hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد دانيال الحداد

حصن اليرزة وسهام المتطاولين عليه

الثلاثاء ١٦ تموز ٢٠١٩ - 06:15

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكف الجيش توظيف قدراته وجهوده كلّها لحماية استقرار البلاد طولاً وعرضاً، حتى يأتيه من ينتقد بعض إجراءاته الأمنية والإدارية جهاراً، ويملي عليه كيفية تنفيذها ، أو من يسعى إلى تحويل جزء من جهوده للدفاع عن حقوق عسكرييه والتي من المفترض أن تكون من البديهيّات والمسلّمات، وصولاً إلى من يحاول إقحامه في السياسة تحت ذريعة مهادنة فريقٍ على حساب آخر، أو اتهام قيادته زوراً وافتراءً بطموحات سياسية هي من نسج خيال أصحابها لا أكثر ولا أقل.
من يتابع نهج قائد الجيش العماد جوزاف عون منذ تولّيه سدّة القيادة، وإنجازات الجيش على أرض الواقع، يدرك بما لا يقبل الشكّ أنّ القائد قد صمّم على تحقيق نقلة نوعية في أداء المؤسسة على مختلف الصعد.
فعلى الصعيد الأمني، جاء قراره سريعاً وحاسماً في استئصال ورم الإرهاب من جسم الوطن ، فكانت معركة فجر الجرود في العام 2017 التي تكللت بالنصر الساحق للجيش على التنظيمات الإرهابية خلال أيام معدودة، ومع هذه المعركة الفاصلة انطوت مرحلة أليمة من عمرالوطن كان فيها القلق على المصير سيّد الموقف، لتبدأ مرحلة جديدة عنوانها الاستعداد لمواجهة العدو الإسرائيلي على الحدود الجنوبية، ومتابعة القضاء على الخلايا الإرهابية، وترسيخ الامن والأمان على امتداد رقعة الوطن، انطلاقاً من أنّ لا ازدهار اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً، من دون أرضية أمنية صلبة ترتكز عليها الدولة في ورشة النهوض والتطوير.
بالنسبة إلى العمل المؤسساتي داخل الجيش، يكفي هنا أن نشيرإلى الجهود الإستثنائية التي بذلتها القيادة بالتعاون مع بعض البلدان الصديقة لرفع مستوى قدرات المؤسسة العسكرية، والى شفافية إدارة المال العام وترشيد الانفاق، واسترجاع المال الفائض في بعض أوجه الصرف لمصلحة خزينة الدولة، ثم تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة وإحالة عدد من الضباط والعسكريين المتورطين في قضايا رشى وغيرها الى الى المجلس التأديبي والقضاء المختص. والأبرز في هذا الإطار امتحانات الدخول إلى الكلية الحربية التي أجريت في العامين 2017 و 2018، بحيث صدرت النتائج على أساس معايير الكفاءة مئة بالمئة، وكان معظم الفائزين من أبناء العائلات الفقيرة والمتوسطة، الأمر الذي شكّل محطّ ترحيب اللبنانيين، باستثناء أصوات النشاز لدى البعض، الذي لم تتوافق النتائج مع مصالحه الشخصية الضيّقة.
أمّا في ما يتعلق بترسيخ الدورالوطني للجيش، فقد أكد القائد في كلّ مواقفه وتوجيهاته ابتعاد المؤسسة عن السياسة وتجاذباتها وتقلباتها، وعن مختلف أشكال الفئوية والطائفية، وذلك حفاظاً على قوتها ومناعتها، وقدرتها على درء الأخطار المحدقة بالوطن، إزاء احتدام تناقضات الداخل وتعقيدات الخارج.
مع أهمية هذه الانجازات التاريخية، لا يزال البعض يتمادى في لعبة التجني والافتراء بحقّ الجيش وقيادته، ويسعى إلى جعل حيثيات شؤونه اليومية ومهمّاته الأمنية مادّة مستباحة فوق المنابر وفي وسائل الإعلام، وكأن المطلوب من القيادة اطلاع هؤلاء مسبقاً على تفاصيل أيّ عمل أو مهمّة، واستطلاع رأيهم قبل التنفيذ، فيما ينشط البعض الآخر في مجال التنظيروالتحليل اذا ما تعارضت المصلحة العامة مع مصلحته الخاصة، مستنتجاً من خلال الظنّ والتخمين والشكّ أنّ للقيادة طموحاتٍ سياسية، تقف خلف عدم غضّ الطرف عن هذه المخالفة أو تلك، أو الامتناع عن تلبية هذا المطلب أو ذاك خلافاً للقانون والنظام.
لقد التزم قائد الجيش الصمت طويلاً إزاء هذا التحامل غير المبرّر، انطلاقاً من شخصيته التي تؤثرالعمل والانجاز من دون ضجيج، ومنعاً لحصول سجالات لا طائل منها، إلاّ أنّه اضطرّ مكرهاً إلى الخروج على هذا الصمت في المواقف التي أطلقها مؤخراً خلال زيارته متحف الرئيس الراحل فؤاد شهاب في جونية، والتي جاءت بمثابة صرخة مدوّية، تردّد صداها في كلّ أرجاء الوطن، وذلك بعد أن ثبت لديه باليقين القاطع، أن ممارسات البعض بحق الجيش، سواء كانت عن قصد أوعن غير قصد، ستؤدّي حكماً إلى تكبيله وضرب معنويات عسكرييه في الصميم، فقال كلمته ومضى إلى مزيد من العمل والبناء، من موقع القائد المسؤول الذي لا تثنيه الافتراءات والتحليلات عن القيام بواجباته المقدّسة تجاه جيشه ووطنه.
فلهؤلاء المفترين والمتطاولين نقول: ليس من باب الجرأة والبطولة في شيء، بل من باب الصغائر وجلد الذات، أن تتحاملوا على الجيش الذي حمى لبنان من عصف جنون الإرهاب وزلازل التحوّلات الإقليميّة الجارفة، وحماه من نار الفتنة الداخلية المتنقلة التي كادت تتطاير شراراتها فوق رؤوس الجميع بالأمس القريب، لولا حكمة قيادته وسهر جنوده، كما أنّه ليس من باب المسؤولية الوطنية في شيء، استهداف حقوق عسكرييه وتحطيم سلاح معنوياتهم، في وقتٍ لا تزال فيه الأفكار الشيطانية تعشعش في الزواريب والأقبية والأوكار، وهي تتحيّن الظروف الملائمة للانقضاض على مسيرة السلم الأهلي، وإعادة عقارب الساعة أشواطاً إلى الوراء.
حصن اليرزة لديه من المناعة ما يكفي، لأنّه حصن لبنان واللبنانيين جميعاً، فلا تقتربوا منه وترشقوه بسهامكم المسمومة لئلاّ ترتدّ عليكم.  

  • شارك الخبر