hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - الراي- حسين عبد الحسين

أميركا تريد إيران سمكة قرش بلا أسنان... التخلّص من الحلفاء والبرنامج الصاروخي

الأحد ٢٩ أيلول ٢٠١٩ - 06:29

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لن يكون هناك اتفاقٌ بين إيران وأميركا ما دام الرئيس دونالد ترامب غير مستعدّ لرفْع العقوبات عن «الجمهورية الإسلامية». وقد طلب ترامب من باكستان والعراق التوسط لتخفيف التوتر الذي يهدّد السلام المضطرب في الشرق الأوسط. وكان جواب إيران واضحاً: كل الهجمات قابلة للإنكار ويجب رفْع العقوبات قبل الجلوس إلى الطاولة وتقديم المزيد من التنازلات لِيَطْمَئنّ العالم إلى أن طهران لا تصنع القنابل النووية.
ولكن هذا ما لا يريده ترامب ولا إسرائيل. فالصفقة النووية ليست المشكلة. وتعتقد طهران أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لديها مدْخلية على إنتاج ايران النووي وأقرّت بأن برنامجها - رغم خرْقها للاتفاق - لا يتجه نحو تصنيع الأسلحة النووية. وهناك نقطتان مهمّتان لترامب وإسرائيل من ضمن ما تصفه واشنطن بـ«السلوك المزعزع للاستقرار». وهما: برنامج الصواريخ وحلفاء إيران في لبنان وسورية والعراق وفلسطين وأفغانستان. ورغم اعتراف أميركا بأن إيران قوة إقليمية، لكنها تريدها من دون أسنان.
عندما وقّع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، على الصفقة النووية، اقتنع بأن العقوبات غير مُجْدية. وكان هدف الاتفاق تأخير البرنامج النووي الإيراني التسليحي - إذا وُجد - لـ 15 أو 20 سنة أخرى. وقد حاول أوباما التطرّق إلى صواريخ إيران وحلفائها ولكنه قوبل برفض قاطع لتصميم طهران على التفاوض على الملف النووي لا غير. ووُقّع الاتفاق على أساس عدم ثقة ولكن على قاعدة تسوية الخلافات والصراعات.
يعتقد ترامب أنه يستطيع أن يلوي ذراع إيران بفرْض «أٌقصى الضغوط» وتطبيق عقوبات قاسية لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والبحث في المواضيع «المحرَّمة» (الصواريخ والحلفاء). وأبلغت إيران إلى الوسطاء أنها مستعدّة للتفاوض على الصواريخ إذا سُحبت القنابل النووية الإسرائيلية التي تبلغ المئات وإذا أصبحت دول الشرق الأوسط قاطبةً خالية من الصواريخ، وإلا فإنها لا تفاوض لأن برنامجها الصاروخي يمكّنها من الدفاع عن نفسها ضدّ أي هجمات محتملة وضد انتهاكات لمجالها الجوي كما حدث الصيف الماضي عندما أسقطت طائرة مُسيّرة أميركية.
إضافة الى ذلك، فإن وقف إيران الدعم لحلفائها في فلسطين ولبنان وسورية والعراق وأفغانستان، ليس مسألةً تملك حق الاختيار فيها. فهذا الدعم جزء من إيديولوجيتها ودستورها ووجودها.
ويقول صنّاع القرار في إيران إنه «إذا توقّف الدعم عن فلسطين فإن إسرائيل ستضمّ الضفة الغربية وتمسح غزة من الخريطة الجغرافية تحت أنظار العالم مردِّدة عبارة - حق إسرائيل في الدفاع عن النفس. وإذا توقّفنا عن دعم حزب الله في لبنان، ستصادر إسرائيل حدوده البحرية والبرية وتجتاح لبنان في أي وقت تريده ما دامت الأسرة الدولية معها وتخرق سيادة لبنان كما تفعل الآن مئات المرات وحين ترغب، خصوصاً أنه لا يُسمح للجيش اللبناني باقتناء أسلحة رادعة. وإذا لم تدعم إيران سورية، فسيضيع الجولان إلى الأبد وسيكون لأميركا وإسرائيل موقع قدم في شمال شرقي سورية وتُقَسَّم بلاد الشام. وإذا جرى ترْك العراق بمفرده فسيتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام كما كان التخطيط العام 2014 عندما اجتاح داعش واحتل ثلث البلاد. وستُسحق كل الدول المُعارِضة للهيْمنة الأميركية والتي ترفض الخضوع لإرادة وغرور إسرائيل ومشاريعها التوسعية».
ما يصعب على ترامب فهْمه، أن البرنامج الصاروخي الإيراني يمثّل اليد اليمنى للبلاد، وحلفاء إيران اليد اليسرى. ولا يمكن للجسم البقاء على قيد الحياة إذا ما بُترت أطرافه. ولذلك فإن إيران ترفض أن تصبح «سمكة قرش بلا أسنان»، كما تريدها أميركا وإسرائيل.
إن غياب الثقة واقِع تعْلمه إيران بسبب تقلّب ترامب في قراراته مرات عدة ورفضه لاتفاقات موقَّعة. ويفكر اليوم الكثير من أعداء أميركا وأصدقائها بالابتعاد عن التعامل مع واشنطن وعملتها وتجارتها. ولم تعد أميركا تُعتبر شريكاً لتطبيق اتفاقات سلام بين الدول المتنازعة، خصوصاً أنها تعطي ما لا تملك (الجولان والقدس)، وسياستها الخارجية متذبذبة، وتصرّفات الرئيس ومستشاريه تدلّ على قلة خبرة في قيادة السياسة الخارجية والتعامل مع الحلفاء والأعداء. وقد سبّب انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق النووي وضعاً خطيراً في الشرق الأوسط دَفَعَ المنطقة إلى حافة الهاوية تحت أنظار أوروبا الغاضبة من تصرفاته.
ولن يستطيع ترامب تهدئة الوضع حتى يرفع العقوبات عن إيران أو يسمح لفرنسا بفتح خط اعتماد تستخدمه طهران كيفما تشاء.
إلا أن من الصعب على ترامب التراجع لأن ذلك يعني انتصاراً لإيران وأن كل ما فرضه من عقوبات لم يكن مُجْدياً لأنه أثبت عدم فعاليته. وسيُحرَج أمام أصدقائه وأعدائه السياسيين ولا سيما أنه يسعى لإعادة انتخابه لولاية أخرى.
لقد استثمرتْ إيران الكثير في برنامجها النووي وفي حلفائها منذ العام 1982 ولن تتخلى عن أيّ منهم. وسيبقى الوضع كما هو وسيستمر الضغط ما لم يرفع الرئيس الأميركي يده عن زناد العقوبات ويسمح لإيران بتصدير نفطها. ولم تعد هناك أي مبادرة تُنْزِل ترامب عن الشجرة التي صعد اليها.

  • شارك الخبر