hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - جلال حيدر

أزمة الطيران المدني والمطار: مشكلات وحلول 2/2

الجمعة ٤ تشرين الأول ٢٠١٩ - 06:17

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

استعرض الخبير جلال حيدر في القسم الاول من هذا المقال، واقع الطيران المدني ومطار مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وسبل النهوض بقطاع الطيران المدني في لبنان. ويتابع في الحلقة الثانية والاخيرة من الموضوع عرض واقع شركة MEA ، الإنجازات التي حققتها والدور التاريخي الذي لعبته الشركة في دعم المطار وقطاع الطيران في لبنان

شركة طيران الشرق الأوسط
أما بالنسبة لشركة طيران الشرق الأوسط، هذه المؤسسة العريقة التي تمثل الصمود اللبناني عبر تحديات كادت تودي بها أكثر من مرة، إذ لا يخفى على أي مواطن أو مسؤول لبناني ما تعرضت له من مصاعب، وبالأخص بين الفترة الممتدة من عام 1968 حين تم تدمير أسطول الشركة في هجوم على مطار بيروت مرورا بحقبة الحرب الأهلية حتى العام 2000، وما بعدها حيث ارتفعت من تحت ركام الحرب من خلال خطة جريئة وناجحة قامت بتنفيذها الإدارة الحالية. إذ قامت الشركة بتجديد أسطول متهالك غالب طائراته كانت من الجيل الأول للطائرات النفاثة، بالإضافة الى إعادة النظر بشبكة خطوطها الجوية التي شكلت عبئاً كبيراً على إيرادات الشركة، وأيضاً إعادة هيكلة جهازها البشري الذي كان يعاني من تخمة وظيفية وعمالية بلغت أكثر من 25 بالمئة، وهذا ما يتعارض مع أبسط قواعد الإنتاجية الخاصة بشركات الطيران، إذ توجد معادلة مواد بشرية لتشغيل الطائرات بناءً على معدل ساعات الطيران اليومية مع أعداد الركاب والرحلات وباقي التكلفة التشغيلية.
  اضافة لذلك، فبالرغم من كل التحديات التي واجهتها، واظبت الشركة على تقديم الدعم لإستمرارية المطار وصيانة مرافقه لسنو عديدة حتى يومنا هذا
فلولا الدعم الذي قدمته الشركة خلال حقبة الحرب الأهلية وبعدها، لكان المطار توقف عن العمل اذ كانت الشركة تزود المطار بالطاقة الكهربائية بلإضافة الى صيانة مهابط الطائرات ودفع رواتب الموظفين من حين لأخر، بالأخص موظفي الإطفاء والمراقبة الجوية.
لكن المهمة الأصعب في تاريخ MEA تمثلت بمرحلة ما بعد الحرب، حيث تطلب إنقاذ الشركة عملية بناء شاملة وهذا ما حدث بالفعل، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بأن نجاح شركات الطيران يقوم على البناء والتحديث المتواصل للطائرات والكادر الوظيفي، وأيضاً إعادة النظر بسياسة التسويق بناءً على خطط المنافسة بين شركات الطيران العالمية، والتي تتأثر بعوامل دولية ومحلية عديدة.
فماذا حدث خلال عشرين سنة منذ بدأت رحلة إعادة البناء المستمرة حتى اليوم؟
قبل الخوض في إستعراض النجاح الذي حققته الشركة، أريد أن أتوقف عند بعض الأمور التي يتم التداول بها من حين لآخر، وهي أمور سلبية قد ينتج عنها تبعات تلحق الضرر ليس فقط بقطاع الطيران المدني في البلاد وإنما في الاقتصاد الوطني بشكل عام ومصالح المسافر اللبناني.
موضوع الحصرية
يتم التداول بهذا الموضوع الحساس من دون معرفة ما يحيط به من أبعاد إقتصادية بالإضافة الى حقائق غير معروفة لدى العامة.
إن موضوع الحصرية لا يقوم على مبدأ النظرية فقط وإنما الممارسة على أرض الواقع ولغة الأرقام وهي اللغة الفصل في عالم الطيران التجاري. فمن هنا أنتقل بالموضوع الى سياسة الأجواء المفتوحة التي تنتهجها الحكومة، والتي أدت الى تآكل حصة ال MEA من السوق الوطني وتحويل جزء كبير منها الى الشركات الأجنبية بعكس ما يحصل في معظم دول العالم. إذ ان ما يقارب 60 بالمئة من مجمل الرحلات الجوية في لبنان يتم تشغيلها بواسطة الشركات الأجنبية، بينما تسير ال MEA نحو 37 بالمئة من مجمل رحلات مطار رفيق الحريري الدولي. لذلك لا يمكن الحديث عن موضوع الحصرية من دون العودة الى تفهم سياسة الأجواء المفتوحة التي تنتهجها الحكومة اللبنانية، وهذا أمر طبيعي في عالم الطيران التجاري العالمي، لكن سياسة الأجواء المفتوحة في لبنان غير متوازنة لأن معظم شركات الطيران العالمية تحظى على نسبة خمسين بالمئة أو أكثر في المطارات الرئيسية التي تعمل منها.
إن أخطر ما يتم التداول به في موضوع الحصرية هو إعتقاد البعض بضرورة ترخيص شركة وطنية أخرى منتظمة، وهذا ما قد يؤدي الى إفلاس الشركات الوطنية وليس التنافس كما يعتقد البعض حيث ان سياسة الأجواء المفتوحة في لبنان تساعد الشركات الاحنبيية اكثر من الشركة الوطنية التي ساهمت بانقاذ قطاع الطيران المدني . وقد حدث ذلك بالفعل في بعض دول العالم مثل الهند والولايات المتحدة بعد تحرير الاجواء العالمية تجاريا من نظم ما قبل الثمانينات من القرن الماضي حيث ادى الترخيص العشوائي لشركات الطيران الى افلاس معظمها وتراكم ديون بلغت مليارات الدولارات على كل الشركات
أمّا ما يشاع عن ارتفاع كلفة تذاكر السفر من قبل الميدل ايست، فإنّ الشركة تتبع سياسة تسعير عالمية كباقي الشركات بالرغم من توفيرها مقاعد أقل على طائرات من نفس الطراز، وذلك لتأمين راحة المسافر وسلامة وهذا ما أثبت علمياً بأنه ينعكس على صحة الراكب وبالأخص في ما يتعلق بالدورة الدموية بالقسم الاسفل من الجسد.
أما بالنسبة لملكية الشركة، يقول البعض بأن شركة ميدل ايست هي شركة حكومية باعتبار أنّ المساهم الرئيسي أي مصرف لبنان هو مؤسسة رسمية، لكن ذلك لا يعكس حقيقة الواقع، لأن المصرف لا يملك 100% من أسهم الشركة. أضف الى ذلك أنها شركة تجارية تعمل بناء على قوانين وأسس تجارية خاصة محلية وعالمية، وبالأخص تلك التي تتعلق بقوانين ونظم الشفافية التجارية التي تحظر الدول من التدخل المباشر وغير المباشر في إدارة أعمال الشركات وذلك من أجل الحفاظ على مبادئ التنافس وبالأخص في مجال الطيران الدولي. واذ ترتبط الدول بمعاهدات دولية ملزمة، ترتبط الشركات في تحالفات تجارية كما هي الحال مع ميدل ايست، المنخرطة في تحالف "سكاي تيم" الذي تتزعمه شركتا "دلتا" الاميركية و"اير فرانس" بالاضافة الى تحالفات عبر الرموز مع شركات أخرى. إلّا أن الأخطر من ذلك فالإيحاء بأن الشركة تعتبر حكومية لأن غالبية أسهمها مملوكة من قبل مصرف رسمي (هناك فرق بين رسمي وحكومي) قد يعرّض الشركة الى متاعب قانونية جمة خارج لبنان، قد تؤدي الى وضع اليد على ممتلكات الشركة المنقولة وغير المنقولة من قبل أشخاص او مؤسسات قد تكون على خلاف مع الدولة اللبنانية وهذا ما حدث بالفعل عندما وضعت حكومة محلية في احدى دول الاتحاد الاوروبي يدها على احدى طائرات الميدل ايست بسبب حكم صادر ضد الدولة اللبنانية بناء على دعوة تقدمت بها شركة أوروبية كانت على خلاف مع الدولةً اللبنانيةً
أما فيما يتعلق بالانجازات التي حققتها الادارة الحالية للشركة عدا عن اعادة بناء الشركة فهي كثيرة أذكر منها:
الربحية المتواصلة ووقف الترف المالي الذي كانت تعاني منه الشركة، صرف فائض غير منتج من الموظفين، زيادة الانتاجية، اغلاق الخطوط الخاسرة وافتتاح اخرى ذات جدوى اقتصادية ، تحديث الاسطول الذي يتمتع بمعدل عمر دون ال ٧ سنوات، وهذا ما يجعل الشركة ملفتة لأنظار المسافر ولأهمية هذه النقطة في التنافس التجاري، انضمام الشركة الى تحالف "سكاي تيم" العالمي حيث أصبح بإمكان المسافر اللبناني الدخول الى أكثر من 1150 وجهة في أكثر من 180 بلداً في العالم عبر طائرات شركات هذا التحالف الذي يضم أهم شركات طيران العالم.
أما المراكز الجديدة التي قامت الشركة ببنائها كمركز التدريب الاقليمي والمؤتمرات و الذي يعتبر من أحدث ما تمّ بناؤه في هذا المجال، حيث قامت الشركة بتزويده بجهاز طيران تشبيهي لتدريب الطيارين، وأخرى لتدريب أطقم الخدمات الجوية على أمور السلامة. كما قامت الشركة ببناء مركز متقدم للشحن الجوي انعكس ايجاباً على حركة التصدير من لبنان الى الخارج.
ومن أهم الانجازات التي تقوم بها الشركة هي: الحضور الاقليمي و العالمي لموظفي وطياري الشركة في المنظمات والمحافل الدولية، بالاضافة الى برامج تدريبية حديثة وعلمية لطياري ومهندسي وفنيي الشركة في السلامة الجوية وصيانة الطائرات.
سأختصر الكلام بالنسبة لطيران الشرق الاوسط بقول اميركي شهير عن الحكمة:
" إن لم يكن وعاء الماء مكسوراً فلا تحاول اصلاحه كي لا تكسره ".
أما الأهم من ذلك، فبعد مسيرة البناء الناجحة التي انتهجتها الادارة الحالية للشركة برئاسة محمد الحوت، على الدولة أن تستفيد من هذه التجربة الفريدة من نوعها وتعيد بناء الشق العام من هذا القطاع الحساس. فلبنان كان من الدول الرائدة في عملية نهضة الطيران المدني الدولي منذ الخمسينات، وأخص بالذكر عمالقة كالدكتور أسعد قطيط الذي ترك بصماته على قطاع الطيران المدني الدولي من خلال ترؤسه للمنظمة الدولية للطيران المدني لسنوات عديدة. هذا بالاضافة الى العديد من رجالات لبنان الذين اشتهروا في حقل الطيران.

جلال حيدر: عضو ونائب رئيس المجلس في المنظمة الدولية للطيران المدني سابقاً. ترأس إدارة التعاون الدولي لأمن الطيران وأمن الطيران لدول الشرق الأوسط في المنظمة ومدير العمليات في مطار شيكاغو أوهير الدولي. كلف من قبل الرئيس رفيق الحريري بالإشراف على أعمال تنفيذ بناء المطار الحالي. يعمل حالياً مديرعام المنتدى العالمي للطيران في الولايات المتحدة. بدأ حياته المهنية في شركة طيران الشرق الأوسط بصفة مستشار لرئيس مجلس الإدارة- رئيس الشركة.
  

  • شارك الخبر