hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - نبيه البرجي - الديار

في حضرة الصواريخ المجنونة

الأحد ١٣ تشرين الأول ٢٠١٩ - 06:20

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

السيناتور لندزي غراهام، الصديق الأقرب الى دونالد ترامب في تلة الكابيتول، قال «لقد جعلتني تغريداته أشعر بالغثيان». الترجمة الأكثر دقة: «... أشعر بالرغبة في التقيؤ»!

بين اليوم واليوم، بين الساعة والساعة، ينقلب الموقف رأساً على عقب. هو أعظم دولة في التاريخ أم صاحب حانوت في احدى ضواحي الصفيح في البيرو؟ بالأمس اعتبر أن التدخل في الشرق الأوسط أسوأ قرار في تاريخ أميركا. اليوم قرر ارسال قوة عملانية من ثلاثة آلاف جندي, بالطائرات المقاتلة وبمنظومة الباتريوت، الى السعودية.

الأمير محمد بن سلمان يعلم أن سياسات قرع الطبول تتوارى. لا أحد يمكن أن ينتصر في مثل هذه الحروب سوى حفاري القبور، وسوى مصانع الأسلحة، وسوى أولئك الذين يتعاملون مع الأمم الأخرى على أنها الحثالة التي لا جدوى من بقائها على سطح الأرض.

بات جلياً للجميع أن أسوأ ورقة يمكن أن تستخدم على أرض المعركة، أو في ردهة المفاوضات، هي الورفة الأميركية. لا تتصوروا أن دونالد ترامب وحده بتلك الشراهة الهيستيرية للمال. منذ أيام جورج واشنطن وهو العصب الايديولوجي، والعصب الاسترتيجي، للدولة.

تعلمون قصة البعثة الأميركية الى الفاتيكان والتي حاولت اقناع الحبر الأعظم بانهاء القداس بعبارة تدعو الى تناول الكوكاكولا مقابل ملايين الدولارات. الآن، وول ستريت هي الحاضرة المقدسة في الليتورجيا الأميركية.

ذاك الاهتمام بالشرق الأوسط، وقد بلغ ذروته مع «مبدأ ايزنهاور» حول ملء الفراغ، ليس من أجل عيون العرب، ولا من أجل عيون اليهود. هنا الدم الذهبي الذي تغتذي منه الأمبراطورية.

التعاطي مع الغزو التركي لشرق الفرات يثير الذهول، مثلما يثير الضحك (أم الغثيان؟). فتح الطريق أمام رجب طيب اردوغان ثم الانقلاب الدراماتيكي في الموقف، ودعوة وزارة الخزانة الى صياغة العقوبات. هل تعلمون بما هدد الرئيس التركي ؟ ليس فقط اقفال قاعدة انجرليك، واستضافة الصواريخ الروسية على أرضه، بل ووضع اليد على الرؤوس النووية المودعة في القاعدة.

هذا هو دونالد ترامب. التقهقر فور أن تلامس قدماه ألسنة اللهب. تبريره للتخلي عن الكرد أكثر من أن يكون كاريكاتورياً. كان يفترض بالملاّ مصطفى برزاني الذي فر من «جمهورية مهاباد» في ايران الى الاتحاد السوفياتي سيراً على الأقدام أن يبعث ببوارجه، وبقاذفاته، الى النورماندي لدحر الاحتلال النازي.

لماذا التغاضي الروسي عن العملية العسكرية ؟ دائماً كانت موسكو الى جانب الأكراد. خانوها في شمال العراق، وفي شمال سوريا، والتحقوا بالعربة الأميركية.

ثمة تعهد من اردوغان بنقل الفصائل المعارضة من منطقة ادلب، بحساسيتها الجيوستراتيجية كونها تتاخم محافظات حلب وحماه واللاذقية، الى «المنطقة الآمنة». هذا زمن البراغماتيات الكبرى لا زمن الايديولوجيات الكبرى.

جلبة في اسرائيل عقب مقالة توماس فريدمان في جريدة «هاآرتس». 150 صاروخاً يطلقها «حزب الله» من الطراز الذي استهدف منشآت آرامكو، اذ تدمر مفاعل ديمونا، بالمفاعيل الكارثية، تدمر المرافئ، والقواعد الجوية، ومحطات توليد الكهرباء، ومحطات ضخ المياه، اضافة الى مصنع شرائح انتل، وشبكة شركات البرمجيات والتكنولوجيا وخلافها.

قريباً، دعوة بنيامين نتنياهو الى البيت الأبيض من اجل ارسال قوة عملانية مماثلة لحماية اسرائيل من صواريخ السيد حسن نصرالله.

ألم تحذر هيلاري كلينتون من «فوضى الصواريخ المجنونة في الشرق الأوسط» ان على الأمن الاستراتيجي للدولة العبرية أو على المصالح الحيوية للولايات المتحدة؟

وقف الجنون يبدأ من البيت الأبيض. مقالة فريدمان أظهرت للاسرائيليين انهم، فعلاً، داخل بيت العنكبوت. ما يعني أي ادارة في أميركا ما تقوله السوق لا ما يقوله... الكتاب المقدس!

  • شارك الخبر