hit counter script

الحدث - غاصب المختار

"معركة الانفاق": دونكيشوتية قد ترتدّ على نتانياهو

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٨ - 05:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بهتت سريعاً عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي المسمّاة "درع الشمال" لتدمير أنفاق زعموا أنها محفورة من الجانب اللبناني إلى داخل فلسطين المحتلة، بعدما انتقدها أهل بيت رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتانياهو أنفسهم ممن كانوا حلفاءه وانفضّوا عنه بعد ما اعتبروا أنهم هُزموا في معركة غزة الأخيرة، التي كانت مغامرة فاشلة من مغامرات نتانياهو للخروج من أزماته الداخلية الخاصة بتهمة الفساد، والسياسية بسبب الفشل في التعامل مع من يسمونهم اعداء إسرائيل. كما انتقدها عدد من الوزراء والجنرالات السابقين والمحللين والخبراء العسكريين الإسرائيليين.
لكن العملية العسكرية أخذت بعداً إعلامياً مضخّماً وسياسياً ربما كان مدروساً من جانب نتانياهو وداعمه في البيت الابيض مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو، لكن سرعان ما ظهرت الخفّة في هذا التوجّه من خلال ردود الفعل الساخرة على ما قام به رئيس حكومتهم، والردود الخارجية الدولية التي أبدت الخشية من إنفلات الوضع في الجنوب اللبناني والذي سهرت الكثير من الدول لا سيما المشاركة في قوات "اليونيفيل"على حفظ استقراره.
وظهرت مساحة كبيرة من السخرية من قبل "حزب الله" نفسه، الذي تعامل بهدوء وأعصاب باردة مع الحدث الحدودي، ونشر أحد إعلامييه أمس خلال عمليات الحفر صورة لـ "ديك" من الجهة اللبنانية يقف متفرجاً على أعمال الحفر في منتصف الطريق بين الشريطين الحدوديين الفاصلين، دلالة على عدم الاهتمام اللبناني وعدم الخوف الشعبي مما يجري. لكن مصادره اكتفت بالإشارة إلى "أن العملية جرت تحت أعين توازن الردع الذي فرضته المقاومة"، ما دفع قادة جيش الاحتلال الى المسارعة "للتطمين" أن هذه العملية لا تتضمّن سيناريو حرب بل هي إجراء دفاعي، وذلك لهدفين: الأول طمأنة المستوطنين الصهاينة الذين ارتعبوا من تأكيد قادتهم وجود أنفاق للمقاومة تحت منازلهم وحقولهم، والثاني لطمأنة العالم بأن إسرائيل لا تنوي فتح معركة كبيرة مع "حزب الله" حالياً تغيّر كل أوراق اللعب في المنطقة وقد ترتدّ سلباً عليها وعلى حلفائها..
وبهذا المعنى يُمكن توصيف "درع الشمال" بأنه معركة "دونكيشوتية" حاربت فيها إسرائيل عدوا أشبه بطواحين الهواء، بحيث لم يلمس أحد أي وجود له لا على الأرض ولا تحتها في الأنفاق.
لكن ثمّة من يتوقّف عند توقيت هذه العملية والحملة الإعلانية - الإعلامية التي رافتقها، منذ سفر نتانياهو الخاطف إلى بروكسل لمقابلة وزير الخارجية الأميركية والاتفاق معه على تغطية مثل هذه المعركة السياسية الوهمية مع "حزب الله"، وهنا تتعدّد الآراء حول التوقيت: فثمّة من رأى فيه هروباً لنتانياهو إلى الأمام من مشكلاته وأزماته الداخلية المتعلقة بوضعه الشخصي ووضع حكومته الهشّ، وثمّة من رأى فيه حملة متوازية مع الحملات الأميركية ضد إيران، بحيث تحدث نتانياهو في بروكسل عن مسعى لمنع تمدد إيران من سوريا إلى لبنان، ورأى آخرون أنه استعراض قوة إسرائيلي وربما استبطن حسب بعض المعلقين العسكريين اللبنانيين محاولة حفر خنادق من الجانب الإسرائيلي تحت الأراضي اللبنانية، أو محاولة وضع مسارب للمياه، أو وضع ألغام ومفخخات.
وبرغم استمرار عمليات الحفر أمس، فإن هذه الحرب انتهت قبل أن تبدأ، ولكنها تحوّلت مادة إعلامية لملء الفراغ السياسي الحاصل على جانبَي الحدود نتيجة أزمتَين حكوميتَين في لبنان وفي الكيان الصهيوني.
 

  • شارك الخبر