تؤكّد معظم التقارير أنّ وضع الليرة اللبنانيّة مستقرّ ولا خوف عليها في المدى القريب، لكنّ الوضع الاقتصادي يحتاج إلى عمليّة إنقاذية سريعة.
يواجه لبنان مرحلة ركود اقتصادي بسبب الديون المتراكمة والتي ترتفع، ووضع المنطقة من حولنا إضافة إلى أزمة النزوح والأزمات السياسيّة التي عَصَفَت بالبلاد، لكن كل تلك الأمور لم تدفع إلى الانهيار وذلك بسبب وجود مظلّة دوليّة تحمي لبنان، ولأنّ الاقتصاد اللبناني يتميّز بالليونة خصوصاً أنّ معظم الديون هي ديون داخليّة.
لكن الأكيد وفق ما يجزم به خبراء اقتصاديّون أنّ الوضع لا يحتمل الترف أو الدلع، فالجزء الأكبر من الأزمة هو سياسي بامتياز، وهذا الاشتباك السياسي هو ما يؤخّر الحل في ملفات عدّة ولعل أبرزها ملف الكهرباء التي تكلّف الخزينة أكثر من ملياري دولار سنوياً.
وتراقب الدول الأوروبيّة والغربيّة الوضع اللبناني، وهي لا تريد أنْ يحصل أيّ انهيار في الوقت الراهن، وتشدّد على حرصها على أمن لبنان واستقراره، وفي السياق يأتي الاستقرار الاقتصادي كأحد أهم العوامل التي تساعد على حفظ الاستقرار الأمني وضبط الوضع، لأنّ أيّ خَضَّة اقتصادية ستطال شظاياها دول المنطقة وقد تصل إلى أوروبا، وذلك بسبب وجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية.
من هنا يبرز التركيز الفرنسي على تطبيق مندرجات مؤتمر "سيدر1"، وهذا ما يظهر من خلال كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإرسال موفدين فرنسيّين إلى لبنان لمتابعة الموضوع.
ولم يكن لقاء ماكرون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في أرمينيا إلا من المؤشّرات على مدى الاهتمام الفرنسي بلبنان والمطالبة باستعجال ولادة الحكومة، وإلا فستكون القروض الميسّرة التي نتجت من "سيدر" في خطر وعندها يخسر لبنان فرصة نهوض اقتصادي حقيقيّة.
ولا يخفي المسؤولون الفرنسيّون الذين يزورون لبنان غضبهم من المماطلة اللبنانيّة في تأليف الحكومة، وقد أوصلوا رسالة قويّة مفادها أنّه عليكم وقف الترف والانصراف إلى تطبيق الخطوات العمليّة، فباريس لا تريد أنْ تفشل في لبنان، وهذه المسألة جوهريّة بالنسبة إليها ولا لعب فيها. كذلك فإنّ الفشل لا يرتدّ على فرنسا فقط بل إنّه يصيب لبنان أوّلاً وأخيراً، من هنا يجب تأليف الحكومة سريعاً.
ومن جهة أخرى، يرى بعض المطّلعين أنّ ثقة الدول الغربيّة بلبنان من الناحية الاقتصادية متدنّية جداً، خصوصاً أنّ كل مؤتمرات الدعم السابقة، ولعلّ أبرزها مؤتمرات باريس بنسخاتها المختلفة، قد فشلت في إيجاد حلول، لذلك المطلوب المباشرة بإصلاحات جدّية اليوم قبل الغد.
وتلك الإصلاحات تراقبها الدول المانحة التي تصرّ على معرفة كيف ستُنفق القروض الميسّرة، لأنّ الأموال التي مُنِحَت للبنان قادرة على إحداث نهضة اقتصاديّة هو بأمسّ الحاجة إليها.
ويشبّه البعض حراك الدول تجاه الاقتصاد اللبناني بأنّه يشبه نوعاً من الوصاية عليه، وتلك الوصاية ليست سلبيّة بالمعنى المتعارف عليه، بل إنّها إيجابيّة وذلك من أجل عدم سرقة القروض وهدرها مثلما حصل سابقاً، ولكي يستفيد لبنان منها لتطوير البنى التحتيّة وتنفيذ المشاريع الضخمة، وهذا الموضوع لا تراجع عنه في روزنامة تلك الدول.