hit counter script

الحدث - مروى غاوي

"Team" الحريري الحكومي... تغيير كامل مع استثناء وحيد؟

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

محطتان لم يتجاوزهما رئيس "تيّار المستقبل" سعد الحريري وطبعتا ذاكرته السياسيّة، أزمة احتجازه في السعودية، وقد أعادت قضيّة تصفية الصحافي السعودي جمال خاشقجي تسليط الضوء على الحادثة والنكء في جراح الحريري بعدما أشارت وسائل إعلام أميركية إلى تشابه في طريقة تعاطي النظام السعودي مع معارضيه، والانتخابات البلديّة التي "قزّمت" شعبيّته وكرّست فوز معارضي "الشيخ" من داخل تيّاره.

من هاتين العبرتين انطلق الحريري في الانتخابات النيابيّة الأخيرة ليحيط نفسه بإطار تغييري ووجوه "مستقبليّة" مختلفة وإنْ شكّل بعض نوّاب "المستقبل" استمراراً لا بدّ منه لحلفائه من العائلات السُنّية. وهو اليوم يرسم خيارات مشابهة في ما يتعلّق بشعبيّته السُنّية وما يريده لحكومة العهد الثانية التي يتطلع إلى أنْ تكون مختلفة في الشكل والجوهر والمضمون السياسي. وكان أول إجراء اتّخذه الحريري قبل الولوج إلى تفاصيل الحكومة تمتين وضعه المستقبلي وازاحة كل من يعيق طموحاته أو خطواته خصوصاً أنّ تجربة التسوية السياسية مع بعبدا لا تزال حاضرة عندما ارتفعت الأصوات المنتقدة ضدّها من قلب "تيّار المستقبل".
فالحكومة "القوية" تقتضي بأنْ يكون محاطاً بفريق وزاري متجانس وقوي، وعليه فإنّ لقب "معالي" وزير "المستقبل" سيمنحه الحريري لمستحقّيه بعد انتقائهم بعناية ودقّة لتفادي الوقوع في فخ الحكومة الماضية. فصقور "المستقبل" أتعبوه بعدم مسايرتهم قراراته، وقد ذهبت قيادات "مستقبليّة" حتى إلى التمرّد على تيّارها. وعليه كان الحريري بدأ في إجراءات تنظيميّة داخل "التيّار" كان الهدف منها إلغاء أدوار وحصر نفوذ قيادات "كبر حجمها"، ومن بعدها حصر رئاسة الكتلة النيابيّة بشخصه. وكان قرار الحريري بعد التجربة السعودية التي حُكي عن ضلوع عناصر من "المستقبل" بها تماهت مع المشروع "الآذاري" والسعودي في حينه، بأنّ لا صوت يعلو فوق صوت سعد الحريري داخل "المستقبل". أضف إلى ذلك أنّ الحريري لا يرغب أنْ تتكرّر تجربة نهاد المشنوق الذي "عظُمَ شأنه كثيراً في وزارة الداخلية" فيما قصّة تمرّد أشرف ريفي جرحت رئيس الحكومة و لم يشفه منها إلا الانتقام منه في الانتخابات النيابيّة.
على الصعيد السياسي يريد سعد الحريري حكومة منتجة وفاعلة يلعب فيها وزراء "المستقبل" أدوار البطولة على الساحة السُنّية وهذا ما يفسّر الـ"فيتو المستقبلي" على توزير المعارضة السُنّية فيها لتحجيم المعارضة. ويرغب في إعادة تكريس معادلة حكم العام 2003 بين الرئاستين الأولى والثالثة يوم جرى توزيع أدوار الحكم فأوكلت إلى بعبدا مهام الأمن والسياسة وإلى السرايا مهام الاقتصاد والمال، مع إصرار الحريري على ألا يفقد السيطرة الداخلية وتغليبه الاستقرار لإقامة التوازن بين السياسة المحلّية ومقتضيات العلاقة مع الخارج وهو كان بدأ بترسيخ التوازن عندما أقام علاقة حسن جوار مع "حزب الله" فوافق على منحه وزارة الصحّة العامة من دون أنْ يتأثر بالعقوبات التي لوّح بها المجتمع الدولي .
"Team" الحريري من الوزراء الستة لا أحد يعلم شيئاً عن أسمائهم التي اختارها الرئيس المكلّف، فالمرشّحون لِلَقَبِ "معالي الوزير" كثر، وحده الحريري يعرف الأسماء التي تلبّي تطلعاته وإنْ كان يولي بيروت وتمثيل طرابلس أهمّية استثنائيّة من دون إهمال تمثيل البقاع والمنية-الضنية. وبورصة المستوزرين تعلو وتهبط. فثمّة من يؤكّد أنّ الحريري سيغيّر الطاقم الوزاري كلّه ليشمل وزير الاتصالات جمال الجرّاح أيضاً خصوصاً إذا حصلت عمليّة تبادل في هذه الوزارة مع "القوّات". وتُطرَح في البورصة أسماء كثيرة لتشغل منصب وزير الداخليّة خلفاً للوزير المشنوق وعلى الأرجح أن يكون المرشّح لتولّيها من الحصّة البيروتيّة. وفي هذا السياق، تُطرَح أسماء القاضي السابق سعيد ميرزا ومحمّد شقير واللواء ابراهيم بصبوص وفؤاد فليفل، فيما يبدو الوزير المسيحي غطّاس خوري وحده المحسوم من الحصّة المسيحيّة إلا إذا طرأ عطل حكومي أعاق عمليّة المقايضة بين بعبدا والسرايا والمتعلّقة بالمقعد السُنّي من حصّة الرئيس.
في هذا كلّه لم ينس الرئيس المكلّف، في إطار خطة تمتين وضعيّته أكثر، أنْ يحيط نفسه بهالة رؤساء الحكومة السابقين الذين صار يلتقيهم من دون موعد على الرغم من الافتراق السياسي عنهم، وذلك تحت عنوان حماية حقوق الطائفة. وقد ذهب هؤلاء إلى الاتفاق على أنّ محاصرة الرئيس المكلّف تستلزم تسيير شؤون حكومة تصريف الأعمال من السراي الحكومي تحسّباً لأيّ مفاجآت.
 

  • شارك الخبر