hit counter script

ليبانون فايلز - الحدث الحدث - مروى غاوي

عن زلّات السياسيين والرأي العام وحرية التعبير

الإثنين ٢٠ أيار ٢٠١٩ - 06:04

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

زلّة لسان أمام ميكروفون مفتوح على الهواء كلّفت رئيس الاتّحاد العمالي بشارة الأسمر التوقيف أمام المباحث الجنائية لتبدأ عملية محاكمته و"جلده"من قِبل الرأي العام والمطالبة بإقالته من منصبه ولدى القضاء بعد اتّخاذ كثيرين صفة الإدعاء الشخصي عليه.

بدون شكّ فإنّ رئيس الاتحاد العمالي ارتكب إثماً كبيراً فتألّب ضدّه كلّ الرأي العام بسبب "النكتة السمجة" واللأخلاقية بحقّ مقام ديني كبير هو البطريرك الراحل الكادرينال مار نصرالله بطرس صفير قد تصل به لنهاية مسيرة نقابية ومهنية، لكن القضية تطرح تساؤلات عن حدود حرية الرأي والتعبير المتعارف عليها في القوانين وعن دور السوشيل ميديا في صبّ الزيت على نار الموقف.
في القانون فإن الأسمر يُحاكم بإحدى المواد القانونية التالية، القدح والذم بمقام ديني وإثارة النعرات الطائفية، أما لدى الرأي العام فإن التهمة تتّخذ أبعاداً كثيرة بما تضمّنته من إهانة لصرح بكركي ومقام البطريرك الراحل.
وفي مطلق الأحوال فإن سقطة رئيس الاتّحاد العمالي فتحت جدلاً حول الحدود المسموحة لحرية التعبير وهو جدل يتجدّد مع كلّ حدث من هذا النوع، فثمّة من يعتبر أن ما حصل يصب في إطار قمع الحريات السائد في لبنان مؤخراً مع التسليم بأن ما قاله رئيس الاتّحاد العمالي يستحقّ الإقالة والاستقالة لكن توقيفه أمر خطير، وثمّة من يقول إن الإجراء بحق الأسمر يفترض أن يشكّل عبرة لغيره في التزام الحدود والمسافة المعطاة للحرية.
هناك من يتحدّث أيضاً عن قلّة ثقافة وعدم فهم لحدود الحرية المسموح بها، فحرية الرأي لا تعني الإساءة وإطلاق الشتائم كما أن الخلاف السياسي شيء والإساءة الشخصية أمر آخر.
في المادة 19 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الفقرة التالية "يحقّ لكل شخص أن يمارس حرية الرأي والتعبير والحقّ في اعتناق الآراء دون مضايقة الآخرين، لكن ممارسة الحقوق لها واجبات ومسؤوليات خاصة كاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية الأنظمة والقوانين..." وعند هذه المادة يعتبر القانون أن الحق بالتعبير ليس مطلقاً وله حدود ومحاذير.
ليس بشارة الأسمر أول السياسيين ولا آخرهم الذين يتعثّرون ويخونهم لسانهم وليس أول شخصية يقول في العلن ما يقوله كثيرون في الجلسات المغلقة وفي السرّ، سبقه سياسيون كثيرون وقعوا ضحية تسريب تلفزيوني وميكرفونات مفتوحة، ثمّة محطات كثيرة كلّفت البلاد دخول في أزمات وخروج المتظاهرين إلى الشارع بسبب غلطة أو تصريح مسؤول كما حصل في أزمة "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" بعد زحطة الوزير جبران باسيل ووصفه رئيس المجلس بالبلطجي. أزمة أخرى تسّبب بها كلام رئيس "تيار التوحيد" وئام وهاب عن طريقة استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وأزمة أخرى للنائبة ستريدا جعجع قبل الانتخابات النيابية في أوستراليا بتسريب فيديو "نزل دعوسلي الزغرتاوية" أو ما وصف به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي للموارنة بأنهم جنس عاطل ولائحة أخرى تطول ولا تنتهي.
بالمؤكد ليس رئيس "الاتحاد العمالي" السياسي الوحيد الذي خانته اللحظة والحظ العاثر، فثمّة مجموعة من السياسيين تحوّلوا إلى مادّة إعلامية على وسائل التواصل، ففي جنازة البطريرك والتعازي في بكركي شوهدت النائبة رولا الطبش تحمل فنجان القهوة ممّا سبّب لها انتقادات على وسائل التواصل بعد فترة من تعرضها لحملة تحت عنوان المشاركة في طقوس مسيحية، فيما زميلتها النائبة ديما جمالي لا تزال تعاني من زلّات لسان وتصريحات عفويّة تحوّلت إحداها (دفع مساعدات مالية) إلى مادّة ليطعن بنيابتها للمرّة الثانية المرشح المنافس لها في الانتخابات.
ثمّة من يقول إن المسؤول أو السياسي يحاسب على أدائه وعمله وما يقدّمه للمواطن، لكن المسؤولين بلبنان يحاكمون على زلّات لسانهم وما حصل مع رئيس "الاتحاد العمالي العام" يكشف واقع عدم أهلية السلطة السياسية الحاكمة التي تدير أمور الناس.
يصحّ تشبيه زلة اللسان بزحطة قدم رياضية، لكن زلّة قدم الرياضيين تبقى أسلم ومفعولها ينتهي بانتهاء لحظة السقوط، لكنّ زلّة لسان السياسيين مفعولها يدوم لفترة أطول بكثير.
 

  • شارك الخبر