hit counter script

الحدث - مروى غاوي

ما بعد الجاهلية.. مراجعة وتحديد الأضرار

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٨ - 05:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 وُضع الشقّ الأمني من حادثة الجاهلية في عهدة القضاء أما الشقّ السياسي فصار لدى السياسيين وجار استثماره في البازار القائم في تأليف الحكومة، فلم يكن مفاجئاً أن يطالب الوزير السابق وئام وهاب مؤخرا بمقعد درزي ثالث للنائب طلال أرسلان أو أن يُبدي المفاوضون في العقدة السنية المزيد من التصلّب في موضوع توزير سنة 8 آذار.
فما يحصل اليوم هو عملية إحراج تستهدف الرئيس المكلّف والتضييق عليه تحت عنوان "الدم الذي هُدر في الجاهلية"، رغم أن العملية بتأكيد أمنيين تُعتبر "نظيفة" من جهة صلاحية القوى الأمنية بتطبيق القانون وأصول التبليغ.
وعليه فإن عملية تقييم ومراجعة سياسية وأمنية تحصل اليوم من قبل اللاعبين في اشتباك الجاهلية لتحديد الخاسرين ومن كسب في الجولة الأخيرة، وقد صار واضحا ان النائب السابق وليد جنبلاط هو المتضرر الأكبر معنوياً وسياسياً مما حصل كون الحادثة حصلت في نطاقه الجغرافي أو ما يُعرف بإمارته الشوفية، ولعلّها المرة الأولى التي تفلت الأمور من يديه على الساحة الدرزية ليستفيد منافسيه في الجاهلية ودار خلده في تعويم حالتهما في الطائفة على حساب هفوة تأييد جنبلاط الإجراء الأمني من دون تقدير عواقب الدخول إلى منطقة درزية.
وقد تبيّن أن حسابات زعيم المختارة اختلفت عن واقع الأحداث على الارض، فهو أراد اقتناص فرصة تأنيب وجلب وئام وهاب مخفوراً إلى التحقيق بعدما تضخّمت الحالة السياسية للاخير في الجبل وصار مرجعية درزية لها حسابها، فارتدّ الموقف الجنبلاطي على صاحبه واضطر وليد بيك الذي رفع السقوف السياسية ضد حزب الله متحدّيا في الموضوع الحكومي إلى وضع اليد مجدداً مع الحزب لتجنّب الأسوأ، وهكذا يكون جنبلاط دفع ثمن الخطوة المتهوّرة بالتأييد والدعم الكبيرين لبيت الوسط بهدف شخصي منه للتخلص من حالة وئام وهاب المناوئة له.
أما رئيس تيار التوحيد فاستطاع أن يعوّم نفسه سياسياً ودرزياً، فوئام وهاب الذي اشتكى من ظلم "أهل الوفا" في الانتخابات النيابية بحجب أصوات عنه وجد نفسه محاطاً بدعم حزب الله وشابكاً الأيدي معهم في العزاء مستثمراً الانتصار على غريم المختارة. وبيّنت الوقائع أن خطة الحريري - جنبلاط بالتصعيد ضدّ سوريا وحلفائها جاء مردودها سلبياً عليهما فكسب فريق 8 آذار الجولة في الشكل، وهذا ما يُفسّر استمرار وهًاب بالتصعيد مرتاحاً إلى مظلّة حلفائه الذين أموا الجاهلية في مشهد تضامني له حسابات سياسية متشعبة المصالح .
رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يحمل بين يديه اليوم كرة نار تحرق أصابعه، فالجولة الأخيرة فاقمت أزمته الحكومية وبات يتأرجح بين خيارين فإما التراجع خطوة إلى الوراء والتسليم على وقع حادثة الجاهلية بتوزير أحد النواب السنة والقبول بالعرض الاخير لتوسيع الحكومة لـ 32 وزيراً أو الاستمرار بالرفض ممّا يُعيق التأليف وقد بدأت ملامح الأزمة الاقتصادية بالظهور وانهيار مخصّصات "سيدر" لانعاش لبنان.
أُصيب رئيس تيار المستقبل أيضا بالتصويب الذي حصل على فرع المعلومات التابع لمديرية الأمن الداخلي والذي يوضع في إطار تصفية حسابات لبعض السياسيين مع الفرع رغم الدور الأمني الكبير له وما حققه من انجازات أمنية في مجال مكافحة الشبكات الداعشية وخلايا النصرة وتوقيف أخطر المتعاملين وهذا ما جعل المدير العام اللواء عماد عثمان يمرر الرسالة "أصحاب الحق لم يُطلقوا النار".
في هذا كلّه فإن رئيس الجمهورية أحسن والتيار الوطني الحر التعاطي مع الحدث بدون تكبّد الخسائر فاشتباك الداخلية لم يورطهما بالمباشر وقد تمّ التعامل بتوازن سياسي مع الحادثة وكذلك فعل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي اختار بدقة تموضعه وعدم التورط في القضية بالمباشر لجانب أي طرف.
في هذا كلّه وحده "المغدور" على أرض الجاهلية محمد أبو ذياب دفع الثمن الأكبر وقد يكون هو الخاسر الوحيد من جولة يوم السبت الأسود التي يتمّ حالياً تجهيل المحرّضين والفاعلين فيها وتقاذف المسؤوليات فيما يظهر المستثمرون تباعاً على أرض تأليف الحكومة حيث يتوقّع كثيرون أن يتم أخذ العبرة والدروس ليتمّ الانتظام مجدداً في عملية التأليف فتبصر الحكومة النور على قاعدة "اشتدي أزمة تنفرجي".
 

  • شارك الخبر