hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - خاص خاص - حـسـن ســعـد

نُصب "الفاسد المجهول"

الجمعة ١٥ شباط ٢٠١٩ - 06:06

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في الهواء، فوق رأس الفساد ورؤوس المُفسدين والفاسدين، يواصل معظم نوّاب الأمّة اللبنانيّة إطلاق المواقف الناريّة "المُتلفزة" على أداء السلطة المتعاقبة والفساد المستشري بإنتظار بدء التصويت على الثقة ليرفع اليد نفسها مانحاً ثقته لحكومة فرضتها تسوية يجهل مانحو الثقة "الغالية" ما تحويه من بنود غير مُعلنة.

اليوم أو غداً السبت، في ختام جولات مناقشة البيان الوزاري، ستنال حكومة "إلى العمل" ثقة نيابيّة عمياء من مجلس "الأقوال"، وسيبقى الفساد مُتحكّماً والمُفسِد مُحصّناً والفاسد مُجهّلاً.

من حُسن حظ "الفساد" أنّ السلطات اللبنانيّة، رغم ما تملك من قوى "تشريعيّة وتنفيذيّة ورقابيّة وقضائيّة وأمنيّة"، لم تنجح في مكافحته، ولو جزئيّاً.

و"برعاية "المُفسِد"، من حُسن حظ "الفاسد" أنّه فاعل مُجهّل ممّن يعرفه ويتمتع بحصانة "الثغرات القانونيّة" ومناعة "التجهيل المُقونَن" ونخوة "المرجعيّات الطائفيّة"، حتى أنّ الرؤساء والوزراء والنوّاب والمسؤولين يُطلقون عليه اسم "البعض".

في الواقع، لا يمكن للفاسد أنْ يكون "مجهولاً" إنْ لم يكن ربيب مُفسِد "معلوم" ذو سطوة وقدرة على التدخّل لدى الجهات المعنيّة للتستّر عليه والحؤول دون ملاحقته وبالتالي منع إخضاعه للقانون.

إضافة إلى ذلك، فإنّ استشراء الفساد في الدولة وتجرؤ الفاسد على السلطة يستمدان الدعم، بشكل غير مباشر، من تلكؤ معظم وكلاء الشعب "المُحصّنين جدّاً" عن أداء واجبهم في الرقابة والمحاسبة، ومن القيود التي

تفرضها آليات القوانين "المُتعارضة" على كل من يُبلغ عن حالة فساد رسمي، ومن الكلفة العالية التي قد تترتّب على المواطن الصالح "المكشوف" خصوصاً أنّ لفلفة القضايا بغطاء سياسي و/أو طائفي أمر مُعتاد وغير مُشجّع على الإطلاق.

على مستوى السلطة وقوانينها، لا يبدو أنّ بين المسؤولين مَن يستحق التكريم، ولا في الأداء ما يستحق التقدير، ولا في الأقوال ما يُؤمل أن يتحوَّل إلى أفعال، ولا في القوانين ما لا يُخرَق.

بعد الحرب العالميّة الأولى لفت أنّ بعض الدول اعتمدت تقليد إقامة "نُصب الجندي المجهول" تكريماً لذكرى كل جندي أدّى واجبه تجاه بلده وافتخاراً بكل من بذل حياته دفاعاً عن أرضه ودُفِن من دون التعرّف على هويته.

فهل من المجدي اعتماد التقليد نفسه، ليس تكريماً بل تخجيلاً وتحفيزاً، عبر إقامة "نُصب الفاسد المجهول" في المناطق كافة لتذكير المسؤولين بمدى ضعفهم أمام هذا "المجهول"، المُستقوي على الدولة ومؤسساتها والمُسيطر على السلطة وأجهزتها والمُستغل للشعب وانقساماته، لعلّهم يخجلون من أنفسهم كلما رأوه ومن فشلهم كلما سمعوا عنه فيتحفّزون للعمل بصدق وجديّة ومثابرة؟

في مكافحة الفساد، الأعمال ليست بالكلمات

  • شارك الخبر