبطات" كلمتين: "جوليا اخرسي"!

هتافان لم يهدآ: "بالمجلس 28 وميّة... كلّن كلّن حراميي" و "فلّ فلّ فلّ عهدك جوّع الكلّ". وهناك هتاف ثالث سُمع مرات: "لبيك يا نصرالله". هل هو تناقض أم هو تمييز مقصود؟ المتظاهرون منهمكون بالدبكة اللبنانية الأصلية وزغاريد النسوة ترتفع مجدداً على صوت جوزف عطيه: لبنان جنّة مقدسة أوعا تخاطرو فيا هيدي وصيّة مكرسي". الإنتماء كبير. لبنان ما زال جنّة بالنسبة الى كثيرين. تقدّم الوقت. الشمسُ تكاد تغيب. هو موعد مجيء المشاغبين. هو موعد حراك الطابور الخامس. هو موعد حراك السلطة.

نوال نصر - نداء الوطن

  • شارك الخبر