من استبعاد غريب في المونديال، إلى انتقادات بالجملة من زملائه في المنتخب الألماني، مع انخفاض مستوى واضح في بداية الموسم، حتى تألق استثنائي رفقة المانشافت أمام الطواحين بدوري الأمم الأوروبية. هكذا كانت دورة حياة ليروي ساني منذ الصيف الماضي، بعد استعادته ثقة غوارديولا في الدوري الإنجليزي، وإجباره لوف على وضعه بالتشكيلة الأساسية ضد هولندا، خصوصا بعد حالة الانتقادات الكبيرة التي يواجهها المدير الفني، نظرا لسوء النتائج واعتماده على الحرس القديم.
قدم ليروي موسم استثنائي مع السيتي. ليس من السهل خلق الفراغ اللازم لحركة دي بروين وتمريرات دافيد سيلفا، بالتالي كان يجب على جوارديولا إيجاد التوليفة المناسبة خلف هذا الثنائي. مهاجم متحرك، يجيد اللعب من لمسة واحدة، جيد في البناء مع الوسط. جناح سريع وخفيف يمكنه لعب دور رأس حربة وهمي عند الحاجة، أظهرة قابلة للدخول إلى عمق الملعب، ارتكاز قوي بدنيا لقنص الكرة الثانية.
بالإضافة إلى لاعب مهاري جدا على الخط، يعطي الفريق ككل الإتساع العرضي المطلوب، وهذا ما أعطاه لاعب شالكه السابق باختصار شديد. لجناح الأيسر، المتمركز على الخط تقريبا، يطلب الكرة باستمرار، يراوغ 1 ضد 1، يدخل للعمق بالتعاون مع المهاجم، أو يبادل مكانه مع سيلفا، وبالتأكيد يشترك في صناعة اللعب رفقة دي بروين.
كان أقرب إلى محطة الاستلام على الخط، بمعنى أنه ليس صانع لعب ولا جناح مقلوب على خطى آرين روبين وشركاه، بل لاعب يساهم بتحركاته ومراوغاته في خلق الفراغ لغيره، بينما تكون خطورته المتاحة للمشاهدين خاصة بالتسجيل والأسيست، في النهاية هو لاعب "مباشر" للغاية.
"غوارديولا غيًر تماما من أسلوب لعبي بالكامل، في البداية كانت هوايتي فقط المراوغة. لكن حاليا ومع التدريبات، بيب ركز معي على كل تفصيلة خاصة بـ: كيف أتحرك، أي مساحة يجب أن أركض خلالها، العمل الدفاعي ومساندة الظهير، الارتداد أثناء التحولات، خلق الفراغ للزميل، ووضع نفسي في مكان مناسب، وبالتأكيد العمل من دون الكرة"، ساني في وصف مدربه.
استبعد لوف ساني من قائمة المونديال، وبعيدا عن الأسباب التأديبية التي لا دخل لنا فيها، فإن قرار الإبعاد فنيا كان خاطئا تماما. دافع المقربون من المدرب عن القرار، بالتأكيد على سوء مستوى ساني مع المنتخب مقارنة بالنادي. يواكيم لوف يضع ساني بشكل رئيسي في العمق، على مقربة من المرمى، في المساحات الضيقة بين الخطوط، لذلك يكون مطالب باستلام الكرة وظهره للمرمى، مما يجعل تألقه أقل خصوصا أن قراره من الأساس يحتاج إلى تحسن، وهذا واضح أيضا في السيتي.
لكنه مع جوارديولا، يلعب أكثر على الخط، هنا دور ساني، لاعب الجناح الأيسر، المتمركز على الخط تقريبا، يطلب الكرة باستمرار، يراوغ 1 ضد 1، يدخل للعمق بالتعاون مع المهاجم، أو يبادل مكانه مع سيلفا، وبالتأكيد يشترك في صناعة اللعب رفقة دي بروين. ومع كامل التقدير لهذا الرأي، فإن أحداث الكأس أثبتت العكس تماما.
معظم إذا لم يكن كل أجنحة ألمانيا تلعب للداخل، بمعنى أنها أجنحة داخلية أكثر منها على الخط، مثل رويس ودراكسلر وحتى براندت. وخلال التجارب الأخيرة، بالأخص في يورو 2016 وما بعدها، كل هذه البطولات أثبتت أن المانشافت يعاني بشدة عندما تفشل خطته الرئيسية، ويجد نفسه في موقف مطالب بالتغيير، ولو قليلا.
حسنا لم يكابر لوف، ربما بسبب اقتراب شبح الإقالة منه شخصيا، ومرور ألمانيا بأسوأ موسم كروي لها منذ سنوات طويلة، لذلك تخلى بعض الشيء عن قناعاته الخاطئة، خصوصا أن مواجهة هولندا أقرب إلى تحصيل حاصل في حسابات المجموعة، بعد تأكد حصول الألمان على المركز الثالث وهبوطهم للمستوى الأقل، ليراهن المدير الفني على رسم 3-4-2-1، ويضع أكبر عدد ممكن من الأسماء الشابة في التشكيلة الأساسية.
نجحت خطة ألمانيا مع استغلال نقاط ضعف رسم 4-2-3-1 لكومان بالشوط الأول، نتيجة إرهاق لاعبيه وفشل هجومه في تطبيق الضغط، لذلك صعدت ظهرة ألمانيا للهجوم على الخط، ودخل الجناحان للداخل في العمق، بالتحديد خلال أنصاف المسافات، ليحصل كلا من ساني وجنابري على الحرية الكاملة، في المنطقة المتاحة بين أظهرة هولندا ودفاعها، كما الحال في الهدف الثاني، الذي انشغل قبله الدفاع بمراقبة لاعبي الخط، ليحصل الجناح الداخلي على الكرة بعد تمريرة كروس، ويضعها في شباك سيليسن.
أثبت ساني في مباراة هولندا، وحتى خلال المواجهات الماضية مع السيتي، أنه يستطيع أن يكون جناج متكامل لا مجرد عامل مساعد على الخط، فجوارديولا وضعه في العمق عند صعود ميندي على الخط، وكرر لوف الفكرة لكن مع رسم ثلاثي الخلف، ليصعد شولز كجناح أيسر صريح، ويدخل ساني للعمق، حتى يصبح لاعب وسط ومهاجم في آن واحد، إنها الخلطة التي أجبرت الجميع في ألمانيا على فتح صفحة جديدة مع الابن الضال!