هل تسائلت عن ألوان الأعلام العربية التي تراها مرفوعة في بلدان عربية مثل مصر والعراق واليمن والسودان والكويت والأردن وغيرها؟ مصدر هذه الألوان واحد؛ فقد اشتقت جميعها من علم العرب الأول الذي رفعوه في بداية القرن الـ 20 للرمز إلى عُرف بـ «الثورة العربية الكبرى» التي قادها الشريف حسين. لكن حقيقة من صمم العلم الأول تظل ملتبسة؛ بين روايات تعود به لشخصيات عربية استخدمته كشعار للاستقلال عن العثمانيين، أو لشخصيات بريطانية أرادت أن يرفعه العرب في مواجهة الأتراك.

الألوان العربية سوداء وبيضاء وخضراء وحمراء، هي الموجودة في الأعلام العربية الحديثة التي رفعت في القرن الـ 20، ولا تزال تستخدم حتى الآن. كان المقصود من كل لون من ألوان عربية أن تمثل سلالةً عربيةً معينةً أو عصراً معيناً. كان اللون الأسود لونَ راية النبي محمد والخلفاء الراشدين، وتم تبنيه فيما بعد من قبل الخلافة العباسية. وكان الأبيض يستخدم من قبل الدولة الأموية. وكان الأخضر يستخدم من قبل الدولة الفاطمية. وكان الأحمر هو العلم الذي كان يحمله الخوارج، كما استخدمه الهاشميون الجدد، وكذلك الإمبراطورية العثمانية.

اقتبست ألوان العلم من البيت الشعري للشاعر صفي الدين الحلي (1277 – 1339): بيض صنائعنا سود وقائعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا تم دمج الألوان العربية في العام 1916 في علم الثورة العربية في الحجاز. وتستند العديد من الأعلام الحالية إلى ألوان الثورة العربية، مثل أعلام الأردن، والكويت، وفلسطين، والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، والإمارات العربية المتحدة، والعراق والأردن.

منذ خمسينيات القرن الـ 20، ظهرت مجموعة فرعية من الألوان العربية، هي ألوان التحرّر العربي، وتمثل الحقبة الثانية من القومية العربية بعد سقوط الدولة العثمانية. هذه المجموعة تتكون من ثلاثة ألوان من العصابات الحمراء والبيضاء والسوداء، مع إعطاء اللون الأخضر أهمية أقل. United Arab Flag.jpg كانت ألوان التحرر العربي مستوحاة من استخدام علم حركة الضباط الأحرار في مصر عام 1952. ويظهر ذلك في الأعلام الحالية لمصر والعراق والسودان وسوريا واليمن، وفي السابق أعلام الولايات المتنافسة في شمال اليمن وجنوبه، وفي الحقب قصيرة الأجل للجمهورية العربية المتحدة واتحاد الجمهوريات العربية.

استخدمت جمعية «العربية الفتاة» لأول مرة هذه الألوان التي تمثل رايات العرب قديماً، وأضافت المثلث الأحمر الذي يشير إلى الثورة والتحرر. شجعت بريطانيا شريف مكة الحسين بن علي، على الثورة ضد العثمانيين، فيما توجهت أنظار الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود إلى حائل. وانطلقت الثورة العربية الكبرى في يونيو/حزيران 1916، بقيادة الشريف حسين في مكة، وتمكن جيش الثورة من تحقيق انتصارات عسكرية، وهزم الجيش العثماني في المدينة المنورة، وانسحب من دمشق في سبتمبر/أيلول 1918، وتنازلوا عن أملاكهم في نجد والحجاز وسوريا والعراق ومصر بموجب معاهدة سيفر. ووعدت الحكومة البريطانية العرب من خلال مراسلات حسين مكماهون (1915) بالاعتراف باستقلال العرب مقابل إشراكهم في الحرب إلى جانب الحلفاء ضد الأتراك. وكانت مبادئ الثورة العربية قد وضعت بالاتفاق ما بين الحسين بن علي وقادة الجمعيات العربية في سوريا والعراق في ميثاق قومي عربي غايته استقلال العرب وإنشاء دولة عربية موحدة قوية، ورفع الثوار هذا العلم.

تقول المصادر البريطانية والأرشيف الإمبراطوري في لندن إنه تم تصميم العلم من قبل الدبلوماسي البريطاني السير مارك سايكس، في محاولة لخلق شعور بـ»العربية» من أجل إثارة التمرد. وعلى الرغم من أن الثورة العربية كانت محدودة للغاية في نطاقها وتم تنسيقها من قبل البريطانيين وليس العرب أنفسهم، فقد أثر العلم على الأعلام الوطنية لعدد من الدول العربية الناشئة بعد الحرب العالمية الأولى. فالأعلام المستوحاة من الثورة العربية تشمل أعلام مصر والأردن والعراق والكويت والسودان وسوريا والإمارات العربية المتحدة واليمن وفلسطين وأرض الصومال والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وليبيا. أما الألوان الأفقية فترمز لدولة العباسيين (الأسود) والأمويين (الأبيض) والفاطميين (الأخضر). ويشير المثلث الأحمر إلى السلالة الهاشمية.

كان الهاشميون حلفاء للبريطانيين في الصراع ضد الإمبراطورية العثمانية. بعد انتهاء الحرب، حقق الهاشميون أو حصلوا على حكم في منطقة الحجاز العربية، الأردن، والمعروفة رسمياً باسم المملكة الأردنية الهاشمية، لفترة وجيزة في سوريا الكبرى، والعراق. وتم حل سوريا الكبرى بعد بضعة أشهر فقط من الوجود، في عام 1920. تم إسقاط الهاشميين في الحجاز في عام 1925 من قبل آل سعود، وفي العراق عام 1958 بانقلاب عسكري، ولكن احتفظوا بالسلطة في الأردن. في الوقت الحالي، تطير نسخة من العلم بطول 60 متراً × 30 متراً من سارية العلم، وهي حالياً سادس أطول سارية علم مستقلة في العالم، وتقع في العقبة بالأردن. بعد نشوء الدول العربية المختلفة، اعتمدت العديد منها ألواناً مشتقة من ألوان العلم العربي، لكن العلم ما زال يستعمل أحياناً للدلالة على الوحدة العربية.

(عربي بوست)