hit counter script

الحدث - غاصب المختار

هل من ضرورة بعد لـ "ثلث ضامن"؟

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٨ - 05:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يعتقد الكثيرون أن السبب الرئيسي وإن لم يكن الأوحد للتأخير في تشكيل الحكومة، هو اشتراط رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل حصول التيار مع رئيس الجمهورية على 11 وزيراً ما يعني الحصول على الثلث الضامن سياسياً، والمعطّل عملياَ لكل عمل إجرائي من الحكومة لا يتمّ التوافق عليه.
وإلى جانب هذا العامل المؤثر سياسياً قبل أن يكون تأثيره إجرائياً، فإن التوازنات السياسية الدقيقة التي أنتجتها الانتخابات النيابية باتت تفرض تمثيل معظم الأطراف السياسية إن لم يكن كلها التي وصلت إلى البرلمان بموجب نتائج الانتخابات ولو تفاوتت حصصها النيابية، طالما أن القانون الانتخابي المقبول والمتوافق عليه كان وفق النسبية - ولو المشوّهة - ما يعني تمثيل كل القوى بحسب حجمها النيابي مضافاً إليه الحجم السياسي الذي لم تعبّر عنه الانتخابات تعبيراً صحيحاً ودقيقاً نتيجة التشوّهات في القانون، لا سيما في موضوع الصوت التفضيلي الذي أقصى شخصيات مؤثّرة وأوصل شخصيات أقلّ شعبية وتأثيراً سياسياً.
من هنا يُمكن فهم إصرار اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين على المشاركة في الحكومة بواحد منهم أو بمن يمثّلهم، ويُمكن فهم "حزب الكتائب" أو الحزب السوري القومي الاجتماعي لو طالباً أيضا بالمشاركة، كما يُمكن فهم مطالبة القوى الكبرى الأخرى بحصص كبيرة نظراً لحجمها التمثيلي كالتيار الحر والقوات اللبنانية والحزب التقدّمي الاشتراكي على سبيل المثال لا الحصر.
لكن الحسابات الحزبية والسياسية المصلحية، فرضت معايير غير مبدئية للتمثيل في الحكومة، ما يناقض فكرة تُروّجها القوى السياسية بأنها تريد حكومة وحدة وطنية، لذلك ظهرت محاولات التشاطر والتلاعب
والمناورة من أكثر من فريق لتحصيل الحصّة التي يريدها في الحكومة، في تجاوز واضح لمبدأ التوازن السياسي لا العددي، ولمبدأ الوحدة الوطنية، والواقع أن طبيعة الحكومة في ظلّ التوازنات القائمة، سواء حصل أحد الأطراف على ثلث ضامن أم لم يحصل، تفرض ألا يكون للثلث الضامن أي تأثير على مجريات العمل الحكومي ولا على العمل السياسي عموماً، وإلا ستكون نتيجته الحتمية الشلل أو التعطيل أو المناكفة أو التأخير في إقرار ما يجب إقراره من مراسيم ومشاريع قوانين وقرارات.
وهنا يدخل مبدأ الميثاقية عاملاً قوياً في التحكّم بعمل الحكومة، وموازياً للثلث الضامن، ما يطرح السؤال: في ظلّ هذه الموازين السياسية الدقيقة وفي ظلّ تمسّك كلّ الأطراف بالميثاقية - وهي هنا ميثاقية طائفية ومذهبية لا وطنية عامة وشاملة - هل يعود من داعٍ أو ضرورة لحصول أحد الأطراف أو طرفين مجتمعَين على الثلث الضامن؟ فهذا الثلث يُمكن تعطيله بمبدأ انسحاب ممثلي طائفة معينة أو مذهب معيّن من الحكومة لتصبح غير ميثاقية فيتوقف عمل الحكومة حتى لو لم تستقل.
وهنا فقط يظهر دور الرئيس القوي للجمهورية، القوي بموقفه الوطني الجامع، والضابط لانتظام عمل المؤسسات الدستورية لا سيّما مجلس الوزراء، والحامي لحقوق الطوائف والجماعات السياسية، فمطرقته كفيلة بوقف أي سجال أو خلاف أو تجاوز لحدّ السلطة ولو اضطره الأمر إلى رفع جلسات مجلس الوزراء مرّات عديدة، حتى ينتظم الجميع تحت سقف الدستور أولاً وتحت سقف الوحدة الوطنية والميثاقية الوطنية، والرئيس ميشال عون ليس بعيداً عن هذا الجوّ الجامع المانع للشطط. أما باقي الأمور حول تمثيل القوى السياسية فيبقى تفصيلاً مملاً وثبُت بالتجربة أنه يخرّب أكثر ممّا يفيد.

  • شارك الخبر