hit counter script

الحدث - كريم حسامي

صواريخ غزة "بروفا" صغيرة عن الحرب ضدّ إسرائيل

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٨ - 04:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الضغط النفسي والعسكري الكبير جداً الذي اختبرته إسرائيل منذ الأحد حتى اليوم على وقع أحداث غزة، هو أكبر وأوضح دليل على ما ستُواجهه خلال أيّ حرب مقبلة في الشرق الأوسط.
فأوّلاً وبعد العمليّة الإسرائيليّة الفاشلة في غزة ليل الأحد التي أسفرت عن مقتل أحد قادة "حماس" وستة من عناصر الحركة، فضلاً عن مقتل ضابط إسرائيلي برتبة كولونيل، ردّت "حماس" بإطلاق نحو 460 صاروخاً على جنوب إسرائيل، وتحديداً على عسقلان، واعترضت "القبّة الحديدية" نحو 100 منها فقط، وفق المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي إدرعي.
وانتشرت فيديوهات على مواقع التواصل مأخوذة من سكان عسقلان تُظهِر سقوط الصواريخ واعتراض أخرى، لكن أحدها سقط على بيت دُمّر كلياً على رأس صاحبه وقُتِلَ آخر جرّاء القصف فضلاً عن جرح 100 وإلحاق أضرار كبيرة وتعطيل للحركة، وسط دوي صافرات الإنذار مُسببةً حالة خوف كبيرة جداً ورعب بين السُكّان الذين يمكن سماع صراخهم توازياً مع هروبهم للاختباء في الملاجئ.
هذا التطوّر الخطير أدّى إلى شنّ غارات على غزة تلاها قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى باريس، مؤكّداً العمل على عدم الانجرار إلى حرب غير ضروريّة.
أما الدليل على ارتباك الإسرائيلي هو ما أشار إليه موقع إلكتروني للاستخبارات الإسرائيليّة الذي أورد أنّه "من الواضح من البيان الغامض لمجلس الوزراء الإسرائيلي خلال ختام اجتماع استمر 7 ساعات الثلثاء أنّ الوزراء لا يعتقدون أنّ وقف إطلاق النار المفاجئ الذي أعلنته حماس (بوساطة مصريّة) سيصمد، وأكّد البيان أن هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي على غزة ستستمر كما هو مطلوب"، وهذا ما اعتبره الموقع الموقف الطبيعي الذي يجب اتخاذه بعد هذا الهجوم "الأبشع من غزة".
ونقل الموقع عن مصادر محلّية مختلفة أنّ "مجلس الوزراء أعطى تعليماته إلى الجيش الإسرائيلي بعدم الانجرار إلى عملية كبرى حالياً، ولكن الوقوف على أهبّة الاستعداد للأحداث الآتية - أي دورة الصواريخ الفلسطينية المقبلة التي ممكن أنْ تصل خلال يومين أو أسبوعين أو خلال مدة زمنيّة غير بعيدة". وأضاف أنّ "أربعة وزراء اعترضوا على بيان المجلس، بينهم وزير الدفاع افيغدور ليبرمان الذي قدّم استقالته الأربعاء بسبب سياسة نتنياهو تجاه غزة داعياً إلى إجراء انتخابات مبكرة".
ولفت الموقع إلى أنّ "شعباً بكامله (الشعب الإسرائيلي) لا يمكنه أنْ ينسى ما حصل خلال 36 ساعة من خوف ورعب وإحراق منازل ودوي التفجيرات، فضلاً عن استمرار تدفق الدولارات القطرية إلى خزائن حماس مقابل تثبيت الهدوء الوهمي".
وسأل الموقع: "بعد نشر اس 300 في سوريا وعدم الوصول إلى أي نتيجة بعد الدردشة القصيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونتنياهو في باريس حول استئناف الضربات في سوريا، أصبح الأمر مُعلّقاً بين أيدي نتنياهو ليُقرّر ما إذا كان سيعتبر هذا بمثابة حصار روسي على تحليق الطائرات الإسرائيلية أو المضي قدماً والمخاطرة باستئناف تلك الغارات؟ في أسوأ الحالات، قد يضطر سلاح الجو للعمل على جبهتين: سوريا وغزة".
أما بخصوص لبنان، فشدّد على أنّ "إسرائيل ربطت يديها بإنذار لبيروت لإغلاق ورش إيران أو مواجهة الهجمات الإسرائيلية لتدميرها، لكن لم يكن هناك من تاريخ لانتهاء صلاحية الإنذار"، مؤكداً أنّه "في حال سيُطبّق الإنذار، يجب أنْ تكون كامل قدرات سلاح الجو الإسرائيلي جاهزة، وهذا ما قالته مصادر إنّ نتنياهو وقادة الجيش اتفقوا على أنّ إسرائيل لا يمكنها مواجهة "حماس" والضغوط من الشمال، أي لبنان وسوريا، في آن".
ويعكس السؤال الأخير، وفق الموقع نفسه، فشل السياسة الإسرائيلية، فقالت: "كيف فشل صانعو السياسة في تجنُّب الوصول إلى وضع شُلّت فيه قدرة إسرائيل على العمل ضدّ خصوم استراتيجيّين في سوريا ولبنان؟، وهذا ما أدى إلى انقسام الرأي العام الإسرائيلي ووقوفه ضد سياسة الحكومة وزيادة الضغط على نتنياهو.
تحويل الضغوط
ونجحت إيران في تحويل الضغط الذي سبّبته العقوبات القاسية في الأسبوعين الأوّلين إلى ضغط نفسي أوّلي ضد إسرائيل من غزة، وفق ما يقول خبراء، وإنّ هذا التصعيد في 36 ساعة كان جرس إنذار لنتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب عمّا يمكن حصوله إذا قرّرت تل أبيب شنّ أي حرب في المنطقة. وأضافوا: "تدرك إسرائيل أنّ الحرب المقبلة ستكون الأخيرة والأقصر زمنياً والأكثر دماراً عليها، فإما تُدمَّر هي (الوصول إلى نهايتها) أو تُدمِّر أعداءها في المنطقة وتفرض باقي شروطها، لكنّ الدمار سيلحق بالمنطقة"، مشدّدين على أنّ "إسرائيل تدرك أيضاً أنّه في حال شُنّت أي حرب على غزة أو لبنان، ستتحوّل إلى حرب شاملة حيث إنّ الصواريخ الـ460 التي أُطلِقَت من غزة هي نقطة صغيرة في محيط ممتلئ بالصواريخ تُطلق من لبنان وسوريا والعراق واليمن حيث لدى "حزب الله" وغيره من التنظيمات وجود، لذلك تُحاول تفادي الحرب.
والخوف من الآتي الأعظم لأنّ مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون أكّد من دولة الإمارات العربيّة المتّحدة أنّ "الهدف منذ البداية هو خفض صادرات النفط من إيران إلى الصفر"، وأضاف: "نعتزم أنْ نعتصرهم"، ما يعني أنّ الضغوط ستزداد بشكل رهيب ما يزيد المخاوف الأمنيّة التي تستفيد منها إسرائيل لشن الحروب تحت حجة الدفاع عن النفس.
لا علاقة لبن سلمان
من جهة أخرى، فجّر بولتون مفاجأة كبيرة قائلاً: "إنّ من استمعوا لتسجيل مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي لا يتضمّن ما يشير إلى علاقة ولي العهد السعودي بالحادثة"، وذلك بعد نحو الشهر ونصف على عملية الاغتيال وما رافقها من اتهامات عدة لبن سلمان بالوقوف وراء العمليّة من الدول الغربيّة، فضلاً عن قرار ترامب تعيين الجنرال المتقاعد جون أبي زيد (67 عاماً)، سفيراً للولايات المتحدة لدى الرياض، فهل تُعيد الإدارة الأميركيّة الدور لبن سلمان بعدما أظهرت للسعوديّين أنّ بإمكانها خلق ضغط مخيف يمكن أنْ يقلب الطاولة على أي من حلفائها الذين لا يسيرون وفق مخططاتها؟
لبنانياً، البلد مُجمّد إلى درجة مخيفة لأنّه صغير جداً في الصراع بين أميركا وإيران، فـ"حزب الله" يحبس أنفاسه بانتظار ما ستؤول إليه العقوبات، وخصوصاً بعد ازدياد الضغوط المحلية عليه والخارجية عبر إدراج ابن الأمين العام للحزب، جواد نصرالله، على لائحة العقوبات وتصنيفه "إرهابياً عالمياً" مع غيره من العناصر. وهو يريد في الوقت ذاته تأمين غطاءً له عابر للطوائف في الحكومة عبر التشديد على تمثيل السُّنة التابعين له، لمواجهة المرحلة المقبلة. في المقابل، يسعى الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى انتظار نتائج العقوبات التي برأيه يمكن أنْ تُضعف الحزب فيتراجع عن موقفه السياسي، لكنّه يعلم أنّ ذلك صعب الحصول.
كل هذا يجري على حساب الوضع الاقتصادي والمالي الذي يقود البلاد إلى السقوط في المجهول المخيف، وهو ما فتح الباب أمام زعيم المختارة وليد جنبلاط للإعلان عن انتهاء "اتّفاق الطائف"، فهل لبنان بحاجة إلى صدمة معيّنة توازياً مع أوضاع المنطقة لإيجاد بديل لـ"الطائف"؟

  • شارك الخبر