hit counter script

الحدث - غاصب المختار

لماذا يتمسّك الرئيس عون بحقيبة العدل؟

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

على الرغم من أجواء التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة، ما زالت الاجواء السياسية العامة توحي بوجود تجاذب سياسي حاد بين بعض القوى السياسيّة، ولو كان مخفياً أو مظللاً بلقاءات المصالحات و"أوعا خيّك" والحرص على التفاهمات المبرمة أو عقد تفاهمات جديدة. فالصراع على بعض الحقائب يوحي بأنّ النيات ما زالت تضمر غير المعلن، وأنّ الخلافات الشكليّة والإجرائيّة والجوهريّة ما زالت قائمة، ما يُبشّر باحتمال انعكاس هذه الاختلافات على أداء الحكومة بعد تشكيلها ما لم يتم مسبقاً تحصينها بتفاهم وميثاق ربما يكون مكتوباً من ضمن البيان الوزاري بعدم العرقلة والتعطيل و"الحَرَدْ".

ويبدو الخلاف القائم حول حقيبة العدل أو غيرها من حقائب خدماتية وأساسيّة بمثابة جرس إنذار عالٍ للجميع بأنّ السقوف العالية التي وُضِعَت والمعايير التي صَنَّفت أحجام وأوزان القوى السياسية لتمثيلها في الحكومة، كانت أمراً معرقلاً لتشكيل الحكومة ويُخشى أن تكون معطّلة لعملها مستقبلاً. لكن بعض التفاصيل المتعلقة بأسباب تمسّك هذا الطرف أو ذاك بهذه الحقيبة أو تلك، تدل على أمر إيجابي وهو أنّ كل الأطراف تريد أنْ تشارك في الحكومة- ربما لأسباب خاصة حزبيّة أو مناطقيّة أو شعبويّة- لكن أيضاً لأسباب تتعلّق بتحسين صورتها أمام جمهورها من خلال أداء جديد منتج ويخفّف من وقع الأزمات التي عاناها ولايزال يعانيها المواطنون.
... وهكذا، تقول مصادر رسميّة موثوقة مطلعة على أسباب تمسّك الرئيس ميشال عون بحقيبة العدل، إنّ رئيس الجمهوريّة وضع عنواناً عريضاً لعهده هو الإصلاح الإداري والاقتصادي ومكافحة الفساد، وأنّه ينطلق من قناعة مفادها أنّ لا إصلاح كاملاً وصحيحاً وفعّالاً من دون قضاء مستقل وقوي وغيرخاضع للسياسيّين، لكي يستطيع أن يتابع ويحاسب ويعاقب ويوقف مسلسل الفساد والمحسوبيّات المستشري في أوصال الدولة وحتى في القطاع الخاص.
وتضيف المصادر: إنّ الرئيس عون يرى أنّ مقوّمات الدولة تقوم على ثلاثة أمور: الأمن والمال والقضاء، وطالما أنّ حقيبتي الأمن والمال ليستا بيد الرئيس بل بيد أطراف سياسيّة أخرى، فإنّ حقيبة القضاء هي الباقية له من أجل تمكينه من ملاحقة ومتابعة وتنفيذ برنامجه عبر خطوات إجرائيّة رادعة.
وتسأل المصادر: "كيف يمكن لرئيس الجمهورية ان يكافح الفساد ويحقق الاصلاح، وكيف يكون القضاء قوياً ومحصّناً ومستقلاً ونزيهاً، إذا كان بيد أحزاب سياسيّة تُملي عليه ما تريد وتعطل بالضغط المعنوي والسياسي ما تريد من خطوات المحاسبة والعقاب"؟
وبغض النظر عما ستؤول إليه مفاوضات التشكيل وهل تبقى حقيبة العدل مع رئيس الجمهورية أم تؤول إلى "القوات اللبنانية" أو سواها من أحزاب، فإنّ التقديرات تشير إلى أنّ الرئيس عون سيبقى ساهراً على استقلاليّة القضاء، ومتابعا لخطواته وسيرفده بكل الدعم الرسمي والمعنوي والاجرائي، ليحقّق الهدف الذي تمسّك بموجبه بالحقيبة.
والامر ذاته ينطبق على بعض الحقائب التي سيطلبها الرئيس لتحصين برنامجه ويؤمن له سبل النجاح، خصوصاً أنّه قد أطلق على حكومة ما بعد الانتخابات النيابية حكومة العهد الأولى، بمعنى أنّه يخطّط لتكون حكومة منتجة على كل الصعد، وهو يتّفق في هذا الأمر مع الرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي يمتلك أيضاً رؤية مشابهة من اجل تحقيق برنامج النهوض بالاقتصاد المستند بالأساس على مقررات مؤتمر "سيدر" الفرنسي. واذا استطاع الرئيسان تحقيق ما يخططان له بالكامل أو بشكل جزئي، فإنّ البلاد مقبلة على مرحلة جديدة ايجابية، لكن بشرط تعاون مكوّنات الحكومة معهما بعيداً من الكيديّة والتعطيل. وربما تسهم المصالحات الجديدة بين القوى السياسية المسيحية في دعم العهد والحكومة لتحقيق الوثبة المطلوبة.
 

  • شارك الخبر