في الشكل قد يبدو الغداء الذي دعا اليه النائب شامل روكز عادياً، ليس ابعد من مناسبة او "جمعة" اصدقاء، فالاخير دأب من فترة الانتخابات النيابية على دعوة شخصيات سياسية وعسكرية واعلاميين الى جلسات تجمع بين السياسة والصداقة اما في المضمون فان الصورة لمجموعة من العونيين المعترضين على السياسة الباسيلية في التيار الوطني الحر أعطت اللقاء اكثر من تفسير .

ما ليس عاديا ان يحصل الغداء في توقيت فوز رئيس التيار بالتزكية لولاية ثانية للحزب، ووجود روكز وسط صورة المعارضة العونية كرس حالة نائب كسروان الاقرب الى المعارضة العونية من الرموز الكبيرة داخل التيار وحمل اكثر من رسالة، على الأرجح كما يقول العارفون في ظروف اللقاء ان النائب روكز بدأ تحركه المنفصل عن "التيار الوطني الحر" كحالة سياسية مختلفة ومتمايزة عن الحزب البرتقالي خصوصا ان شامل روكز منقطع عن حضور اجتماعات التكتل النيابي منذ فترة ومنفصل حاليا عن التيار الوطني الحر. ولا يلتقي مع رئيس التيار الا في المناسبات العائلية الخاصة.
يُصر المدعوون الى مائدة العميد على ان الاجتماع ليس موجهاً ضد اي طرف وباسيل تحديدا "ما حدا جاب سيرتو" لكن الاجتماع داخل الخيمة العربية لم يخلو من نقاشات عميقة في السياسة والاقتصاد وما "يجمعنا بالعميد روكز كما يقول احد القياديين الحلوة والمرة" من زمن النضال العوني والرؤية الواحدة لخطورة الوضع الاقتصادي مروراً بملاحظات سلبية حول ما يجري داخل التيار.
ليس في ذهن المجتمعين في اللقلوق تنفيذ انقلاب على احد لكن المجموعة والعميد مصران على التواصل والعمل المشترك في ملفات معينة وتم وضع خريطة طريق سوف تظهر معالمها في المرحلة المقبلة".
لقاء اللقلوق اعاد رسم العلاقة المتوترة بين رئيس التيار والمجموعة العونية التي اطلقت تنظيمها الحزبي المعارض في شهر كانون الثاني الماضي، فيما علاقة النائب شامل روكز برئيس التيار تشهد مداً وجزراً وفتوراً من فترة طويلة وظهر الخلاف السياسي واضحا حول بنود الموازنة ورفض روكز الزام العسكر بتقشفات الموازنة، كما ظهر واضحاً في الخلافات النيابية عندما حل روكز رابعا في الترتيب الانتخابي لنواب كسروان مما دفعه لاطلاق الانتقادات حول غدر تعرض له من داخل البيت.
الشرخ صار عميقا مع ما يشكو منه روكز في الغرف المغلقة من اقفال حنفية الخدمات امامه كما ظهر مؤخرا ان كلودين روكز واجهت معارضة من قبل رئيس التيار في مشروع اعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لابنائها.
اثار روكز ايضا في العديد من المحطات انتقادات لأداء جبران باسيل والخطابات المثيرة للجدل والحشد الامني الذي رافقه في جولاته المناطقية، وثمة من يقول ان روكز لا يريد التدخل في شؤون التيار، ليس لأنه ليس قادرا على فعل ذلك فهو محاط بالرعيل الاول من القيادات العونية السابقة، بل لأن روكز لا يرغب بالدخول في مواجهة مفتوحة مع رئيس التيار وعلى خط الخلافات التنظيمية وان ما يجمعه مع القيادات العونية المعارضة هواجس وطن واقتصاد وسياسة اكثر من هدف القنص على جبران باسيل.
اضفاء صورة حيادية على لقاء اللقلوق لا يعني ان اللقاء لن يؤسس لحالة مناوئة للتيار وان بين روكز وباسيل هناك حالة سياسية قائمة على الوئام والانسجام، الصهرين من "طينة "سياسية مختلفة ولكل منهما ظروفه السياسية وانجازاته، جبران باسيل استطاع ان يقفز بسرعة قياسية الى الرقم الأول داخل التيار ويتدرج من رتبة وزير الى رئيس تيار ونائب ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير ومهندس العلاقات السياسية للتيار وهو اليوم مرشح من الصف الاول لرئاسة الجمهورية المقبلة.
اما شامل روكز فيحاول شق طريق مغايرة مرتكزة على النضال السابق مع القيادات العونية من الرعيل القديم للتيار المرتبطة بمرحلة النضال ضد الوجود السوري ويستند روكز على ارث من المعارك العسكرية في النهر البارد وعرسال وعبرا وسوق الغرب وسواها، واذا كان باسيل استفاد من قرابته مع الرئاسة فالارجح ان روكز لم تسعفه صلة القربى في محطات كثيرة كما حصل في معركة قيادة الجيش وكاد يحصل ايضا في انتخابات أيار الماضي.