تسارعت التطورات في ملف مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول غداة اعلان الرياض رسميا انه قتل داخلها عن طريق الخطأ. فبعد الاجراءات التي اتخذها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز نتيجة التحقيقات التي تمت فأعفى عددا من المسؤولين من مهامهم، واصلت المملكة التأكيد انها ستحاسب الضالعين في الحادثة. وفي السياق، لفت الملك سلمان مجددا اليوم الى ان السعودية ستحاسب المسؤولين عن مقتل خاشقجي أيا كانوا... في الموازاة، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير​ التزام السعودية​ بتحقيق شامل في قضية وفاة الصحافي ​ خاشقجي، مشدداً على انه "سيتم القاء القبض على كل المسؤولين عن الحادث واتخاذ الخطوات اللازمة لضمان عدم تكراره"، بحسب ما اكدت "وكالة رويترز". بدوره، اعتبر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول "مقيت" ولا يمكن تبريره، مشيرا الى أن المملكة "تمر بأزمة" بسبب هذه القضية. وقال الفالح خلال مشاركته في منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض "كما تعلمون هذه أيام صعبة (...) ونحن نمر بأزمة... مقتل خاشقجي مقيت ومؤسف ولا يمكن لأحد في المملكة أن يبرّره". الى ذلك، أعلن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين انه تم إبلاغ روسيا بالموقف السعودي الرسمي بأن العائلة المالكة لا صلة لها بمقتل الصحافي السعودي. واكد بيسكوف للصحافيين أنه ما عدا ذلك رهن التحقيقات.

هذه المواقف كلّها، تؤكد وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ"المركزية" أن ثمة اتجاها سعوديا لمحاصرة ذيول الحادثة ومنعها من التأثير سلبا على علاقات المملكة الدولية، بعد ان لبّدت هذه الواقعة، الاجواء بين الرياض والدول الغربية وعلى رأسها دول الاتحاد الاوروبي ولكن ايضا مع واشنطن... ويدل اصرار الديوان الملكي على محاسبة الضالعين في الجريمة من جهة، وتمسّكه بالتأكيد انه لم يكن على علم بالحادثة من جهة ثانية، الى ان المملكة تقرّ بأن ما جرى لا يمكن القبول به ولا يشبه صورتها الحقيقية، وذلك في موقف يفترض ان يساهم في تبريد عاصفة الردود الدولية التي هبّت على الرياض منذ الاعلان عن اختفاء الصحافي السعودي.

في المقابل، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان كل الادلة تؤكد أن خاشقجي قتل بشكل وحشي، مشيرا الى أن هناك أدلة قوية على أن قتل خاشقجي كان مدبرا. ولفت اردوغان الى أن اعتقال 18 شخصا في السعودية لصلتهم بالجريمة يتفق مع معلومات الاستخبارات التركية، مطالبا السلطات السعودية بكشف المتورطين والافصاح عن هوية المتعاون المحلي الذي سلمته الجثة. وقال "نريد معرفة مكان الجثة ومعرفة من أصدر الاوامر لقتلة خاشقجي ولا أشك في صدق العاهل السعودي"، داعيا الحكومة السعودية لتسليم المشتبه بهم لمحاكمتهم في اسطنبول. وراى اردوغان أن القاء اللوم على بعض رجال الامن والاستخبارات لن يكون مطمئنا لهم وللمجتمع الدولي، مشددا على أن تركيا ستحقق في مقتل خاشقجي بكل السبل، داعيا إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في قتله.

واذ تشير الى ان جهات اقليمية كثيرة ستحاول اللعب على وتر القضية لتحقيق مطامع سياسية واستراتيجية وستسعى لاستخدامها ضد الرياض، تقول المصادر ان الايام المقبلة وما ستظهره لناحية كيفية تعاطي المملكة مع الملف والتحقيقات، ستساهم في تحديد حجم تداعياته على مكانة ودور الرياض الاقليميين والدوليين، مع ترجيح كفّة تطويق ذيوله لا تفاقمها لاكثر من اعتبار ابرزها ما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن الحاجة اليها لمواجهة الارهاب وايران، تختم المصادر...

(المركزية)