hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - طوني عطية

"جمهور الأستديو"

الخميس ٢٨ آذار ٢٠١٩ - 12:24

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"منّي وجرّ" بإمكاننا مشاهدة واقع الحياة العامّة بفصولها السياسية والثقافية والإجتماعية والإعلامية، والجماهيرية... كلّها، شاخصة أمامنا عبر حلقة تلفزيونية.
في برنامج ترفيهي، يُفترض أن يخفف عن المواطنين والمشاهدين، عبء الحياة والضغوطات النفسية الناتجة بجزء كبير منها عن المتاهات السياسية، تحوّل في حلقته مساء الثلاثاء، إلى منازلةٍ، أشعلت مواقع التواصل الإجتماعي والرأي العام، بين مؤيّد للمغني السوري المقيم في لبنان علي الديك، والإعلامي سلام الزعتري، على خلفية سؤال وجّهه المُقَدّم إلى ضيفه الدّيك حول الجولان بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونلاد ترامب بسيادة "اسرائيل" على الجزء المحتلّ منه.
في سياق الحديث "الجولاني"، أبدى الزعتري وجهة نظره، قائلاً "إن النظام باع الجولان منذ خمسين عاماً"، ما أغضب الدّيك الذي انتفض لما سّماه كرامة بلده ورئيسه (وهذا من حقّه)، وهَمّ بمغادرة الأستديو، عاكساً في سلوكه وردّة فعله، تربية وثقافة الأنظمة المستبدّة التي تمنع أي حوار سياسي، وتعتبر أي نقد يوجّه إلى النظام أو الحاكم، هو تعدّي على كرامة الوطن، تجسيداً لمقولة "أنا الدولة والدولة أنا"، مع الإشارة إلى أن "الشاشة" التي استضافته، قد تعرّضت في السابق للإقفال بسبب معارضتها لقمع الحريّات في بلد الأرز، واحتلاله من قبل النظام السوري الذي لا يزال يعتقل مئات اللبنانيين في سجونه، والذي لا يعترف حسب عقيدته السياسية (البعثية) بلبنان ككيان ووطن تاريخي مستقل، تاركاً ألماً وجرحاً عميقاً في ذاكرة ونفوس اللبنايين.
والملفت في سلوك المغنّي الذي كان قد قدّم برنامجاً غنائياً ترفيهياً على إحدى الشاشات اللبنانية، استقباله لضيوفه في بعض الحلقات بإطلاق الرصاص داخل الأستديو ترحيباً بهم!!
أما سلام الزعتري، (الذي انسحب احتراماً للبرنامج ومتابعة الحلقة)، عبّر عن رأيه بكلّ حريّة، عاكساً بذلك، ما بقي في لبنان من "جوهرة" وميزة وحيدة يتفرّد بها، عن محيطه الإقليمي من جهّة، كنموذج ضامن للحريات، وعن واقعه الداخلي المأزوم على المستوى السياسي- الإقتصادي- الإجتماعي، والهابط على الصّعيدين الفنّي والإعلامي... من جهّة أخرى، حيث لم يعد لنا ما نقدّمه ونفخر به سوى الحريّة وإن كانت تعاني من شوائب عدّة.
أما ما يثير الدهشة، هو "جمهور الاستديو" غبّ الطلب، بقيادة "مدير المسرح"، الذي يأمرهم بالتصفيق الحارّ على وقع كلمات "الأسد، سوريا، العروبة..." تشجيعاً لبقاء الديك الغاضب الرافض لأي رأي آخر، واستكمال "الحلقة المفرغة" بعد انسحاب سلام الزعتري وحيداً منتفضاً لما يعتبره حقّ.
وفي تجسيد لواقعنا على المستوى الشعبي، نُشبه اليوم "الجمهور" في استيديو، فيه كلّ الأدوار والشخصيات والأفكار والسلوكيات الثقافية والأخلاقية... فالشعب الذي هو مصدر السلطات، ولأجله وجدت كلّ الأنظمة السياسية، أصبح متفرّجاً، مصفّقاً بما يدري ولا يدري، وبات يتميّز ليس في قوّة المحاسبة أو الإعتراض أو الإنتفاض (لا قوّة أعظم من الشعب عندما يكون حرّاً)، بل تحوّلت عزيمته المهولة، إلى قدرة فظيعة على المشاهدة والتصفيق لزعماء وحكّام، حتى وإن كانوا فاسدين ومسؤولين عمّا وصلت إليه حال البلاد والعِباد.
فحالنا أشبه بحلقة تلفزيونية: المنتفضون قلّة، المتزلّفون كثرة، والشعب"زفّة" و"زقفة"...

  • شارك الخبر