hit counter script

ليبانون فايلز - الحدث الحدث - دافيد عيسى- سياسي لبناني

سعد الحريري "مفتاح الاستقرار الداخلي والدعم الخارجي"

الإثنين ٢٢ تموز ٢٠١٩ - 06:03

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اذا كان "قطوع الجبل" مرّ من دون أن يتطور إلى أزمة كبيرة، فإن رئيس الحكومة سعد الحريري كان جزءاً اساسياً في حركة الجهود التي حصلت وتحصل لتهدئة الامور وتنفيس الاحتقان وحصر ذيوله وأضراره في أضيق نطاق ممكن.
كان يقدّر لحادثة الجبل أن تنسف دعائم الحكومة وتطيح بالاستقرار السياسي وربما بالتسوية أيضاً، لو انتقل التوتر والتأزم إلى داخل جلسة مجلس الوزراء وصار انقسام بين فريقين ومحورين تحت عنوان "المجلس العدلي وإحالة الجريمة إليه"، ولكن سعد الحريري حال دون ذلك وحافظ على تماسك الحكومة بما أظهره من روية وحكمة وتريث في عدم عقد الجلسة، مع معرفته بأهمية وضرورة اجتماع الحكومة نظرآ لظروف البلد على كل المستويات.
فمن اللحظة الأولى استشعر الحريري ان ما حدث في الجبل لا يعالج بالطرق والوسائل الأمنية فقط وإنما يلزمها معالجة سياسية هادئة ومتأنية ايضاً، المعالجة الأمنية ضرورية لضبط الوضع وإزالة أجواء التشنج وكل المظاهر المسلحة ونزع فتيل الفتنة والانفجار، ولكن المعالجة السياسية هي التي تفضي الى تهدئة النفوس ووأد الفتنة في مهدها والى إزالة الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا الاصطدام "الأمني – السياسي" في الشارع.
نجح رئيس الحكومة سعد الحريري في إنقاذ حكومته وإنقاذ البلد ايضآ، إذ لو قيض لحادثة الجبل أن تفجر الحكومة من الداخل لكان الوضع أصبح كارثياً وانزلق إلى انهيارات مالية واقتصادية واجتماعية، ناهيك عن إذكاء النعرات والتوترات فيما بين الطوائف وداخل الطائفة الواحدة، والعودة إلى لعبة ولغة الشارع وفقدان عنصر القوة الأساسي الذي نتغنى ونتباهى به وهو عنصر الأمن والاستقرار.
القرار الذي إتخذه سعد الحريري بالتريث في عقد جلسات مجلس الوزراء ريثما تمر هذه المرحلة هو قرار حكيم وجريء وواع، أخذه عن قناعة ومن دون الالتفات الى
مواقف وتفسيرات انفعالية واستفزازية، وكان قراراً صائباً وفي محله، وأظهر أمرين مهمين لديه:
- الأول هو الحس الوطني المسؤول الذي يتحلى به لأن مصلحة الوطن والبلد والدولة والحكم تبقى فوق كل اعتبار، وأن كل ما يسعى إليه هو الإنقاذ وانتشال الوضع من الهوة التي سقط فيها، بعيداً عن سياسة تسجيل النقاط وعن الشعبوية والغوغائية.
- أما الأمر الثاني والاهم فهو النضج السياسي الذي بلغه سعد الحريري بعد تجارب وأحداث أكسبته خبرة وعبرة ومناعة وتمرساً، فلم يعد يتأثر بانفعالات طارئة، وما عادت تستفزه الدعوات الى تحصيل وتأكيد صلاحيات ودور رئاسة الحكومة والاتهامات له بالتساهل والتراخي.
وكذلك نجح سعد الحريري في استيعاب "الاستياء السني" الذي حصل خلال جلسة الموازنة العامة عندما أقرّ المجلس النيابي بعد ثلاثة أيام من "العراضات الكلامية" التي اتسم معظمها بمطولات وبطولات وعنتريات، تقليص موازنات مؤسسات تابعة لرئاسة الحكومة "مجلس الانماء والاعمار، الهيئة العليا للاغاثة، مجلس الخصخصة" اضافة الى شركة "اوجيرو" التابعة لوزارة الاتصالات، وهنا أيضاً وعلى رغم أن الحريري رفض هذه الإجراءات وضبط اعصابه "وقنن غضبه"، لكنه أبقى المجال مفتوجاً أمام المشاورات لمعالجة الأمر، وخرج قائلآ: رغم كل الخلافات والتباينات، خرجنا بالارقام التي نريد.
الرئيس الحريري يتلقى السهام من وقت لآخر من حلفائه وخصومه على حد سواء، ويأخذ الأمور بصدره، مع العلم أن بمقدوره أن يقلب الطاولة ويخلط الأوراق ويصدم الجميع ويضعهم أمام مسؤولياتهم لو شاء أن يسلك طريق التحدي والمواجهة، ولكنه يحجم عن ذلك لأن الوضع لا يحتمل ولا يرحم.
لكن على الجميع أن يعلم أن لا بديل عن سعد الحريري وأن وجوده على رأس الحكومة هو شرط أساسي من شروط الاستقرار السياسي واستمرار التسوية والدعم الدولي والعربي للبنان.
سعد الحريري هو العنوان وهو "المفتاح للاستقرار الداخلي والدعم الخارجي" ولأنه كذلك، وجب على شركائه في التسوية، أن يتفهموا ظروفه وأوضاعه ويكفوا عن ممارسة الضغوط عليه وعن سياسة الفرض والإملاء خصوصاً بعدما اكتشفوا أهمية
وجوده في صلب المعادلة وأهمية عودته إلى لبنان وإلى رئاسة الحكومة، وكم كان إبعاده خطأ سياسياً ووطنياً جسيماً، وكم سيكون إضعافه الآن خطأ أكبر لأن الحريري مع تيار المستقبل الذي يتزعمه يمثل سياسة الاعتدال والانفتاح والحوار في زمن التطرف والانغلاق.
على حلفائه، أن يكفوا أيضاً عن ممارسة "التنظير" والضغوط عليه وسوق الاتهامات والانتقادات في حقه، بأنه يفرّط في الصلاحيات ويتساهل مع هذا الفريق أو ذاك ويتسامح مع الخروقات الحاصلة لاتفاق الطائف وما إلى ذلك من اتهامات مضللة لا تستند إلى وقائع وأدلة.
سعد الحريري الزعيم السني الاول في لبنان صامد في موقعه ثابت في مواقفه وأن سياسته تتحرك في بيئة سنية حاضنة ووسط دعم واحتضان واضح من المرجعيات الدينية والسياسية في الطائفة السنية الكريمة، ولا مجال إلى ملء الفراغ الذي سيحدث في رئاسة الحكومة إذا قرر الانسحاب ولن يتقدم أحد إلى هذه المهمة الانتحارية، وهو خير من يمثل الطائفة السنية ويؤمن الميثاقية والشراكة في الحكم...
ومن له اذنان سامعتان فليسمع.

  • شارك الخبر