hit counter script

متفرقات

إذا اشتريت هذا الهاتف ستواجه السجن!

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 10:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يفتح مختار سراجي محله المتخصص في بيع الهواتف النقالة بشكل عادي صبيحة 11 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بحيّ دبي التجاري في مدينة العلمة 320 كلم شرق الجزائر، في انتظار الزبائن الذين يقصدونه من كل ولايات الوطن؛ لأن المحل يبيع بالجملة، وتجار الولايات الـ48 يقصدونه من أجل توفير السلع لمحلاتهم. أقل من نصف ساعة تمر على فتح المحل، يتقدم 3 من رجال الأمن بالزيّ المدني، ويطلبون من سراجي قائمة ماركات الهواتف التي يتعامل معها، مع تأكيد الفوترة وتراخيص البيع. ليتم التركيز على هاتف لاند روفر الذي أثار جدلاً واسعاً في الجزائر.

يؤكد سراجي في حديثه لـ»عربي بوست» أن المصالح الأمنية تقوم بالتحقيق مع كل المحلات المتخصصة في بيع الهواتف النقالة، والأجهزة الإلكترونية، مع مصادرة الهواتف التي تحمل علامة «لاند روفر». وأضاف أنه قبل شهر من الآن «لم تكن التحقيقات كبيرة بمحلاتنا، وحتى هاتف لاند روفر لم يكن من اهتمامات رجال الأمن أو الدرك الوطني. فظاهرة التحقيق مع كل محل يبيع هذا الهاتف بدأت من النصف الثاني من شهر سبتمبر/أيلول 2018». محل مختار سراجي تم تفتيشه 3 مرات في ظرف أسبوع، مع التحقيق الدقيق حول أنواع الهواتف التي يقوم ببيعها، وعن مصدر هواتف لاند روفر التي تصل محلات شارع دبي بنفس المدينة. ويبدو أن رجال الأمن هذه المرة لم يجدوا ما جاءوا لأجله، ففي المداهمة الأولى تمكنوا من حجز 7 هواتف، ولم يعثروا على أي هاتف من النوع المطلوب في المداهمتين الثانية والثالثة.

إذا امتلكت الهاتف دخلت السجن
بدأت قصة هاتف لاند روفر في الجزائر تأخذ أبعاداً خطيرة، بعدما بات امتلاكه أو استعماله «تهديداً لأمن واقتصاد الدولة، وقد يصل الحد إلى الزج بصاحبه في السجن». ويؤكد العقيد حسين عويز، قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بولاية سطيف، 300 كلم شرق الجزائر، أن مصالحه تمكنت من حجز أكثر من 1000 قطعة من هذا الهاتف الخلوي، الذي يدخل من خارج الوطن لأغراض مشبوهة. ويضيف العقيد: «امتيازات هذا الهاتف الجوال تجعله مطلوباً بكثرة من قبل شبكات التهريب والإجرام، وكذا الجماعات الإرهابية خاصة في المناطق الجنوبية، حيث تسجل ضعفاً في الشبكة ومصادر الشحن». كما أشار إلى أن مصالح الدرك حجزت الكمية، وقامت بإيداع المتهمين الحبس في انتظار استكمال إجراءات التحقيق القضائية.

يتحمل الماء والصدمات وشحنه يدوم شهراً كاملاً
يتميز هاتف لاند روفر الذي يتم مصادرته من المحلات في الجزائر بعدة خصائص تجعله مهوى الشباب، وكذا الشبكات الإجرامية. ويقول يونس قرار، المتخصص في التكنولوجيات الحديثة، إن الهاتف له ميزات خارقة، لعل أبرزها كونه مصنوعاً من معدن يقاوم الصدمات العنيفة. كما أنه قادر على إجراء المكالمات داخل الماء، ويتحمل درجات حرارة عالية جداً. وتبقى ميزة الشحن كما يقول المتحدث لـ»عربي بوست»، هي الميزة التي تستهوي الكثيرين ليس فقط الشبكات الإجرامية والإرهابية، بل حتى الشباب العادي الذي يتمنى امتلاك هاتف نقال بشحن يدوم فترةً طويلة، وهو ما يحققه هاتف لاند روفر الذي بإمكانه الاستمرار في العمل شهراً كاملاً دون شحن. أما الميزة المتداولة حول إمكانية الهاتف فهي إتاحة المكالمات حتى في الأماكن البعيدة عن التغطية من قبل متعاملي الهاتف، فيشكك فيها المحلل التكنولوجي يونس قرار. وأضاف: «هذا الهاتف لا يعمل بتقنية الأقمار الصناعية، وبالتالي يتطلب توفر حرارة الهاتف لشرائح المتعاملين في الجزائر».
يستعمله الإرهابيون والمهربون والمهاجرون غير الشرعيين
تأكيدات العقيد حسين عويز حول أسباب منع تسويق واستعمال هاتف اللاند روفر في الجزائر، أن الأمر راجع إلى الغرض من الإقبال القوي على اقتناء هذا النوع، الذي يوجه خصيصاً لأغراض تسهيل تحرك الجماعات الإرهابية وشبكات التهريب. فالميزات التي يحملها الهاتف، بحسب المحلل التكنولوجي يونس قرار، «تجعله مقاوماً للظروف الطبيعية والحوادث المتكررة، وهو ما قد يستميل شبكات التهريب، والعناصر الإرهابية وحتى المهاجرين غير الشرعيين». وقرار منع استعمال وتسويق هذا النوع من الهواتف كان قبل سنة من الآن، وفق ما أكده يونس لـ»عربي بوست». لكن تفعيل قرار المنع لم يكن من حينها، وبقي قراراً على الورق إلى أن خرج إلى النور هذا العام. وكان تقرير لتلفزيون النهار الخاص في الجزائر قد أكد صدور قرار المنع في 2017، مع تحديد الأسباب الرئيسية وراء هذا المنع، وعلى رأسها استعماله من قبل المهربين والإرهابيين.
«الممنوع مرغوب»
بمنطق الممنوع مرغوب، تعرف محلات بيع الهواتف بالجزائر إقبالاً كبيراً من قبل الشباب الذي لديه فضول لمعرفة خبايا هذا الهاتف السحري، والمزايا التي أدت إلى منع تسويقه واستعماله عبر ولايات الوطن. يؤكد التاجر مختار سراجي أن الفترة الممتدة بين 15 سبتمبر/أيلول 2018، و11 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قد شهدت إقبالاً منقطع النظير من الراغبين في اقتناء هذا النوع من الهواتف، لكنه يبقى غير متوافر بعد منع من التداول. كما يضيف لـ»عربي بوست» أن هذا الهاتف لم يكن مطلوباً إلى هذه الدرجة في السنوات الماضية، حتى قبل الضجة الأخيرة بأسابيع. شاب جزائري في الـ35 من عمره، رفض ذكر اسمه، قال لـ»عربي بوست» إنه يملك هاتف لاند روفر منذ أكثر من شهرين. هو الآن بصدد البحث عن هاتف ثانٍ لتقديمه كهدية لخاله الذي بحث كثيراً عنه ولم يجده. وأضاف أنه يعرف شباباً مهووساً بهذا النوع من الهاتف، ويريد تجريبه والعمل به واكتشاف خباياه، لا لشيء سوى لأن الدولة منعته.

تسويقه «سري للغاية»
بعد الحرب التي شنتها المصالح الأمنية -خاصة الدرك الوطني- على الهاتف النقال لاند روفر، أصبح الشاب الجزائري يتخذ طرقاً سرية للوصول إليه واقتنائه، فأغلب التجار كانوا نظاميين أو غير شرعيين أصبحوا يبيعونه بطريقة سرية. وقال الشاب إنه يعرف عدداً من المحلات لا تعرض الهاتف في الواجهة الظاهرة للمحل بل تقوم ببيعه بطريقة سرية، ولزبائن معروفين بعد منع استعماله وتسويقه. ويتابع: «حتى أسواق بيع الموبايل بطريقة غير شرعية كسوق السيارات يومي الخميس والجمعة، وكذا سوق لانريولي. الشباب يقومون بإخفاء الهواتف التي تحمل اسم لاند روفر، ويبيعونها وفق الطلب بطرق سرية». ويؤكد المحلل في التكنولوجيات الحديثة يونس قرار أن «الضجة التي أقيمت بشأن الهاتف المسمى لاند روفر ستفرز ظاهرة البحث لاكتشاف الممنوع. ستكون هناك طرق سرية لتسويق هذا الهاتف وتهريبه».
ضجة أكبر من حجمها
مهما قيل في هاتف لاند روفر في نظر المحلل يونس قرار «فإن قضيته تبقى في سياق تكنولوجيا حديثة يتم استعمالها من قبل البعض في غير محلها، وكان من المفروض عدم إعطاء القضية أكثر من وزنها». ويقول قرار لـ»عربي بوست» إنه يظن أن المصالح الأمنية والدولة عامة، أعطت أبعاداً مبالغاً فيها بشأن استعمال هاتف لاند روفر، الذي يبقى هاتفاً عادياً له ميزات تدخل في إطار تنافس الشركات من أجل جودة منتجاتها. ويضيف المتحدث: «مادام في الجزائر كل شرائح الهاتف النقال موثقة ببطاقة الهوية، فلا خوف من استعمالها؛ لأن لاند روفر ليس هاتفاً يتواصل مباشرة مع الأقمار الصناعية، كالثريا وغيرها وإنما يتطلب شريحة، وهذه الأخيرة تكون موثقة ببطاقة الهوية».

وبالتالي: «قد يكون سبب المنع وحجز تلك الكميات الكبيرة لأجهزة لاند روفر راجع إلى عدم تحصل الجهات المسوقة لتراخيص من قبل سلطة الضبط في الجزائر، وبالتالي التخوف من توجيهها لأغراض أخرى».

وقال إنه في الجزائر أي منتج إلكتروني لاسيما ما تعلق بالسمعي البصري، يتطلب تسويقه رخصة الاستيراد تسلِّمها وزارة التجارة للمستثمرين والتجار، وكذا رخصة التداول والاستعمال ويتم تسليمها من قبل سلطة الضبط.

وحتى وزارة التجارة التي لها ارتباط وثيق بالقضية «لم تُطلع المستهلك عن أي توضيحات، ولا حتى قرار المنع من قبلها، بل المنتج إلى الآن من المسموح بتسويقه ما دامت وزارة التجارة لم تصدر أي بيان أو قرار بمنعه».

مختار سراجي ومعه التجار الذين اضطروا إلى مصادرة الهواتف وسحبها من المحلات، يتساءلون عن الجهة التي تعوضهم عن تلك الخسائر؟ خاصة أن السلعة كانت مفوترة وليس لديهم أي قرار يمنعهم من تسويق الهاتف. ويستعد مختار ومن معه لمراسلة وزارة التجارة، ومطالبتها بالتعويض، أمام شفافية العملية التجارية التي يقومون بها، ووفقاً للقوانين المفروضة من قبل الحكومة وعلى ترتيبات وزارة التجارة. في هذا السياق، أوضح مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، في تصريح إعلامي سابق «أن جمعيته لم تطلع على أي قرار رسمي يخصّ المنع، لكنه لا ينفي أو يؤكد هذا المنع». ودافع عن موقف منظمته بالقول «ما دامت هناك بدائل أخرى فلا يوجد أي خرق في هذه الحالة لحقوق المستهلك في إشباع حاجياته». 

  • شارك الخبر