hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - جمال مرعشلي

إعادة ترتيب روسية ? أميركية للمنطقة تكشف عن "خارجية" الأزمة في لبنان بامتياز

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٨ - 10:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

جمال مرعشلي

مع الإجهاضات المتكررة لتشكيل الحكومة، إثر تخطي العقدتين المسيحية والدرزية اللتين كانتا خارج ملعب حزب الله، ثم النجاح في إيجاد حل لما سمي العقدة السنية التي سبَّبها في شكل مباشر الحزب وما يسمى "اللقاء التشاوري"، اللذين أبيا إلا إطاحة هذا الحل، المتمثل بتوزير جواد عدرا ممثّلًأ سنّة 8 آذار في حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الحكومية، لم يعد ثمة شك أو حرج في القول بالفم الملآن إن إيران هي من يعطل تشكيل الحكومة اللبنانية عبر ذراعها "حزب الله"، الذي دفع النواب السنة إلى إعلان رفضهم أن يكون قرار الوزير الذي يمثلهم غير تابع لهم، وهي مجرد حجة ليس (كما تروج وسائل الإعلام) لمنع الحزب إمساك حليفه حزب العهد بالثلث المعطّل في الحكومة وإرادته جعْلَ عدرا تابعًا له وإنْ تحت مظلة الرئيس، بل لأن هناك قرارًا صارماً من "حزب الله" (في وقتٍ يعتبر الأميركيون والروس الوضع الحكومي في لبنان "تفصيلاً صغيراً" أمام التغيير الجغرافي والديموغرافي الذي ضرب ويستمر في ضرب كل المنطقة) بعدم تشكيل الحكومة في الوقت الراهن، انصياعاً لتعليمات الوصي الإيراني الذي بدأ يشعر بأن الأرض تهتز تحت قدميه في كل المنطقة، مع انسحاب الإدارة الأميركية من الاتفاق النووي مع إيران وإعادتها فرض عقوبات قاسية جدًّا أنهكت اقتصادها وبلغت حد حرمانها من بيع حصتها النفطية في الأسواق العالمية، وإطلاقها حملات إعلامية تشمل حتى مواقع التواصل الاجتماعي لاثارة استياء الشعب الإيراني من حكومته، وسماحها لإسرائيل بتصعيد الموقف لـ"منع تمدد النفوذ الإيراني في جوارها"، الذي ترجمته الدولة العبرية تكثيفاً في وتيرة قصفها أهدافاً إيرانية ولحزب الله على الأراضي السورية استهدفت (وفق "المرصد السوري لحقوق الانسان") مواقع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في الكسوة والديماس في ريف دمشق وغرفة عمليات لحزب الله قرب مطار العاصمة تردد ان اجتماعاً كان يعقد فيها وانفض للتو بين قادة من حزب الله والحرس الثوري ربما كان بينهم قاسم سليماني، ودمرت على الأقل 3 مستودعات أسلحة إيرانية، و3 مواقع للفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري في جبل قاسيون، في وقت رابطت بوارج حربية إسرائيلية قبالة السواحل اللبنانية، كما أثارت قضية الأنفاق التي بناها الحزب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية على رغم معرفتها بهذه الأنفاق منذ زمن، لإحراج الحكومة اللبنانية وزيادة الضغط على الحزب وتعبئة الرأي العام الدولي ضدهما، بالتزامن مع بدء العرب سياسة العودة التدريجية إلى سوريا (وهي لا تخلو بالطبع من إيحاء أميركي) وإثبات الوجود فيها وعدم تركها للتفرد الإيراني مع الحد الأدنى من التنسيق مع نظام الأسد، تمثلت بعودة السفارة السودانية إلى العاصمة دمشق وزيارة الرئيس السوداني عمر البشير، الذي غادر منذ زمن ليس بالقليل حظيرة الإسلاميين والتحق بالحظيرة الأميركية، والافتتاح "الرمزي" لسفارة الإمارات من دون سفير وبعاملَين فقط، أحدهما قائم بالأعمال، وهو الافتتاح الذي سيستجرّ عودة لسفارات دول الخليج كلها، بدليل ما ذكرته وكالة سبوتنيك من أن سفارة البحرين عائدة، وهذه الدول لم تكن لتفعل ذلك لولا الإيعاز الأميركي (والروسي أيضًا) بأن بشار الأسد غير مستمر في السلطة.

وكذلك إعلان الإدارة الأميركية أخيرًا عن خطة للانسحاب من سوريا خلال مئة يوم (وذكر المدة يوحي بوضوح أن تنفيذ اتفاق قمة هلسنكي في 16 تموز الماضي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب قد وُضع على نار أكثر من حامية)، إثر الخطة الأميركية- الروسية في هلسنكي لاقتسام المنطقة، المنذرة بتدمير إنجازات أكثر من ثلاثين عاماً من التوسع الإيراني، والقاضية بتسليم سوريا إلى الروس مقابل قيامهم بالضغط على الإيرانيين لسحب قواتهم من سوريا، وتسليم العراق إلى الأميركيين شرط إخراجهم الإيرانيين منه، ما يعني القضاء على البند الأهم في حلم "الإمبراطورية الإيرانية"، وهو خط آمن من طهران إلى بيروت، ما أدى إلى اتخاذ إيران قرارًا جازماً بالحفاظ على جميع نقاط قوتها في المنطقة، فأفشلت المحادثات اليمنية، وأفشلت الحكومة اللبنانية، وعندما فشلت عراقياً في منع تشكيل الحكومة بدأت التهديد باستخدام مجموعاتها العراقية المسلحة لمنع تصدير النفط العراقي من محافظة البصرة التي تحتفظ فيها بنفوذ قوي، وكل ذلك لتشكيل ورقة ضغط قوية في وجه كل من يعنيهم الأمر، الروس أولاً استباقاً لاحتمال مطالبتهم إياها بالانسحاب من سوريا كجزء من صفقة هلسنكي، والاميركيين ثانياً عبر التهديد بوقف تصدير النفط العراقي وخلق مشكلة للاقتصاد العالمي رداً على وقف تصدير النفط الإيراني، بالتزامن مع التحذير الذي وجهه الرئيس الإيراني حسن روحاني لترامب من "اللعب بالنار"، واعتباره "السلام مع إيران أُمَّ كل سلام، والحرب مع إيران أُمَّ كل المعارك"، وتهديده (المدعوم من المرشد خامنئي والجنرال قاسم سليماني) بمنع صادرات النفط الخليجية إذا تم إيقاف صادرات النفط الإيرانية في تشرين الثاني الماضي، وهو ما لم ينفَّذ بالطبع، وبإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يُعتبر خطَّ شحن حيويًّا لامدادات النفط العالمية، وكذلك إغلاق مضيق باب المندب وتهديد سلامة الملاحة في البحر الأحمر بواسطة الحوثيين، وهو ما لا تستطيع إيران تنفيذه أبداً، بسبب عدم قدرتها مالياً على ذلك، وعدم قدرتها لوجستياً بسبب الفرق الهائل في ميزان القوى، وبسبب موقف ترامب الحازم في تغريدات عبر تويتر موجهة لروحاني جاء في بعض منها: "إياك أبدًا أن تهدّد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ"، و"لم نعد دولة تقبل كلماتكم المختلة عن العنف والموت.. احترسوا!"...

ما أسفر عن ازدياد وتيرة العداء بين الأميركيين والإيرانيين إلى درجة أن يزور الرئيس الأميركي العراق سراً وفي طائرة مطفأة الأنوار ويعترف بعدها بالمخاطر الأمنية التي رافقت الزيارة.

ومن المتوقع أيضًا في هذا المجال، أن تستخدم أميركا القرار النهائي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الذي أعلنت رئيستها القاضية إيفانا هردليشكوفا أنه سيصدر خلال عام 2019، في حربها لإتباع الجناح السياسي فيه للجناح العسكري وتشديد العقوبات أكثر على مسؤولي حزب الله السياسيين لذين لا يزال بعضهم يسافرون إلى البلاد الغربية ويمتلكون أرصدة بالعملة الخضراء في المصارف، كما حدث مع حضور نائب الحزب نوار الساحلي حفل تخرج ابنته في لندن العاصمة بريطانيا التي لا تزال حتى تعتبر الجناح العسكري للحزب إرهابياً دون جناحه السياسي، لكنها تتجه حالياً لإلغاء الفصل بين عمل حزب الله السياسي والعسكري وإدراج الجناح السياسي للحزب على لائحة الإرهاب بناء على نتائج نظر محكمة الاتحاد الاوروبي في قضية تفجير بلغاريا التي أسفرت عن قتل اسرائيليين ووجهت حينها الاتهامات في تنفيذه إلى كل من ميلاد فرح وحسن الحاج حسن ومحمد حسن الحسيني، العناصر في حزب الله والمطلوبين من القضاء البلغاري.

ومع ترنح "الثقة" بين طرفيْ تَفاهُم مار مخايل، واتهام عون في قداس الميلاد في بكركي "البعضَ" (اختلف الوسط السياسي في المقصود بهذا "البعض" على رغم أن الحملة الإعلامية بين حزب الله والتيار الوطني الحر التي تلت إفشال التشكيل على وسائل التواصل الاجتماعي لا تترك مجالاً واسعاً للشك في المقصود) بخلق تقاليد جديدة في تأليف الحكومة لم نأْلفها سابقاً ونحتاج إلى وقت لإيجاد حلول لها"، واعتبار رئيس البرلمان نبيه بري في لقاء الأربعاء أن "الموضوع أكبر من ثلث معطّل وحقائب وحصص"، لافتا إلى "ثمّة شيئاً يحضّر للبلد والمنطقة"، واستشعاره بأن الانسحاب الاميركي من سوريا لا يمكن الا ان يكون منسقا مع روسيا لاخراج إيران وحزب الله منها، بما ينعكس على وضع الحزب في لبنان، ومع "إقحام" (لو صح استعمال هذا الوصف) الشارع في تحركات وإن محدودة في البداية، ولكن يُخشى من طوابير خامسة تخترقها مستقبلاً وتوظف احتجاجاتها في الوجهة التي يريدها هذا الطرف أو ذاك وهذه الدولة أو تلك... بات يُخشى من تحوّل الأزمة الحكومية أزمة نظام مستعصية ودائمة في لبنان، على أرضه أنفاقًا، وفي سمائه طائرات إسرائيلية تُطلق حمولتها على أهداف سورية (كادت توقِع كارثة إنسانية، وفق وزير الأشغال اللبناني يوسف فنيانوس ووزارة الدفاع الروسية، التي أعلنت أن "الهجوم هدد في شكل مباشر رحلتين جويتين مدنيتين"، وانه "نُفذ لحظة هبوط طائرات مدنية غير روسية في مطاري بيروت ودمشق") ولا أحد يعرف متى توجِّهها صوب الأراضي اللبنانية مبتدئة حرب "انتقام" لا تزال الدولة العبرية تنام على ضيمها منذ عام 2006.
 

  • شارك الخبر