hit counter script

ليبانون فايلز - الحدث الحدث - حـسـن ســعـد

الإحالة إلى المجلس العدلي... البلد لا ينقصه أزمات ولا أبطال

الجمعة ٥ تموز ٢٠١٩ - 06:50

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من المفارقات في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، أنّ مسار أداء معظم السياسيّين، مهما كان الموضوع وأيّاً كان الثمن، يبدأ وينتهي ضمن الدائرة التالية: "يتكلم أولاً، يُبالغ ثانياً، يُفكر ثالثاً، يُكابر رابعاً، يُناكد خامساً، يتراجع سادساً ومن ثم يُعيد الكَرَّة مجدّداً"، وفي نهاية كلّ كرّة "لا يندم" على ما قال وفعل، فإن لم يكسب هو ضحيّة.

من رحم هذا الأداء تولَّدت ونَمَت أزمات لطالما عانى منها لبنان الغني بشعبه العظيم، والتي بعضها يدوم نتيجة مُعالجات "غير محسوبة". وآخر ما سُجِّلَ كانت جريمة قبرشمون، التي انعكست سلباً على أوضاع البلد الداخليّة، وفتحت باب مطالبة البعض بإحالة الجريمة إلى المجلس العدلي، وأخرجت "الثلث المُعطِّل" من القمقم لمنع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء الماضي، وكذلك أرخت بثقلها على النظام السياسي فأبرزت هشاشته.
المصاب الذي ألمَّ بأهل الجبل والبلد كبير اليوم، وكي لا يكون أكبر في المستقبل، من الجدير الإشارة إلى ما يلي:
إذا كان مطلب إحالة الجريمة "حقَّاً" تُوجبه القوانين المرعيّة، فإنّ الخوف من "تفجير" الحكومة بسبب الإصرار على الإحالة أمرٌ غير مُبرّر على الإطلاق، لأنّ الحكومات تذهب ويُؤتَى بغيرها أو بمثلها كما هي العادة.
لكن، في حال كان مطلب الإحالة "ردّ فعل" مبالغاً فيه، فإنّ القلق على العلاقات بين أبناء المُكوِّن الواحد خصوصاً وبين مُكوِّنات البلد عموماً، أمرٌ من الحكمة بمكان أخذه على محمل الجد.
فأنْ يكون المتّهم بأيّ جريمة، هدّدت السلم الأهلي وأمن ومصالح الدولة والمجتمع طرفاً خارجيّاً أو تنظيماً إرهابياً، شيء.
وأنْ يكون المتّهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، فريقاً سياسيّاً هو شريك فاعل في مؤسسات الحكم وتركيبة الحكومة وأجهزة السلطة وإدارات الدولة، شيء آخر ويدعو إلى الحذر.
إذاً، وبمجرَّد أنْ يكون المتّهم "المُعلن بالسياسة" حزباً محليّاً يُمثّل سياسيّاً وطائفيّاً جزءاً وازناً من مكوِّن طائفي، ويُصرّ المُدَّعي على محاكمته أمام المجلس العدلي، فهذا سيؤدّي، عن حُسن أو عن سوء نيّة، إلى وضع الحزب "المتّهم مباشرة أو عبر المُنتسبين إليه" في قفص الإتهام لفترة طويلة ما سيُعطّل جهود المصالحة بين أبناء المنطقة الواحدة وقد يهدّد استقرارها وأمنها، وأيضاً إلى وضع الحزب "المتّهم" تحت سيف الإدانة "المعنويّة" المُسبقة في أذهان العموم، والتي يصعب، إنْ لم يكن مستحيلاً، محوها من الذاكرة، ففي لبنان هناك حزب ما يزال يعاني منذ عقود إلى اليوم من حالة شبيهة، فكيف سيكون الحال في عصر وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني.
البلد لا ينقصه أزمات ولا أبطال، فمَن يفاخر بأنّه تحت القانون ويريد إحقاق الحقّ، لا التشفّي، يمكن أن ينال مراده عبر القضاء، العادي أو العدلي، فكلاهما يعمل وفق القوانين نفسها، والقاعدة تقول "ما مات حقّ وراءه مُطالب".
ولأنّ الدنيا دولاب والشعب قلَّاب، فإنّ درهم حكمة خير من قنطار تشفّي.
 

  • شارك الخبر