hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - مروى غاوي

"14 آذار"... "الحريري لن يسير بالانتحار السياسي"

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٨ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إصرار "اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين" مدعوماً من "حزب الله" على ألاّ يكون التوزير السُّني في الحكومة المقبلة محصوراً بحصّة الرئيس المكلّف سعد الحريري وحده وتلويح الحريري بالاعتذار عن التأليف، فتح الباب أمام تفسيرات كثيرة تتّهم كلّها الحزب بالعرقلة وافتعال الأزمة السُّنية، ووصل الأمر عند "فريق 14 آذار" إلى حدّ وصف الوضع الراهن بأنّه محاولة واضحة من الحزب لفرض حيثيّته داخل مجلس الوزراء الجديد.

وفق الرواية الآذاريّة، فإنّ "حزب الله" أنهى حروبه العسكرية تقريباً وقرّر الانخراط في السلطة فخاض مفاوضات سهلة ومرنة مع الرئيس المكلّف آلت بموجبها وزارة الصحّة إليه من دون أيّ منازع بعد تنازل "القوّات اللبنانيّة" عنها وعدم ممانعة الرئيس المكلّف وبتحدٍ فاضح للعقوبات وتحفّظات المجتمع الدولي، قبل أنْ ينتقل الحزب من الخطة "أ" إلى الخطة "ب".
الخطة "ب" تقضي بفرض الحزب شروطه داخل الحكومة وتطويع الجميع والتلطّي خلف معادلة تمثيل سُنّة "8 آذار" لأهداف أخرى بقناعة "14 آذار". فـ"حزب الله" الذي زهد عن الحقائب في الحكومات السابقة لم تعد هذه حاله اليوم ويريد أكثر من الشراكة الحكوميّة بفرض معادلة مفادها "الأمر لي" في الحكومة .
تقرأ قيادات آذاريّة التحوّل في موقف "حزب الله" بدقّة وتقارنه بالتناغم الذي ظهر بين بعبدا والسراي الحكومي في ما خصّ العقدة السُّنية وعبارات الثناء بين الرئاستين عشيّة الذكرى الثالثة لولاية رئيس الجمهوريّة ميشال عون بموقف رئاسي داعم لرئيس الحكومة القوي ورافض لإضعافه على حساب مقعد وزاري لسُنّة المعارضة ، الخطوة التي فُهِمَت تأييداً ودعماً للتسوية السياسيّة القائمة بينهما بأبعاد سياسيّة أخرى أيضاً.
ثمّة من يسعى إلى حكومة "صفراء" اللون لا تشبه حكومة تصريف الأعمال الحالية وفق الرواية الآذارية لتسلسل الأحداث، فـ"حزب الله" تعامل بدبلوماسية ناعمة في بداية المفاوضات الحكوميّة ولم يتدخّل في النزاع المسيحي والكباش حول الحقائب ولم يطرح مطالب مضخّمة كما فعل الأطراف الباقون، فيما كان الرئيس المكلًف لا يصدر إلا الإشارات المطمئنة تجاه "حزب الله" بدءاً من "المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان" إلى موافقته بسرعة قياسيّة على تولّيه حقيبة الصحّة إلى أنْ تحرّكت العقدة السُّنية وحصل التصعيد من حارة حريك بناء على منعطفات إقليميّة وحسابات خاصة بالحزب.
قد يكون "حزب الله" اليوم يمتلك فائض قوة لم يتوفر لديه في السابق ويرغب باستثماره في الحكومة المقبلة وفق قيادات "14 آذار"، فحزب المقاومة مطمئن لعلاقته الاستراتيجية مع رئاسة الجمهوريّة والتي يعطيها الرئيس جرعات دعم مقوّية وإضافيّة في الاستحقاقات وعند المفاصل الإقليميّة على المنابر الدوليّة، أضف إلى ذلك أنّ الظروف الدولية من انتهاء الحرب السوريّة إلى قضيّة مقتل الصحافي جمال خاشقجي وتأثيراتها السلبيّة على المملكة وانشغالها بكيفيّة الخروج من مأزقها، كلّها عوامل صبّت في إطار تقوية "حزب الله" .
وعليه ترى قيادات "14 آذار" أنّ تراجع الحريري عن موقفه يعتبر انتحاراً سياسياً له يقابله فوز وسيطرة "8 آذار" على الوضع داخل الحكومة المقبلة. وهو لن يعطي هذا الامتياز لأحد، فقبوله بالجلوس مع كل أخصامه السياسيّين من محور المقاومة وحلفاء سوريا يكتب نهايته السياسيّة أما توزير معارضة سُنّية فيعتبر اعترافاً بحيثيّتهم.
موافقة أو "نعم" الحريري تعني استفراده وبقاءه محاطاً بهالة سياسيّة من وزراء "8 آذار"، فـ"حزب الله" انتصر أيضاً في محطات كثيرة داخل الحكومة، وهو يضحك في سرّه سواء لجهة ما آلت إليه حصّة "القوّات اللبنانيّة" من تحجيم، أو لجهة تطويق رئيس "الحزب التقدّمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي قدّم التسوية التي تُرضي العهد. كما أنّ الحزب سجّل تفوّقاً على "القوّات" مرّتين، فهو انتزع منها وزارة الصحّة بكل سلاسة ومن دون أيّ مقاومة، ونَجَحَ في وضع "فيتو" على إعطائها وزارة الدفاع بشكل غير مباشر.
لهذه الأسباب فإنّ الرئيس المكلّف لا يمكن أنْ يقدّم الكثير من التنازلات الحكوميّة كون زعامته السُنّية هي على المحك والتراجع يعني الشلل أمام أخصامه في الحكومة وبنظر "14 آذار" فإنّ الحريري لم يعد قادراً على التضحية أكثر على حساب شعبيّته. فالقضيّة لا تتعلق بمقعد "بالزايد أو بالناقص" بل بمن هو صاحب القرار الفعلي في الحكومة المزمع تأليفها. ومن دون شك فإنّ الحريري لا يقبل المس بالتسوية مع بعبدا، لكنّه يرفض أنْ يضع رأسه على مقصلة "حزب الله" في الحكومة وعليه رفض أيّ طرح بشأن "سُنّة المعارضة"، مهدداً بالقول: "فتشوا عن غيري".
إزاء هذا الواقع فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه بعد تجانس الموقف بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري هو من سيتراجع أوّلاً "حزب الله" أو سعد الحريري؟
 

  • شارك الخبر