hit counter script

باقلامهم - بقلم مازن ح. عبّود

المجرور

الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٨ - 04:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الطبق الرئيسي على مائدة البلد اليوم هو المجرور. أترى من اقفل المجرور؟
صار همنا ان نعرف حقيقة المجرور.
اين اقفل المجرور، ومتى، وبتغطية من؟
أأقفل برخصة او بدون رخصة؟
أترى من تغاضى عن اقفال المجرور؟
ازمة البلد مجرور بحرف الجر او النصب، لا ادري.
وواقعنا صار صرفا غير صحي، للاسف.
مجرور الرملة فاض وتطيّف. فصارت الرملة البيضاء سوداء. فاض وغطى على كل الازمات، وفي مقدمها ازمة تشكيل حكومة.
اصطفّ الساسة على المجرور. صرحوا. تصوروا. تحركوا انتفضوا. قالوا اشعارهم. ادلوا بدلوهم. ومن ثمّ مضوا.
تضاربت وجهات نظرهم في المجرور.
ما اتفقوا الا على لون مياهه الاسنة. وما عدا ذلك خلاف.
انّ من حق الناس فعلا ان تعرف من اقفل المجرور في جمهورية رجل اكبر من سلطة.
اقوى منهم. اقوى من البلد. وأقوى من المعادلات.
يكون نقطة التقاء حول المجرور.
رجل استثنائي هو. لأنه استطاع ان يشتري ما يعتبر للموج. موسى بالمقلوب هو. فقد جعل البحر يابسة بعصا سحرية وبالقانون. وبنى عليه عمارة لادم. واخرج المياه الاسنة من شبكاتها كما يقولون.
اخرج المياه من تحت الارض. ففاض المجرور. واستنشقنا روائحه. ومتعنا عيوننا بدفق خيراته. وشنفنا آذاننا بثقافة بعض ممن تكلموا في المجرور. كلام بعضهم فاض. استفاضوا في الكلام عن المجرور.
مع ما يقولون عنه ادركنا بأننا نعيش في مدينة "الطاعون" لالبير كاموس. فاكتشفنا باننا نعيش مع الفئران، ومحكومون بالخوف وبالمياه الاسنة والموت.
أترى ماذا نقول للاستقلال؟
أنقول له باننا حولنا البلد الى مجرور؟
ماذا نقول لأولادنا عن بلدنا، أنبلغهم عن ازمة المجرور؟
ماذا نقول لهم عن بلد يشغل المجرور فيه الصفحات الاولى ومقدمات النشرات؟
ماذا نقول لهم عن بلد صار تشكيل الحكومة فيه نصرا. واقرار قطع الحساب فتحا. والتصديق على الموازنة انجازا.
سنقول لهم ما قاله البير كاموس مرة :" في وسط الكراهية وجدت في داخلي حبا لا يقهر. في وسط الدموع، وجدت في داخلي ابتسامة لا تغيب. في وسط الفوضى، وجدت في داخلي هدوء لا ينتزع. في وسط الشتاء، ادركت في نفسي صيفا لا يغيب. وهذا ما يجعلني سعيدا".
نعم لن تستطيعوا ان تهزموننا بمجروركم وتصريحاتكم. لن تقدروا ان تنتزعوا منّا املنا بلبنان الجمال والانهار النقية التي سنبقى نحلم بها. ونعمل لأجلها مهما فاضت المياه والافعال الاسنة. واغرقتمونا في النفايات والعجز والكلام وانسداد الصرف والنحو والمجرور.
ثمة فرح سيبقى في داخلنا لن تستطيعوا ان تسرقوه. ولن، ولن تسرقوه البتة اعدكم بذلك يا من تحلقتم وتتحلقون حول فيضان الاسنة والمجرور.


  

  • شارك الخبر