hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - الحدث الحدث - دافيد عيسى- سياسي لبناني

رسالة مفتوحة إلى "التيار" و"القوات" بكل صدق ومحبة

الإثنين ٢٤ حزيران ٢٠١٩ - 06:04

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أردتها رسالة مفتوحة إلى "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، قيادة ومسؤولين ومحازبين، رسالة مكتوبة بأحرف من صدق وصراحة ومستقاة من هواجس الناس وهمومهم وإحباطهم وقلقهم على المستقبل والمصير، هذا القلق الذي أراه في العيون الحائرة وهذا الإحباط الذي أقرأه على وجوههم العابسة، فلم يعد بالإمكان إخفاء المشكلة ولا تجاهل الواقع والتغاضي عنه.
واقع أن المسيحيين ليسوا في وضع جيد وتساورهم الشكوك والهواجس وهم يرون اتفاقات المصالحة تتهاوى وأوراق النوايا تتآكل وتصبح "حبراً على ورق"، والتفاهمات لا تنفذ ولا تحترم، والوضع برمته يعود إلى الوراء وإلى مرحلة يفترض أنها ولّت إلى غير رجعة، وتفتح صفحات الماضي التي يفترض أنها طويت بالكامل عندما فتحت صفحة المصالحة...
قبل ثلاث سنوات استجمع المسيحيون قواهم وانتعشت آمالهم واستعادوا الثقة بأنفسهم وقياداتهم، واستبشروا خيراً بالإتفاق الذي عقد بين "القوات اللبنانية و"التيار الوطني الحر"، وبالفعل فإن النتائج والثمار الأولى لهذا الاتفاق ظهرت سريعاً وأدت إلى تغيير ملموس في الوضع الداخلي لمصلحة الواقع المسيحي الذي ظلّ يشكو في مرحلة ما بعد الطائف وعلى امتداد أكثر من عشرين عاماً من التهميش في الدور ومن الغبن في الحقوق ومن الخلل في التمثيل النيابي والحكومي وفي التوازن الطائفي، ومن دون أن تكون في المقابل أي محاولة جدية ومخلصة لتصحيح الوضع وإعادة اتفاق الطائف إلى مساره الأساسي وإلى سكة التنفيذ الصحيح غير المجتزأ.
في غضون فترة زمنية وجيزة وبفعل اتفاق "التيار والقوات"، حصلت تطورات إيجابية ومشجعة، تم انتخاب الرئيس ميشال عون المستند إلى شرعية دستورية وإلى شرعية شعبية، وتم انتخاب مجلس نيابي جديد على أساس قانون انتخاب جديد للإطاحة بنظام المحادل والبوسطات الذي لا وجود فيه لحرية انتخاب وصحة تمثيل، وتم تشكيل حكومة تميزت بتوازن مسيحي اسلامي واضح وحقيقي.
ولكن هذا المسار الإيجابي تعطّل وتوقّف تقدّمه، وتحوّل إلى تراجع وتأزم، فعادت الخلافات إلى سابق عهدها، وأصبح كل وزير تابع لفريق " ناطر التاني على الكوع"، وانعكس ذلك على القواعد والمحازبين ممّا أدى إلى هبوط في مستوى التخاطب على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا نقول إلى شتائم وإهانات، وانقطعت كلّ أشكال الحوار والتواصل حتى بين (ملحم رياشي وابراهيم كنعان) رسميا، ولم يعد من وجود للقاءات تشاور وتنسيق على أي مستوى، وعادت الأجواء إلى ما كانت عليه قبل المصالحة لا بل أسوأ، هذه المصالحة التي يؤكد الجميع التمسك بها وحرصه عليها ولكن من دون أن يقترن القول بالفعل.
لا أريد أن أدخل في متاهات الخلافات ولست من يحدد المسؤوليات ومن هو المسؤول عن الوصول إلى هذا الوضع والعودة إلى حالات الضعف في "زمن التكتلات القوية" وإضاعة فرصة ذهبية لتقوية وتعزيز وضعنا وقدراتنا، وإنما أكتفي بالتوقف عند ثلاث نقاط:
1- يجب أن يعلم الجميع أن الوضع المسيحي معطوفاً على وضع لبناني شديد الدقة والتعقيد في أزماته الاقتصادية والاجتماعية ما عاد يحتمل خلافات ومشاكل جديدة تحبط من عزيمته وتزيد في يأسه، ومثل هذه الأجواء تزيد الوضع سوءاً وتدفع إلى المزيد من الهجرة واستنزاف الوجود المسيحي في أعداده وطاقاته وشبابه، كماً ونوعاً.
2- يجب أن يعرف الطرفان وأقولها بكل صدق أن الشرخ يتّسع والهوّة تتعمّق مع الناس الذين لا ينتمون إلى أحزاب وهم الأكثرية الصامتة التي صار لديها حساسية مفرطة تجاه قادة هؤلاء الأحزاب.
3- لا نريد من "القوات والتيار" أن يُغرما ببعض وأن ينسجما إلى حدّ التماهي وإلغاء الفوارق بينهما، ونحن مع الاختلافات البناءة في الرأي والموقف والتنوّع وهو مصدر غنى وعلامة صحة وعافية وطنياً وسياسياً، ولكن ما نطلبه ونلحّ عليه وبكل اختصار وبساطة، وبكل صدق ومحبة:
- وضع المصلحة المسيحية العليا فوق كل اعتبار وإبعادها عن النكايات والخلافات السخيفة والمصالح الشخصية والحزبية والخاصة، إن المنطقة على فوهة بركان والمطلوب بقاء ما تبقّى من مسيحيين على هذه الأرض لا تهجيرهم وتيئيسهم وتشجيعهم على الهجرة، من هنا يجب تنظيم الخلاف السياسي بحيث يظل مضبوطاً ومحصوراً في أضراره وتداعياته، فلا يتسبّب بإرهاق وإضعاف الموقف المسيحي العام ولا يساهم في إحداث خلل في التوازن الوطني، فإذا كان هذا التوازن قائماً على الشراكة الفعلية، فإن هذه الشراكة (الإسلامية – المسيحية) لا تتأمّن مع شريك مسيحي ضعيف ومشتّت القوى...
- وقف كل أنواع السجالات العقيمة والمؤذية التي تتوخّى نبش الماضي والعودة إلى الوراء وإثارة العصبيات والغرائز ونشر ثقافة الحقد والكراهية...
- اعتماد لغة راقية في التخاطب السياسي تحترم رأي الآخر وتعكس حضارة مجتمعنا وتاريخه وقيمه، والاعتراف بالآخر، وبموقعه وحقوقه ودوره وخصوصياته.

  • شارك الخبر