عندما فاتح أحد المسؤولين اللبنانيّين سفيراً أوروبياً على علاقة وثيقة بلبنان عن المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد، أجابه السفير أنّ أوروبا تفعل كل ما في وسعها لحماية البلاد من الخضّات لكن على اللبنانيّين أنْ يساعدوا أنفسهم هم أيضاً.
ليس من جديد في الموقف الأوروبي تجاه لبنان، إذ إنّ جميع المسؤولين وحتى الشعب، يدركون أنّ أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً تقف إلى جانب لبنان في محنه، وأنّ مؤتمرات الدعم الثلاثة التي عُقِدت في أوروبا كانت تهدف إلى تجنيب البلاد الإنهيار.
ولا ينكر أحد أنّ لأوروبا مصالح في لبنان مثل معظم البلدان، لكن مصلحتها الأساسيّة من الاستقرار المنشود هو عدم تدفّق النازحين عبر المتوسّط إلى شواطئها، وهذا الأمر يدفعها إلى بذل كل طاقتها من أجل الحفاظ عليه، علماً أنّ القارة العجوز لم تتحمّس إلى حلّ هذه الأزمة والسير في المبادرة الأميركية- الروسية في قمّة هلسنكي لإعادة نازحي الجوار.
وبغضّ النظر عن أزمة النازحين المزمنة والتي لا تزال بعيدة كل البعد من الحلّ الجذري، هناك موضوع مهمّ قدّ يؤثّر على لبنان ويسبب له أزمات متلاحقة وهو العقوبات الأميركية على إيران وارتداداتها إضافة إلى العقوبات على "حزب الله" وما إذا كانت ستطال الدولة اللبنانيّة وربما القطاع المصرفي.
وفي السياق يطرح السؤال الأكبر، هل ستتحرّك فرنسا وأوروبا لحماية لبنان من تلك العقوبات، خصوصاً وأنّ وضعه المالي والاقتصادي صعب جداً، وأيّ خطوة من هذا النوع قد تدفعه الى حافة الانهيار.
وتؤكّد مصادر دبلوماسيّة أوروبيّة لموقعنا أنّ الموقف الأوروبي في شأن العقوبات ليس بقوي، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب هدّد أوروبا بفرض عقوبات قاسية عليها في حال احتالت على العقوبات التي يفرضها على طهران".
من هنا تشدّد المصادر على "الفصل بين العقوبات على إيران والعقوبات على لبنان في حال اعتمدها ترامب"، لافتة الى أنّ أوروبا لا تملك قدرة التأثير على السياسة الأميركيّة، لكنْ في حال وقع المحظور وذهبت واشنطن إلى فرض عقوبات على الدولة اللبنانيّة بغية محاسبة "حزب الله" فستفعل كل ما في وسعها من أجل تخفيف وطأتها".
وتميّز المصادر هنا بين العقوبات على الدولة اللبنانيّة وبين العقوبات على "حزب الله"، وتعتبر أنّ واشنطن تفرض عقوبات على الحزب شأنها شأن بعض الدول الأوروبيّة، والتي تريد أنْ تُنهي ظاهرة سلاح "حزب الله" وتهديده للسلام والأمن".
لكن في المقابل، تستبعد المصادر أنْ تلجأ الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات على الدولة اللبنانيّة، خصوصاً وأنّ واشنطن كانت أكبر الداعمين للجيش اللبناني في المرحلة الماضية وقد سلّحته ودرّبته وبات جيشاً حليفاً لها، كذلك، فإنّها حريصة على استقرار لبنان النقدي والمالي والاقتصادي، وقد شجّعت انعقاد مؤتمر "سيدر"، ولا تريد للبنان أنْ ينهار، وهذا الأمر تفعله أوروبا أيضاً، وهناك إلتقاء بين الموقفين الأميركي والأوروبي في ضرورة حماية لبنان من الهزّات الإرتداديّة في المنطقة".