hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - خاص خاص - دافيد عيسى - سياسي لبناني

الى سمير جعجع وجبران باسيل.. اللّهم أشهد إني بلّغت

الإثنين ٩ أيلول ٢٠١٩ - 06:15

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اتوجه اليكم لأخاطبكم وذلك من باب نقل وجهة نظر مجموعة مسيحية همّها وشاغلها ان تسود الوحدة والتضامن بين قادة الاحزاب المسيحية وشخصياتها، او على الاقل وضع المصلحة المسيحية العليا فوق كل الخلافات الشخصية والخاصة، في ظل ظروف صعبة وخطيرة ومفصلية يعيشها لبنان والمنطقة... ليبقى في هذا الوطن مسيحيون.
ايها السادة
ترقى الأزمة الاقتصادية المالية الى مرتبة الأزمة الكبيرة التي تترتب عليها أخطار ونتائج استراتيجية، فلم يعد الأمر مجرد أزمة عابرة وضائقة مالية، وانما هي ازمة عميقة تمتد في أسبابها الى عوامل ابعد من فساد وهدر مال عام، وتتصل بأزمة النظام والكيان التي حالت دون قيام دولة فعلية متطورة بمؤسساتها ومرافقها العامة وبناها التحتية، كما أنها تمتد في نتائجها الى ما هو أبعد من تراجع النمو وفرص العمل وارتفاع العجز في الدين العام والموازنة وميزان المدفوعات، لتصيب قطاعات وفئات شعبية واسعة بأضرار فادحة وتؤدي الى تدهور في مستوى المعيشة وازدياد حالات الفقر والعَوَزْ، مع ما ينجم عن ذلك من خلل في التركيبة المجتمعية نتيجة اندثار الطبقة الوسطى وازدياد الطبقة الفقيرة.
خطر استراتيجي آخر يتربص بلبنان وهو من نتاج ازمات وصراعات المحيط العربي والإقليمي من ازمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، الى ازمة الصراع "السني – الشيعي" وخصوصاً بين "السعودية وإيران"، وصولاً الى الازمة "الأميركية – الإيرانية"، التي تتأرجح بين المواجهات والمفاوضات، وتحت سقفها تتحرك عوارض وعلامات حرب إسرائيلية جديدة على لبنان.
ولعل الازمة الاستراتيجية التي يواجهها لبنان وتُشكّل أكبر مصدر تهديد لخصوصيته ودوره "كوطن ورسالة" هي الازمة الديموغرافية الناجمة عن اختلال التوازن الوطني بشقيه "الطائفي – المجتمعي" و"السكاني – الديموغرافي".
الازمة الديموغرافية ناجمة عن مجموعة أسباب وعوامل تبدأ من الحرب الاهلية وتداعياتها وتمر في مرسوم التجنيس العشوائي بداية التسعينيات، وتستقر عند عاملين وتطورين مستجدين في السنوات الأخيرة وهما:
أولاً: قضية وأزمة النازحين السوريين الذين وفدوا بمئات الآلاف وتجاوزوا المليون ونصف المليون نازح الى لبنان، واستقروا على ارضه وأصبحوا مع مرور الوقت سبباً رئيسياً من اسباب العبء الكبير الذي يرزح تحته وطننا ومن الخطر الكامن على ارضه وفي مجتمعه، وإضافة الى الأعباء المالية والاقتصادية والأخطار الأمنية نتيجة تزايد الجرائم والتطرف والعنف والإرهاب، بات النازحون السوريون مصدراً لأزمة ديموغرافية نتيجة تزايد اعدادهم وكثرة ولاداتهم، وترسُّخْ وجودِهم كلما طال امد الحرب السورية. وأزمة النازحين السوريين باتت تتقدم على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحوّلت الأنظار عنها برغم ما تشكله هذه الأخيرة من أعباء ومخاطر.
ثانياً: ازمة الهجرة من لبنان الى الخارج وعلى نطاق واسع وبما يؤدي الى تناقص في اعداد اللبنانيين مقابل تزايد في اعداد غير اللبنانيين المقيمين على ارضه إقامة مؤقتة من الناحية الرسمية ودائمة من الناحية العملية.
ايها السادة
صحيح ان لبنان شهد على مرّ تاريخه الحديث موجات من الهجرة خصوصاً في فترة الحرب، ولكن ما يشهده في هذه المرحلة والسنوات الاخيرة، بالغ الخطورة لأن الدافع الى الهجرة ليس أمنياً أونتيجة عدم توافر الاستقرار الأمني، وانما هو دافع اقتصادي ونتيجة عدم توافر الحياة الكريمة وفرص العمل والمشاريع المنتجة، وهذا الوضع قابل للاستمرار والتفاقم ما سيؤدي الى استنزاف قدرات لبنان وطاقته البشرية، خصوصاً في أوساط الشباب وخريجي الجامعات وأصحاب الكفاءات والادمغة، وهذا هو مكمن الخطر الفعلي لأن جيلاً شبابياً كاملاً يُهاجر ويترك بلده غير آسف عليه ويتسبب بإحداث انقطاع في جيل الشباب وخلل في المجتمع، الذي يتحول تدريجاً الى مجتمع كهل ومعدل أعماره فوق الأربعين والخمسين سنة.
وما يقلق أكثر أن هذه الهجرة تتم ليس فقط لأسباب البطالة وعدم وجود فرص عمل، وإنما لانعدام الثقة بمجمل الطبقة السياسية الحاكمة وبالتالي بواقع ومستقبل البلد، وما يقلق أيضاً ان الشباب يلقون التشجيع من أهلهم الذين ما عادوا يتمسكون بأولادهم ويبذلون الجهد لإقناعهم كي يبقوا في لبنان، وهذا يعني مع الوقت هجرة العائلات.
ايها السادة
اتوجه اليكم هنا بوجه الخصوص لأقول لكم:
الأزمة الديمغرافية الاجتماعية الناجمة عن النزوح والهجرة تضرب كل اللبنانيين دونما تمييز بين مناطق وطوائف، ولكنها تُلقي بأثقالها وتبعاتها أكثر على المسيحيين الذين يواجهون "حرب وخطر استنزاف" على هذا الصعيد، وهنا يكمن الخطر ايضاً في ان يؤدي الاختلال في التوازن الديموغرافي في غير مصلحة المسيحيين الى ضعف في دورهم وحضورهم وتأثيرهم داخل الدولة وفي مراكز القرار الوطني، والى اختلال فكرة ومفهوم العيش المشترك "المسيحي – الإسلامي" القائم على توازن دقيق، وشرطه الأول قوة الوجود المسيحي وفعاليته.
وبناءً على كل ما تقدم يترتب على قادة الاحزاب المسيحية وشخصياتها عمومآ وعليكم بوجه الخصوص كونكم رئيسين لأكبر حزبين مسيحيين في لبنان، مسؤولية الحفاظ على عناصر القوة والدور الفاعل والمؤثر للمسيحيين، والخروج من دوامة ومستنقع الخلافات والصراعات الشخصية والضيقة، والارتقاء الى مصاف المسؤولية الوطنية التاريخية.
ان الحقد في السياسة لم يكن يوماً طريقاً للوصول إلى غاية او إلى هدف، بل العكس هو الصحيح، فالحقد يؤدي إلى تحطيم وتهديم الهيكل على رؤوس الجميع وعندها ماذا تنفع احزابكم وصراعاتكم واموالكم وعلى من ستكونون " رؤساء احزاب"؟.
اللّهم أشهد إني بلّغت... والسلام. 

  • شارك الخبر