hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - سمير عطا الله - الشرق الاوسط

مئوية الإجماع

الجمعة ٥ نيسان ٢٠١٩ - 06:57

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اختلف المصريون حول قادتهم وزعمائهم في حياتهم وما بعدها. من عرابي إلى فاروق إلى عبد الناصر إلى السادات إلى مبارك. وفي مئوية عبد الناصر، ثم في مئوية السادات العام الماضي، تنادى المؤيدون والمعارضون، بكل حماس وإخلاص، وغالباً بكل موضوعية، في مدح الصفات، أو في نقد الإخفاقات.

وقد برهن الجدل، ليس من على حق ومن على تحيُّز، بل عن علاقة المصري، دون سواه، بتاريخه ومعرفته بذلك التاريخ وفهمه له، وعلى قدرته على المحاسبة ولو بعد حين. وفي نهاية المطاف، يتبين من عروض المحاسبة هذه، أنه كان لكل زعيم دور ما، لا يختلف عليه، مهما اشتدت الخلافات حول أدواره أو سياساته الأخرى.
بدأت منذ فترة مئوية ثورة 1919. أو ثورة سعد زغلول. أو ثورة الوفد. أو ثورة 8 مارس، أو باسمها الشعبي الموحد «ثورة سعد». يوم نفي سعد، ويوم عاد سعد، ويوم أطل سعد، ويوم خطب سعد. ويوم ظهرت على الناس صفية، أم المصريين.
لا نقاش في سعد. لا قبل ولا بعد. لا تحليلات ولا زائد ولا ناقص ولا فيما عدا ولا لكن. سعد.
وحتى الدكتور يوسف زيدان لم يخرج علينا - حتى الآن - بواحد من تلك التعابير التي خص بها عرابي وصلاح الدين. وأتمنى عليه ألا يفعل. لأن سعد زغلول هو ذلك الجزء من التاريخ غير القابل للنقاش، وخصوصاً ليس للفذلكة. سعد زغلول إجماع نادر في مجتمع حيوي أتقن الحياة في التاريخ. يتمتع بذاكرة كلما تعبت قامت لها آثار جديدة في أسوان أو الأقصر.
تتجدد مصر على الدوام. تحب وتنسى. تحب وتشقى. تندفع وتتراجع. إلا سعد. رائد الحرية ضد الاستعمار. الرجل البسيط الذي خافته بريطانيا فأرسلته إلى المنفى. وبذلك، كتبت بالأحرف الأولى نهاية العصر الاستعماري، بل في الهند أيضاً. وفي رسائله إلى ابنته أنديرا من السجن كتب نهرو لها عن الحركة الوطنية في مصر قائلاً إن «سعد زغلول هو أهم زعيم مصري».
رغم الشعبية الهائلة التي تمتع بها، تميزت زعامة سعد بأنه أبقى الرجال الكبار من حوله، خلافاً لما حدث في العالم. وتقاسم مع رفاقه أفكار الحكم وإدارة السلطة. وكان «الوفد» يمارس ديمقراطية ربما أرقى وأوسع من ديمقراطية حزب المؤتمر في الهند.
كان التحرر الوطني هو الأولوية عند سعد زغلول. فمن دونه لن يستطيع تحقيق العدالة الاجتماعية التي يحلم بها. أو خفض الفروقات الطبقية الهائلة في البلاد. مائة عام زمن كثير في حياة الأمم. لم يبقَ حياً سوى تلك الذكرى العطرة وصورة القلب الذي احتضن كل مصر. ما خافه أحد وما هابه أحد، الجميع أحبوه ووقّروه.

سمير عطا الله - الشرق الاوسط

  • شارك الخبر