hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - الحدث الحدث - دافيد عيسى - سياسي لبناني

لا نلوم الإمارات على قرارها...

الإثنين ٦ أيار ٢٠١٩ - 06:07

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ بداية هذا العام، اتخذت المملكة السعودية جملة قرارات وخطوات إيجابية في اتجاه لبنان عكست مدى الرغبة في إعادة العلاقات إلى وضعها الطبيعي وسابق عهدها، وفي هذا المجال، قررت القيادة السعودية ايضآ إعادة التمثيل الديبلوماسي إلى مستوى سفير وتعيين القائم بالأعمال وليد البخاري سفيراً فوق العادة وبرتبة وزير، كما قررت تفعيل اللجنة العليا المشتركة "اللبنانية – السعودية" واستئناف اجتماعاتها، ولكن الخطوة الأهم تمثلت في رفع حظر سفر السعوديين إلى لبنان وكان لهذا القرار وقع جيد وطيب واستبشر به اللبنانيون خيراً لأنه يعني عودة الثقة السعودية والخليجية بلبنان والوضع فيه، ولأنه يعزز الآمال والتوقعات بموسم سياحي سيكون واعداً هذا الصيف مع عودة السعوديين إيذاناً بعودة سائر مواطني دول التعاون الخليجي.
وكانت الآمال عقدت والتوقعات ركزت على عودة الإماراتيين إلى لبنان وعلى قرار مماثل تتخذه دولة الإمارات خصوصاً وأنه كان هناك تلميحات وإيحاءات في هذا الاتجاه، وكان هناك ترقب لقرار ستصدره حكومة الإمارات بين يوم وآخر بشأن رفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان، ولكن ذلك لم يحصل، وعلم أن السفير الإماراتي في لبنان الدكتور حمد الشامسي أبلغ إلى الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير محمد شقير في لقاء معها مؤخرآ أن الإمارات ليست في صدد رفع حظر السفر لمواطنيها إلى لبنان في هذه المرحلة، من دون أن يعطي تفسيرات لهذا التريث ومن دون أن يحدد ويوضح الأسباب التي دفعت إلى تجميد عملية العودة الشاملة سياسياً و"سياحيا" واستثمارياً إلى لبنان.
لا نلوم دولة الإمارات على قرارها، ولديها أسبابها وحساباتها، ولا نعتبر أن هذا القرار يقلل من حجم الاهتمام الذي توليه دولة الامارات للبنان وأوضاعه وقضاياه، أو أنه
يعكس تغييراً في سياسة الدعم والرعاية التي تخص بها الإمارات لبنان والتي ترجمها على أرض الواقع وعلى أحسن ما يكون السفير الصديق الدكتور حمد الشامسي هذا الرجل المحب للبنان، ونقولها بصدق وصراحة وليس من باب المجاملة أن العلاقات اللبنانية الإماراتية ارتقت مع السفير الشامسي إلى مستويات متقدمة وشهدت مبادرات إيجابية وفتحت على آفاق مستقبلية، وكل ذلك طبعآ استناداً إلى توجيهات وسياسات القيادة الإماراتية الرشيدة الملتزمة سياسة الانفتاح والاعتدال وثقافة الحوار والتسامح.
في تقديرنا أن حذر الإمارات وعدم تشجيع مواطنيها على السفر إلى لبنان لا يحصل لأسباب أمنية، ويمكن التأكيد هنا أن السبب الأمني غير موجود لأن الأمن في لبنان مستتب وممسوك ومضمون، وإذا كان من نقطة قوة وعلامة فارقة مضيئة في الوضع اللبناني حالياً، فإنها تتمثل في الوضع الأمني الذي يضاهي أكثر الأوضاع الأمنية ثباتاً واستقراراً في دول العالم، وذلك بفضل جهود وسهر الجيش اللبناني وكافة الاجهزة الامنية الاخرى.
وإذا كان من تفوق وتميز للبنان على دول عربية كثيرة في هذه المرحلة، فإنه تميز في مجال الأمن والاستقرار اللذين ينعم بهما لبنان وسط منطقة مضطربة ومتفجرة.
في تقديرنا أن الحذر الإماراتي مرده إلى عدم وجود المناخ العام المشجع، فلا يمكن توقع مثل هذه العودة المكتملة في مقوماتها إذا لم تكن شروطها وظروفها مكتملة، وإذا كانت الأوضاع في لبنان غير مكتملة وتعاني من ثغرات وفجوات على المستويات كافة، فلا يكفي أن يكون هناك استقرار أمني إذا لم يكن مدعوماً ومكملاً من استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، وهذا ما ليس متوافراً حالياً في لبنان وحتى إشعار آخر في ظل أزمة اقتصادية خانقة ومشادات وصراعات سياسية واضطرابات اجتماعية نزلت وتنزل كل يوم إلى الشارع.
وليس مبالغة القول اننا كمواطنين لبنانيين تعرضنا ونتعرض لاعتداءات يومية نعجز عن الرد عليها مباشرة او في صناديق الاقتراع، مما يجعل هؤلاء الحكام وهذه الطبقة السياسية تعيش على كوكب آخر محصنة مطمئنة على اننا شعب لا يحاسب ولا يسأل، بل همه دائمآ ان يرضي زعيمه ويلبي نداء رئيس حزبه ولو على حساب كرامته، ولقمة عيشه ومستقبل اولاده .
فالوضع في لبنان ما زال في غرفة العناية الفائقة وتحت المراقبة الشديدة والمشددة، والحذر الإماراتي والخليجي عموماً على صعيد العودة إلى لبنان للسياحة والاستثمار، يقابله حذر دولي وأوروبي خصوصاً على صعيد تقديم الدعم المالي والاقتصادي للبنان ومدّ يد العون والمساعدة له.
فإذا كان الأوروبيون مستعدين لتقديم مثل هذا الدعم وترجموا هذا الاستعداد عملياً من خلال "مؤتمر سيدر" ومساره الحافل بالمشاريع والمليارات، فإنهم أيضاً لديهم حذر وتريث وهم يربطون بين المساعدات والإصلاحات، ولسان حالهم أن على لبنان أن يساعد نفسه ليكون جديراً ومستحقاً بأن يساعده العالم، وأن يثبت قدرته على تنفيذ وإيفاء ما أعطاه من تعهدات والتزامات وأولها على صعيد إجراء إصلاحات مالية وإدارية انطلاقاً من موازنة العام 2019.
الوضع اللبناني الموضوع تحت عناية ورقابة دولية وعربية، متأثر إلى حد كبير بالتطورات والأحداث في المنطقة ومحيطه المباشر، ويبدو أسير مرحلة انتقالية تجتازها منطقة الشرق الأوسط التي تشهد خلط أوراق وإعادة رسم للمعادلات وموازين القوى وللخارطة السياسية... ولكل هذه الأسباب والأوضاع، تبدو سياسة الحذر والتريث التي تتبعها بعض دول الخليج ولا سيما الامارات تجاه لبنان سياسة مبررة ومفهومة في هذه المرحلة وإلى حين جلاء الوضع في لبنان والمنطقة...

  • شارك الخبر