hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشّابة

الليرة اللبنانية بين الحاضر والماضي

الأربعاء ٢٥ أيلول ٢٠١٩ - 06:24

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إن للبنان، من الليرة العثمانية الى الليرة اللبنانية، تاريخ نقدي طويل. فلبنان مرت عليه عملات نقدية مختلفة عبر التاريخ حتى بدء الإستقلال اللبناني يوم 22 تشرين الثاني 1946 و ظهور الليرة البنانية.
تأسس مصرف لبنان بموجب قانون النقد والتسليف الصادر في اول آب 1963، بموجب المرسوم رقم 13513، لكنه بدأ العمل رسميا في اول نيسان 1964. وقد تحرك سعر صرف الليرة اللبنانية منذ العام 1964 وحتى العام 1981 بين 3.22 ليرات و 3.92 ليرات للدولار الأميركي الواحد، حتى وصل في شهر آذار من العام 1981 الى ما يقارب 4 ليرات للدولار الواحد، وإستمر هذا التراجع حتى حزيران من العام 1982، مع الاجتياح الاسرائيلي يوم وصل الدولار الواحد الى 5 ليرات لبنانية. بعد أشهر قليلة عوضت الليرة بعض خسائرها لترتفع نهاية العام 1982 الى ما دون 5 ليرة للدولار الواحد.
تاريخ صرف الليرة مقابل الدولار
عام 1987 بلغ سعر صرف الليرة في عهد الرئيس أمين الجميّل ما يقارب 550 ليرة للدولار.
عام 1988 380 ليرة للدولار
عام 1989 880 ليرة للدولار
آب 1992 288 ليرة لكل دولار ولم يجرِ التداول به (نتيجة الرتب والرواتب والاجراءات الضريبية الجديدة).
آخر 1992 نحو 1900 ليرة (قبل وصول الرئيس رفيق الحريري).
تشرين الاول: 1992 الحكومة الاولى للرئيس الشهيد رفيق الحريري.
أيار 1993: تعيين رياض سلامة حاكما لمصرف لبنان
آب 1993: إستلام سلامة لمنصبه (الدولار 1950 ليرة)
حزيران 1999 قرار ضبط سعر الصرف عند 1507.5 ليرات للدولار
حيث بدأت مرحلة جديدة ومثيرة في تاريخ مؤسسة مصرف لبنان، وفُرِضَت على المصرف مسؤولية معالجة كل السلبيات التي لحقت بالقطاع جراء الحرب.
عصر جديد في مسيرة وتاريخ مؤسسة مصرف لبنان، وولادة مرحلة ساهمت في اعادة بناء القطاع المصرفي اللبناني، وفي استقرار النقد.
ارتفعت الاحتياطات بالعملات الاجنبية من 1.4 مليار دولار عام 1992، الى اكثر من 38 مليار دولاراليوم.
إرتفاع الموجودات المصرفية الى ما يقارب 240 مليار دولار.
ارتفاع الودائع المصرفية من 6.6 مليارات دولار 1992 الى نحو 187 مليار دولار.
يحتل القطاع المصرفي اللبناني المرتبة الخامسة بين القطاعات المصرفية العربية من حيث حجم الأصول، والمرتبة الثانية بين القطاعات المصرفية للدول العربية غير النفطية، حيث يستحوذ على نحو 7% من إجمالي موجودات القطاع المصرفي العربي، و8% من ودائعه.
سياسات وهندسات مالية لدعم الاستقرار النقدي وتعزيز الاحتياطات.
إحتياطات من الذهب تقارب قيمتها 12 مليار دولار.
إقتراحات خارجية
في تموز الماضي، كرّرت بعثة صندوق النقد الدولي (مشاورات المادة الرابعة)، التي زارت لبنان، نصائحها بتخفيض سعر صرف الليرة الاسمي، كواحد من الخيارات التي طرحتها أمام المسؤولين لمعالجة أزمة ميزان المدفوعات المتمادية، والحدّ من النزف المتواصل للدولارات وتأمين الحماية للدائنين ودعم النظام المصرفي.
في شباط 2018، كذلك فعلت بعثة صندوق النقد والبنك الدوليين المشتركة في إطار برنامج تقييم القطاع المالي، التي وافقت الحكومة على نشر تقريرها في عام 2017، بشرط حذف فقرات عدّة منه، إحداها تشير إلى أن الاحتياطي الأجنبي الصافي لدى مصرف لبنان كان عاجزاً بقيمة 4.7 مليارات دولار في كانون الأول عام 2015، وأخرى تحذّر من استمرار مراكمة الخسائر التي يتحمّلها مصرف لبنان لدعم ربحية المصارف ورساميلها وجذب التدفّقات الخارجية وزيادة الودائع، كأدوات رئيسة في سياسة التثبيت النقدي، وتحذّر أيضاً من مخاطر شحّ رساميل المصارف اللبنانية بسبب انكشافها الواسع على ديون الدولة والعقارات، وهما الأكثر هشاشة حاليا.
وطبعا من أهم الإقتراحات والتوصيات الدائمة، هي تطبيق سياسة الإصلاح وتخفيف الهدر المالي، لزيادة إيرادات الدولة و تخفيض مصاريفها.
مخاطر حالية
إضافة إلى ذلك إننا مقبلون في الأعوام الثلاثة المقبلة على دفع مستحقات ديون مالية، و البنك المركزي قد يتمكّن تمرير جزء من هذه المستحقات، ولكن إن لم نجد حلولاً للمستحقات الباقية فنحن مقبلون على إنهيار مالي وإقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك هناك مرحلة عدم ثقة بالإقتصاد اللبناني، وإنعدام الثقة يؤدي إلى مزيد من إلانخفاض في الإستثمار وبالتالي إنخفاض مقدار العملة الصعبة في لبنان، وبالتالي مزيد من الإنهيار الإقتصادي.
وأحد أهم المخاطر أن الدولة اللبنانية لم يعد بمقدورها تغطية هذه المخاطر المالية، وخصوصا أن دَيْنَها يزيد ومدخولها يقل ومصروفها تقريبا كما هو، لذلك هناك حماسة على الإصلاح و هناك دفع من المجتمع الإقليمي والدولي لوضع لبنان تحت أمر واقع بما يختص بالإصلاحات، وهناك مهل تعطى للبنان لأجل إنجاز هذه الإصلاحات، للتخفيف من الصرف وزيادة الإيرادات لمواجهة تلك الصعوبات.
الحلول
تقدم الوزير جبران باسيل بورقة إقتصادية لدعم الإقتصاد اللبناني والمحافظة على الليرة، حيث تُعَد مزيجاً بين خطة "ماكينزي" و"سيدر" وبعض النقاط المحلية، حيث تعتبر هذه الخطة فعلا أحد الحلول المقنعة والمشتركة بين الجميع.
أهم بنود هذه الورقة إنها تتوزّع على محاور عدة، حيث أولا اقتنع جميع الأفرقاء بالتخلي عن مكامن الهدر في الدولة: أوجيرو، مرفأ بيروت، مجلس الجنوب، ميدل إيست، إنترا، وزارة وصندوق المهجرين، التهرب الجمركي الشرعي وغير الشرعي وغيرها.
المنظومة التشريعية: هيئة الفساد، رفع الحصانة، وقف التوظيف والتطويع مع إستثناء، إعادة توزيع الموظفين، وقف عجز الموازنة بتقديم القطاع المصرفي تخفيض الفوائد على قروض الدولة مشروطة بالإصلاحات حيث مع كل إستحقاق على الدولة تحقيق إصلاحات محددة.
تعزيز قدرة لبنان الإنتاجية عبر تطبيق سياسة التجارة، حيث يجب إعتماد خطة "ماكنزي" للقطاعات المنتجة، و تحول لبنان من الريع إلى الإنتاج، بحيث نتمكن من تخفيض دفع العملات الصعبة إلى الخارج وتأمين صرفها في الداخل.
العمل على إعادة النازحين السوريين، عودة آمنة وكريمة وذلك لمن يود ذلك إلى المناطق الآمنة.
بالإضافة إلى وضع إستراتيجية مستقبلية للعب لبنان دور إقتصادي على صعيد أورو-متوسطي من خلال الموارد الموجودة في لبنان إن كان على صعيد النفط والغاز أو المياه، وطبعا ذلك بحاجة إلى العمل على إبرام إتفاقات إقتصادية ومالية مع سوريا والعراق.
الواقع الراهن
اما اليوم، فقد أدّى هذا الخطر المتزايد إلى تضييق مساحة حركة الأموال، وهي خطوة تُغيّير طابع النظام المالي في لبنان. وليست المشكلة نقديّة بالمقام الأوّل، وإنّما هي بفعل ماليّة الدّولة، فالأخيرة مقبلة لا محالة على حائط مسدود تعجز بعده عن دفع ديونها بسبب زيادة نفقاتها عن وارداتها والعجز السنوي المُتراكم بفعل ذلك.
فالشعارات الإعلامية هي أن الوضع جيد ولا يوجد أي خطر ولكن لنكون موضوعيين. كلا ليس الوضع كذلك ولا يوجد حتى اليوم حل جذري للمشكلة ولم يتم حتى اليوم اعتماد خطة واقعية، ولا يوجد أي قرار سياسي فعلي لتحدي هذه المخاطر سوى أن نضع الموازنة في وقتها، وذلك لا يكفي، انها خطوة صغيرة مقابل المخاطر التي نواجهها.
لبنان بحاجة ليس فقط إلى إصلاحات و وقف الهدر، بل بحاجة إلى سياسة الهجوم و ليس فقط الدفاع، أي بحاجة إلى إتفاق مع القطاع المصرفي، و تخفيض ديون الدولة، و يكون جزء من الحل، أن نعزز قدرتنا الإنتاجية، و أن تستعيد الدولة ثقة المستثمرين، فالحل لن يكون جزئياً بل هو حل متكامل.
أما على صعيد المواطن اللبناني فإن شعر أن الحل متكامل ويشمل جيوب الحاكمين عندها لن نرى هذه التحركات الاعتراضية في الشارع، وإن لمس أنها تمس فقط جيوب العائلات المستورة فلن يمر أي إصلاح بالقوة لأنه بالتالي هو حل جزئي.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ان بعض الساسة الذين هم شركاء للقطاع المصرفي و لبعض قطاعات الهدر في لبنان كالمعابر غير الشرعية، سوف يأخذون هكذا قرار شجاع؟
إن أخذوه عندها سوف نبدأ بممر الأمان ويقف لبنان على رجليه إقتصاديا وإجتماعيا و ماليا، وإن يتخذوا هذا القرار سوف ندخل النفق الأسود، وعندها يُنْهَكْ المواطن اللبناني البسيط، ويذهب الساسة بأموالهم إلى الخارج، ولكنهم يخسرون مورد رزق أساسي لهم.

شادي نشّابة - كاتب ومحلل سياسي

  • شارك الخبر