hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - حـسـن ســعـد

في الموازنة.. اقتراح حكومي يضع المواطنين في دائرة الإتهام

الجمعة ١٤ حزيران ٢٠١٩ - 06:14

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من ضمن مساعيها لمكافحة التهرّب الضريبي، وعبر المادة (59) الواردة في مشروع الموازنة العامة، اقترحت حكومة "إلى المال":
إضافة البند (13) إلى المادة (1) من القانون رقم 44 تاريخ 11/11/2008 وتعديلاته "قانون الإجراءات الضريبية".
تحت عنوان "التهرّب الضريبي"، وبعد تعريف التهرّب، عرض البند (13) المُقترح أهم الطرق والأساليب غير المشروعة التي قد يستعملها "المُتهرّب"، بالجملة أو بالمفرّق، وكان آخرها التالي:
(التستّر على صاحب الحق الاقتصادي، وفقاً للتعريف المُحدّد له قانوناً، من أي مصدر أموال وبأي طريقة كانت).
أكثر ما لفت ويستحق التوقف عنده، هو اعتبار "التستّر على المُتهرّب" أحد الطرق والأساليب المُتّبعة في ارتكاب "جُرم التهرّب الضريبي"، علماً أنّ ارتكاب التهرّب محصور بمَن توفّرت لديه "النيّة والمُبرّر الذاتي والقدرة والسبل والفرصة والظروف والبيئة الحاضنة في الإدارات المعنيّة".
لذلك، من أهم الأسباب الموجبة لإعادة النظر في هذا "الاعتبار"، ما يلي:
أولاً: "التستّر"، فعل يومي يمارسه معظم اللبنانيّين بشكل عفوي، حتى أنّه بات من السلوكيّات العامة، وبالتالي فإنّ اعتبار "التستّر" "جرماً" يعني نيّة الحكومة وضع معظم اللبنانيّين في دائرة الإتهام، إذا ما مرّ في مجلس النوّاب.
ثانياً: "التستّر"، تهمة من شبه المستحيل إلصاقها بأي "مُتستّر" وبالأخص إذا كان "غير مُتدخّل"، خصوصاً أنّ الموظف مُجبَر على الإلتزام بشروط صاحب الحق الاقتصادي، حيث لا مستندات تثبت "التستّر" ولا شهادة الشهود على النيّات تنفع، أمّا الأسوأ فهو صعوبة إزالة آثار التداعيات المعنويّة والاجتماعيّة وغيرها بعد فشل إثبات الإتهام.
ثالثاً: "التستّر"، بمعنى عدم إبلاغ الجهات المختصّة، يعني وجود تشابه تام بين "المُتستّر غير المُتدخل بالتهرّب" وبين "المُتفرّج غير المُتدخل بالجُرم" سواء حصل أي منهما بشكل إفرادي أو جماعي، وبالتالي لا يعتبر جُرماً، إذ إنّ (مسؤوليّة الجميع ليست مسؤوليّة أحد)، وحيث إنّ مجرّد "عدم التدخّل" سبب أكثر من كافٍ لإنتفاء المسؤوليّة الفردية أو الجماعيّة اتجاه أي فعل أو عمل أو جُرم أو حادث، بإستثناء مَن انتُخبوا أو عُيّنوا أو كُلّفوا قانوناً للقيام بمهمّة المراقبة والمتابعة والتدخّل بقوّة القانون وحصانته.
على سبيل المثال لا الحصر، وبالاستناد إلى اعتبار قانون الموازنة "التستّر" من أساليب التهرّب الضريبي، فإنّ قيام "المواطن / الزبون" بأي عمليّة شراء من دون أنْ يعطيه "صاحب الحق الاقتصادي / التاجر" فاتورة تبيّن تفاصيل وقيمة المشتريات، يكون التاجر قادراً على التهرّب، وفي حال لم يطلب الزيون فاتورة بالمشتريات، يكون المواطن "متستّراً على مُتهرّب". وهنا السؤال: كيف ستتصرّف الحكومة وأجهزتها وإداراتها المعنيّة مع هكذا حالة عامة وسائدة؟
ممّا سبق، يبدو جليّاً أنّ حكومة "إلى المال" قد أدرجت فعل "التستّر" العام وربطته بجُرم "التهرّب" الخاص، على طريقة "خبط عشواء"، التي وردت في قول الشاعر زهير بن أبي سلمي:
(رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ ... تُمِتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ).
كما لا يخفى أنّ السلطات تتجاهل "فعليّاً" مفهوم العدل ومنطق القانون اللذيَن يقضيان بمحاسبة ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين "تشريعيّاً وتنفيذيّاً" عن تفشّي ظاهرة التهرّب الضريبي بعقوبات أشدّ من تلك التي تطال المُتهرّبين.
والمؤسف أكثر هو عدم إدارك المسؤولين أنّ منطق الواقع في الحياة العمليّة أقوى من منطق القانون، وبشكل خاص عندما تكون القوانين قابعة تحت حقيقة عجز السلطة التنفيذيّة وأخواتها، المتعاونات دون فصل بينها، بدليل أنّها لم تشكّل يوماً النموذج الصالح للإقتداء به.
حالياً، مشروع قانون الموازنة العامة في عهدة مجلس النوّاب "سيّد نفسه"، كيف ستتعامل لجنة المال والموازنة النيابيّة مع مسألة "التستّر" العام والعمومي الواردة في المادة (59) منها.
المواطن "ليس بيده حيلة"، وأمام مَن بيده السلطة أحد خيارين:
إمّا أنْ تنتفض الحكومة على نفسها فتستدرك، أو أنْ ينتفض مجلس النوّاب على الحكومة فيستلحق.
 

  • شارك الخبر