hit counter script

مقالات مختارة

أحمد الحريري لـ«الجمهورية»: ريفي عِبرة للآخرين... والمحاسبة آتية!

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 07:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أين أصبح مشروع المحاسبة والمساءلة داخل تيار «المستقبل»؟ الرئيس سعد الحريري، وعقب انتخاباتٍ نيابيّة مخيّبة للآمال وَعَد بـ «المحاسبة»، مكرِّراً عبارة «سعد الحريري 2018 غير ما قبله». سلسلةُ إقالات وتجميد عمل منسّقيات إستُتبعت بفتح تحقيق في الدوائر «المنكوبة»، وما بينهما سؤالٌ عن مصير الأمين العام أحمد الحريري!

اعترف الحريري علناً بسوء إدارة المعركة الانتخابية، وعلى أساسها تصرّف. كثيرون يجزمون بأنّ «فورة غضب» الحريري تعود الى ما قبل الانتخابات، فكان لا بدّ من نفضةٍ تفتقر اليها اليوم بقية الأحزاب.

في شباط المقبل يُفترض أن يُقدّم أمين سرّ «هيئة الإشراف والرقابة» محمد مراد تقريراً حول عمل الماكينة اللوجستية المركزية والمنسقيات التي طاولتها قراراتُ التجميد بناءً على تقارير مرسلة اليها من «الأمانة العامة».

في الوقت نفسه أنهت اللجان الاستشارية في بيروت والبقاعين الغربي والأوسط تقاريرها حول مكامن الخلل والتقصير، وهي في عهدة الحريري حالياً.

يقول الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري لـ «الجمهورية»: «في الدوائر التي حصلت فيها أخطاء، وكانت التوقعات أعلى حصلت مراجعة، وفي الدوائر حيث النتائج إيجابية بقيت الأمور على ما هي عليه».

وينفي ما أُشيع عن تقريب موعد المؤتمر العام الثالث للتيار، ويقول: «المؤتمر في موعده بعد سنتين ولا تعديل في توقيته».

إستقالةُ نادر الحريري من إدارة مكتب الرئيس الحريري، غداة الانتخابات النيابية، ترافقت مع سلسلة إجراءات تنظيمية غير مسبوقة في مسار تيار «المستقبل» الحزبي، بعد منح المكتب السياسي الحريري صلاحياتٍ إستثنائية، شملت تجميدَ عمل «هيئة شؤون الانتخابات» ومجالس منسّقيات بيروت والبقاع الغربي والبقاع الأوسط والكورة وزغرتا، والطلب اليها تصريف الأعمال. وإحالة عدد من الهيئات الى «هيئة الإشراف» للنظر في أدائها.

كذلك شملت الإجراءات، في مرحلة ثانية، إعفاءَ مدير دائرة المتابعة في مكتب الحريري، ماهر أبو الخدود من مهماته في «التيار الأزرق»، فيما لا يزال عملُه مستمرّاً الى جانب وزير الداخلية نهاد المشنوق، وإعفاء المنسّق العام للانتخابات وسام الحريري من مسؤولياته في «هيئة شؤون الانتخابات».

ويبدو، وفق المعلومات، أنّ ثمّة توجّهاً قريباً الى إعادة تشكيل المنسّقيات المنحلّة مع نهاية السنة أو بداية السنة الجديدة، ما يعكس قراراً مركزياً بحصول نفضة تطويرية داخل «التيار الأزرق».

الأمين العام باقٍ

داخل قصر القنطاري، ومنذ تعيينه أميناً عاماً لتيار «المستقبل»، يداوم أحمد الحريري يومياً، باستثناء جولاته في المناطق، بمعدل مرة أو مرتين في الاسبوع.

إستقبالات ومراجعات ونشاطات سياسية وحزبية في «القصر» من ضمنها ترؤس إجتماعات «الأمانة العامة» و«المكتب التنفيذي» وإجتماعاتُ اللجان.

خلال التحضير للانتخابات شهد «المستقبليون» على رجل آخر «لا ينام» هو أحمد الحريري. سيارتُه تحوّلت سريراً متنقّلاً، وجهده الانتخابي الاستثنائي لاقى تقديراً، في عزّ حملة الإقالات التي قادها الرئيس الحريري الذي قال في أحد اجتماعات المكتب السياسي: «نادر دمي وأحمد أنا».

الغبارُ الكثيف الذي أُحيط بموقع «الأمين العام» غداة الانتخابات، بالتزامن مع إستقالة نادر الحريري، تكفّل أحمد الحريري بإزالته حين غرّد واصفاً ما يتردّد بـ «الإشاعات والأخبار الملفّقة. بالمختصر كل الأخبار غير صحيحة ولا أساس لها إلّا في قاموس أعداء «التيار».

المحاسبة آتية

يقول أحمد الحريري، المقلّ في إطلالاته الإعلامية، رداً على الجهة المسؤولة عن خسارة «المستقبل» في بعض المناطق «تمّ تقسيمُ المناطق ضمن فريق عمل، إذ يصعب حصرُ المسؤولية بشخص واحد. بالنسبة الى الاستراتيجية العامة للمرشحين، المسؤولية مشتركة من الرئيس الحريري الى مكتب الرئاسة والمستشارين. مسؤولية التحالفات توزّعت بين الرئيس الحريري غالباً وأنا وأطراف أخرى، وأخيراً إتُّخذ قرارٌ جماعي».

ويشير الى «أنّ تحالفاتنا كانت متوازنة حيث تحالفنا في ثلاث دوائر مع «التيار الوطني الحر» وفي ثلاث دوائر مع «القوات»، مع خطٍّ أحمر هو التحالف مع «حزب الله»، مؤكّداً أنه «بناءً على المصلحة السياسية، ورسم الأهداف المطلوبة بعد الانتخابات، تمّ إتّخاذُ القرار بالتحالفات».

وماذا عن الحديث عن «خيانات» حصلت وعمل محازبين في «المستقبل» لمصلحة ماكينات الخصوم وتقصير وقبض أموال، يردّ الحريري: «هناك مجرد خبريات وما من أدلّة دامغة في انتظار انتهاء تحقيق «هيئة الإشراف والرقابة» في شباط المقبل. بعدها ستكون هناك قراراتٌ ومساءلة ومحاسبة»، لافتاً الى أنّ «هناك ثلاثة أنواع من القرارات وفق النظام الداخلي، إذ إنّ هيئة الإشراف تقترح على المكتب السياسي الطرد من الحزب أو تجميد العضوية أو توجيه تنبيه».

خطأ «التفضيلي»

وكيف يفسّر خسارة التيار القاسية في بعض الدوائر؟ يردّ احمد الحريري قائلاً: «هناك ثلاثة مقاعد كان في الإمكان الفوز بها بسهولة، لكنّ الخطأ في توزيع الصوت التفضيلي أدّى الى خسارتنا. في بيروت خسر باسم الشاب على 900 صوت كان ممكناً تجييرُها من بلوك الحريري أو سلام، والمرشّحة الأرمنية في زحلة ماري جان التي خسرت على 1700 صوت نالها المرشح الشيعي، أما نقولا غصن في الكورة فكان يحتاج فقط الى 180 صوتاً».

«الخطأ الذي ارتكبناه»، يضيف الحريري، «هو التأخير في توزيع الصوت التفضيلي، على رغم أنّ في بيروت كان هناك إلتزام بنحو 70% في توزيع الصوت التفضيلي، وفي البقاع الأوسط وصل الالتزام الى 50%. في البقاع الغربي كان هناك خطأ في الاستراتيجيا، لأنه لم يكن في الإمكان أن نُسقِط عبد الرحيم مراد وإيلي الفرزلي في الوقت نفسه، وكان يجب التركيز على أحدهما».

.. وخطأ في ماكينات بيروت

أما في بيروت حيث أعلن الوزير المشنوق صراحة أنّ تيار «المستقبل» طعنه، يوضح الحريري «أعتقد أنّ المشنوق حين عبّر بهذه الطريقة كانت «القصّة لا تزال «حامية»، فكانت ردّة فعل سريعة، لكن عندما تجلسين معه لا تسمعين الكلامَ نفسه».

ويضيف: «إنتخاباتُ بيروت كانت من الاصعب. هناك 70 ألف شيعي نُقلوا الى الدائرة، وتاريخياً نسبة الاقتراع في العاصمة تكون متدنّية. مع العلم أنّ استطلاعات الرأي قبل الانتخابات أعطتنا النتيجة نفسها، 6-4-3، ولذلك لم نتفاجأ بها. لكن كان يمكن النواب الستة أن يكونوا لنا كتيار مستقبل لو تمّ توزيعُ الصوت التفضيلي بنحو أفضل».

ويقرّ الحريري بـ«خطأ آخر حصل في بيروت حيث جُمِعت الماكينات الانتخابية لأسباب لوجستية بعضها مع بعض، وصارت ماكينة واحدة، قبل يومين فقط من الانتخابات، في وقت كانت تشتغل «سولو» على مدى 4 أشهر، فيما ماكينة المشنوق بدأت عملها قبل 6 أشهر. هذه ثغرة كبيرة أثّرت على الأرض، وحتى في الماكينة المركزية «في ناس ما عرفت بعض». نوعيّة التحالفات فرضت نفسها أيضاً، كما أنّ وجود 9 لوائح يشتّت الأصوات بمقدار كبير».

هكذا ظُلِم المشنوق...

وهل المشنوق لا يزال داخل بيت تيار «المستقبل» أو خرج منه؟ يردّ الحريري قائلاً: «وين بدو يروح؟ إذا خرج من تيار «المستقبل» سيبقى «حريرياً». المشنوق «إلو عمر معنا»، من أيام الرئيس الشهيد، لديه حيثيته وشخصيّته. أنا أنظر اليه كـ«باكتج» بالجملة، وليس بالمفرّق، أي كعقل سياسي وخبرة ومسار في العمل السياسي، وهو من الشخصيات المميّزة داخل فريقنا، والاختلاف في وجهات النظر لا يُفسد للودّ قضية».

ويقرّ الحريري بأنّ «ظُلماً لحِق بالمشنوق نتيجة الظروف. في مرحلة 14 آذار كان «صقراً» وشكّل رأسَ حربة، وكانت المنسّقيات «تتنافس» عليه حتى في الاغتراب، وبعد إستشهاد اللواء وسام الحسن كان في مقدّمة التظاهرة في اتّجاه السراي. لكن بعد تعيينه وزيراً للداخلية تغيّر الأداء، وهذا طبيعي، حيث لم يعد لفريق واحد، وبحكم موقعه الجديد حصلت أحداث وأمور أثارت حفيظة جمهور «المستقبل» و14 آذار، على سبيل المثال الاجتماع الأمني الرسمي الذي حضره الحاج وفيق صفا في وزارة الداخلية، أو ما حدث في سجن رومية... هنا فُقدت حلقة تواصل أساسية مع جمهور «المستقبل»، خصوصاً أنه لم تكن هناك مرحلة انتقالية، فتعرّض للهجوم والانتقاد من الخصوم ومن داخل «المستقبل». تدريجاً حصلت تراكمات من دون توضيح لها، فظُلِم لناحية تصويره أن لديه «حساباته» السياسية. وهذا ما حصل معنا أيضاً حين قمنا بالتسوية الرئاسية، وانتقلنا «من الشمال الى اليمين»، حيث إنّ «الشرح» للجمهور حصل بعد التسوية».

ويؤكد الحريري أنّ عدم توزير المشنوق ليس السبب في ما حصل «هو لا ينظر الى الأمور بهذه الخفّة، خصوصاً أنه من الذين لعبوا أدواراً صعبة تحديداً في مرحلة غياب الرئيس سعد الحريري، ثم لاحقاً في مرحلة التسوية الرئاسية»، لافتاً الى أنّ «الرئيس المكلّف إتّخذ القرار بفصل النيابة عن الوزارة من ضمن إعطاء المجال لوجودٍ عدديّ أكبر داخل مجلس النواب ولإنتاجيةٍ أكبر ومزيدٍ من الشفافية»، مؤكّداً أن «لا تفسير لدينا عن سبب مقاطعة المشنوق المستمرة لاجتماعات كتلة «المستقبل».

ريفي عِبرة

وماذا عن إمكانية عودة التواصل بين الرئيس الحريري واللواء أشرف ريفي؟ يجيب الأمين العام لتيار «المستقبل»: «ريفي دخل في حالة صدام معنا في الانتخابات لم يستفد منها سوى بانتخاب فيصل كرامي نائباً، لو كان الى جانبنا لربحنا حاصلاً إضافياً. لقد دخل المعركة طرفاً وضربنا بعضنا ببعض».

ويضيف: «أنا أعارض إعطاءَ فرصة لشخص وصل الى هذا الحدّ من الأذى، لأنّ هذا الأمرَ سيشكّل سابقة لأيّ شخص آخر داخل «المستقبل» بأن يكرّرَ ما فعله ريفي تجاهنا ثمّ يكون مُتاحاً له العودة عن خطيئته، مع العلم أن لا تفسيرَ لدينا حتى الآن عن سبب ما ارتكبه في حقنا منذ سنوات. قد يكون بسبب حساباتٍ شخصيّة، أو تمّ التلاعبُ به من الخارج».

ويشدّد أحمد الحريري على أنّ اتّصالَ الرئيس المكلّف بريفي كان «مجرّد واجب إجتماعي وأخلاقي والإعلام يعلّق أحياناً على «خبرية» ويبني عليها سيناريوهات غير موجودة. يجب أن يكون ريفي عبرةً للآخرين لكي لا يحذوا حذوه».

وماذا عن «حالة» أشرف ريفي»؟ يعلّق أحمد الحريري مازحاً: «أنا مش قاعد عاقل، وأشتغل لسحب هذه الحالة صوبنا، لكن مع بقاء ريفي خارجاً»!
أما في ما يتعلق باستقالة نادر الحريري فيقول احمد: «الرغبة بالاستقالة بدأت قبل الانتخابات بسبب ضغط العمل، وقد فعلها مع نهاية الاستحقاق النيابي»، ويؤكّد أنّ «موضوع نادر هو ضمن العائلة ولا يمكن وضعُه في إطار المشهد العام. أراد فقط أن يرتاح. ما بينه وبين الرئيس الحريري ليس موجوداً بيني وبين الرئيس ولا بيني وبين نادر...».   

  • شارك الخبر