hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - مازن ح. عبّود

لبنان في زمن العواصف

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٩ - 05:51

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ستهطل الامطار والثلوج ثم ستشرق الشمس حتماً
قد تتشكل حكومة أو لا تتشكل، فالموضوع تحوّل إلى تفصيل، فنحن نوّدع عاصفة ونستقبل أخرى وسنبقى ننتظر الهلال وننتظر انقشاع الرؤية الاقليمية لتحديد مصيرنا وسيأتي الصيف وسيكون حر، ومن ثمّ سيكون برد في الشتاء القادم وستهطل الامطار بكميات كبيرة في فترات قصيرة وستغمر السيول الطرقات مجدداً وتهدد الناس، ونخرج نصرح ونستصرح. ونروح نفتش عن بومة أو عن غراب لقراءة الغيب في كل مناسبة. فنحن قد فقدنا الايمان بواقعنا وقدراتنا وغدنا.
ستبقى الناس تلعن وتشكو حتماً. ولن يغيّر ذلك في المعادلة شيئاً. الثابت الوحيد هو الضرر الحاصل. وتزايد معدلات الدين ومخاطره. كما تراجع معدلات السعادة في بلد كان يفترض به أن يكون الاكثر سعادة في العالم. وذلك بسبب موقعه وانتظام فصوله وروعتها وجودة منتوجاته الزراعية وطعمها وجمال جباله وجودة شواطئه. مقومات تدمرت بغالبيتها بسبب تردي أحوال الحوكمة واستجرار الازمات ومفاعيل ما وصل إلينا من عواصف ليست بغالبيتها طبيعية.
لا نتحمل جميعنا كل المسؤولية لكننا لسنا جميعا انقياء. ولا نظم عيشنا سليمة ومريحة. فنحن مولعون بالتفتيش عن الاختلافات وبناء خلافات والتسليم، لكن ليس لله بل للخارج. فنحن نهوى جعل الخلافات خصومات والاختلافات ازمات. لا نطمئن الا عندما نصطف قبائل. والقبائل تتولد عشائر وفروعاً واصطفافات.
ليس كل ما يجري هو ضعف في التخطيط وخلل في السياسة أسبابه محلية. فالعالم قد تغيّر والمناخ قد تبدل، ولن تتمكن البنى التحتية لبلد مترهل من مواجهة كل هذا الكم من الامطار والعواصف دفعة واحدة.
نسعى إلى تطوير أنفسنا والبنى التحتية لكن معدلات النزوح والولادات والعواصف والازمات السياسية تلتهم كل فرص النمو. فلا يعود دخلنا القومي يكفي لتسديد "الكمبيالات" ودفع المعاشات وتغطية فوائد الديون التي استقرضناها من ذواتنا بفوائد خيالية. مضحك هذا البلد وموجع!
نعيش يومنا وقلوبنا قابعة في الامس وعيوننا شاخصة على الغد، فنغتال اليوم ونتخاصم لضمان الغد انتقاماً للأمس والأمس وهم والغد سراب.
لا نثق في اللحظة ونكره التخطيط لا لأنّ الحكومات والمجالس لا تعيش كثيراً بل لأننا نستسلم للواقع ولما خطط لنا. فمن يتحكم بمن هم فوق ثابت غالباً يغيّر ولا يتغيّر. وقد ثبت لنا بالعين المجردة بأنّ نظامنا عصيّ على الفصول والعواصف، لا بل أنه يستقدم العواصف ويوظفها في اختلافاته لمصلحة هذا أو ذاك.
نقيم الاحتفالات بنصر تلك الدولة أو ذلك المحور لأننا نشعر بأننا نعيش في مضافة وليس في بلد. نسعى إلى تثمير تلك الانتصارات داخلياً لإحقاق سيطرتنا على الحي والقبيلة، نثمرها لأننا لا نعرف كيف ننتصر لبلدنا ولوجودنا، فنستعير حتى الانتصارات.
نتحمس ونشن حروباً وهمية، نتكاذب ونتخاصم ونعود كي نتصالح لكن على حساب ثالث.
تشتبك القواعد ويستثمر في احتقانها وننسى بأنا في بلد محكوم بالتوافق. سيجد المعنيون حتماً فسحة للحوار وترتيب الخلافات في ما بينهم حتى حلول مواسم الانتخابات في العام 2022.
محكومون هم بترتيب خلافاتهم بالحد الأدنى لضمان استدامة السلطة. فالأزمات تستدعي التدهور والتدهور لقيط، وتطال تداعياته الجميع حتى السلطة.
لا أعلم إذا ما كان الانهيار وشيكاً! إلا أني على ايمان أن يداً خفية تتدخل لتمنع التدهور، واليد ليست ولن تكون يد "كينس" كما في نظرية الاقتصادات الحرة، بل يد الخالق. إلا أنه يجب أن نلاقي تلك اليد كي نصون ما تبقى من خيمتنا، فالجو جو أزمات وصقيع وثلوج.

  • شارك الخبر