hit counter script

باقلامهم - بقلم مازن ح. عبّود

بإسم الاجيال المقبلة

الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٨ - 05:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هل يحّق للأجيال القادمة أن تتمتع بمقومات بلد وحياة كريمة؟
لماذا نفرض عليها وراثة تراكم ديون أكثر بكثير من تركتنا، جرّاء قرارات ما إتخذتها ومشروعات لم تستفد منها؟
من يعطي الحكومات والقادة صلاحيات إتخاذ قرارات تطال اجيالاً ليست معنية بها ولم تنتخبها او تمنحها ثقتها اصلاً؟
كيف يتحمل ابناؤنا مسؤولية وتداعيات ما لم يقوموا به؟
هل يجوز أن يصدّق مجلس نواب على قرارات تطال مصير ألاجيال التي لم تولد او التي ولدت ولا تتمتع بعد بالأهلية القانونية للمحاسبة؟
وهل يتوجب أن يحظى بصلاحيات إقرار وإعداد قوانين تشكّل خطراً على استدامة البلد وموارده ومرافقه؟
اما يتوجب بالحد الادنى وقبل كل شيء العودة إلى الجيل الحالي حول قرارات تطاله؟
ومن قال بأنّ لنا الحق أن نورّث اولادنا مقدرات مستنفذة واقتصادات مدمّرة وموارد ملوثة وبنى تحتية مستهلكة وديون متراكمة؟
ألا يحق لهم أن يشكونا ويشكوا من يمثلنا من هذه الطبقة السياسة إلى المحاكم المعنية، فتتوقف هذه المهزلة؟
وأين هي المحاكم التي تعتبر ذات اختصاص بمثل هذه المسائل؟
ألا يتوجب تعديل الدساتير فلا تعود تطال قراراتنا من يأتي بعدنا، ولا يعودون يضرسون من بعدنا؟
نشر روبرت داغير مقالة على موقع البروجكت سنديكيت بتاريخ 18 تشرين الثاني. وقد اتت تحت عنوان "دريد سكوت الاحتباس الحراري". ونقل عن الفيلسوف "بيتر سينغر" قوله بانّ الدعوى المقدمة من قبل نشطاء مدنيين امريكيين حاليين بالنيابة عن الاجيال القادمة، ضد الدولة الامريكية لانتهاكها حقوق الاجيال المقبلة من الامريكيين للعيش في بيئة ملائمة، منعطفا هاما في تاريخ البشرية.
إنه على حق فحتى في قوانين بلادنا "لا إرث قبل ايفاء الدين". مما يعني بأنه لا يمكن أن نرث عناصر موجودات وأصول الذمة المالية للمتوفي قبل تسديد الديون المترتبة عليه. وهذا يعني أيضاً أن هذه الديون تحسم من موجودات التركة وليس من موجودات ذمة الوريث. إنّ قانون ارث غير المحمديين يمكنّ الورثة رفض التركة. فلماذا لا تعمم هذه القاعدة ويتم تبنيها من قبل دستور الأمة اللبنانية؟ فلا نعود نورث اولادنا قذاراتنا وديوننا واخفاقاتنا.
بأي حق نترك لهم كل هذا الكم من الديون والتعثر والفشل؟ هل آبناؤنا مضطرون أن يسددوا أكلاف فشل وتعثر هذه الطبقة السياسية وأكلاف عجزنا؟
إذا ما كان من ضرورة لإعادة النظر بالدستور كما يطلب البعض فلا مانع من ذلك، شريطة أن يتم تضمينه الارضية القانونية اللازمة لسن التشريعات اللازمة التي تضمن عدم تخطي الحكومات والمجالس النيابية حدود السلطة زمنياً لضمان عدم المس بإستدامة مرافق البلد وحقوق أبنائنا والاجيال المقبلة بالعيش في هذا الوطن بسلام وكرامة.
المشكلة بأننا ورثنا بلداً لا يمكننا ان نورثه بالصورة التي استلمناه بها الى من بعدنا. الازمة بأننا نتخذ قرارات غير صائبة بالنيابة عن اولادنا واولادهم من بعدهم.
في عيد استقلال البلد الخامس والسبعين اسأل أترى ماذا تبقى من ذاك اللبنان الذي كان يوما حديقة الشرق؟ أولسنا مسؤولين عن بعض جوانب هذا التدهور الذي طاله؟
يتوجب علينا إيجاد حلول للازمات التي خلقناها. وكما يقولون "الازمات التي صنعها البشر يجب أن يحلها البشر".
نحن مسؤولون، ولا يحق لنا أن نورث اولادنا خطايا واخفاقات وتعثر. نحن جميعاً مسؤولون عن اجهاض العهود كافة، وعن جعل لبنان دمية وكمبيالة بقيمة مائة مليار دولار فقط لا غير، لغاية اليوم.
أترى من يقاضينا ويقاضي ساستنا باسم ابنائنا، فيحكم لهم بالحق ويصون حقوقهم؟
نعم، من هي الجهة المفوضة بإنفاذ القوانين الطبيعية، ونقضّ كل ما يتعارض معها؟
ثمة محكمة عليا في امريكا تعمل وتبّت بمثل هذه المسائل ولو بتأثير سياسي نسبياً.
الى حين الاجابة عن هذا التساؤل، سنبقى نعبث ويبقى التدهور سيد الموقف. أما نحن فنستمر بالإدلاء بشهادة الزور المسمومة على تردي بلد لم نعرف ان نحافظ عليه كمسؤولين وكبار بل خربناه كتجار صغار.

  • شارك الخبر