hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - مروى غاوي

هل اتّخذ سمير جعجع "القرار الحكيم"؟

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 06:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا تزال مفاجأة معراب بالمشاركة في الحكومة هي الحدث السياسي بعدما راهن كثيرون على خروج "القوّات اللبنانيّة" من الحكومة إلى أنْ حَسَمَ رئيسها سمير جعجع الموقف. هذا القرار الذي تطلّب أخذاً ورداً قوّاتياً وجولات من البحث والدراسة لا يزال يتفاعل بين من يعتبر أنّ "القوّات" اتّخذت القرار الحكيم إذ ثبت لدى معراب أنّ هناك من استدرجها ونصب لها فخ الخروج من الوزارة، وهؤلاء سمّاهم جعجع بالـ"حقيرين"، وبين من يعتبر أنّ "القوّات" خسرت بعد أنْ رفع رئيس الحزب "دوز" وسقف مواقفه فسقطت مقولته الشهيرة "يضحك كثيراً من يضحك أخيراً".

قرار مشاركة "القوّات" في الحكومة شكّل صدمة لمن سعى لـ"تطفيشها" فلم يكن في اعتقاد المراهنين على ذلك أنّ رئيس الهيئة التنفيذيّة فيها بصدد القبول بوزارات غير وازنة والرضوخ لشروط فُرِضَت عليه وقد تراجع تمثيل "القوّات" في الحكومة بخسارة حقيبة الصحّة ليستقر على وزارات متواضعة مع منصب نائب رئاسة الحكومة، فما الذي دفع معراب إلى هذه الخطوة التي برّرها سمير جعجع بأنّها رد على محاولة إخراجه من الحكومة وما الذي جعل "القوّات" تقبل بالأمر الواقع؟
بالطبع لم تظهر معالم الارتياح على ملامح جعجع وهو يتلو الدوافع ويفنّد ضرورات المشاركة لكن ما تسرّب من أجواء اجتماعات معراب أوحى بأنّ القرار كان يجب أنْ يصدر بهذا الشكل، فتجربة خروج "الكتائب اللبنانيّة" وما رتّبته من تداعيات على وضعيّتها في الشارع المسيحي كانت عيّنة أخذتها معراب في عين الاعتبار لتنطلق نحو خطوة المشاركة .
حاولت "القوّات" أن تقول في اجتماع معراب إنّها "سيّدة" اللعبة وتُمسِك بزمام المبادرة التي فلتت منها، فأوفدت وزيرها المتجوّل ملحم رياشي في مهمة عاجلة حاملاً أسماء الوزراء القواتيّين إلى السرايا في خطوة معانيها كثيرة. فإلى معراب وصلت كل الأصداء عن الخطة البرتقاليّة المرسومة والتي بدأت بمحاولة حشرها والتلويح بورقة التفتيش عن حلفاء مسيحيّين آخرين إذا ما استمرّت بتمسّكها بمطالبها، وبعد أنْ تبيّن أنّ رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" أعطى تفويضاً لبعبدا في شأن المقعد الدرزي الثالث بعدما كان الاتفاق الشفهي بينهما "ندخل معاً إلى الحكومة أو نخرج معاً".

يطول سرد الدوافع للقرار "الحكيم" بنظر قواتيّين. فالتحوّل إلى معارضة مسيحيّة من خارج الحكومة هو سيف ذو حدين لأنّ حكومة العهد الثانية تنتظرها تحديات كبيرة، وقد ساهم وجود "القوّات" في الحكومة الأولى بوقف فساد وتعطيل مشاريع سرقة وهدر الكهرباء وبالتالي فإنّ وجودها داخل الحكومة يتيح لها المتابعة عن كثب بدل التفرّج من الخارج والبقاء خارج دائرة القرار السياسي.
خروج "القوات" من الحكومة لو حصل لكان تفسيره ضرب التوازنات السياسيّة وعزل الرئيس سعد الحريري وتكريس استفراده من منظومة "8 آذار" وحلفائها في مجلس النوّاب بعدما صار هذا الفريق مسيطراً في ساحة النجمة، ومن المضاعفات السلبيّة أيضاً أنّ الحكومة المقبلة ستمتد إلى نهاية العهد وتنتظرها تحديات كبيرة في المجالات الاقتصاديّة وعلى المستوى والسياسي والمالي والخروج منها يؤدي إلى تغييبها عن الملفات الحسّاسة وما يدور في كواليس العمل الحكومي.
وقد توصّلت "القوّات" إلى قناعة في خلوة معراب على مدى ساعتين من النقاش مع القيادات بين مؤيدين للخطوة وبعض الأصوات المعترضة التي فضّلت المقاطعة، مفادها أنّ المرحلة المتبقية من مسيرة العهد ليس فيها استحقاقات مفصليّة مسيحيّة بل ستكون للعمل الحكومي وبالتالي فإنّ بقائها خارج الوزارة يعني عدم قدرتها على التواصل مع ناخبيها وتأمين الخدمات وجزء من متطلبات الشارع المسيحي.
في قراءة للمعطيات الإقليميّة فإنّ المملكة العربيّة السعوديّة خضعت في الآونة الأخيرة لتعقيدات ملف مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليّتها في السعودية. وفي أولويّاتها الراهنة الخروج من هذا الملف الإقليمي المتشعّب وترك إنجاز الحكومة لرئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بعد ترتيب الأولويّات وتحسّن العلاقة بينهما. وإزاء هذا المعطى الإقليمي معطوفاً على الدوافع الداخليّة كان لا بد من خيار محدّد، فإمّا إهداء الخصوم انتصاراً حكومياً أو القبول بالحد الأدنى من المشاركة بدل الانتقال إلى معارضة رفع الصوت من خارج الحكومة وقد تبيّن أنّ كلفة المقاطعة باهظة الثمن.
لهذه الأسباب سارت "القوّات" بالمشاركة، وتم القبول بفتات الحقائب التي لا تتلائم مع حجمها النيابي الجديد، وقد أصرّ رئيسها على أنّ لا حقائب حقيرة وبالتالي فإنّ الرد على محاولة تحجيمها ستأتي لاحقاً بالإنتاج وتقويم العمل الحكومي وممارسة الرقابة على الآخرين. وعليه فإنّ "القوّات" اختارت، كما تقول أوساطها، ممثّليها في الحكومة بدقّة من بين الأسماء البارزة وحملة الشهادات ومن تبوّأوا مسؤوليّات واسعة في مجال أعمالهم.
عند انطلاقة عمل الحكومة ثمّة مفاجآت كثيرة وخطط يتم التحفّظ عليها اليوم، وتقول أوساط قوّاتية "إنتظرونا في الحكومة وماذا سيحصل بعد المصالحة المسيحيّة التاريخية مع "تيّار المردة" وعندها لكل حادث حديث، فرأس الطاولة يكون حيث تكون "القوّات" كما قال تشرشل وردّد الحكيم".
 

  • شارك الخبر